الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض العلمانية ودعونا نعيش

سلمان محمد شناوة

2013 / 2 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعض العلمانية .. ودعونا نعيش ...
حتى نحفظ البلاد ...
ويتعايش العباد ...

كيف نجعل الإسلام ...
اقل تطرفا ...
وكيف نخلق التسامح في المجتمع ....
العراق نموذجا ....

العراق مجتمع إسلامي تقليدي وينقسم إلى فرقتين كبيرتين وهما السنة والشيعة , وعبر التاريخ العلاقة بين السنة والشيعة مضطربة وقلقة جدا , واحدهما لا يعترف بالأخر كشريك حقيقي في الحياة والحكم ,لا بل ظل احدهما يكفر الأخر لقرون طويلة ,فا احدهما يسمي الأول رافضي والأخر يسميه ناصبي , وهي صفات ونعوت سببها التبادل الطويل من العداء والكراهية , حتى ترسخ في وجدان الشيعة إن اللعن والكراهية هذه توجب الدخول إلى الجنة بلعن أعداء إل محمد , وأعداء إل محمد ليس هم اليهود والنصارى أو الكفار , أعداء إل محمد هم المسلمين والمقربين يوما ما من النبي محمد , أبو بكر وعمر وعثمان وكل إل أمية وكل إل العباس , وكل من يستولى على الحكم ولا يسلمه إلى الإمام الشرعي ...

إما السنة اخذوا يكفرون الشيعة ويلعنون من يسب الصحابة ودخل في وجدان السني إن الدفاع عن صحابة الرسول وقتال وتكفير أعداءهم يوجب الدخول للجنة , وهم أيضا ليسوا اليهود ولا النصارى ولا الكفار , لدرجة إن يقول احدهم إن اليهود والنصارى يمكن هدايتهم إما الشيعة لا يمكن هدايتهم فهم العن وأظل من الكفار واليهود والنصارى , لذلك وجدنا من يفتي بقتلهم بفتاوى غريبة .....

ولمدة 14 قرنا , كانت السلطة بيد السنة سوى فترات محدودة من التاريخ , وحتى بعد تأسيس الدولة الحديثة في العراق سنة 1921 سيطر السنة على حكم العراق .... والحقيقة انه لولا الدولة العلمانية الحديثة , لما مرت على العراق فترة ذهبية من التسامح بين هاتين الفرقتين ..حيث وجدنا هذا التعايش الرائع بين السنة والشيعة , ولكن هذا التعايش أيضا ظل منقوصا , لان الكتلة الأكبر وهم الشيعة ظلوا يشعرون بمظلومية وسببها الحقيقي هو الشريك الأخر , والذي لا يقبل إن يشاركه الحكم أبدا , وسببه ايضا سلبية المرجعية الشيعية والتي وصلت إلى نقطة أفتت بها إلى وجوب التقية , والتقية هي أسلوب حياة يتجه نحو السلبية , بحيث يتم مقاطعة الدولة بكل صورة , وهي كذلك لا تقوم بالانتفاض أو الثورة عليها , بحجة إن شئون الحكم هي من الاختصاصات الإمام ولان الإمام غائب , فلا يجوز لا احد إن يثور ويستلم الحكم حتى ظهوره , وهم كذلك عطلوا صلاة الجمعة بحجة إن الشخص الوحيد الذي يحق له إمامة الناس في صلاة الجمعة الجامعة هو الإمام الغائب ....

ولكن بعد سقوط النظام بعد 2003 وجدنا إن العنف تسيد في المجتمع العراق وخصوصا في سنة 2006 حين تم تدمير القبة العسكرية في سامراء ...
هذا العداء التقليدي ولد على الساحة العراقية مليشيات ومقاتلين يتبعون بالضرورة أي من الطرفيين , فالقاعدة ترفع راية العودة للسلف الصالح وصحابة الرسول , وان كانت القاعدة برزت وقويت وكانت معظم صولتها وغزواتها في افغانسان وباكستان وعدوها الرئيسي أمريكا , إلا أنها حين فرخت مقاتليها في العراق , كان عدوهم الرئيسي بعد أمريكا هم الشيعة , ولو عملنا إحصائية بعدد من قتل من المدنيين سنوات القتال الطائفي في السنوات منذ 2003 لغاية اليوم لوجدنا العدد الأكبر من الشيعة ....
كذلك هذا الشعور الطائفي ولد من الجانب الأخر جيش الإمام , وكانت مهمتهم الأولى الدفاع عن الشيعة , ووصل القتال الطائفي على أشده في عام 2006 انه حين يقتل عدد معين من الشيعة يبادر فورا إلى قتل نفس العدد من السنة , والهدف هو المعاملة بالمثل , وربما هذا سبب من الأسباب التي أدت إلى لجم شهوة القاعدة بالقتل , وجعل عملياتها القتالية تجاه الشيعة تتراجع ...

وتحول المجتمع إلى كيانين يتعايشان بصعوبة , وسوء الظن هو الذي يتمثل في العقول والنفوس حين نتكلم عن إي حوار أو علاقة , واكبر مثال نوري المالكي والذي يمثل الشيعة بصورة ما , وأسامة النجيفي الذي يمثل السنة بصورة ما ..حيث وصل الحديث بينهما وصل إلى طريق مسدود تقريبا , ولا يوجد إي مساحة للحوار ..
ومظاهرات الانبار اكبر مثال على ذلك ...
وبصورة سيئة جدا هذه المظاهرات لم تتحول إلى مطالب حقيقية يراد تنفيذها ..ولكنها تحولات الى خطابات طائفية قسمت البلد إلى قسمين لا يلتقيان أبدا ..فكلما قالوا في المظاهرات كلمة أو رفع شعار في الجانب السني ...ردت المنطقة الجنوبية ما يناقضها وردت بقول ورفعت شعار هي أيضا , لدرجة إذا سئل أي مواطن من الجنوب , يقول إن مطالب أهل الانبار هي العودة بنا إلى السجون والمقابر الجماعية , إلا ترى إن مطالبهم لا تتوقف ويصعد سقفها كثيرا لدرجة أنهم ألان يريدون إسقاط الدستور وإسقاط الحكومة ... وأصبحت الحالة الشيعة مقابل الحالة السنية .... ومظلومية الشيعة مقابل مظلومية السنة ... فهل هذا البلد الذي نريد ... وكيف نخفف من حدة التوتر ونبدأ صفحات الحوار وفي العقول ما بها , وفي النفوس ما بها ....

ربما نحتاج إلى بعض العلمانية حتى نجعل المجتمع اقل تطرفا ...
وهذا حقيقي , لان في مناقشة مع بعض الأصحاب قلنا , إن الإسلام ما وجد له مناخ خصب مثل المناخ العلماني في أوربا وأمريكا , ولولا هذه العلمانية , والتي تدافع وتحافظ عن الحرية الدينية وحرية المعتقد , لما استطاع المسلمون في أوروبا وأمريكا إن يكون لهم هذا الوجود , بحيث انه في كل الانتخابات سواء الفرنسية أو الألمانية أو الأمريكية , وجدا هؤلاء المرشحون يتوددون للمسلمين , وأصبح للمسلمين لوبي خاص بهم , يستطيعون من خلاله فرض شروطهم على هذا المرشح أو ذاك ...
هناك شعور طاغي بالرعب حين نتطرق للوضع في العراق , كأنه يتجه للتقسيم , حيث أصبح العيش شبه مستحيل بين أطراف المجتمع الثلاث , الشيعة والسنة والأكراد , وان كان التعايش مع الأكراد اقل عنفا , والصراع معهم أكثر عقلانية , ويعتبر الأكراد في هذا الوضع وكأنهم بيضة القبان , إلا إن الصراع اخذ إبعادا غير طبيعية ربما تدفع الأكراد إلى المطالبة بالاستقلال, وإذا أدركنا إن هذا هو هدفهم منذ زمن طويل , إلا إن طبيعة المنطقة كانت تمنعهم من ذلك , فلا الدولة في إيران أو تركيا أو سوريا ترضى إن يكون للأكراد دولة مستقلة , ولا الدول الكبيرة تشعر انه حان الوقت لوجود دولة كردية ... إلا انه أحيانا الأمر الواقع إذا قامت دولة يفرض حسابات مختلفة ...
نحن نشعر بالرعب حقا , لان خطاب بعض الشخصيات السنية المتنفذة في المنطقة الغربية اخذ يتعالى بالعداء للحكومة المركزية كون الحكومة المركزية بها أكثرية شيعية , لدرجة طالب بعض شيوخ الانبار بطرد كل موظف شيعي لديهم , او قتلهم إن بقوا في محافظة الانبار , بل أخذت الأصوات تتعالي بإلغاء الدستور وإلغاء وإسقاط الحكومة بأي طريقة كانت ولو بانقلاب دموي , بل إن بعض الأصوات الخافتة الغائبة منذ زمن طويل مثل عزت الدوري والذي يعتقد انه في قطر أو إحدى دول الجوار طالب بالزحف إلى بغداد وتغير الحكومة ...
نحن نثق تماما إن الحكومة في بغداد لديها الكثير من الأخطاء الصعبة والمحيرة و ولكن هناك خطوط حمراء نرفض ويرفض معي كل أبناء الشعب العراقي يتجاوزها ...
الدستور خط احمر , لان الدستور خرج كل العراقيون في صبيحة يوم من ايام سنة 2005 وصوتوا عليه بأنه الحافظ الوحيد والضامن الوحيد لحالة التوافق والمسالمة بين أطراف الشعب العراقي , ويحفظ الحد الادني من حقوق المواطن العراقي , ولا أتصور ولا يتصور معي أي احد إن الشعب العراقي يستطيع إن يجلس مرة أخرى ويتفق على بنود دستور تكون بها الحدود الدنيا للحقوق كل مكونات هذا الشعب , إن من يريد إن يلغي الدستور يريد بطريقة أو بأخرى القضاء على الأخر , والقضاء على كل فرصه في الحياة بظل تعايش مشترك ...
تغير الحكومة بغير الطرق التي اخبر بها الدستور ايضا خط احمر , ولا نتجاوزه , وبدون صناديق الاقتراع لن نرضى أبدا إن يتم تغير الحكومة , يستطيع الشعب إن يذهب إلى صندوق الاقتراع ويختار من يشاء من يمثله في البرلمان وفي البرلمان يتم اختيار رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان , وهناك توافق أصبح عرفا شبه دستوري حول الشخصيات التي تحتل هذه المواقع ....
شي من العلمانية حتى نحفظ هذا البلد, وربما إن الأسلوب العلماني هو الوحيد الذي يحفظ المعتقد , ونحن في العراق المعتقد عندنا له الولاء الأول والأخير , ويتراجع إمامه , كل ولاء , حتى الولاء للوطن ...
فرفقا بالعراق ودعونا نتعلم كيف نتعايش , ونسمح لابناءنا إن يكونوا تحت مظلة وطن واحد يؤمن بحياتهم ولا يؤمن بموتهم طريقا وعنواناً له ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو


.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا




.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس


.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت