الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية ولعبة الشطرنج .

ناهده محمد علي

2013 / 2 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا أذكر في المجتمع العراقي أنه بنى إقتصاده على أساس طائفي ولا علاقاته الإجتماعية أو قيمه وأعرافه , فقد كانت شوارع العراق مسكونة من قِبل الشيعي والسني والمسلم والمسيحي والصابئي يأكلون خبز بعضهم بعض ويتزاوجون ويحبون كل ما يخص بعضهم البعض , وهذا يشمل أعرافهم ومشايخهم وأئمتهم , وحقيقة ما المانع في هذا إذا كان ( إلاهنا وإلاهكم واحد ) وكل ما عداه أمر يسير , ولِمَ إذاً الطائفية ! .
الطائفية كما أرى هي مصالح سياسية لذوي الجباه الضيقة , فهذا يرى مصلحته في الجزء المجاور له وذاك يرى العكس , وإذا ما كثر هؤلاء في هذا الجزء أو ذاك فأغلب الظن أنهم سيزعزعون ( كرسي الملك ) وهذا ظنهم لذا فهم يعملون على أساس هذا الظن وينفذون ما يجب فعله ومباح في هذا كل الوسائل , والهدف من هذا كله هو الحفاظ على نقطة صغيرة واحدة قد يرونها شاسعة تمتد الى ما لا نهاية وهي الحفاظ على ( البقاء والسلطة ) , ويحللون في هذا ما حرمته كل الشرائع السماوية ألا وهو القتل ولا عجب إذا أصبح الدين الإسلامي في المجتمعات الغربية مقترناً بمجرد لثام وصرخة ( الله وأكبر ) لسفك دماء بريئة وليست لنصرة الحق .
إن التشوه الديني يجري الآن في وريد الكثير من المسلمين , ليصبح الغضب لنصرة المظلوم منقلباً الى الغضب لنصرة المواقع السلطوية , وللأسف يُستخدم الأبرياء كجنود في ( لعبة الشطرنج ) هذه فتتدافع الشرائح المعنية للتصادم مع بعضها ويصبح هذا الأسلوب الخفي والغير منطقي هو الوسيلة لتحقيق الأهداف .
إن إستخدام رقاب الناس للضغط من الشرق الى الغرب ومن الغرب الى الشرق قد أسال الكثير من الدماء البريئة والتي ليس لديها أية مصلحة حقيقية في هذا كله , ومصلحة الفرد العراقي في خبزه اليومي وفي إحساسه بالطمأنينة لنفسه ولإطفاله وفي رؤيته لبلده منعماً كريماً ومعطاءاً يزدهر فيه نخيله الباسق ولا تُقطع رؤوسه ليُحرق في المعارك اليومية , وليعود الهواء كما كان نظيفاً وعليلاً تشم فيه رائحة القداح والياسمين وليس رائحة البارود ودخان المحارق .
لا مانع لدعاة الطائفية أن تغرق اللعبة كلها ليبقى الملك وحده ولا أهمية للجميع فقط أن لا يُقال ( كش ملك ) .
لم يعد الإنسان العربي ساذجاً وإن أراد , لأن العولمة في الإعلام قد علمته ما لا يعلم , وأعجب لمَ لا يُدرك المساهمون في هذه اللعبة أن الثمن سيكون دماؤهم ايضاً ولن يكون هناك من رابح إلا ( الملك ) وهو من سيضحك أخيراً , ولن يهمه الإمام الفلاني أو العلاني , لكنه يجب أن يبقى لتحقيق التخلف العربي المنتظر , ولم أخطأ في الكلمة لأن التطور العربي المنتظر لن يأتي من الشوارع المظلمة والبيوت الخالية من النور , ولا من المصانع أو المزارع الميته بدون الطاقة , ولن يكون هناك تفوق تعليمي أو علمي بدون هذه الطاقة , كما أنه لن يكون هناك قيَّم جديدة وبديلة عن القيّم القديمة بدون قاعدة مادية جديدة تقام على أساس علمي وشريف , وأقول شريف أي بدون لصوصية تسحب الموارد قبل وصولها الى هذه القاعدة المادية , وإن بقي الحال على ما هو عليه فسيعود العراق والكثير من الدول العربية الى مرحلة القرون الوسطى , وقد لا يحصل حتى هذا إذ أن للقرون الوسطى قيمها النبيلة التي إندثرت .
إذاً فالطائفية وسيلة وليست غاية , كما كانت قنبلة هيروشيما وسيلة وليست غاية , وكانت لأجل إنهاء الحرب العالمية , ولكن الفارق هو أن هذه الوسيلة في بلادنا وبيئتنا والتي تعتمد على قيمة ( الثأر ) العربي العريق لن تنهي هذه الحرب بل ستؤجج الغضب لسنوات وسنوات وستحقق القول العربي وبالمقلوب ( زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة