الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن مجازر الأتراك و الأكراد بحق السريان

هديل بشار كوكي

2013 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قرأت اليوم عن المجازر التي ارتكبت بحق السريان في جنوب تركيا ((سوريا الشمالية سابقا))
لا مراجع ولا كتب و لا معلومات كثيرة متوفرة عن هذه الأحداث لا باللغة العربية و لا الانكليزية أستغرب كيف لم تحتلّ هذه الأحداث أية أهمية داخل الثقافة العربية أو داخل كتب التاريخ المدرسية التي قرأناها في بلد كسوريا مثلاً يدّعي نظامه العلمانية و يفتخر مسيحيوه بأن رئيسه تربى على يد راهبات صيدنايا .
على حدّ علمي لا أثر لها في برامج تعليمنا ولا حتى في جامعاتنا أو معاهدنا العليا . لو كانت المسألة تتعلق ببعض المشاغبات أو الاعتداءات البسيطة على هذا الطرف أو ذاك لهان الأمر . ولكنها تتعلق نصف مليون سرياني وكلداني اضافة الى المليون و نصف أرمني ضحايا السوقيات ومع ذلك فلا أثر لها تقريبا في تاريخنا أو في ثقافتنا . كيف يمكن لمجازر كهذه أن تمحى و تنسى و تكون مجهولة حتى من أبناء المنطقة ..
هذا هو الشيء المقلق ان لم يكن أكثر اقلاقاً حتى و خطورة من المجازر ذاتها !

هذا مقطع رائع للكاتبة هنريت عبودي من كتابها عما حصل حينها ... كتاب “وداعاً ماردين” الذي يحكي عن المذابح التي ارتكبت ضد السريان في تلك المنطقة” من

قبل الأكراد و العثمانيين .

لأمها : إلى أمي
وإلى جميع الذين عانوا، ومن ثم سامحوا.
كانت أمي إذا ما استذوقت حبة عنب سارعت إلى القول: “يبقى عنب ماردين أحلى وأزكى”.
وكانت إذا ما أكلت قطعة من الجبن الشهي عقّبت على الفور: “لا شيء يمكن أن يضاهي جبن ماردين نكهة”.
وكانت إذا ما أعدّت لنا شواءً، يسيل اللعاب لما يفوح منه من الروائح، ضحكت من إقبالنا النهِم عليه وقالت: “ماذا كنتم ستفعلون لو قدمت لكم طبقاً من قليّة ماردين؟ كنتم ستلتهمون اللحم والطبق معاً”.
حتى قمر حلب – ويعلم الله كم هو جميل قمر حلب في لياليها الصيفية – ما كان ينال كامل رضاها: فأين هو من “قمراية” ماردين؟ ذلك أنها ثابرت على التكلم بلهجة ماردين مع أنها غادرتها وهي طفلة.
وما من مرة أتت فيها بذكر مدينتها، التي تتفوق على سواها بمناخها وبساتينها، بأهلها وعاداتها، بطعامها وسهراتها، إلا وكنت أمازحها قائلة: حتى لو بقي من عمري يوم فسأذهب لزيارة ماردينك هذه.
عندما كنت أتعمد تكرار هذه العبارة كانت أمي لا تزال على قيد الحياة وكنت أنا لا أزال في مقتبل العمر. عمر كان يبدو لي مديداً، مطاطاً، له نهاية ولا شك، ولكن بعيدة… ومضت السنوات، وشسعت المسافات الفاصلة بيني وبين مدينة أمي، وتضاءلت، إلى حد التلاشي، فرص زيارتها. ولكن بقي العهد الذي قطعته على نفسي يلازمني ويلّح عليّ بالتنفيذ. فعزمت على النهوض بتلك الرحلة، بتلك العودة إلى ينابيعي الأولى، ولكن بالوسيلة الوحيدة المتاحة لي: أعني المخّيلة، فانكببت على كتابة هذه الرواية.
ثمة اعتبار آخر دفعني إلى محاولة إعادة إحياء أجواء وأحداث لم أكن، بالطبع، شاهدة عليها: شعوري بأن للماضي حق الحضور في ذاكرتنا، وبأن علينا واجب السهر عليه. فمن الظلم أن تكون آلاف مؤلفة من الضحايا البريئة قد قضت في لحظة من لحظات جنون التاريخ من دون أن تجد من يرثيها ويروي فاجعتها. ذلك أن ماردين، التي اختارت أمي ألا تحتفظ عنها إلا بالذكريات الحلوة، كانت في مطلع القرن الماضي مسرحاً لجرائم همجية وتصفيات جماعية أسوة بسائر مناطق ولايات الأناضول الشرقية. ولئن حفظت ذاكرة التاريخ المجزرة الرهيبة التي حلّت بالأرمن، بل حرب الإبادة التي هدفت إلى استئصالهم، فقد أسقطت من حسابها مأساة السريان الذين قدمّوا عشرات الآلاف من الضحايا، لا على مذبح التمييز الإثني، بل على مذبح التمييز الطائفي: فقد جرى الفتك بهم وتهجيرهم لا لسبب إلا لكونهم من دين مغاير.
عندما كنت أصغي إلى الفواجع التي ألمّت بهم، ترويها عليّ خالة مسنّة كانت في عداد من هاجر إلى حلب واستقر فيها، كنت، رغم تأثري الشديد بكل ما أسمع، أشعر أن هذه المآسي هي ملك ماضٍ ذهب إلى غير رجعة. أفلم نكن نردد، منتشين: “الدين لله والوطن للجميع”، ساخرين من الطائفية، محيلينها، في أذهاننا، إلى متحف التاريخ؟
ولكن أحداث لبنان جاءت توقظنا من حلمنا الجميل! فقد عاد “القتل على الهوية” يحصد الضحايا البريئة؛ في بلاد الأرز أولاً، وفي بلاد الرافدين والعديد من الأقطار العربية الأخرى لاحقاً. وما عادت آلة القتل تكتفي باستهداف التمايز الديني، بل غدت تبحث عن وقودها في التمايز الطائفي داخل الدين الواحد، وهي لا تني تزداد شراسة وضراوة حتى غدا شبه مستحيل أن ينقضي يوم واحد بدون أن نسمع عن سقوط ضحايا لم تقترف من ذنب سوى أنها تمثل “الآخر” الذي أمسى ممقوتاً لأسباب يتأبى العقل عن فهمها، فكم بالأحرى عن المصادقة عليها.
“وداعاً يا ماردين” رواية، وهذا يعني أن للخيال فيها دوراً رئيسياً. لكن رجال السياسة والإدارة من أبطالها حقيقيون، كما أن أحداثها المأسوية هي وقائع تاريخية مثبتة. وفي مطلق الأحوال، كان الخيال سيخونني، كما كان سيخون أي روائي آخر، في تخيّل نظائر تلك الجرائم الهمجية التي اقترفت بحق أبرياء: فالواقع، هنا، يفوق بالفعل كل خيال.
يبقى أن أقول إن بعض المصادر تقدّر إجمالي عدد الضحايا من السريان، في سلسلة الاضهادات والمجازر التي شهدها الربع الأخير من القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين، بأكثر من خمسمائة ألف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا ابنتي العزيزة
محمد بن عبد الله ( 2013 / 2 / 28 - 18:58 )
أشكر هذه الحكمة التي بدأت تترعرع في رأسك

هذه الشعارات السخيفة الكاذبة مثل: (الشعب السوري لم يعرف التعصب الديني في تاريخه) وغيرها والتي كانت تحجب الرؤية عن حسني النية أنقياء القلوب بدأت تنقشع وستبدأين في مواجهة ألف وربعمائة سنة من الاضطهاد ضد أهلنا منذ الاجتياح الهمجي الذي حول الكثيرين منهم إلى مجرمين يفخرون بعقيدة ارهابية

كلما قرأتي في هذا التاريخ كلما ستنضج الشخصية القوية الثائرة فيكي فلن تقعي مجددا في جريمة التحالف مع الارهاب السلفي باسم ثورة يتخيلها كل على كيفه ستنتهي بفرض وهابية ظلامية قذرة

انتهت وولت أيام الحرية (النسبية جدا) في سوريا وعادت أيام السواد الكالحة


أراقب وأرصد أيضا تطور فكر فلورنس غزلان وراندة قسيس...خسارة...تأخرتم كثيرا في ادراك الكارثة


2 - خبر مفرح للمصريين..لكن
محمد بن عبد الله ( 2013 / 3 / 2 - 10:41 )
(((صرح الداعية الإسلامى د.محمود شعبان لـ-اليوم السابع- بأنه توجه إلى سوريا لمساندة الإخوة المسلمين هناك فى جهادهم ضد بشار الأسد.

وأشار شعبان والذى عرف من خلال ظهوره على قناة الحافظ الإسلامية والمعروف بهجومه على كل ما هو ضد الحكم الإسلامى لمصر إلى أنه لا يهتم بالبرامج التليفزيونية، حيث كان من المقرر أن يقدم برنامجا جديدا بعنوان -هاتولى راجل- ولكنه ترك البلاد وتوجه لسوريا، واختتم شعبان تصريحاته قائلا لا يهمنى البرامج كل ما يهمنى أن أنال الشهادة فى سوريا. )))


هنيئا للسوريين حضور هذا المسخ البشري لمساندة ثورتهم !

اخر الافلام

.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب


.. البابا تواضروس الثاني : نشكر الرئيس السيسي على تهنئته لكل أق




.. البابا تواضروس الثاني : في عيد القيامة المجيد نتلامس مع قوة