الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حضور المراة في التظاهرات الراهنة في العراق وقضية تحررها ومساواتها

منى حسين

2013 / 2 / 17
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


حوار منى حسين مع فارس محمود عضو المكتب السياسي - الحزب الشيوعي العمالي العراقي

منى حسين: التظاهرات جارية منذ اسابيع في الأنبار والموصل وصلاح الدين وعدد أخر من المحافظات أضافة الى بعض المناطق في بغداد. شهدنا نوع من حضور النساء، وان يكن بشكل محدود، في هذه التظاهرات بدرجات مختلفة، يرى البعض ان هذه علامة صحية، هل يملك هذا الحضور أحقية ابحيث يمكن للمرأة المشاركة تحت لوائها؟

فارس محمود: برايي، المسالة الاولى التي علينا ان ننظر هي التظاهرات نفسها، مبررات انطلاقتها، اهدافها، افقها السياسي، قواها السياسية. اي ينبغي ان ننظر لمسالة المراة والمطلب الذي تذكريه في هذا السياق الاوسع والاشمل. اي اننا لانستطيع ان ننظر للمطلب بصورة منعزلة عن سياقه.
اما هذا السياق الاشمل هو التظاهرات ذاتها. لقد ذكرنا في بيان الحزب بصورة مفصلة وواضحة ابعاد حركة التظاهرات هذه. واوجزها بالتالي: هذه الحركة ليست من قريب او بعيد ذا صلة بالمطاليب التحررية والمساواتية للمجتمع، ومنها مطاليب المراة. ان هذه الحركة هي رد جناح معين داخل السلطة الحاكمة، جناح القائمة العراقية، على عملية الاقصاء المتعاظم التي يقوم بها بشكل مضطرد جناح حاكم اخر، جناح المالكي. اي ان الصراع هو صراع على حصة كل احد منهم في السلطة (قل التسلط على المجتمع) والثروة (قل نهب ثروات المجتمع). انه صراع ضاري ودموي الى ابعد الحدود.
انه صراع طرفان يشتركان بالدرجة ذاتها من الطائفية، من القومية، من معاداة والتنكر لابسط حقوق المراة، الشباب، الاطفال. طرفان استبداديان بالدرجة ذاتها، سنوا سوية القوانين والقرارات المعادية للعمال وحقهم في التنظيم والتجمع والتظاهر وطاردا سوية قادة العمال ومارسوا بحقهم ابشع اشكال الارهاب، تنكروا للحقوق الاساسية للجماهير في الخدمات، كالكهرباء والماء الصالح للشرب، والصحة والرعاية الصحية والضمانات الاجتماعية وحق الانسان في العمل او منح ضمان البطالة. كلاهما ابقيا على القوانين الرجعية والمعادية للانسان وبالاخص للمراة، وقصدي قانون الاحوال المدنية.
بوسع المرء ان يدرك ان هذه التظاهرات قد جاءت بصورة مباشرة رداً على اعتقال حمايات وزير المالية. ورات القائمة العراقية ان هذه الخطوة هي امتداد وتتمة لخطوة عزل وتهميش وابعاد طارق الهاشمي، وبالتالي، الحاق ضربة جدية اخرى بالقائمة العراقية. وبالاخص اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الى ان سياسة المالكي وجناحه تتمثل، ويدعمه في ذلك ان لديه سلطات واسعة سواء عسكرية وقضائية ومالية واسعة، بتقليم اظافر جناح القائمة العراقية الذي حقق النصر الانتخابي في الدورة السابقة، وان من المقرر ان تجري انتخابات بعد اشهر، انتخابات مجالس المحافظات وبعدها انتخابات مجلس النواب.
ولهذا برايي انه لوهم مابعده وهم ان يجر احد ما اقدام موضوعة المطاليب الى وسط هذه القضية. اذ ان اول سؤال سيطرح في هذه الحالة هو: الظلم والممارسات القمعية والاقصائية موجودة وقديمة سواء من حيث الاعتقالات التعسفية، الاعدامات، المخبر السري وغيرها، لا اتحدث هنا عن موضوع المراة، لان هذا الجرح القديم، جرح معاناة المراة وهدر كرامتها وانعدام حقوقها قديم جدا وسافر الى ابعد الحدود ويشمل اكثر من نصف المجتمع. اقول لماذا هذه المطاليب تظهر اليوم. الامر واضح للتغطية على المسئلة الاساسية، للتشويش، لذر الرماد في العيون.
ولهذا اقول للمراة التي تحضر هذه التظاهرات من اجل الدفع بقضية المراة، انها للاسف اتت للمكان غير المناسب، اخطأت العنوان. ان الدفع بقضية المراة يبدء من مكان اخر، من صفحة اخرى ليست لها اي صلة بمايجري في الانبار وسامراء والموصل هذه الايام. ويصح الامر على العامل والشاب والداعي لحقوق الاطفال وغير ذلك.

منى حسين: تلك التظاهرات ترفع شعارات أحدها تمثل في المطالبة بالافراج عن السجينات جميع السجينات بغض النظر عن الجريمة المرتكبة. اي المطالبة بالافراج عنها لكونها امراة. رغم أن الجهات القائدة لتلك التظاهرات تتألف بصورة اساسية من المكونات العشائرية والمكونات الدينية، وتلك المكونات هي صاحبة الحصة الأكبر في أضطهاد المرأة وتركيز دونيتها. اي أن مطلب أطلاق سراح السجينات في تلك التظاهرات ليس لايصب في صالح قضية المرأة ومساواتها التامة فقط، بل أن جوهر هذا المطلب هو نابع من النهج العشائري والذي لازالت المرأة في العراق تدفع ثمن تخلفه ووحشيته. من الواضح جدا ايضاً أن هذا المطلب هو محاولة بليدة لأستغلال قضية المرأة كغطاء سياسي، قد يقول قائل ما ان طرح هذا المطلب، وبغض النظر عن التفاصيل ينبغي مساندته ودعمه، وبنفس الوقت لفت انتباه المجتمع الى قضايا المراة ومنها السجينات في السجون المظلمة في وقت الانظار تتجه على صعيد العالم كله صوب هذه التظاهرات.

فارس محمود: ان رفع شعار اطلاق سراح السجينات ليس له اي ربط او صلة ببحث حقوق المراة. ان هذا المطلب لم ياتي من سخط هذه التظاهرات على مسالة سلب حقوق المراة وحرياتها الاساسية ومنها مسالة حقوق المراة السجينة. اذ وضحت اهداف هذه التظاهرات والقوى الاسلامية والعشائرية والقومية الساخطة على حصتها من السلطة والثروة.
ان ارساء مجتمع خالي من اي غبن، من اي اجحاف هو امرنا وموضوع نضالنا السياسي، لكل المجتمع، بنسائه، بشبابه واطفاله وسائر فئاته المحرومة. وبهذا السياق، نحن في نضال جدي ضد كل خرق لاي حق من الحقوق والحريات السياسية والمدنية. بيد ان ما مطروح هو مطلب رجعي صرف. ان رفع هذا المطلب، وبهذا الشكل وبهذا السياق، ومن قبل هذه القوى، لايتعدى تاجيج المشاعر والاحاسيس المتخلفة المتعلقة بالشرف وغير ذلك لدى عامة الناس من اجل اهداف اخرى ليست ذا صلة بالمراة، والسعي للاستفادة من هذا التوظيف الرجعي من اجل اهداف هذه القوى. وبالتالي اضفاء صبغة شرعية على تظاهراتهم. ان من هو حريص على هذه الرجعية هو حريص على الاستفادة منها وتوظيفها لاغراضه، وبالتالي يهمه تابيد القيم والاحاسيس والافكار المناهضة للمراة على صعيد المجتمع. وهو مايقف عائق جدي امام تحرر المراة ومساواتها.
ان دعاة ومروجي هذا الشعار هي تلك القوى التي يعد ظلم المراة جزء من اجندتها اليومية وممارستها الاجتماعية والسياسية اليومية. انه ذرف دموع كاذب على النساء. اذ يكفي القاء نظرة عابرة وسريعة على وضع المراة في ظل هذه المنظومة الفكرية والاجتماعية العشائرية والاسلامية حتى ترى اي وضع كارثي تعيش به المراة في ظلها. انها في وضع، مثلما اقول دوماً، لايمكن وصفه دون الحاق اهانة جدية بالمراة. تجد هذا في كل زاوية من حياة المراة. من عبودية العمل المنزلي، والدونية الاجتماعية، الى التنكر لابسط حقوقها وحرياتها، انسان سلبت منه اي ماهية انسانية! من السهولة ان تقتل لاسخف الاسباب من شرف وغيره دون ان يلقى الجناة اي محاسبة جدية، ليس هذ وحسب، بل يفتخر العشائريون والاسلاميون باعمال القتل التي تطال العديد من النساء يومياً. من السهولة ان تهان، تستغل، يتم التطاول على جسدها، تتحول حياتها جحيم دون ان يرف لهم جفن.
ان تباكيهم لا على احساس المراة وشعورها بالغبن والاجحاف والظلم، لا على شعور المراة واحساسها، لا على معاناتها ووضعها النفسي والمعنوي، لا على التطاول على جسدها، بل على شرفهم البطريركي، وفقط شرفهم البطريركي. انه رسالة واضحة وصريحة للمراة: "كل شيء فيك لايهمنا، ان مايهمنا هو شرفنا نحن، شرف العشيرة، شرف القبيلة، شرف الرجال "!! فاي اهانة لانسانية المراة اكثر من هذا؟!!
فبوسع اي احد ان يتكلم عن حرية السجينات الا هم. فالجهنم والعذاب الذي يذوقوه للمراة يومياً يعادل الف سجن وسجن. ان الوضع المعنوي والنفسي والروحي والاجتماعي للمراة السجينة التي يطلق سراحها والعذابات التي تعيشها اشد وخامة بمئات المرات من السجن في ظل تلك المنظومة البالية. ولهذا، الافضل لهم ان لايتحدثوا عن هذا الامر. ان تحرر المراة وعالم يرفل بالسعادة والرفاه والانسانية يمر على انقاض هذه المنظومات القرووسطية والمتهرئة.
ان موضوع السجينات واطلاق سراحهن لايتعدى سوى ورقة ضغط اضافية على خصومهم السياسيين، جناح دولة القانون والائتلاف الوطني والمالكي. ليس اكثر.
مرة اخرى، لايفوتني ان اذكر ان الظلم والاجحاف والمصائب والجرائم التي ترتكب في السجون والمعتقلات في العراق يكفي بحد ذاته لتقديم اصحابها والاطراف (وفي الحقيقة العصابات) التي تديرها كمجرمين بحق الانسانية. بيد ان هذه المصائب وهذا الكابوس يقع على راس النساء والرجال. فلماذا يشمل به النساء دون الرجال؟! انه توظيف رجعي ومتخلف، ليس الا.

منى حسين: أننا نرى أنتكاس كبير لقضية المرأة في ظل أعتراضات رسمتها رمال القبيلة ونفضتها رياح العقلية العشائرية والعقلية الطائفية. والتي لاهم لها سوى أضطهاد المرأة ومعاملتها بشكل أدنى، حتى أن قادة ومنظمي تلك التضاهرات لم يتركوا فسحة ولو بسيطة لمشاركة المرأة، لابل أن البعض من أهازيجهم أثناء التضاهر حملت وصف مهين للمرأة حملت مفردات تركز عبودية المرأة وأهانة أنسانيتها. انها محاولة لمصادرة صوت المراة الحقيقي الصوت الصارخ بالتحرر والمساواة تحت قذارات المصالح السائحة التي تتمروج على ايهام المراة بحقيقة دورها وتضليل مشاركتها. هناك من يطرح الامر كالتالي: يمكن ان تكون هذه التظاهرات ومشاركة النساء فيها ميدان وفرصة لطرح والتعريف بقضية المراة ومطاليبها وحقوقها؟ ويمكن للمراة ان تشارك في هذه التظاهرات بصورة مستقلة وتحت راية مستقلة ومطاليب مستقلة عن هذه القوى والسعي لاعطاء بعد اخر، بعد تقدمي، بعد تحرري وتقويته في هذه التظاهرات؟

فارس محمود: ان السؤال المطروح هنا هو: من اوصد الباب الواسع والعريض، امام طرح مشكلات ومعضلات المراة وحقوقها ومطاليبها والخ، من اوصدها بوجه تنظيم النساء وتجييش حركة اجتماعية واسعة، سواء على الصعيد العالمي دفاعاً عن حقوق المراة، او على صعيد التنظيم القاعدي، التنظيم "على الارض" وفي المجتمع؟ ان ابواب العالم مشرعة امام مثل هذا العمل التحرري والانساني الراديكالي العظيم.
لماذا عبر هذه القناة ننشد ان نقوم بعملنا هذا؟ ان الحركة القائمة هي حركة رجعية بكل ماتعنيه الكلمة من معنى وذات اهداف محددة وتخدم اطار معين؟ لا يستطيع احد ان يرفع الشعارات هناك الا تلك التي تخدم هذا الاطار. لاحظ ان اغلب الشعارات التي رفعت فيما يخص المراة هو "المطالبة باطلاق سراح السجينات" والدفاع العام عن كرامة العراقيات، وفي افضل الاحوال التمجيد القومي لـ"العراقيات الماجدات" وتضحياتها او مد اليد لذلك الارث الاسلامي وشعارات "يامعتصماه"! (ولا احد يعلم من هو "معتصم" هذا العصر؟!)، وهو الامر الذي يخدم اهداف وافق الحركة الطائفية والاسلامية والعشائرية القائمة! لاتستطيع ان تشارك دون ان تتحول الى ملحق لهذه الحركات وهذه القوى واهدافها. ان نتيجة مثل هذا التحرك وهذا الموقف هو اشاعة الوهم لدى النساء والتحررين في العراق حول سبيل تحررهم والخلاص من هذه الاوضاع غير الانسانية. ان نتيجته هو محو الخط الفاصل مابين حركتنا النسوية المنشودة باهدافها القصوى التحررية والراديكالية ومابين جبهة الرجعية ومعاداة المراة. وان الطرف المتضرر من هذه العملية هو جبهة تحرر المراة، اذ هي من ستتحول الى وقود الحركة الرجعية هذه.
لاتستطيع ان تحضر دون ان تساوم. لان افق الحركة هو افق اخر، افق غير تحرري وغير مساواتي. لاتستطيع ان تحضر دون ان تخفض سقف تطلعاتك ومطاليبك. لاتستطيع ان تتحدث عن "المساواة التامة بين المراة والرجل"، "الغاء قوانين الاحوال الشخصية الرجعي"، ولاغيرها. ليس هذا وحسب، بل ستجابه باكثر الردود شراسة ودموية. ستكون مجبراً على لف العلم العراقي على اكتافك، علماً انه تحت راية هذا العلم يصطف عتاة الرجعية من المالكي وعلاوي والمطلك ومطلك والصدر وبدر وحزب الله وجيش المهدي.
الادهى من هذا هو السعي للمشاركة وتعميق الراديكالية فيها؟ ان كرسي قيادة هذه الحركة محجوز. ان هذا التصوير ليس مادياً ولا اجتماعياً ولا واقعياً. ان الخطأ الذي يستند اليه هذا التصور هو كما لو ان المشاركين، الجماهير، مستقلين عن الاحزاب السياسية، عن التقاليد السياسية وعن الافاق السياسية، وان مشاركتهم لا تتعلق ببعد سياسي وانما اناس على العموم. ان الناس وحتى ولو لم تنتظم في حزب سياسي معين، الا انها وحسب رؤيتها ونظرتها للحياة وجوابها على معضلات الحياة، تنتمي الى تقاليد سياسية معينة. لان الانسان كائن اجتماعي وسياسي. ولهذا ان امرء خارج التقاليد الموجودة في المجتمع، من قومية وديمقراطية وليبرالية او شيوعية، هو في الحقيقة خارج المجتمع.
ان هذا التصور ينطلق من الدوافع الفردية الحسنة للاشخاص. ولكن التجربة تثبت عكس ذلك، ان الجماهير والعمال سارو خلف النازية في المانيا، وخلف حماس وحزب الله، لان مجملهم كان يعتقد انه يناضل من اجل حياة افضل. انها دوافع فردية، ولكن لتقييم الحركات، ينبغي النظر الى ابعد من الدوافع والمحركات الفردية، النظر الى افق الحركة. انا اعرف ان اغلب المشاركين فيها هم من الفئات المحرومة والكادحة الا ان هذا لايغير من اساس المسالة.
ان معيار تقييم كل حركة هو معرفة معيارها للنصر. اية مطاليب ينبغي تحقيقها حتى تشعر حركة ما بالنصر. في حالتنا هذه نجد ان مقياس النصر وتحقيق الاهداف هو "لجم الصفويين وتدخلهم في العراق"، "لا للحاكم المستبد"، "حكومة شراكة"، في الحقيقة ان اخر مسالة تفكر بها هي اطلاق سراح السجينات! ان المسالة المحورية هي اشراكهم اكثر بالسلطة. ولهذا معيارهم للانتصار ليس معيارنا ولامعيار الحركة النسوية ولامعيار الحركة العمالية، ولامعيار اي حركة تحررية.
ولهذا ينبغي تنظيم حركتنا، هذه الحركة الموجودة والواقعية. ان حركة من اجل الغاء قانون 4 ارهاب، او المخبر السري، او الاعتقالات التعسفية والاعدامات هي حركاتنا، حركات جبهة اخرى. ان كانت ضعيفة، فلنقوها! ان كانت غير واضحة الافاق، ينبغي توضيحها! اذا لم تلف قوى مليونية حولها، لنبحث في سبل تحويلها كذلك.

منى حسين: وسط كل هذه المغالطات المقصودة الهدف لجر قضية المراة بقصد تحريفها وسحبها عن اهدافها الحقيقية، ووسط كل هذه الازمة التي وقودها دور المراة وحقوقها وهناك الكثير المطوي الذي يختبيء تحت التستر والتعتيم، هذا الازدواج الذي يزج بقضية المراة في ملابسات واختلاطات الغاية منها تركيز التهميش والاذلال والتابعية. وقد تجسد برفع شعارات تبعث على الخجل والخيبة حول الانتقاص وتاكيد الدونية بما يجعلنا امام تحديات حقيقية وجادة، لايجاد صيغ انتشال المراة من وضع لا تحسد عليه ولا يقدم لها الا ملفات من المشاكل المستعصية، وهو السير باتجاة جلد المراة بسياط مؤلمة جدا لا تحمد عقباها. ان هذا الالتفاف الملتوي الشكل والحجم السياسي والاجتماعي الذي يجر معه منعطف مظلم بقصد اخذ المراة وقضيتها الى اللاعودة. في محاولات ايقاظ عصور نامت واندثرت فيها مسيرة المراة وتقدمها لتعود لنا الان تحت رايات طائفية وذكورية ودينية، متشعبة الاهداف والمقاصد المشكوك فيها من كل جانب. اين يمكن ان تلجا قضية المراة لتشعر بامان مطلق وواضح وسليم؟ هل ندعو النساء اللائي حضرن وايدن هذه التظاهرات تركها والرجوع الى بيوتهن؟ اهذا هو الحل؟ الا يعني عدم عمل شيء ما ان ندفع انفسنا للتهميش؟ أم أن لدينا بدائلنا وما العمل؟ او لنقل بما نبدا؟

فارس محمود: مثلما ذكرت سابقاً، لماذا هذا الربط بين التظاهرات المذكورة وبين المشاركة للدفاع عن حقوق المراة؟! ان قضية المراة، نضالها باقيان في مكانهما، يسيران ويتواصلان في مكان بعيد، من الناحية السياسية والاجتماعية، عن هذه التظاهرات. اي انهما بوضوح مسالتين مختلفتين. اي ان جواب "مالعمل؟!"، و"ماينبغي عمله" على صعيد ميدان المراة او الحركة العمالية او غيرها من حركات اجتماعية واقعية ليس له ربط بموضوعة التظاهرات، هذا موضوع وذاك موضوع. ان جواب الثاني لاربط له بالاول.
نحن لانقل للمراة او حتى العامل فيما يخص نضاله، ارجع الى بيتك. ذلك ان "ارجع الى بيتك" ليست من مفردات امرء او حركة تسعى وتناضل من اجل احداث التغيير في حياة المراة والعامل والطفل. ان حركتنا هي حركة نضالية، ولهذا بداهة، ان مسالة "عودوا الى بيوتكم" ليست مطروحة من الاساس. ذلك ان تنظيم المراة والعامل وداعية حقوق الاطفال و.... هي برنامج عمل يومي، اجندة يومية. ولكن علينا ان نقول لهم ان مايجري ليس له ربط بقضيتكم، نقول لهم اديموا نضالكم في كل مكان، في المعمل، في الجامعة، المحلة، والخ، وحدوا صفكم، قووه، زدوا من صلابته السياسية والفكرية والاجتماعية، تغلبوا على نواقص نضالكم وقووه، حوّلوا صفكم الى صف مليوني، واجمعوا مستلزمات نصركم. ان نضال المراة هذا، نضالنا، موجود قبل هذه التظاهرات وموجود مابعد التظاهرات ويتواصل حتى تحقيق المساواة التامة بين المراة والرجل وخلاص المراة النهائي من كل اشكال الظلم واللامساواة. ولهذا لاربط له بمايجري الان في بعض المدن في العراق.
ولكن سؤال يطرح نفسه: لماذا هذا التصوير، اما تشارك واما الرجوع للبيت؟! من اين اتت هذه الثنائية؟! اعتقد انها ثنائية ذهنية، وتعكس في جانب منه توهماً بهذه التظاهرات وماهيتها.
الخوف من التهميش؟! في حركة رجعية مثل هذه، التهميش الحقيقي هو المشاركة بها، وبالطبع كملحق لهذه القوى الرجعية. ليس بوسع حركة تحررية ان تلعب دور قيادي في حركة ذات افق رجعي! ان هذا تناقض بحد ذاته. مثلما ذكرت ان هذه حركة "محجوز مقعدها". ان هذه ليست حركاتنا وتظاهرات شباط قبل عامين. ان ترفع المراة شعاراتها هناك هي مبعث تاييد ودفاع كل انسان تحرري. على العكس من ذلك، ان لم تشارك المراة فيها هو نقص جدي كبير. وعلى العكس من ذلك، كان يتوجب ان تشارك المراة بهمة اكبر وبصفوف اوسع لان تلك الحركة هي حركة مطلبية من اجل الحقوق والحريات والخدمات وضد السلطة القائمة من زاوية مصالح الجماهير. طبعا ان ذلك لايعني اغماض العين عن نواقصها ونقاط ضعفها الجدية.
ان هناك خلط. ان عمل شيء تجاه التظاهرات واتخاذ موقف منها هو امر، ونضال المراة والحركة النسوية هو امر اخر. ان على الحركة المدافعة عن حقوق المراة وحرياتها ان تقول وان توجه ندائها للنساء: ان هذه الحركة ليست حركتي، اهدافها ليست اهدافها، معيارها ومقياسها للنصر وتحقيق الاهداف ليسا معياري ولامقياسي. ان ماعلي القيام به هو مواصلة نضالي بعيداً عن هذه الحركة وبصورة مفصولة عنها. ان فصل الصف عن هذه الحركة القائمة هي اول مهمة لاي نضال تحرري وشرط اي نضال تحرري ومساواتي.
اما فيما يخص ماينبغي عمله فيمكن ان اقول بايجاز هو القيام بمهامنا الروتينية، مهام اجتماعية حياتية يومية ومباشرة . اي الدفاع في كل زاوية من زوايا الحياة عن المراة، تبيان واقع المراة وسبل مجابهة الاوضاع الكارثية للمراة، توعية النساء بحقوقهم واوضاعهن وسبيل الخلاص منها، جمع وتوحيد النساء في كل مكان نستطيع وبث الحماسة وروح التمرد على هذه الاوضاع والمقاومة فيهن لدفاعهن عن حقوقهن بوجه تطاولات القوى الرجعية باختلاف اشكالها، تنظيمهن في منظماتهن الجماهيرية المستقلة الواقعية وباي اطار مناسب واقعي واجتماعي يومي بسيط وغير معقد، توحيد صفهن النضالي وبالتالي ارساء حركة اجتماعية واقعية مدافعة عن حقوق المراة. تنظيم مقاومة حياتية واقعية في كل ميدان، بدءا من العائلة والمدرسة والمحلة وصولا الى اعلى الاصعدة السياسية والاجتماعية، حشد التاييد والدعم لهذه الحركة على الصعيد المحلي او العالمي، دخول معترك الصراعات السياسية حول مطاليب وحقوق المراة والسعي لانتزاعها.
من المؤكد ان هذه المحاور تتضمن مجموعة واسعة من المهام السياسية والدعائية والتنظيمية، لا مجال للبحث فيها بتفصيل اكثر من هذا هنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية للزميلة العزيزة منى حسين
مكارم ابراهيم ( 2013 / 2 / 18 - 20:13 )
لزميلة العزيزة منى حسين ان طريق رفع كرامة المراة مازال طويلا وشائكا ليس فقط في العراق بل حتى في الغرب المتقدم عزيزتي في الدنمارك الرجل ياخذ مرتبا اعلى من زميلته المراة رغم ان الاثنان بنفس الكفاءات الدراسية والكثير من الوظائف مازالت المراة بعيدة عن اعتلاء امناصب فيها لاتنسي ان لاول مرة في الدنمارك العام الماضي وصلت امراة لمنصب رئيسة وزراء بعد مئة سنة نضال في طريق المساواة
لك مني كل المحبة والاعتزاز
مكارم


2 - تحية للزميلة مكارم ابراهيم
منى حسين ( 2013 / 2 / 18 - 21:02 )
العزيزة مكارم
لا زال الوتر يأن من شدة الضرب ولا زال الجرح ينزف من شدة الالم ان ما يحدث معنا نحن النساء في كل مكان بالعالم امر خطر وخطوات العودة الى الوراء امر مستحيل حقا... رغم ما احرزته المراة ورغم وجود اسماء عالمات ومترمركزات في اعلى المناصب لكن المطارده ما زالت تلاحق مكتسبات المراة والجهات التي تبنت موضوع ملاحقة المراة جهات قذرة لها مصالح دنيئة في الحاق الاذى بالدرجة الاولى بالاسرة وبالدرجة الثانية بالانسانية جمعاءوسنبقى نواصل حتى نضع الامور في نصابها الصحيح ليولد بيننا كل يوم الف مبدعة والف عالمة ومفكرة ولن نتوقف ابدا
مودتي وتقديري الزميلة الرائعة مكارم


3 - حوار بالعكس
ليلى ( 2013 / 2 / 18 - 21:41 )
شريكتي في النضال منى
اليس من المفترض ان يكون الحوار معك او مع اي قائدة نسائية حول نضالات المرأة العراقية
لماذا الرجل يتكلم باسمنا مهما كان!
ومن هو - فارس - هذا؟؟ لم اره في اي نشاط نسوي عراقي
كفي لتبعية النساء للرجال


4 - الرجال ليسوا اعدائنا
منى حسين ( 2013 / 2 / 18 - 23:05 )
العزيزة ليلى الشريكة الرائعة في نضالنا المشترك
أعتقد أن تحقيق المساواة التامة لن يتم بفصل الرجال عن النساء، ودعينا أن لا نتبع الأفكار الفمنستية السائدة في هذه المرحلة حول أن الرجل هو السبب في أضطهاد المرأة ولنركز نضالنا على السبب الرئيسي في اضطهادنا وفي المحاولات البائسة التي تريد أن تركز لنا موقع دونيا داخل المجتمع. علينا أن نركز في نضالنا الأن ضد النظام الراسمالي وربيباته الأنظمة الدينية والتي هي السبب الرئيسي والمباشر في أضطهاد المرأة.
اليس من حق فارس بوصفه انسان ان يعطي رايه، من اين اتيتي بحق انكار حقه في ابداء راي بمسألة في المجتمع؟ هل هكذا تفهمين حقوق الأنسان؟!
يتبع


5 - الرجال ليسوا أعدائنا 2
منى حسين ( 2013 / 2 / 18 - 23:07 )
يا عزيزتي لنبقي الامر سياسيا ونتحدث في السياسة. لننضر الى بحث فارس وليس لشخصه فالحوار ليس ميدان لاستعراض عضلات التاريخ النضالي. رغم هذا فالتاريخ النظالي لفارس معروف ومكتوب على صفحته الشخصية في موقع مؤسسة الحوار المتمدن. أعود واكرر لك لن نسال احد تاريخه لابداء رايه ولاراي الانسان مرتبط بعمر او تاريخ او اي شيء اخر. مرتبط فقط برايه!
في النهاية ياعزيزتي ليس لك الحق في أن تحددي لي مع من ألتقي أو مع من أتحاور. وأنتي واعية ومدركة لقراري. وكلامك هذا هو طعن في خياراتي.
مودتي وأعتزازي

اخر الافلام

.. نساء فلسطين عندما تصبح الأرض هي القضية


.. مشاهد تدمير منطقة الزيتون وحي الصبرة بعد انسحاب القوات الإسر




.. رائدة في علم المحيطات حققت نقلة نوعية في علوم الأرض


.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف




.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير