الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصتي مع آية الكرسي

مثنى حميد مجيد

2013 / 2 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


منذ صباي وشبابي كنت وما زلت قليل النوم كثير القلق والهواجس ، وقد فاقمت الأيام السوداء المشحونة بالخوف والبؤس والألم لدكتاتورية صدام هذه الأعراض السيئة لدي فكنت أداري النفس أحيانا وأسعفها بالمنوم وتارة بإحتساء الخمرة ليلاً لبضع مرات في الشهر ، وأستمرت بي الحال هكذا حتى بعد هجرتي إلى السويد ولكن بشكلٍ أخف وطأة وأهون ثقلا.

إحدى بناتي الحبيبات ورثت هذه الصفات عني ولكن بدرجة أقل حدة وقد لاحظت ذلك عندها لأول مرة حين دخلت الجامعة فكانت إذا ما أقبل الإمتحان ينتابها التوتر ويعتريها القلق فيفارقها النوم وتحديدا ليلة الإمتحان شأنها شأن العديد من الطلبة الجادين ، ورغم أنها على درجة طيبة من الذكاء ومن الطلبة المتقدمين. ولذا ، كنا أنا وزوجتي نعلن النفير العام في البيت خلال الأيام التي تسبق الإمتحان فننهي مشاغلنا باكرا ونُطفيء الأضواء ويخلد الجميع للنوم أو يتظاهرون بذلك كي نوفر لها السكينة والهدوء اللازم للإسترخاء والخلود للنوم ، ولكن ما أن يتجاوز الوقت منتصف الليل أو بعده حتى ألمحها في الظلام تدلف من باب غرفتنا لتلقي نفسها بيني وبين أمها مغالبة قلقها ومحاولة إستدراج النعاس والنوم وكان هذا يؤلمني ويؤلم زوجتي أم آرام فنُقضي الليل ساهرين وكأننا نحن الذين سوف نؤدي الإمتحان.

حكايتي هذه وحكاية إبنتي رويتها لصديق عزيز لدي ألتقيه أحيانا من الإسلاميين المعتدلين فنصحني قائلاً: أبو آرام عليك بآية الكرسي فهي تنفع إبنتك ليلة الإمتحان حفّظها لها ولترددها ليلا عند إستلقائها في الفراش.وأخذت بنصيحة صديقي وكنت أحفظ هذه الآية من ضمن آيات قرآنية عديدة رسخت في ذاكرتي من أيام الشباب والتلمذة ، لكنه كان من الصعب تحفيظها لإبنتي التي لا تعرف من العربية إلا القليل إضافة إلى أن تلقينها لها شفهيا أمر أتجنبه لإحتمال أنه سيعرضني لسخرية زوجتي الملحدة ولذلك قررت تجربة الآية بنفسي بإلقائها على مسامع إبنتي عند الضرورة ، وهكذا كان ، ففي ليلةٍ سبقت إمتحانا لها وبينما كنا أنا وزوجتي في غرفتنا نتبادل همسا أطراف الحديث إنسلت إبنتي كالعادة إلى غرفتنا بعد منتصف الليل لتلقي بنفسها بيننا فهبطت أرضا من السرير تاركا المجال لها ثم بدأت أُلقي همسا وبطريقة معبرة وإيحائية آية الكرسي في مسامعها وكررت الإلقاء عدة مرات وكان يحدوني الآمل أن ينعكس تأثير الآية تدريجيا عليها فتخلد للنوم ومرت بضع دقائق وإذا بشخير زوجتي يشق سكينة الغرفة ويرتفع عاليا في صمت الليل فشعرت أن لا طائل يجدي بعد من ترديد الآية وفجأة غالبتني الضحكة لكن إبنتي سبقتني إليها فقالت وهي تجهش ضاحكة : بابا أمي أستحوذت لنفسها على آية الكرسي بدلا مني فقلت لها : أمك تغط بالنوم وتشخر بدون آية الكرسي فكيف وقد تشبعت الآن بتأثيرها ! الأفضل لك ياحبيبتي أن تعودي إلى غرفتك وتحاولي الإسترخاء والصباحُ رباح وأنت ذكية ولن يصعب عليك أي إمتحان.

حدث كل ذلك قبل سنوات وتخرجت إبنتي من كلية الصيدلة بتفوق وبإطراء من أساتذتها ، أما أنا فقد أدرجت ومنذ تلك الليلة آية الكرسي ضمن تقنياتي وطقوسي الليلية التي أزاولها لأغراضي البحثية في علوم النفس والباراسايكولوجي والأديان المقارنة أو ألجأ إليها حين تشاكسني بواطني اللاواعية ويستعصي علي النوم ويغالبني الأرق فوجدت تأثيرها التنويمي أرقى وأفضل بكثير من إحتساء أقوى صنوف الخمر ومعتق الشراب أو من تعاطي الحبوب المنومة التي تترك خمولا جسديا وبلادة وآثارا إنسحابية سيئة أخرى طوال النهار الذي يعقب تعاطيها ، أردد الآية وبشكل روتيني مرة أو مرتين أو ثلاث أو أربعة مرات في أقصى تقدير فتبارحني تدريجيا كل أفكاري التسلطية وأغط بالنوم . لآية الكرسي طاقة لغوية إيحائية هائلة ومباشرة في تذليل وتفكيك وإعادة تركيب البناء العصبي المحتضن للتوتر النفسي والقلق والأفكار والهواجس التصاعدية القهرية التي تحول عادة دون الإسترخاء اللازم الذي يسبق النوم.

أحد السذج ممن تقتصر ثقافتهم البائسة للأسف على حفظ وترديد المقولات الماركسية بشكل ببغائي إتهمني مرة بالتخريف والتأسلم وراح يحرض ضدي ويلوم موقع ماركسي معروف لنشره مقالات لي أعالج فيها نصوصا دينية من منظور علمي وتجريبي ، بعض السُذّج من المتدينين إدعوا ان هذا بمثابة إعلان لإعتناقي الإسلام ، وحين كتبت مقالة أخرى عن مشاركات سابقة لي مع إخوان وأخوات من المسيحيين في صلواتهم وتراتيلهم الأخّاذه والجميلة في كنيسة وسط ستوكهولم سخر هؤلاء السذج أنفسهم مدعين إني صرت مسيحياً بل ومن شهود يهوه ، ماذا سيقول هؤلاء السطحيون الذين لا يأخذون من المذاهب والأديان ومدارس الفكر إلا قشورها لو تحدثت لهم عن الأطر والتقنيات السايكولوجية واللغوية والفنية المتنوعة ذات الأصول الفرعونية والهندوسية والبوذية ، ناهيك عن المندائية ، التي غالبا ما أختبرها وأجربها حتى على نفسي وأمارسها في مجاهداتي لبلوغ خفايا معانيها وأسرارها وفي محاولة لمعرفة وقياس أبعادها وإستجلاء تأثيراتها وإنعكاساتها الإيحائية والباراسيكولوجية ؟

سينعتني هؤلاء السطحيون السُذّج جميعا وبلا أدنى شك بالتخريف مؤمنين كانوا أو ملحدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أية الكرسي ليست تعويذة فقط
عبد الله اغونان ( 2013 / 2 / 18 - 21:43 )
ياأستاذ اية الكرسي عقيدة وليست مجرد تعويذة لاحظ منطقها الذي لايقبل النزعة الانتقائية البراغماتية
الله لااله الاهو الحي القيوم
لاتاخذه سنة ولانوم له مافي السماوات والأرض من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولايحيطون بشيئ من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولايؤده حفظهما وهو العلي العظيم
تركز الأيتان على توحيد الله
وسيطرته علىالسماوات والأرض
وأنه لاأحد يشفع من ملك ورسول لمذنب الاباذن الله العارف بما تخفي الصدور وبالنوايا اذ هو من يملك سر كل خلقه ولايتعبه ولايخفى عليه حقيقة خلقه
لاأفهم من يعتقد انه لااله الا هو
ومن يعتقد انه ثالث ثلاثة
نرجو لنا ولك الهداية وان يجعل الله القران الكريم شفاء القلوب والنفوس والأجسام


2 - الزميل عبد الله أغونان
مثنى حميد مجيد ( 2013 / 2 / 18 - 22:34 )
شكرا لإضافتك القيمة وإغنائك لمقالتي وأود فقط القول لك إني لا أؤمن بالتعاويذ كما ان نقدك للمسيحية لا يصب في مصلحة الإسلام ويتناقض مع حرية الفكر والإعتقاد :
( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ( 255 ) لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ( 256 ) )
لاحظ ياصديقي أغونان أن الكفر بالطاغوت وهو إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان الذي يشكل جوهر الشيوعية يسبق الإيمان بالله وهذا ما تعمى عن رؤيته مشايخ الإسلام الذين يعيثون في الأرض فسادا وينشرون الكراهية والبغضاء في كل مكان ، هؤلاء هم أعداء آية الكرسي.تحياتي الأخوية.


3 - حرية الفكر والاعتقاد والطاغوت
عبد الله اغونان ( 2013 / 2 / 18 - 22:52 )
حرية الفكر والاعتقاد لاتعني اعتقاد دين ونقيضه
اسمع رأيك وماتؤمن به
لكن كما تتشبث يمعتقداتك فانا اتشبث بمعتقدي ونحن في حوار
بالحوار اقتنع كثيرون وغيروا معتقداتهم


4 - أما الطاغوت فهو
عبد الله اغونان ( 2013 / 2 / 18 - 23:13 )
الطاغوت ليس هو فقط استغلال الانسان لأخيه الانسان بمعناه الاقتصادي
راجع معنى الطاغوت بالمعجم المفهرس لألفاظ القران الكريم مثل
ألم ترالى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت
والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت
ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت
فالطاغوت كل مايعبد من غير الله
دعنا من مشايخ الاسلام ولنرجع الى منبع الاسلام نفسه القران
عقديا لايتفق الاسلام مع الشيوعية هل نأخذ بتفسيرات شيوخ الشيوعية؟
اسلام شيوعي؟
عشنا وشفنا


5 - عزيزي عبد الله اغونان
مثنى حميد مجيد ( 2013 / 2 / 19 - 10:09 )
تحية وشكر على مواصلتك الحوار.تقول:دعنا من مشايخ الاسلام وأنا أقول لك إنهم هم الطاغوت، هذا تفسيري ، هؤلاء يستغلون الناس ويسخرون الدين لصالحهم ، أنت تفصل القران عن مجرى الحياة وتدخل الحوار في أمور لغوية فقهية في حين يقول الواقع إننا شعوب فقيرة متناحرة يتحكم بها الطاغوت ، المطلوب منك أن تجد المقياس ، الميزان ، بنفسك لقراءة القران والمقياس موجود في القران نفسه بإعتباره هو الميزان.العلاقة بالله تتطلب التحرر من فقه القرون الوسطى فهو سبب سقوط الحضارة الإسلامية .الصين البوذية والهند الهندوسية وأوربا المسيحية شعوبها أكثر سعادة وتطور وبناء من بلداننا الإسلامية لماذا ؟ أين يكمن الشرك والطاغوت إذن ؟ أرجو أن تعرف إني لا أنحاز لمذهب أو دين بل أقف من الجميع موقف إيجابي ونقدي.أما الشيوعية فهي ليست مذهب ، الماركسية قواعد تفكير ومنهج علمي يجعلك تقف على أرضية صلبة لفهم العالم بنفسك وتحديد إختيارك وإيمانك بحرية ودون تبعية لشيخ أو فقه.

اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة