الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار حول الحركة النسوية في العراق

منى حسين

2013 / 3 / 5
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


مقابلة جريدة الى الأمام مع الناشطة منى حسين محررة صفحة المرأة
ملف 8 مارس


الى الامام: هل توجد حركة نسوية في العراق، واذا كان الجواب نعم ماهي خصائص هذه الحركة، واذا الجواب لا فماهي الأسباب؟

منى حسين: بالتاكيد ظهرت حركات نسوية ولها اهداف واضحة المعالم لا يمكن لنا ان ننكر ذلك.ان الاعتراضات النسوية موجودة وان المراة في العراق تعي تماما الظلم الذي يقع عليها، لكن هناك عدة جهات شغلها الشاغل احباط وتفكيك الحركة النسوية في العراق. الى الحد الذي باتت تاخذ هذه الحركات النسوية شكل اعتراضات، لكون الحصار الذي يفرض على المراة ونضالها حصار مر ومقيت، وكل الجهات تتفق على خياطة الثوب الفكري الذي برائيهم يليق بالمراة ووفقا لمتطلبات المرحلة. المراة العراقية جزء مما تتعرض له النساء في المنطقة عموما لكن مواجهتها كانت اشد واصعب بسبب الظروف السياسية التي طعنت اوضاع العراق بشكل عام، واكثر من تاثر بتلك الظروف ودفع ثمنها المراة، بالتالي لا نستطيع القول ان هناك حركة نسوية وفي نفس الوقت لا يمكننا القول لا توجد حركة نسوية، لان الاعتراضات موجودة.
اما بالنسبة للاسباب التي تقف بالضد من الحركات النسوية فهي كثيرة في العراق. يتدنى وضع المراة بشكل استثنائي بسبب الفوضى التي صار الاستقرار بعيد المنال فيها، فوضى بعثرت الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لوجود جهات لها اجنداتها المعادية للمراة بداء من الملشيات ومرورا برجال الدين وانتهاءا بالعصابات المبلطجة طائفيا وعشائريا، بالاضافة الى عصابات مرتزقة مشبوهة الاهداف والهويةـ كذلك الاهمال الحكومي لمشاكل المراة التي تعتبرها من المشاكل الجانبية، كل هذه العوامل تعادي المراة وتفتت وتصهر اي حركة نسوية تحاول التعريف بنفسها، تعيش الاف النساء في حالة معاناة مركبة ومؤلمة بدون قوانين تحميها وبدون تعليم او تامين صحي، وبدون استقلال اقتصادي وبدون توفير ابسط مستلزمات الحياة كالسكن او المورد الأقتصادي. وفوق كل ذلك ملاحقة المراة العاملة بتعليمات الوزير فلان للوزارة الفلانية بتقييد المراة ومطاردتها، واعتقد ان اكبر عقدة وضعت امام تطور المراة هو وزارة الدولة لشوؤن المراة وغيرها كثير. كل ذلك الشنق والتعذيب والاعدام والتشويه يغرز طعناته ويفرز سمومه في قضية المراة وحركاتها النسوية.
هذا من جانب من جانب اخر نرى ان الجهات التي تطالب بحقوق المراة ومساواتها كالمنظمات النسوية والاحزاب بصورة عامة، تعمل وفقا لمصالحها المتعددة الاوجه التي لها ظاهر الدفاع عن المراة، لكن باطنها يغلي الى درجة تبخير قضية المراة، ولا تمتلك حلول ولا خطط وليس لديها الا مصالحها. في ظل كل ما ذكرت لا يمكن ان تنبت اوراق خضراء تستنشق اوكسجين نقي للحركات النسوية، لكن لا يمكنني القول ايضا ان الاعتراضات غير موجودة، اكيد هناك اعتراضات وامتعاض ورفض قد يفوق غليانه حد الانفجار في اي لحظة.

الى الامام: ما هي المعوقات التي تقف ضد تنظيم النساء لتحقيق مساواتها التامة مع الرجل في العراق؟

منى حسين: المعوقات كثيرة ومتعددة الاسباب لكني اعتبر ان من اهمها هو العرف العشائري، وكذلك غياب القوانين التي تنصف المراة وتحميها، النساء تعاني من ازمة تعليم وهذه مشكلة كبيرة جدا. للانتاج جيل نسوي مسلح بالفكر ومنظم لابد من ازاحة الجهل ولابد من الاصرار على اكمال التعليم والعمل، يضاف الى ذلك التشريعات الدينية التي تعصر المراة في عصارة العمل المنزلي والخدمة وتربية الاولاد، كل ذلك ينتج عنة ليس معوقات فحسب بل كوارث حقيقية تطيح بالمجتمع اطاحة تامة. ان ما عانته المراة في العراق من ازمات سياسية ومراحل حروب تدميرية، كنس كل امكانيات النهوض والتنطيم. ولحد الان لم تهدأ عاصفة التدمير التي تلتف حول قضية المراة، بل على العكس التمييز في حالة تزايد كبير والتهميش والاضطهاد في وضع مثير للقلق، ورغم كل ذلك نرى ان محاولات الوقوف لا يثنيها كل هذه الصعوبات، لنجد هنا وهناك نساء تبدي شجاعة كاملة في الوقوف امام هذه المعوقات والتصدي لها. لكن ازاحتها يتطلب وقت وجهود وعمل مكثف وكما ذكرت وذلك بسبب جولات الدمار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي لحق بتاريخ المجتمع العراقي المعاصر.

الى الامام: كيف تربطين بين حركة تحرر النساء والحركة العمالية او نضال الطبقة العاملة؟

منى حسين: لا يمكن الفصل ابدا بين الحركات التحررية النسوية والحركة العمالية او نضال الطبقة العاملة، ولايمكن للحركة العمالية أن تحقق أهدافها دون ولوج المرأة في عمق المسار النظالي العمالي. لا يمكن لنا ان نقول المراة بخير وهي تحتبس بين جدران العبودية والانتقام الذكوري، ان للاستقلال المراة الاقتصادي معنى حقيقي لمعافاتها من العوق الذي تحاول اكثر الجهات جرها له، ان خروج المراة للعمل هو طي لعصور العبودية والاضطهاد، لذلك تحرر المراة ومساواتها له علاقة وثيقة جدا بالحركة العمالية لا يمكن الفصل بينهما ابدا.

الى الامام: اين يقف نضال المرأة اليوم في خضم الازمة السياسية وتفاقم الاوضاع الامنية والتلويح بحرب طائفية اهلية في العراق؟

منى حسين: ان اكثر من دفع ثمن الازمات السياسية في العراق هو المراة، المجتمع العراقي يقف على ارث كبير خلفته الازمات التي تتحدث عنها أعلاه، وهذا الارث يتمثل في الكتلة النسوية والتي هي عبارة عن ارامل ومطلقات وصغيرات مشردات وقاصرات تم انتهاك حياتهن بالكامل. لقد استخدمت المراة كجسر لمرور وتمرير الفراغ والفشل السياسي، فبعد كل ذلك اين يمكن ان يقف نضال المراة، اعتقد ان نضال المراة الان لا يمكن ان يكون واضح المعالم بسبب الظبابية التي تجتاح الساحات العراقية. في كل مكان هناك انتشار كبير للمفاهيم العشائرية وعودة كبيرة لفترات تم تجاوزها، وهناك انتشار للملشيات والعصابات انا اريد ان اسأل في هكذا رحم من الخوف والرعب والابادة هل يمكن ان توجد ولاده سليمة وصحية.

الى الامام: هناك تصورات "فيمنستية" ولن نقول حركة، والتي مفادها بأن سبب مآسي واظهاد ودونية المرأة في العالم المعاصر بسبب الرجل، كيف تردين على هذه التصورات؟

منى حسين: في البداية اريد ان اقول ما هي الفمنستية اريد تعريفها اولا. الفمنستية هي افكار او تصورات دخيلة على قضية المراة، والفمنستية هي حركة رجعية وهي نتاج سياسي -اجتماعي للطبقة البرجوازية، التي تريد توجيه نضال المرأة ومجمل الحركة المساواتية ضد النظام الاقتصادي والسياسي. الذي تنتج وتعيد انتاج كل يوم منظمة للامساواة والتفرقة والتمييز، التي بدونها لا يمكن للبرجوازية ان تضمن ربحها واستمرارها بالسلطة. ان هذه الحركة لا تريد ان تدك اسس النظام التي يولد دونية وقيمة المرأة، لذلك يحرف نضال الحركة النسوية الى غير اهدافها وتصور للمجتمع بأن سبب دونية المرأة هو الرجل.
وهذه ما ارادته الانظمة التي تعادي النظام الاشتراكي لم تكتفي هذه الانظمة بالسيطرة على المؤسسات التي تبث سمومها، بل انا اعتبرها نجحت الى حد التصور الذي تتطرق له في سؤالك وتعتمد هذه الانظمة على الملكية والسيطرة الفردية، بحيث وصلت الامور الى حد العزل والمعاداة بين الانسان والانسان واقصد عدائية الرجل للمراة او المراة للرجل، ان الانظمة التي ركزت استمرار بقائها على اضعاف العلاقة الانسانية بين المراة والرجل وتحويلها الى منتج ومستهلك، ادت الى وجود هذه التصورات لكن بامكاني ان اقول لك ما هو المطلوب للوقوف امام هذه التصورات، المطلوب هو تضامن القوى النسائية وليس بمعزل عن الرجال، اي تضامن انساني ويشمل النساء الماركسيات والرجال، والاشتراكيات والرجال، وهذا ايضا ينطبق على النساء العلمانيات والديمقراطيات والعاملات المكافحات والشابات الثائرات، للوقوف بشكل اوسع واشمل وجهرا وعلانية امام التحالف الراسمالي والديني الذي يحاول جرف نسائنا ومجتمعاتنا الى الحضيض، والتراجع وبشكل همجي واعتقد ان تشكيل جبهة رصينة تطالب بالمساواة كهدف اساسي لا حياد عنه، وهذه خطوة لا بديل لها من اجل اعاده الاقدام والحواس التحررية الى خطوتها الصحيحة سواء في المنطقة عموما او في العراق خصوصا، كون هذه التصورات او الافكار الفمنستية باتت تنتشر حتى لدى الجهات التي تنادي بالتحرر والمساواة، لنرى هنا وهناك منظمات نسوية او حركات تناضل بمعزل تام عن الرجل، وهذا خطا كبير وانتكاس خطير يضر بالانسانية عموما وبقضية المراة خصوصا.
الخلاصة ان الرد على هذه التصورات يجب ان يكون رد عملي واقعي ولا يمكن ان نتصور ان قضية المراة بخير، كما يتصورها البعض للاغراض خبيثة ودنيئة بل ان محنة المراة ومصيبتها اكبر ولا يوجد شيء بتاتا على ما يرام، ولا يجب التراجع او التهاون من اجل التحرر والمساواة بين الانسان والانسان حتى يتم انهاء التمييز، وقتل تحويل المراة الى شيء مخزي ومعيب وحسب نظام الغابة المتوحش، واشعر ان اخطر ما يواجه قضية المراة هو هذه الافكار او التصورات الفمنستية في المرحلة الحالية.

الى الامام: ما هي رسالتك في هذا اليوم الى المرأة في العراق؟

منى حسين: اهم شيء اريد قوله لا تيأسي.. او تستسلمي.. سنقف وبقوة على انقاضهم.. لاننا اصل المجتمع والامان والاستقرار وهذه حقيقة لا يمكن لاي كان تجاهلها.. سنتقدم الى الامام ولا خيار لنا الا هذه الخطوات العميقة الجذور.. اريد ان اقول ان لصعود الحركة العمالية واستمرار نضالها في اي وقت وزمان، له الاثر الاكبر على النهوض بقضية المراة وتحقيق اهدافها.. وكذلك اريد ان اقول للمراة ان بقاء حكومات اليمين الحالية والتي من اهدافها انهاء نضال المراة وابعادها عن الصورة التقدمية، ونسف المكتسبات التي حصلت عليها بهدف ارجاعها خطوات كبيرة الى الوراء، مستخدمة ومستندة على الاديان والايدلوجيات التي تغزو المراة غزوها المدمر بقصد الحفاظ على الشوفينية الذكورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذة منى حسين المحترمة
ليندا كبرييل ( 2013 / 3 / 5 - 08:11 )
عن ردّك الأول أقول: دوماً قوى التخلف تلاحق القوى التقدمية وتحاول عرقلة مسارها
وقد أصبتِ برأيي في إسنادالمعوقات إلى العرف العشائري في بلدك ، وغياب القوانين . ، وأظن أن الظروف التي تعاني منها المرأة العراقية تتشابه مع المشاكل التي تسود في مجتمعات عربية أخرى
أهنئك على نشاطك أستاذة منى . وقد أعجبتني تسمية الجريدة ( إلى الأمام )
أتمنى لكم النجاح، وأمامكم وقت ليس بالقصير لتتابعوا جهادكم ، والبركة في جهودكم وإصراركم
مع التقدير


2 - العرف العشائري يطارد النساء
منى حسين ( 2013 / 3 / 5 - 13:01 )
الرائعة الحرة لندا كبرييل
تحياتي لك نعم عزيزتي المشكلة الحقيقة تكمن في مطاردة الاعراف العشائرية للمراة لتصل قوانينهم الشاذة الى تصفية حياتها باسم غسل العار او حرمانها من التعليم او تزويجها وهي قاصر ومما يزيد الطين بلة التحالف التشريعي والديني لتلك الاعراف العشائريه ومشكلة المراة العربية او المسلمة واحدة ومتقاربة جدا
عزيزتي اتمنى لك نجاح وتقدم بالمثل الذي تتمنيه لنا وكما اشرت سنبقى مع رسالتنا ولن نحيد عنها مهما طال الوقت
عطرني مرورك تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. نساء فلسطين عندما تصبح الأرض هي القضية


.. مشاهد تدمير منطقة الزيتون وحي الصبرة بعد انسحاب القوات الإسر




.. رائدة في علم المحيطات حققت نقلة نوعية في علوم الأرض


.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف




.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير