الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا احمد القبانجي ؟ !!!

سلمان محمد شناوة

2013 / 2 / 25
المجتمع المدني


لماذا احمد القبانجي ؟!!

تم اعتقال السيد احمد القبانجي في إيران , مع إن السلطات الإيرانية لم تؤكد ذلك ,إلا إن عائلة السيد القبانجي أكدت ذلك بقوة , ولا يعرف السبب الذي تم اعتقاله بشأنه ,إلا إن هناك آراء كثيرة تشير إلى أن اعتقاله جاء على خلفية آرائه المثيرة للجدل حول فهم جديد للدين ونظرة جديدة لكل التراث الإسلامي.

تحركت الهيئات المدنية ودعت إلى وقفة احتجاج أمام السفارة الإيرانية في بغداد تطالب السلطات الإيرانية بالإفراج عن السيد القبانجي , السفير الإيراني اقفل هاتفه , وهو المقرب من الأوساط الشيعية والذي يتواجد في كل مناسبة شيعية , إلا انه ألان تورى خجلا أو ادعاء عدم معرفة بالموضع ...

فلماذا هذا التحرك من أوساط هي ليبرالية ويسارية ومنظمات مجتمع مدني لإطلاق شخصية معممة , حوزوية إسلامية بالدرجة الأولى , مع ان هذه الشخصيات لا تتحرك بالعادة لتقف مع شخصية معممة ...
يقال إن السيد احمد القبانجي , شخصية معممة ولكنه مثله مثل السيد جمال الدين يحتفظ بحلة رجال الدين لأنه من عائلة دينية بالدرجة الأولى , ولأنه بدا بداية عنيفة كأي رجل دين , له مواقف حادة تجاه الحركات الليبرالية والتحررية في البلاد , لا بل إن المتتبع سيرة حياته , يجده مثال لأي شخصية دينية تقليدية , تعادي الحركات التحررية والليبرالية والديمقراطية , وكل ما يأتي من الغرب متمسكا بالتراث الإسلامي فكرا وعملا وحضارة ...
بل إن هناك من الكتاب من يحسد السيد القبانجي على التحرك المدني للوقوف مع قضيته , ويثيرون الأسئلة , مثلما أثيرها انأ ألان , لماذا احمد القبانجي ؟!!!
هناك أسئلة كثيرة تثار حين التحدث عن السيد احمد القبانجي , تثور لطبيعة العلاقة المعقدة بين احمد القبانجي والمؤسسة الدينية برمتها ؟
شخصيته , وثقافته , والبيئة التي عاش بها , وحارب من اجلها , وكيف وصل إلى ما وصل إليه , من كونه مفكر اخذ يعادي الكثير من الثوابت الإسلامية , ويحلل ويفكر ويصل إلى نتائج بعيدة كل البعد عن الاتجاه الإسلامي التقليدي .

كانت ثورة 1979 الثورة الإسلامية في إيران هي المعجزة في نظر "أحمد القبانجي" الجنة الموعودة، أو "حلم الأنبياء" كما وصفها محمد باقر الصدر، بل إن الجمهورية الفاضلة من أفلاطون وحكم الملك الفيلسوف بقيت سجينة في الكتب قبل أن تتجسد في الواقع في جمهورية الخميني الإسلامية وحكم الولي الفقيه.

إلا إن الصدمة الأولى لأفكار احمد القباني كانت في حالة التصادم الأولى بين الخميني وأبو الحسن بني الصدر ذو التوجهات الليبرالية , وأدت إلى إسقاط بني صدر يومها , وأدت إلى ثورة غضب من حسين الخميني حفيد أية الخميني , والتي صدمت بدورها احمد القبانجي والذي كان مؤيد لأية الله الخميني , صدمته هذه الثورة من حفيد الإمام , والذي وصف جده يومها حين قال " لقد انحرف جدي عن الإسلام " وقال السيد احمد " بقوله " إن كل ما درستاه في الحوزة عن الإسلام يمثله الخميني : بكلماته وأفعاله وزهده، فإذا كان خاطئا، فبالضرورة يكون الإسلام الذي درستاه على خطأ أيضا".
فهل كان الإسلام خاطئا , أم إن الإسلام الذي يُدرس هو الخاطئ , أم الطريقة التي يُدرس بها هي الخاطئة ... كثير من الأسئلة وكثير من الحيرة تولد في صدر احمد القباني .. وصدمة تلو صدمة تؤدي بالإنسان بالتوجه إلى طريق أخر هو ليس بالضرورة الطريق الذي أرتاه وسار به ...
ربما كانت الصدم الثانية حين تولى محمد خاتمي الرئاسة ويصبح الرئيس الخامس في إيران , خاتمي ذو التوجهات الليبرالية , والمعادي لخط المحافظين والذين لم يتركوا له أي مجال لتحقيق الإصلاحات التي نادى بها , منذ تلك اللحظة أصبح احمد القباني شخصية أخرى , نظرا للطريق الطويل من السؤال والتفكير بماذا كان وماذا يجب إن يكون , واختار الطريق الليبرالي , ليكون مثال للشخصية الإسلامية الليبرالية بنفس الوقت .

ولكن السؤال يثار وبقوة هل في الإسلام يوجد حالة ليبرالية , أليس الليبرالية بحالتها الغربية والتي ولدت بها وتكونت , حالة غربية صرفة , لا مكان لها في العالم الإسلامي , أليست الليبرالية تعادي كل توجه إسلامي , والذي يتمثل بالعالمية والتوجه ألأممي , بينما الليبرالية يتمثل بالفردية والاستقلالية ....
ربما لهذا السبب اخذ منه التيار المحافظ في إيران والعراق موقف معادي , وربما لهذا السبب , كان هذا التيار ورموزه ,’ قد وضع السيد احمد القبانجي تحت منظار المراقبة الشديدة تحسبا لما يطراء منه من زلة لسان تسبب له الغياب خلف جدران السجن ... وهذا ما كان حين تم إلقاء القبض عليه في إيران ...

إشكاليات السيد احمد القبانجي كثيرة , ويتوقف عندها الإنسان , من إشكالية نقد القران , إلى تكذيب الوحي , إلى إنكار صفة الإعجاز عن القران , إلى نقد خاتمية النبوية , إلى البحث عن علاقة مريحة بين الدين والدولة والسياسة والمواطن , كثيرة هي إشكاليات السيد احمد القبانجي , لدرجة وصف مواقفه بالمثيرة والجريئة , ووصف آخرين لمواقفه بأنها باتت منحرفة عن الإسلام , حتى قيل إن بعض أفراد من عائلته تبرأت منه ...

يقول القبانجي "ما زلت مع جوهر الثورة وحلمها، لكن الجمهورية الإسلامية فشلت في تحقيق حلم الثورة ورسالتها، وهي تقدم الآن إسلاما فارغ المحتوى، فهي لم تحدث تغييرا في روح الإنسان بل انساقت مع قشور وركزت على القضايا الشكلية مثل الحجاب، اللحى، منع الخمور، أما جوهر الإنسان فقد انسحق في خضم الصراع على السلطة وتنامي الاستبداد".

فهل فشلت الجمهورية الإسلامية في تحقيق الحلم , أم كانت أحلام احمد القبنانجي أعلى من سقف التوقعات , أحلام لا تستطيع الثورة في إيران إن تحققها أو تحقق جزء منها ...

ربما كانت المشكلة إن الإسلام كنظرية جميلة جدا , ولكن حين تصطدم النظرية بغول التطبيق تتحول إلى شي أخر , إلا نرى إن كل ما ندعو له من الحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية , تكون صدمتها على ارض الواقع , بضرورة الأمن , والسيادة العليا للدولة والتي تجيز إباحة المحظورات أمام الأخطار العليا للدولة , وتكون صدمتها أيضا , من إن الحفاظ على الأمن أولى من المحافظة على حقوق الإنسان الفردية , وبالتالي تجيز الأحكام العرفية , وتجيز الإيقاف بدون محاكمة وتجيز كذلك استباحت حرمة الإنسان وحريته ... إلا تسير الدولة بهذه الحالة إلى الاستبداد للمحافظة على نفسها , وهي في سيرها هذا تسير على نفس خطوات الاستبداد والتي سارت بها تلك الدول والتي طال الخطاب في مهاجمتها وجعلها هي الشيطان الأكبر ...

كان هناك صراع في رحم الثورة مثلها مثل أي ثورة في العالم , وكم من ثورة أكلت أبناءها , وكم من ثورة تشظت بأكثر من اتجاه , الثورات تسير بأفكار أصحابها , وأصحابها وان اتفقوا قبل قيام الثورة , إلا أنهم يجب إن يختلفوا بعد قيام الثورة وتؤتي الثورة أكلها , واكلها هذا أو حصادها هذا لا بد إن يغري احد الإطراف بالاستحواذ عليها , انه النفوذ والمال والسلطة الذي لا بد قادم مع انتصار الثورة , وانه الانفراد بالسلطة ..كل ثورات العالم سارت على نفس الطريق ...

في الثورة الإيرانية كان هناك صراع رهيب نثر بذوره في رحم الثورة ونما معها , وتحول إلى صراع بين محافظين وإصلاحيين , وقدر احمد القباني انه سيكون احد هؤلاء الاصطلاحيون ...

يقول "الحكومة الدينية ليست هي الحكومة المثالية، كما كان قادة الإسلام السياسي يتصورون، وأنها تحقق جنة الأرض وتحول الناس إلى ملائكة بحيث لا نعود بحاجة إلى الشرطة، هذا تصور يوتوبي، بل هي مثل مثيلاتها من الحكومات الأخرى بكل ما تنطوي عليه من نقائص ومظاهر ضعف و فساد".

يقول "لقد أصبحت قريبا من الفكر الليبرالي الغربي، ولا أراه معاديا للإسلام بل هو جوهر الإسلام، الدولة الديمقراطية الغربية هي دولة القيم التي أرادها الله للإنسان".

بالنسبة لي تعرفت على فكر احمد القبانجي من خلال قراءات الترجمات لفكر عبد الكريم سروش والذي قام احمد القبانجي بترجمة مؤلفاته إلى اللغة العربية , ويعتبر عبد الكريم سروش إصلاحي له أفكار لا تتفق بالضرورة مع توجهات التيار المحافظ في إيران .

يقول احدهم إن المفارقة الغريبة إني لم أجد أي تحرك من جانب رجال الدين لإطلاق سراح السيد احمد القبانجي , مع انه يعتبر رجل دين معمم , وبالجانب الأخر و وجدت الكثير من الليبراليين دعوا إلى وقفات احتجاج إمام السفارة الإيرانية لإطلاق سراح الرجل , وكأنها مفارقة لا يفهمها إلا من عرف شخصية السيد احمد وقوة حجته ومنطقة في الدفاع عن الإسلام الليبرالي , ومع إن هذه الكلمة تثير حنق الكثير من رجال الدين , فلا يتصور احدهم أبدا إن الإسلام ربما يكون ليبرالي يوما ما ...

البعض يرى في السيد احمد حالة مضطربة متذبذبة حيث يصفه احدهم " كانت أفكاره غائرة إلى الأرض من جهة و ترتفع إلى تسقيط المقدسات المتسلم على تقدسيها من جهة أخرى لم يكن دهريا ملحدا ، على وجه واضح بل متخبطا بين الزى الحوزوي الإسلامي ، و التعلق الديني بالأفكار الغريبة عن الدين من جانب و من جانب أخر ليبراليا علمانيا مزدوج الفهم و التعاطي يجمع بين المتناقضات في بوتقة واحدة مثقوبة من القلب..

هل يمثل السيد احمد ظاهرة يمكن إن ندافع عنها , ظاهرة فكر ولدت داخل البيئة الخصبة لما هو متشدد ومتطرف أحيانا , أو لما فيه من خرافات تساعد على ولادة أفكار غريبة , تتحول عبر الزمن إلى مقدسات لا يمكن المساس بها , وهذه النتيجة لاحظتها بشدة , حين يتعلق الشخص بالدين ويبحث به لدرجة , نجده وقد انحرف برأينا أو رأي غيرنا عن مسلك ومقدسات الدين , واتجه اتجاه أخر غريب وبعيد كل البعد عن التوجهات الإسلامية , دائما كنت أتساءل لماذا هؤلاء المتعمقون بالديانات والروحانيات يصلون إلى نتائج غريبة , تصل إلى درجة الهلوسة والجنون ومخاطبة الجن أو الملائكة , أو الآتيات بشي جديد بعيد عن المتعارف عليه إسلاميا ...السلام حالة وسيطة ولكن التعمق فيه يؤدي دائما إلى نتائج عكسية ..فهل أصيب السيد احمد بانتكاسة بعد امتد به الطريق وتخلى عن الإسلام المحافظ ويمينية الإسلام متجها بداية إلى إن يكون إسلاميا يساريا , ثم امتد به الطريق الى نقد كل الثوابت التي قام عليها الإسلام ...

أم يعتبر السيد احمد يجمع كل المتناقضات إلى درجة إن يدافع عنه الليبراليون والمستقلون , وتهاجمه لا بل تطالب بعض الأحزاب الإسلامية في محاكمته وإعدامه ...

ويبقى السيد احمد حالة تثير الجدال , ولكن المؤكد إن تحرك المنظمات المدنية والاجتماعية واليسارية للدفاع عنه , صورة جميلة للدفاع عن الحريات في المجتمع , فكلنا بصورة ما إنسان مفكر , ويقال انا أفكر إذا إنا موجود , الدفاع عن فكر ما هو في الحقيقة الدفاع عن الحرية والإنسانية في أجمل صفاتها وهو الفكر ...
الحديث عن احمد القبانجي طويل ومتشعب ولنا وقفات أخرى معه , ولكننا دعونا نتحد لإطلاق سراحه , لان إطلاق سراحه هو انتصار للحرية بكل صورها .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية عطرة سيدي
Jugurtha bedjaoui ( 2013 / 2 / 25 - 23:09 )
تحية عطرة سيدي وقد كنت محقا في كل ما قلته عن الرجل العظيم المفكر التنويري السيد أحمد القبانجي ولهاد السبب اضم صوتي لصوتك ومعنا كل احرار العالم من اجل إطلاق سراحه تحياتي


2 - نضم صوتنا لصوتك.
أحمد حسن البغدادي ( 2013 / 2 / 26 - 01:55 )
تحية ً وإحتراما أستاذ سلمان محمد شناوة.

إننا نقف اليوم إجلالا ً للمفكر أحمد القبانجي، نقف دفاعا ً عن حرية الرأي والفكر والعقيدة، وهي أهم مباديء حقوق الأنسان وأهم مبدأ من مباديء الديمقراطية ،

إنني أؤيدك تماما ً حين تقول( دعونا نتحد لإطلاق سراحه , لان إطلاق سراحه هو انتصار للحرية بكل صورها )

تحياتي...

اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تسيطرعلى معبر رفح الفلسطيني .. -وين ترو


.. متضامنون مع فلسطين يتظاهرون دعما لغزة في الدنمارك




.. واشنطن طالبت السلطة الفلسطينية بالعدول عن الانضمام للأمم الم


.. أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين في ولاية القضارف شرقي




.. عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تطالب بوقف العمليات في رفح