الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاثير الدوغمائية والفوضوية على الحركة الكردية في مراحل التغير -2

زوهات كوباني

2005 / 4 / 1
القضية الكردية


أما الاقتراب الآخر الخطير في مراحل التغير هو الاقتراب الفوضوي والزعرنة الذي لا يعرف القيم والمباديء ويقوم بإنكار جميع ما تم خلقها في الماضي بين ليلة وضحاها . ضاربا كل المبادئ عرض الحائط وناكراً لكل شيء من أجل الحصول على بضع مصالح أو إمكانيات ا لمعيشة التي استسلمت لها في مسيرتها . أن هذا الاقتراب يظهر نفسه باسم الجديد والتغيير والتحول والإصلاح ولكن إذا ما تم مقارنته من حيث الممارسة العملية تراه يتناقض كليا مع المبادئ والمعتقدات وغيرها لأنها تتجه إلى الانصهار مع النظام في المحصلة ، ففي أول خطوة تخطوها تراه يقوم برد وإنكار القديم كلها وكأنه ليس للقديم إيجابيات ويضعها في خانة السلبيات حتى إلى درجة اتهامها بالجرم وغيرها . ويقوم بتسويد التاريخ رغم أنه كان قبل مدة من دعاة تلك المرحلة ومن مناصريها الأساسيين . فالإنكار السريع للماضي دون تمييز السلبيات والإيجابيات يسفر عن فوضوية وإنكار وزعرنة ويعمل كل هذا من أجل تأمين حياته الخاصة ولكن تحت يافطات كثيرة ديماغوجية . ففي هذه المرة يظهر الديماغوجية باسم الجديد والديمقراطية والتطور والتحديث ولكن عند النظر إلى ممارستها فلا يمكن ملاحظة ما تدعيها لذلك فهي محاولة خداع وديماغوجية لا تختلف كثيراً عن الدوغمائي والمتشبث بالقديم دون إجراء التحول فيها . أي أن أحدهم يمثل التطرف اليميني والآخر يمثل التطرف اليساري من حيث المنهج والاقتراب النظري . أن أصحاب هذه الاقترابات إذا ما تم البحث عن حقيقته فيمكن الوصول إلى الكثير من النتائج . وهي أنها في الأصل ليس حبا بالتغيير والتحول بل أنها نتيجة ما تعيشها من التشاؤم والضعف تجاه الوضع المعاش وعدم بقاء قناعته بالتطور والمسير ، أو أنه نتيجة نزاعات شخصية أو عدم إمكانية تحقيق مطامحه في النظام القديم ومع الحاشية القديمة يبدأ بحملة تضليل على الحقائق وكأنه يحاول أن يتظاهر بأنه مخترع جديد وعند التمحص فيه بشكلٍ جيد تراه أنه لا يتجاوز أمثلة التجار القيصريين الذين يدهنون أمهم ويبيعونها لأبوهم ثانية . أن هذا الاقتراب ينظر إلى الأمور من باب النقد فقط ولا يقوم بالبديل ، أي أنه عبارة عن حقد دفين على ما فاته من القديم نتيجة انخراطه في المسيرة والحركة . وإذا كانت هذه الآراء من أصحاب القاعدة فترى أن كل انتقاداتها توجه إلى القمة كأنما القمة وحدها مكلفة فقط بالتغير والتحول وهذا التحول هو من أجلها وليس من أجل الغير كما كانت يفعلها المحافظين أو من يتربعون على سدة الحكم والأمور ويفرضون التغيير والتحول على القاعدة وكأنهم ليسوا بحاجة إلى التغيير أي أن الطرفين لا ينظران إلى هذه القضية بنظرة شمولية وموضوعية من باب التأثير على الأخر وإدخال النتائج الحاصلة في خدمة منفعتها .

إن أصحاب هذه الآراء ونتيجة لعدم وجود أسس فلسفية وأيديولوجية للتغير والتحول الذي ينادون به تراهم بعد فترة أما تحولوا إلى صفوف الأعداء الذين كانوا ينقدونهم قبلها بقليل ، وأصبحوا أدوات في أيديهم من أجل الهجوم على كل القيم الموجودة والتي تشكلت عبر سنوات النضال وعلى دماء الآلاف من الشهداء وجهود الملايين من أبناء هذا الشعب . أو أنهم يقومون بنسف الماضي بالأساليب الفوضوية والزعرنة التي لا علاقة لها بالتباين في وجهات النظر لأنهم لا يمكنهم من تطوير وجهات نظر جديدة ، وبالتالي لا يمكنهم من تطوير البديل الذي ينادونه به . فكل جهودهم يصب في العداء للماضي فقط دون إبداع وتطوير شيء أو إظهار عمل مختلف من القديم وبمنهجية جديدة بعيدة عن المنهجية التي ينقدونها أو يعادونها بشكلٍ مستقل . ونتيجة عدم وجود تلك القوى لديهم من أجل منهجية جديدة سواء رغبوا أو لم يرغبوا ، أرادوا أو لم يريدوا فسيتحولون إلى ذيول لمنهجيات أخرى وربما أن يتظاهروا بأنهم متغيرين وبأنهم موضوعيين في عملهم ونضالهم أو أنهم يقبلون المنهجيات التي كانوا ينقدونها قديما ً و يرونها بأنها هي الطريق الوحيد والسليم لإيصال القضية الكردية أو قضية العدالة والمساواة والديمقراطية إلى الحل ، ولكن عند النظر إليها من منظور مصالح الشعب ومدى تحقيق وتمثيل إرادة الشعب أو هويته ، عندها يواجه الإنسان الكثير من الأسئلة حول ماهيتهم وحقيقتهم وما الهدف من نضالاتهم واطروحاتهم ، ويصبح المقياس الواقعي والموضوعي للامور هو مدى تحقيق أهداف الشعب من حيث الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية .

أن هؤلاء لا يقومون بتطوير ذواتهم وشخصياتهم من أجل تمثيل الجديد في ممارستهم العملية وطراز حياتهم وعلاقاتهم وأخلاقهم . وعندما يبقى عملهم فقط هو في مجرد تشهير وتهديم القديم ونقده فأن هؤلاء لن يستطيعوا التحول إلى البديل حتى ولو كان لهم بعض التقييمات الصحيحة عن القديم والتحفظ ، لأنه لا يكفي نقد وهدم القديم بل يتطلب إنشاء البديل وإبداع متطلباتها ، من حيث التنظيم وأسلوب النضال والعمل والحياة إلى جانب النظرية والمنهجية التي تقودهم إلى هذه الخطوة ، وألا فان خطواتهم هذه لن تتجاوز عصيان الطائشين تجاه القديم المشابهة للعصيانات التي قامت في التاريخ ضد الأنظمة ، أما تعرضت للمجازر والسحق أو الهزيمة والإخفاق نتيجة عدم التحضير الجيد والفلسفي والعملي لها من على جميع الصعد السياسية والتنظيمية والعملية والمنهجية .

ومن ناحية أخرى وعندما لا يتم وضع أساس قوي ومبدئي لهذا التجديد الذي ينادون به عندها سيظهر بأنهم يحاولون فقط تعكير الأجواء من أجل اصطياد بعض المكاسب . ليس هذا شيء سوى إفلاسهم أو ضعفهم أو تشاؤمهم تجاه صعوبات المرحلة ، وحتى عند النظر إلى شكواهم أو انتقاداتهم يظهر بانها ليست بعيدة عن الانتقادات التي يوجهها التنظيم ذاته إلى نفسه او ربما اقل منه . لذلك يتطلب من أصحاب دعاة التغيير أن يجروا تقييم جدي وموضوعي ووجداني حول ادعائاتهم ومدى تمثيلهم لهذه الادعاءات في الواقع العملي أم أنها عبارة عن شعارات من أجل الهروب من الواقع ، ففي كل خطوة من خطواتها يتطلب القيام بالمحاكمة العادلة والمنصفة حول ذاته والمحيط ، وعندها سيتمكن من تحقيق الخطوات التي يرغب في أن يخطوها إلى الأمام من أجل الأهداف في المرحلة الجديدة بمقاييس وطرق جديدة .

أن جميع هذه الآراء التي تظهر في مراحل التغيير والتحول لها أثار سلبية وأضرار ساحقة على مصير الحركة أو الجماهير والشعب ، وهذين النظرتين لا تمثلان سوى التطرف اليميني واليساري الذي يتوجه أحدهما إلى التحفظ واستخدام الأساليب السلطوية والمحافظة والديكتاتورية وأحدهما الانزلاق نحو الفوضوية والزعرنة وهدم كل القيم دون تمييز السلبيات من الإيجابيات تحت اسم التجديد أو التغيير وتمثيله . فنتيجة المفهومين هي واحدة ولا تختلف عن البعض كثيراً والاثنين يقودان المصير نحو التصفية والانهيار والسلبيات وإلحاق الأضرار بمصالح الشعب لأنهم يصبان في مجرى واحد رغم أنهما يسيران في قنوات منفصلة ظاهريا ولكن النتيجة لا يختلف في كلا الحالتين . أن هذين المفهومين بعيدين عن حقيقة التغير والتحول الموضوعية والتي يتطلب قبل كل شيء ثورة عقلية شاملة وترسيخ المفاهيم الجديدة والنظرة الفلسفية الجديدة في الحياة .فتجارب التاريخ خير مثال على فشل وسلبيات وأضرار كلا المفهومين ، أي أنه لا التحفظ والعناد الأعمى بالتشبث بالقديم يؤدي إلى النجاح ولا التحول الغير المبدئي والمنعدم من الأسس العلمية والتي لن يتجاوز الفوضوية والتي كانت نتائجها معروفة في الحركات المنصرمة في القرن الماضي أو القرون الأخرى . أن ما أرشده الديكتاتوريات في التاريخ من العناد والمقاومة أمام التغير لم يسفر عن نجاح وانتهى في هزيمتهم بدءاً من أول أإمبراطورية في العالم إمبراطورية سارغون إلى أقوى الدول الفاشية والنازية في القرن العشرين من أمثال ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وغيرها ولم تستطع أن تقاوم التغير والتحول ، وحتى الإتحاد السوفيتي العظيم الذي كان يمثل سدس العالم لم يستطع المقاومة والصمود عندما فرض التغيير نفسه . أي أنه عندما يفرض التغير والتحول على الواقع نتيجة التغيرات التدريجية فأنه لا مفر من تحقيقها عاجلاً أو أجلاً . وحتى أن هزيمتهم نتيجة لعنادهم الأعمى أدى إلى فقدان الكثير من القيم والسقوط السيئ الكبير . إلى درجة ضياع الكثير من القيم المتشكلة خلال التاريخ المنصرم .

أما المفاهيم الفوضوية التي ظهرت لم تنجح هي أيضا والتجارب المعاشة في الحركات التاريخية ومدى نجاح مثل هذه المفاهيم البعيدة عن النظرة الموضوعية والواقعية في الحياة وحتى أن الكثير منها لم تدم عمرها سنوات واندثرت وأصبحت من منسيات التاريخ حتى أن أصحابها أنفسها كثيرا ما يتخلون عنها عندما يرون لا فائدة من طرازهم الذي يشبه مناطحة الصخور والذي لا يختلف عن طراز دونكيشوت بشيء .وعندما يرى الجماهير من عدم جدوى هذه المفاهيم تراه يبتعد عنه رويداً رويداً رغم أنه يتحمس في البداية لها على أمل كسب ا لجديد والتغيير في حياتهم للوصول إلى أهدافهم التي نادوا بها منذ سنوات والتي تحولت إلى حلم لهم .لأنهم لا يعملون شيء سوى النسف والتهديم والتشهير والتخريب وغيرها دون بناء الجديد بدلا منها أو دون طرح مفاهيم بديلة تقنع الجماهير حقا بحقيقتها وبعدالتها ونجاحها في المستقبل وألا فان الشعب أو الجماهير لن يبتعد عن الحركات التي تحقق مطامحها وأهدافها سواء أكانت باسم الجديد أو باسم آخر . لأنه يعيش الواقع ويرى النتائج بام عينه ، ومدى قوة هذه الحركة في الرد على حل القضايا والمشاكل التي يعانيه .

لذلك أن مراحل التحول والتغير هو مراحل جدية وحساسة يتطلب فهم ووعي تاريخي عميق ، وتحليل الأحداث والمجريات والتطورات ليس باب الحماس والهيجان والاندفاع الثوروي ، أو العجز و الضيق والتشاؤم من الوضع المعاش . بل يتطلب دراسة أسس وضرورات التغيير من على جميع الصعد في المرحلة التي يفرض التغيير نفسه فيها . أي أنه يتطلب فلسفة جديدة ونظرية جدية وتنظيم وأسلوب نضال وعمل جديدين وكوادر جديدة متمكنة من تمثيل تلك الفلسفة في الممارسة العملية و رؤية العراقيل الموجودة أو التي ربما ستظهر ، أو يعمل الآخرون على إظهارها . واتخاذ الإحتياطات والتدابير على جميع الصعد لكي يتمكن من المسير بنجاح في مثل هذه المراحل التاريخية الحساسة ، والتي تشكل منعطفات حاسمة في مصير الشعوب والحركات أو ربما في مصير التاريخ والإنسانية ويتطلب الاقتراب منها بمسؤولية كبيرة وبشعور وجداني رفيع لأن الفشل في التغيير والتحول سواء بالتحفظ والتسلط والعناد والقوالب أو بالفوضوية والزعرنة واللا مبدئية والحياة البسيطة سيسفر عن كارثة في تاريخ ذلك الشعب أو تراجع والتخلف عن ركب الحضارة ، وربما لن يستطيع النهوض ثانية إلا بعد مرور زمن طويل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر