الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العثمانيون وإبادة الارمن -6

طريف سردست

2013 / 2 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عمليات التهجير في كيليكي
تمايزت عمليات التهجير السابقة، حيث لم يجري التمييز بين " المذنبين" من وجهة نظر السلطة عن " المذنبين" من وجهة نظر المحليات الارمنية، عن عمليات التهجير من كيليكي في كون السلطات التركية لم تعد تعير اية أهمية للفرق بين الارمن الثوريين والارمن الموالين. كما ان هذه التهجيرات لم يكن لها علاقة بمدى قرب الارمن من الجبهات، وشملت الارمن على الاطلاق. كما لم تعد السلطات التركية تعير اهمية لضرورة خداع الارمن بتزويق قصة كاذبة لاسباب التهجير وجهة التهجير او تنبيه الارمن الى ضرورة التزود بالغذاء والماء، والتي تعني عمليا تهيئتهم للموت جوعاً. عدا عن ذلك شجعت الجندرمة المرافقة لقوافل المهجرين الارمن، جميع العصابات ، بالاساس من الكرد والشركس وآغات التجمعات السكانية، على التعدي على افراد القافلة بالسلب والخطف والاغتصاب، بنتيجة ذلك بقي في نهاية المطاف، على قيد الحياة، حوالي 20% فقط. الامر نفسه تكرر مع جميع ارمن الاناضول، في حين ان ارمن المحافظات الغربية وصلوا بصورة اسهل، نسبيا، الى منطقة التجميع في دير الزور حيث جرى قتل غالبيتهم. في دير الزور جرى قتل حوالي 150 الف ارمني. ويوجد مايكفي من الادلة للقول ان العاملين في مراكز التصفية في دير الزور كانوا من الشركس والشيشان والعرب. [14]
من الناحية العملية يعتبر أن عملية القضاء على الشعب الارمني في منطقة الاناضول قد بدأت منذ 24 ابريل عام 1915 ، عندما جرى اعتقال قادة المجتمع الارمني في منطقة استانبول وجرى نفيهم الى انقرة. في منتصف يونيو كان جميع القادة قد جرى اعدامهم. الى ذلك الوقت كان قد جرى القضاء التام على الارمن في بدليس والارضروم. في 9 يونيو ارسل وزير الداخلية رسالة الى محافظ ارضروم يطالبه فيها ببيع ممتلكات الارمن المهجرين، من حيث انه لايوجد أمل لعودتهم. على مدى صيف عام 1915 مساحة مناطق التهجير توسعت لتشمل سوريا الحالية. حسب خطة الترحيل، لايجوز أن يتجاوز عدد الارمن عن عشرة بالمئة من مجمل عدد السكان المحليين. [14]

احدى اكثر الشهادات تفصيلا على مذابح الارمن جاءت من اربعة مستخدمين عثمانيين، عرب، هربوا الى الجانب الروسي وسردوا حوادث المذابح الى الضابط المستشار السياسي البريطاني ماركس سايكس Mark Sykes هو نفسه الذي وقع اتفاقية سايكس - بيكو. حسب اقوال اللوتنانت سعيد أحمد المختار البادجه والذي كان موقع عمله، عام 1915، في طربزون، كان تعبير " تهجير الارمن" يعني ذبحهم، وكان قد أطلع على أمر رسمي يقضي بأعدام الهاربين بدون محاكمة. ويضيف سعيد أحمد أن هناك تعليمات سرية تقضي تبديل تعبير " الهاربين" بتعبير " الارمن"، بما يدلل على وعي السلطات المركزية بسلوكها الجنائي ورغبتها في اخفاء الامر. [9]

قتل الارمن رافقه نهب وحشي. حسب شهادة التاجر العربي محمد علي، صديق محافظ طربزون جمال عظمي، فأن الحلي والمجوهرات التي جرى انتزاعها من الارمن تصل قيمتها الى مابين 200-400 الف ليرة عثمانية ذهبية. ( مايعادل، في ذلك الوقت، 1،5 مليون دولار). القنصل الامريكي في حلب ارسل تقريرا الى وشنطون يشير فيه الى ان " في تركيا توجد منظومة هائلة للنهب". القنصل الامريكي في طربزون اشار في تقريره الى انه :" يوميا نلاحظ كتلة من النساء والاطفال الاتراك يسيرون في اعقاب الجنود الاتراك وينتزعون كل مايمكن حمله" وايضا أن " مقر الاتحاد والترقي في طربزون ممتلئ بالنفائس والذهب من حصته من عملية النهب". [12]

تاكو ليفانيان، احد الارمن الذين جرى تهجيرهم من مدينة بالو، في شرق تركيا (محافظة إيلازيغ)، الى مدينة ديار بكر، يسرد ذكرياته قائلا:" اذاقونا الامرين. لم يقدموا لنا الطعام او الماء. كانت أمي تملك شئ من الطعام في حقيبتها كانت تقدم لنا منه نتف صغيرة بين الحين والاخر. بقينا نمشي مابين العشرة ايام والخمسة عشرة. في ارجلنا لم تبقى احذية. في النهاية وصلنا الى ديار بكر. هناك استجدينا الماء بللنا فيه بعض الخبز اليابس واكلناه. وصل الى سمعنا ان محافظ ديار بكر يطلب من الارمن فتاة جميلة للغاية، عمرها 12 عاما. في الليل كانت الجندرمة تبحث عن الفتاة وهم يحملون المصابيح. عثروا عليها ونزعوها من اهلها ووعدوا بأنهم سيعيدونها اليهم. بالفعل نفذوا وعدهم واعادوا الفتاة وهي تنزف وعلى حافة الموت، ووضعوها في حضن امها التي كانت تبكي. لم تتحمل الفتاة طويلا وماتت. بمساعدة من احد الجندرمة تمكنوا من حفر قبر لها وكتبوا عليه :" هنا ترقد شوشان".[19]

في نهاية عام 1915 كان الجزء الاكبر من ارمن الامبراطورية العثمانية قد تمت إبادتهم. وعلى الرغم من محاولات السلطات العثمانية اخفاء الامر والتعتيم عليه الا ان الهاربين من الارمن والذين تمكنوا من الوصول الى الغرب اخبروا بالبشاعات التي جرى ارتكابها ضد الشعب الارمني. في 27 يونيو من عام 1915 طلب الجاثليق (تعبير ارمني، يعني كبار الاساقفة، او البطاركة) من الولايات المتحدة التتدخل لوقف المذابح. وعلى الرغم من أن الحلفاء ادانوا رسميا عمليات الابادة الجماعية التي ارتكبها الاتراك والاكراد ضد الشعب الارمني، ولكنهم لم يستطيعوا فعل اي شئ عملي لوقف المجازر، بسبب الحرب الدائرة. غير انه، في الامبراطورية البريطانية وبعد تحقيقات رسمية، جرى نشر الكتاب الوثائقي( العلاقة مع الارمن في الامبراطورية العثمانية). [20] استمرت عمليات ابادة ارمن الاناضول حتى بعد اغسطس من عام 1915.[9]

يتبع: استخدام الارمن في التجارب الطبية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وحشية الطبيعة البشرية
كنعان شـــــــــماس ( 2013 / 2 / 21 - 01:11 )
تحية يا استاذ طريف سردست على فتح هذا القبر العفـــــن ... قذارات وعار وعفونـــة ماضى الترك الاجرامي . الابادة الجماعية للارمن ... ... فر الادب الانكليزي الشكسبيري كلمة تركي تعني كافـــــــر . تصور على هذا الماضى العـــــــــار يريدون الانضمام الى الامم الاوروبية . الموكد ان هذا الجيل ابرياء من من تلك المجزرة .... لكنهم عليهم واجب الاعتذار والتعويض العادل لقبولهم في المجتمعات المتمدنة . مثل المجتمعات الاوروبية

اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة