الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول التحقيق مع الدكتور يوسف زيدان أمام نيابة أمن الدولة العليا بشأن -اللاهوت العربي وأصول العنف الديني-

حذام الودغيري

2013 / 2 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مثل الدكتور يوسف زيدان أمام نيابة أمن الدولة العليا ، بالقاهرة ، فى التاسعة من صباح الثلاثاء 19 / 2 /2013 للتحقيق معه فى القضية رقم 686 لسنة 2010.
وكان التحقيقُ يختصُّ بكتاب " اللاهوت العربى وأصول العنف الديني " الذى اتهمه بسببه مجمع البحوث الإسلامية ، بالآتى :
أولا : ازدراء الأديان ، لأنه وصف اليهودية و المسيحية و الإسلام بأنها ديانات "رسالية" أى جاءت برسالة من السماء ، و أنها تجليات ثلاثة لجوهر واحد.
ثانياً : إحداث فتنة دينية فى البلاد لا تبقي ولا تذر.
ثالثا : تشجيع التطرف الدينى.
ويطالب مجمع البحوث الإسلامية بتطبيق المادة 161 ، المادة 171 ، المادة 98 من قانون العقوبات ، عليه.
وقد استجابت نيابة أمن الدولة العليا لطلبه مهلة الشهر ، و كان التعامل معه أثناء التحقيق" بكل وقارٍ و احترامٍ و حرفيّة" كما أشار بنفسه.

أمام حدث كهذا نتوقف ونتساءل في ماهية هذه الاتهامات وفي جدّيتها:

لو كان كتاب "اللاهوت العربي وأصول العنف الديني"، الذي وصل مؤخرا إلى طبعته السابعة، خطرا جسيما ومثيرا لـ"فتنة دينية في البلاد لا تبقي ولا تذر"، لماذا لم تتم مصادرته من أول ظهوره ولماذا انتُظِرت ثلاث سنوات لبدء التحقيق مادام أمره مُهوِلا ومريع الأثر؟ ثم هل سمع أحد بفتنة دينية "لا تبقي ولا تذر" أشعلها قراء "اللاهوت العربي..." ؟ وهل ظهرت مجموعات دينية متطرفة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تحت التأثير المغناطيسي للأفكار التي يناقشها الكتاب، بصفته يقوم ب"تشجيع التطرف الدينى" ؟
و هل من المعقول أن يرجو مفكر وأستاذ فلسفة وكاتب عالمي من طراز يوسف زيدان إثارةَ فتنة دينية لا تبقي ولا تذر وتشجيعَ التطرف الديني في البلاد، بكتاب اشتغل عليه، سنوات ، بحثا ودراسة وتفكيرا، و كان من أهدافه الأساسية اقتراح حل لظاهرة التطرف والعنف الدينين. وهو نفسه كان يمثل مصر بل البلاد العربية كلها في مؤتمر طشقند الدولي عام 1999 تحت عنوان "الدين والديموقراطية" الذي انتهى ببيان تاريخي ، عرف بإعلان طشقند ، يدعو إلى الفصل بين جوهر الدين وظواهر العنف باسم الدين .
وهل يستطيع رجل مثله متمرّس في الصوفية وأبعادها المثلى أن يتمنى خلق الأحقاد بين الناس، وهو أصلا ليس ضد أي جماعة دينية ـ أو لا دينية ـ ولا سياسية، وإنما ينكر أفعالا وأخلاقا معينة، غير نبيلة حتما.
ومن هو المفكر والمبدع، الذي جعل همه الأكبر الكتابة والتنوير، ولا يحلم أن يسود الخير والعدل والحرية والأمن والجمال في البلاد؟ فبدون تحقيق هذه القيم والمفاهيم لا يمكن أن تكرم حياة الناس وتطيب ولا يمكن للفكر أن يزدهر ولا للحضارة أن تشع وترتقي.

أما نقطة "ازدراء الأديان " لأنه وصف اليهودية و المسيحية و الإسلام بأنها ديانات "رسالية" أى جاءت برسالة من السماء ، و أنها تجليات ثلاثة لجوهر واحد. " فهي أيضا مدهشة ، خاصة من مجمع إسلامي، ففكرة الرسالة والدين الحنيف، معروفة جدا، و الدين الإسلامي يعتبر عند المسلمين الصورة الكاملة القويمة للدين الذي جاء به أبو الأنبياء إبراهيم (ع) ...
لكن يبدو أن هذه النقطة أثيرت بسبب اعتراض بعض الأقباط المسيحيين على الفكرة ، فهي تتنافى مع خاصية مفهوم الألوهية والدين المسيحيين.
إلا أن الاختلاف في الرؤى ووجهات النظر لا ينبغي أن يمنع أي أحد من حقه في دراسة وتمحيص وتأمل أي معتقد وأي فكر وأي دين كان...بل بالعكس قد يكون ذلك التنوع مثريا للعملية الفكرية وموسعا للأفاق ...
أما الذين ينادون بالحسبة على الفكر والأفئدة ، فيطالبون المسلمين بعدم الخوض في الحديث عن المسيحية مقابل عدم خوضهم في الكلام عن الإسلام... فعلى أي أساس يستندون؟ الدين ليس حكرا على أحد أو مجموعة ـ اللّهم بعض الطوائف التي تحتفظ بسرية معتقدها ـ و تاريخ الديانات الكبرى معروف ونصوصها معروفة ومتاحة للجميع، وجلها، هدفها الأكبر أن تصل إلى البشرية جمعاء... ثم إن الإسلام منذ ظهوره ومسيحيو العالم يريقون بحارا من الحبر (قذرة غالبا) في محاولة النيل منه ، ومن سموه الروحي ومن نبيه... عدا بعض المستنيرين الذين التزموا بدرجات متفاوتة من الحياد الفكري وأضافوا رؤى مهمة في الدراسات الإسلامية. وكذلك فعل اليهود مع المقدسات المسيحية التي ينكرونها مشوهين بأبطالها... طبعا هؤلاء لم يكونوا في الغالب يلتزمون بأدبيات الكتابة العلمية والفكرية ونزاهتها ، وكانوا يدافعون عن ميولهم بعنف واحتقار للأخر محاولين إقصاء وإدانة من لا يدين بدينهم .
و تلك، ليست نية ولا نهج يوسف زيدان في حياته أو أبحاثه أو دراساته و رواياته.
والغريب في الأمر، أن رواية عزازيل، التي لقيت تلك الضجة العارمة في مصر ـ تلقاها القارئ الغربي بشوق معرفي كبير، إذ أن كثيرا من النقاد والقراء أكدوا ابتهاجهم بالتعرف ـ أخيرا ـ على وجهة نظر مفكر ودارس مسلم حول المسيحية وتاريخها، خاصة في تلك الفترة الحرجة من القرن الخامس قبل الميلاد الثي كانت تزدهر بالجدل الهرطوقي ـ وهي الفترة التاريخية للرواية.

ولإعطاء فكرة خاطفة عن "اللاهوت العربي وأصول العنف الديني" يمكن القول إن هذا الكتاب القيم ضروري في مكتبة كل مثقف عربي ـ في انتظار أن يترجم ـ لكنه ليس سهلا رغم سلاسته وجمال لغته، إذ يتطلب تركيزا واهتماما خاصين وقراءة متمعنة....لكن متعة الاستفادة منه والغوص في كنوزه قصوى.

أما ما يقصده يوسف زيدان باللاهوت العربي فهو نظام التفكير العربي في الإله وقد فحص تطور هذا المفهوم في الديانات الإبراهيمية وما قبلها مركزا على مدى تفاعلها وتأثرها ببعضها .
كما أتى بفكرة رائدة تقول بتأثر علم الكلام الإسلامي باللاهوت المسيحي العربي الذي ظهر على يد آريوس ونسطور وغيرهما من رجال الكنيسة الذين عاشوا قبل ظهور الإسلام بقرون فى منطقة الهلال الخصيب.
و بالنسبة للعنف الديني، نجد المؤلف يؤكد أن لا شأن له بالدين كجوهر ولكنه يرمي إلى تحليل عملية التديّن، لأن السبب في العنف هو التدين وليس الدين، وهكذا استخرج مواقف من النصوص الدينية الأولى إلى مظاهر العنف الذي تعاني منه مجتمعات عديدة.

في أول سطر من التقرير المقدم لنيابة أمن الدولة "نحن نرى ضرورة منع نشر وتداول كتاب اللاهوت العربي".
هل هذا ممكن؟ في زمن الانترنت والقرصنة الالكترونية وغيرها من السبل...!!!!

يبدو أن من تصفح كتاب "اللاهوت العربي وأصول العنف الديني" ممن أدان كاتبه وطالب بالتحقيق معه وفرض عقوبات عليه ،لم يقرأ الكتاب، أو فعل على عجل و بأحكام مسبقة...أما المرحوم الدكتور عبد المعطي بيومي، عضو هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، فقد امتدحه أوان ظهوره بل اعتبره مرجعا أساسيا لدارسي الفقه الاسلامي ومقارنة الأديان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برغم اعتراضي على فكر
مجدي محروس عبدالله ( 2013 / 2 / 21 - 09:31 )
زيدان الا انني ضد مصادرة اي فكر او كتاب على الاطلاق
لكننا نعيش ردة حضارية بكل المعنى
ولتحيى الشريعة الاسلامية ولتموت الانسانية


2 - إنه زمن أخونة مصر، إنه زمن رديء
ابو داود المحبوب ( 2013 / 2 / 21 - 11:58 )
انهم يخافون من التفكير، وهذه علامة على هشاشة الأرضية التي يقفون عليها. انه زمن محاكم الضمير الإسلامية، ومن خالفهم أو حتى فكر باستقلالية عنهم فيستحق أن يقام عليه حد السيف الإسلامي المشرع في وجه الأحرا والشرفاء. حقا انه زمن رديء. ولكن لن نخاف ولن نيأس، فكما سقطت نازية هتلر ستسقط الفاشية والدكتاتورية الإسلامية الظلامية

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب