الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجمع نيقيا الكنسي الأول والكبير

عزت اسطيفان

2013 / 2 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عزت اسطيفان

من كتاب صراعات الكنيسة وسقوط القسطنطينية
للاستاذ نجيب اسطيفان


مجمع نيقيا الكنسي الأول والكبير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إنعقد مجمع نيقيا الأول في 20 مايو وإلى 19 حزيران لسنة 325 وحضره القيصر قسطنطين شخصياً ليضفي عليه ثقله وتأثيره . بعكس توقعات القيصر ، لم يكن الحضور متكافئاً لكل الكنائس . حضر المجمع أساقفة كالأبرين ، وقرطاجة وغاليين واليرين ، وشكل أساقفة الشرق غالبية الحاضرين الذين فاق عددهم عن 270 بعد أن مُنع عدد أكبر من الوصول الى نيقيا لأسباب لازالت مجهولة لحد الآن . كما أرسل بابا روما سيلفستر (Sylvester) عدداً من القساسة مندوبين عنه وشغلوا المقاعد الأمامية كمراقبين فقط أثناء الإجتماعات .
عند إفتتاح المجمع دخل القيصر قسطنطين محاطاً ليس من قبل حراسه ، بل من مجموعة رجال الكنيسة ، وتألق وكأنه ملاك من السماء وهو يزهو بعباءته الأرجوانية المرصعة بالآلئ والأحجار الكريمة . وقف قسطنطين عند المقعد الذهبي المخصص له ولم يجلس إلا بعد أن أعطى الأساقفة الإشارة بذلك . إفتتح القيصر جلسات المجمع بكلمة قال فيها إن ما يهمه ليس إثارة النقاشات الشائكة والغامضة حول اللاهوت ، بل وحدة الكنيسة ووحدة الإمبراطورية وإستقرارها ووضع نهاية مثل تلك السجالات والمنازعات .
في إحدى جلسات المجمع ُطرحت صيغة قانون الإيمان المسيحي التي تشير إلى طبيعة المسيح وإلى علاقته بالله الأب . نص قانون الإيمان على أن المسيح إله من إله ، نور من نور، إله حق من إله حق ، مولود غير مخلوق قبل كل الدهور ومساو ٍ للأب في الجوهر...الخ ، إعترض آريوس وأنصاره على نص القانون لأن المفاهيم الآريوسية ، تقول ، بأن المسيح لا يمكن أن يكون بمرتبة الله الأب وهو غير مساو ٍله في الجوهر، ولم يكن معه منذ الأزل . عندها أثيرت الضجة في قاعة المجمع ، وأمر القيصرالجميع بإلتزام الهدوء وإستخدم نفوذه في حسم الأمر والإبقاء على قانون الإيمان كما هو . تمكن قسطنطين من تغيير ميزان القوى إذ تخلى عن آريوس معظم مناصريه ومنهم إيسوبيوس أسقف نيقوميديا الذي سبق وأيد آريوس . وقع الحاضرون على نص قانون الإيمان وبقي إلى جانب آريوس 17 أسقفاً ، لكن عند التلويح بالتحريم الكنسي وعقوبة النفي تقلص العدد إلى إثنين فقط .
أدانت مقررات مجمع نيقيا الأول آريوس ، ونبذت مفاهيمه وحرمته من الكنيسة ، وتم نفيه إلى الى منطقة البرين في البلقان ، تقررأيضاً تحريم قراءة كتاباته وإحراق كل ما كتب . ناقش المجمع أيضاً تحديد يوم عيد القيامة ليحتفل به المسيحيون كافة وبكل الأماكن . لقد كانت كنائس الشرق حتى ذلك الوقت تلتزم بالتقويم اليهودي ، أما في الإسكندرية والغرب فكان يُحتفل بعيد القيامة يوم الأحد الأول من الشهر عندما يكتمل القمر في الربيع ويتساوى الليل والنهار . كذلك تقرر إلغاء التقويم اليهودي الذي يحدد الإحتفال بعيد القيامة يوم عيد الباشا عند اليهود ، وعُدّ ذلك أمراً مهيناً للمسيحية ، وبالنتيجة تقرر الإلتزام بالتقويم الغربي الرومي للكنائس المسيحية كافة .
نصت إحدى مقررات مجمع نيقيا على إحتفاظ بطريركيات الإسكندرية وأنطاكيا وأورشليم والقسطنطينة بحقوقها وببعض إستقلاليتها بحيث تكون الإسكندرية مسؤولة عن مصر وشمال أفريقيا وأنطاكيا عن بلاد الشام ، وأورشليم عن فلسطين والأردن ، والقسطنطينية مسؤولة عن الأناضول واليونان . أما المقر البابوي فيبقى مسؤولاَ ً عن روما وغرب اوربا . لكن بعد خمسين سنة من إنعقاد مجمع نيقيا الأول أقرالسنودس الكنسي في القسطنطينية سنة 381 إعطاء صلاحيات لبطريرك المدينة مساوية لتلك التي لدى البابا في روما ، وبشكل أدق يأتي بطريرك القسطنطينية بمرتبة بعد البابا مباشرة ً إن لم تكن مساوية له .
عُدّت نتائج مجمع نيقيا الأول نصرا ً كبيرا ً حققه القيصر قسطنطين ، ليس لأنه نجح في الحفاظ على وحدة الكنيسة ولو ظاهريا ً فحسب ، بل لأنه أصبح هو الراعي الأخلاقي والمثل الأعلى لها ، ووضع اللبنة الأولى لعلاقات متداخلة بين الكنيسة والدولة ، وبالنيجة أصبحت الكنيسة تحت تأثير الدولة . وهكذا أصبح القيصر اللاعب الأول والأقوى في حياة الكنيسة ويليه بطريرك القسطنطينية .
أمضى المندوبن أكثر من أسبوع في شمال الأناضول للراحة والإستجمام وبضيافة القيصر وعلى موائده الشهية ، ثم قام قسطنطين بتوزيع الهدايا الثمينة على المشاركين في المجمع قبل عودتهم إلى ديارهم .
بعد الإنتهاء من أعمال المجمع وقطف ثمرات مقرراته ، قام القيصر بزيارة لروما إحتراما ً للتقاليد ولإشعارها بأنها غير مهمشة . وبالرغم من تحول البابا إلى تابع للقيصر ولعبة بيده ، فقد جرت في روما إحتفالات مشابهة لتلك ألتي جرت في نيقيا .
بعد سنة واحدة من إنعقاد مجمع نيقيا ، إكتشف قسطنطين مؤامرة ضده ، تحيكها زوجته فاوستا (Fausta) وبعض أفراد عائلته ، فأمر بإعدامهم جميعا ً.
لم ينل اليأس من آريوس ولم يتخل عن معتقداته ، بل إستغاث بالأساقفة الآريوسيين ، أي المناصرين له في نيقوميديا وواصل مساعيه لرد الإعتبار لشخصه وإثبات موقفه وصحة آرائه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق على المقالة
شاكر شكور ( 2013 / 2 / 15 - 14:41 )
ان التفاصيل الأدارية بما حدث في اجتماع نيقية لسنة 325 ليس بأهمية كبيرة مقارنة بما توصل اليه المجتمعون من صياغة نص قانون الأيمان المسيحي ، فقانون الأيمان المسيحي إن لم يكن له سند قوي من الأنجيل لما صمد لحد الآن ونال التأييد المطلق من جميع اطياف المسيحية (عدا آريوس) ، إن قولك يا سيد عزت نقلا عن المؤلف السيد نجيب (مُنع عدد أكبر من الوصول الى نيقيا لأسباب لازالت مجهولة لحد الآن) كذلك قولك (قام قسطنطين بتوزيع الهدايا الثمينة على المشاركين في المجمع قبل عودتهم إلى ديارهم) المراد من هذا الكلام برأيي هو التلويح بوجود مؤامرة ورشوة لصياغة قانون الأيمان المسيحي بشكله الحالي ولكن يبدو انك عاجز بالمره انت والسيد نجيب من اظهار ما هو غير مطابق بين هذا القانون وما ورد في الأنجيل وعليه فأن مقالتك هذه تصنف ضمن باب العثرات ، السيد المسيح يقول لا بد وأن تأتي العثرات ولكن الويل لمن يأتي بها ، تحياتي للجميع

اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش