الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراط المستقيم وتخلف العرب المبين: الهنود الحمر نموذجًا

خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)

2013 / 2 / 21
المجتمع المدني



ما من جنس بشري تعرض لهذا القدر من الجحف والجور الذي يتعرض له العرب، ومعهم المسلمون، تحت مسميات مختلفة منذ قرون. واليوم يشارك ملوك الطوائف الجدد في التآمر على أبناء جلدتهم و"تقزيم" الممالك العربية الكبرى. فما حدث ويحدث في العراق من احتلال وتدمير وقتل عُشر سكانه ووقوفه على حافة هاوية التمزق، وتقزيم مصر، وتفكيك سورية المحتمل، أمثلة لا يعرفها القاصي والداني. أما فلسطين فحدث ولا حرج، فمآثر الغرب والعرب فيها يراها الضرير قبل البصير منذ أكثر من قرن.
كل هذا حدث إن لم يكن بتواطؤ عربي مباشر فبمباركة فجة، فكان أن نخر السوس أعمدة الخيمة العربية الثلاث الرئيسة، بلاد الرافدين وبلاد الشام وأرض الكنانة، التي اهترأت ولم يبق لها سوى أن يدرك آخر عفريت أن سليمان مات بهز عصاه فيسقط ومعه الخيمة التي حافظت على النظام العربي منذ أن عُرِّبت هذه القوائم الثلاثة، وكونت نظمًا شبيهة بالدول.
لجأنا إلى سبل كثيرة منذ حركات التحرر العربية، ومجّدنا الذات، ثم جلدناها على أثر النكسة، بعدها استمرأنا الإنبطاح أمام الغرب وذراعه العسكرية في المنطقة، إسرائيل، توسلاً للعيش في سلام، إلا أن المكائد والمصائد كانت دائمًا أكبر من أن نستشعرها قبل أن نلمس نتائجها البائسة على الأمة من حدود بلاد الفيلة إلى شنقيط وتمبكتو. ثم جاءت الواقعة، الخذلان، ممثلاً في تحويل مسار ثورات الربيع العربي، التي انحنى أمامها العالم. إلا أن العالم المستنير سرعان ما قرأ مقولة أبي حنيفة النعمان المشهورة: "آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه" وفعّلها بعد أن أدرك أن رسالة الوليد الجديد جوفاء، فجعجتنا كثيرة وطحيننا لا يُرى.
لقد تغير العالم حولنا في العقود الثلاثة الماضية وسار إلى الأفضل، فسقط جدار برلين، ودخلت أوروبا الشرقية دنيا الحريات والديمقراطية، وبدأت أميركا اللاتينية خطى ثابتة نحو النمو والتطور والرفاهية، وتواصل آسيا نموًا مضطردًا، بينما لا نزال نحن أبناء يعرب نتمسح في ماضٍ لم يكن مشرقًا ولا مضيئًا، ونسير من هوان إلى ذل، ومن مساء إلى ليل دامس، ونختار طريقنا نحو العصور الوسطى اجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا، فاتحين لأنفسنا أبواب زنازينه.
وقع في الأيام الأخيرة حادثان لهما دلالات تستشرف المستقبل الدامس الذي ينتظر المنطقة. ففي معرة النعمان قام أفراد أحد فصائل الإسلام السياسي بقطع رأس تمثال أبي العلاء االمعري في إدلب بدعوى أنه كان زنديقًا. وفي مدينة المنيا، جنوبي القاهرة، قام ملثمون بكسر رأس تمثال عميد الأدب العربي، طه حسين، الذي أطلق صرخته الإصلاحية المستنيرة "التعليم كالماء والهواء" فتلقفها عبد الناصر الذي أخرج كل هؤلاء من الكهوف بمجانية التعليم. وتضاف إليهما واقعة أخرى، ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي قام أنصار الرئيس مرسي باعتلاء تمثال نهضة مصر، رمز أرض الكنانة، لأفضل ما أخرج طمي النيل من نحاتين في العصر الحديث، محمود مختار، إذ صعدوا إلى رأس الثمثال بالحبال، وكادوا يهشموه، في منظر تقشعر له الأرواح والأفئدة.
بين يدي دراسة جادة لمستعربة إسبانية عنوانها "ملحمة السيد: التكوين والتأليف العربي"- ستخرج إلى الضوء قريبًا في أبي ظبي، إن شاء إله التوحيد-، حول فرضية مثبتة معهديًا تحاول الإقناع بأن مؤلف أول ملحمة إسبانية كان عربيًا، ما جعلني أطلع على مصادر عن تاريخ الأندلس، خاصة مرحلة ممالك الطوائف، لأكتشف أن أوجه الشبه بين بارحتنا ويومنا وفيرة، إذ كان حكام الممالك الأندلسية يتآمرون على بعضهم مع ملوك الشمال المسيحي. لم يتورع ملوك الطوائف أن يلتحفوا صفات وأسماء تنم عن صلة وثيقة بالدين والبطولة مثل المظفر، الحاجب، الظافر، المنذر، المؤتمن، المستعين. وعليه يبدو للمتلقي أن خيانة بعضنا تشكل جزءًا من مُورّثاتنا.
هذا المناخ العربي الأندلسي حملني إلى لقطات استرجاعية، تعود لأيام الدراسة في مدريد، "مجريط" -العاصمة الأوروبية الوحيدة التي بناها العرب- إذ كانت رائحة القومية عبر أثير بعثي تُشتم في أمسيات ونقاشات المنتديات الجامعية والدوائر ذات الصلة بالعرب. وكان للعراق، بعد قيادته جبهة الرفض، شأن عظيم في الساحة الدولية، فنظم الطلاب والمهاجرون العرب مظاهرة في مدريد ضد معاهدة كامب ديفيد، وقامت الشرطة الإسبانية بالقبض على رؤس المظاهرة، فهدد السفير العراقي سنتئذ باغلاق السفارة والعودة إلى بغداد إن لم يُفرج عن الموقوفين، وكان له ما أراد. مثل هذه المواقف لها معنى لما كنا عليه وما آلت إليه الأمور الآن. ولا في المنام يتكرر مثل هذه المواقف اليوم!
ومن حطام تلك الفترة، بينما كنا نعتقد أن لا محالة من ركوبنا للحضارة رغم انكسار معاهدة كامب ديفيد وخروج مصر من السرب العربي، بقي لي صديق عراقي، استشعر، بذكائه الفطري، بعد الإنتهاء من دراسة الطب أن لا أمل في المنطقة فآثر البقاء، لكنه لم يتأسبن، وآثرت أنا العودة إلى أرض الكنانة من أجل الحفاظ على الهوية والبناء. التقينا وسط ركام وزحام الربيع العربي، فبينما كان هو لا يزال يحلم بولادة وطن عربي جديدة، يظلل دولاً مدنية تعمها الحرية والديمقراطية، نتيجة للثورات. رسمت له صورة واقعية بعد استنطاق الحقيقة، جراء ما آلت إليه الأمور في أرض الكنانة منذ "غزوة الصناديق" في مارس/آذار 2011. لكنه أصر على رسم صورة طوباوية جراء الغربة، فالغربة تجعل الوطن مثاليًا تحت تأثير الحنين. طال حديثنا واختلافنا في الرؤى. قبل أن نفترق تذكرنا أن أمنياتنا وحديثنا عن الوطن وهمومه ومستقبله لم يتغير منذ ثلاثة عقود، بل ازداد الوضع سوءًا، إذ فُككت هياكل العالم العربي الرئيسة: احتل العراق ودمر وفقد عشر سكانه والآن ينوء بشبح التقسيم، و"قُزمت" مصر، وها هي سورية تسير بخطى ثابتة نحو غياهب زنازين العصور الوسطى والتقسيم.
ضمن اللقطات الإسترجاعية الإسبانية وثب بعضها لعبد الوهاب البياتي بينما كان يعيش في مدريد خلال عقد الثمانيات، فذات مرة، بينما كانت الحرب العراقية الإيرانية تستعر في منتصف الثمانينات، وفي إحدى أمسياتنا في وسط مدريد -كان يتفادى الحديث عن تلك الحرب- بينما كانت تتطاير من شرقنا العربي أنباء فنانات تركن الفن وآثرن ركوب الموضة بارتداء الحجاب. مازحنى قائلاً: "فلانة أدركها الإسلام"، في إشارة إلى فنانة معروفة. واصلنا حديثنا حول تلك الظاهرة، لم يكن متفائلاً بالمستقبل، بينما أنا كنت على ثقة في مستقبل أكثر اشراقًا، فمد رجليه على طريقة أبي حنيفة مسلحًا برؤيا الشاعر وبصيرته وقال لي: "جيلك سيشهد تحول العرب إلى هنود حمر". ظلت جملة إدراك الإسلام للفنانات موضع مزاح بيننا لفترة. إلا أن الجملة التي لفتت نظري كانت الأخيرة، وكانت ظاهرة من يطلق عليهم الهنود الحمر موضع اهتمام لي.
بدت الفكرة مستهجنة، لكن المتابع لمسار تطور الأمريكتين منذ وصول الغزاة الأوروبيين، يدرك أوجه تشابه تجمعنا نحن آل يعرب مع السكان الأصليين للقارتين، أبرزها التمسك بماضٍ لن يعود، وما تبعه من فكر غيبي، والعودة إلى الخيام، بدلًا من الغابات، ورفض الإختلاط بالآخر ظاهريًا، وجعل جسد الأنثى موضع الشرف الذكوري. وبين هذا وذاك يقف ملبس النساء ومحيا الرجال نقطة فارقة جامعة بين الثقافتين، العرب وما يطلق عليهم الهنود الحمر.
أصر السكان الأصليون في الأمريكتين على الانزواء، دون الإختلاط بالغزاة واكتشاف أسباب هزيمتهم على يد الرجل الأبيض، رغبة في الحفاظ على الذات وما تعنيه من عادات وتقاليد وملابس مزركشة والتسلح بالطبرة. وهكذا أفسحوا الطريق أمام المستعمر إلى أن يأتي عليهم تقريبًا، إذ لامسوا الانقراض، ففي بحر قرن من الغزو الذي بدأه كولمبس في 1492م، قضت الحروب والأمراض التي جلبها الغزاة على حوالي عشرة ملايين من إجمالي ثلاثة عشر مليون نسمة.
المتابع لظاهرة الحجاب وخلفه، النقاب، يدرك أننا سائرون على الدرب نفسه، فمنذ أن حل الحجاب بأرض الكنانة ومعها الدول العربية، خارج دائرة شبه الجزيرة، جراء انكسار هزيمة يونيو/حزيران 1967 وهجرة العمالة إلى شبه الجزيرة على أثر الوفرة النفطية نيتجة لحرب 1973 وتسريح الجيش. ومن يومها لم نهتم بتسكين العلم والمعرفة مثل اهتمامنا بعزل المرأة داخل ملبسها بحثًا عن ماضٍ لم يكن ذهبيًا ولا سمته العدل. بالطبع هذا أمر فيه قدر من الحرية الشخصية، لكن المجتمع الذكوري هو الذي يجبر المرأة على الإختفاء حوله، بينما الفحشاء ترتكب والكذب يتسيد الساحة وسط الأفات الإجتماعية والأخلاقية المنتشرة في مجتمع بلا مؤسسات ولا قوانين رادعة تطبق جمعيًا دون تفرقة.
منذ سنوات زارني أصدقاء أجانب، وبينما كنت أبحث عن فضائية لأشاهد الأخبار وقع جهاز التحكم عن بعد على قناة عربية كانت تبث برنامجًا عن مسابقة شعرية، وكانت الشويعرة الفائزة تعيد إلقاء "قصيدتها" في حلة نقاب تام. استوقفهم المشهد، ولم يخرجوا من ذهولهم طوال البرنامج... فعمّ وعمّن أدافع وأشرح؟!
من لقطات الماضي تحضرني صور جماعية لطلاب دفعتي في كلية الألسن، في نهاية السبعينات، وكلنا، فتيات وفتيان، في صورة سمتها ملابس البنات القصيرة، وكان يتوسطنا زميل صار اليوم قطبًا من أقطاب السلفية في العالم، له مريدون أكثر من مؤيدي رئيس الجمهورية. لم يكن ليتلصص أحدنا على زميلاتنا، وكن ذوات جمال آخاذ. كان هناك شعور بأنهن أخوات. وفي السنة الأخيرة من الدراسة ارتدت الحجاب فتاة وحيدة فور خطبتها لشاب يعمل في أرض الحجاز، ويومها كانت حديث الكلية كلها ونعتوها بالفلاحة، أي الريفية!!!، ولم نكن نعلم معنى حجاب حتى تلك الواقعة.
اليهود أكثر تعصبًا لدينهم منا ومع هذا فقد ركبوا اقتصاد وسياسة العالم لتحقيق مآربهم، ولم يلفتوا نظر محيطهم في الشتات بطريقة فجة. المطلع على مطبوعات العالم، من صحف ومجلات، يدرك حجم الإهانات التي تُكال لنا بسبب ملبس المرأة وتشبثنا بجعلها بؤرة الشرف الجمعي، الذكوري، دون أن يكون هذا رادعًا قطعيًا للحيلولة دون وقوع الرذيلة.
اليوم انتشر الحجاب وأخذ النقاب ينتشر، وسيأتي اليوم الذي يُنظر فيه كثيرون إلى أن السافرة كائن من كوكب آخر. كل هذا والأرقام تؤكد إلى تفاقم ظاهرة التحرش بالفتيات في شوارع القاهرة فأصبحت الكنانة تحتيل مقدمة دول العالم في هذا الوباء اللاأخلاقي، وتفاقمت موبقات أخرى تحت هذا الستار، فقد ارتدته نسبة كبيرة اتقاءً لشرور إجتماعية زائفة.
التجارب الإنسانية متشابهة ومتجانسة، فما حدث لمن يطلق عليهم الهنود الحمر خطأً ومعهم الغجر في أوروبا خير مثال على تجربة الإنزواء، الغيتو، وهذا يعرفه علماء الإجتماع. والمتابع للمسارين يدرك إلى أين نسير. الهوة واسعة، بلاد حدود، بين ما نقوله وما نفعله، فالمتأمل لظاهرة التدين منذ أن بُذرت في مطلع السبعينات يدرك بون المسافة بين مظاهر التدين العمل بروح الدين. أخذنا القشور فحبسنا الذات في قمقم سينفجر بعد فترة لنساير العالم في إطلاق العنان للحريات والفردية.
انحدارنا نحو الهاوية يتزايد بخطوات أصبحنا لا ندركها، فمن يتابع تردي المنطقة منذ حرب 1973 وما أدت إليه من تخمة إستهلاكية جراء الوفرة النفطية وعنف باسم الدين، تحت مسميات مختلفة، يدعونا إلى التأمل للبحث عن مخرج جمعي، لمسايرة العالم والسير في ركب الحريات والديمقراطية ومدنية الدولة. الآن وقد أشرف الإسلام السياسي على التمكن من المنطقة، الخطى ستكون أسرع، وسنصبح كالمسيرين نحو طريق الهنود الحمر، لإرتداء قشور دينية، بعد أن اختصرنا الدين في الملبس والمحيا بينما استمرأنا الكذب والسفسطة.
من المنطق أن فشل فلسفة أو فكر يكمن في كينونته. النظرية سهلة، لكن التطبيق يفرز الغث من السمين، فكم من النظريات والأيديولوجيات فشلت عند التطبيق أو لعدم مسايرتها روح العصر أو لأنها لم تحمل الخير للإنسان. ولعل الشيوعية كانت آخر فكر إنساني فشل في أن تصيب نظريته، ولهذا انزوت. أما التشبث بماضٍ لم يكن ذهبيًا ولا خيرًا في مجمله فهو ضرب من ضروب الخيال. والإمعان في الفشل، العودة إلى العصور الوسطى بينما العالم يسير بخطى ثابتة نحو المستقبل.
رغم حالة الإحباط مما آلت إليه الأمور في عالمنا العربي فإننا في حالة صيرورة، حامل بكافة الإحتمالات، وكي تفهم الشعوب العربية وتفرق بين الدين والسياسة، كان ضروريًا أن يأخذ الإسلام السياسي دورًا على المسرح ليقدم ما في جعبته، سواء أكان خيرًا أم شرًا، فإن أصاب سيصيرًا جزءًا من النسيج السياسي الفاعل من أجل الوطن، وإن أخطأ فقد أخذ فرصة لن تتكرر، حينها ستفهم الأغلبية أن لا خلط بين الدين والسياسة، ويقتصر دور الدين على العلاقة بين الإنسان والخالق، ولا دخل لآخر في هذه المنظومة.
تعرية الغرب مستحبة ليستعصي عليه أخذ مجاذيف المنطقة مرة أخرى. فقد غازل حركات التحرر ثم دمر القومية بنكسة 1967، ما سمح له بوضع قدميه في شبه الجزيرة والعراق، ورسخ وضع إسرائيل، والآن عاد إلى الغواية بمغازلة الإسلام السياسي لمواصلة مشوار استئناس أنظمة المنطقة رغم شواربها وذكوريتها التليدة ولحاها الكثة ووجوهها العبوس. هذا المسار الجديد سيأخذ دورته، مثلما أخذت النظم الثورية والعسكرية دورتها إلى أن أدركت الشعوب ضرورة الطلاق فاشتعل فتيل "الربيع العربي".
تؤكد حوليات البشرية أن الحرية والحقوق لا تُهدى من السيد، حاكمًا أم رجلاً كان، طالما أن هناك عوز لمؤسسات تضبط العلاقة بين الحاكم والشعب ولا بين الرجل والمرأة. إننا نسير بخطى ثابتة، والغرب كعادته وراء أنظمتنا الجديدة والقديمة، نحو زنزانة العصور الوسطى التي تفضي إلى الإنقراض والتستر وراء ملابسنا وأقنعتنا السوداء ولحانا الغير مهندمة ووجوهنا العبوس، بعدنا كل البعد عما نصح به النبي، أرقى رجال العرب، وديننا، لنصبح فولكلورًا، فرجة للسياح في بلاد كانت لنا، بقايا الخيمة العربية بعد انهيار أعمدتها الرئيسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تشخيص جيد للواقع العربي، ولكن.....
ابو داود المحبوب ( 2013 / 2 / 22 - 09:00 )
اسمح لي يا سيد خالد أن أشكرك على هذا التشخيص الواقعي لما آلت اليه أوطاننا العزيزة، خاصة في العراق وسوريا ومصر وما بقي من فلسطين التاريخية. العين تدمع والقلب يبكي، فالعقول مغيبة، والقلوب متحجرة. انه حقاً زمن رديء.

كنت أتطلع إلى أن تكمل الصورة وتنطق بالسبب الرئيسي لهذا الوضع الكارثي، ولكنني خذلت تماماً. تحدثت عن الحجاب والنقاب واللحية والافتخار بالماضي الذي خدعونا بامجاده صغارا لتكتشف انه ما كان يوما، بل هو سلاح الفاشل وأصحاب عقدة النقص. وفي النهاية صدمت من كلامك الذي جاء كالصاعقة. فالامثلة التي جاءت في سياق مقالتك تقود إلى نتيجة واضحة بان سبب الكوارث عندنا ليس الاستعمار والصهيونية والماسونية فقط، بل منظومة الفكر الإسلامي ومن ورائها نبي الاسلام، ولكنك هدمت كل ما بنيت بمديحك لهذا النبي ولدينه، وكأني اقرأ لكاتبين وليس لشخص واحد


2 - صراع على الهوية الدينية للدولة
خالد سالم ( 2013 / 2 / 23 - 15:52 )
إذا اتفقنا على أن الدين جسر بين الإنسان والخالق، بعيدًا عن شكلياته اليومية، دون إكراه، فسوف نقوّم ونصوّب حياتنا التي وصلت إلى حالة تردٍ أكثر من أي شعوب أخرى. لا نزال نسيّر أمورنا على ما وضعه الرسول من تعاليم رغم مرور أربعة عشر قرنًا، وهذا ليس عيبًا في الدين، بل فينا. المشكلة تكمن فيمن يتمسكون بالشكليات، أدعياء وتجار الدين، الذين يتكاثرون كالجراثيم وسط مستنقع التخلف الذي تئن منه شعوبنا منذ سقوط بغداد في أيدي المغول عام 1256 وبعدها غرناطة في 1492. الحل لا يكمن في الهجوم على معتقدات الآخر ولا الإكراه في الدين هو الحل، بل في بناء مؤسسات تفضي إلى الحريات والديمقراطية والدولة الحديثة التي تخترع ولا تكتفي باستهلاكية فجة لما ينتجه الآخر. هل يعقل أن ينحصر الصراع على الهوية الدينية للدولة وليس على بناء مؤسسات الدولة في بلدان الربيع العربي؟!
لا غضاضة من وجود جانب روحاني في حياة الإنسان، إذا أراد، دون أن يُفرض عليه، فحرية البشر ضمن دولة مؤسسات مدنية ضرورة للخروج من المستنقع الذي سيؤدي إلى السقوط الأخير في الهاوية. تأمل في ظاهرة الدعاة، إذ أصبح لهم نقابة في مصر، بينما ليس للعلماء مؤسسة مماثلة.


3 - الضرب في الميت حرام!
مصطفى المرابط ( 2013 / 2 / 26 - 08:37 )
مقال رائع، أصاب كبد الحقيقة، لكنك كمن يؤذن في مالطة. لا فائدة في هذه الشعوب، فقد اختارت طريقها إلى العصور الوسطى، بل إلى كهوف أبدية، لأن العالم لن يجد فينا ما يمتع نظره به عندما نعود إلى الصحراء نضرب فيها خيامنا من أجل الحفاظ على الشرف ممثلاً في المرأة والحديث في الدين طوال اليوم دون أن ننتج. الهنود الحمر عندهم فنون بدائية يمكن للسياح أن يستمتعوا بعروضها، أما العرب فليس لدينا سوى التضليل والتآمر على بعضنا.
كلامك عن الخيمة العربية تصوير رائع، لم يخطر على بالي رغم أنني أمتهن الكلمة لكن بعيدًا عن الصحراء العربية . أعيش وسط الغرب -الكافر- الذي يعطي للفرد حريته، والدين خيار فردي، ولهذا تقدموا. أما نحن فنتمسك بالدين ونخفي المرأة وراء ستار، حجاب أو نقاب. كلنا نفاق.الكل يريد جنسًا، وعند الزواج يريد عذراء. الكل يبحث عن امرأة، لكنه يحبس امرأته وبناته وراء سور عظيم.
هل يُعقل أن يتآمر الجميع على مصر التي أنجبت عبد الناصر والعلماء للعرب، على تحويلها إلى قزم يستجدي منهم، في الشرق والغرب، قروضًا ليأكل شعبها خبزًا مدعومًا؟ الناس لا يأكلونولا يشربون دينًا.

اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان


.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و




.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان


.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن




.. نزوح من مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان