الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر متدين سابق ( 5 ) – الانسان ربيب بيئته

زاهر زمان

2013 / 3 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اذا شاء قدرك أن تولد فى احدى دول الشرق الأوسط وخاصة الدول المسماة بالدول العربية ، فإن أول ماسيشكل تركيبتك الشخصية وسيؤثر فى سلوكياتك وآراءك وتوجهاتك الفكرية هو الفكر الدينى المتمحور حول وجود خالق أو الاه يتم تمجيده وتقديسه ليل نهار بالاكثار من ذكره بمناسبة وبدون مناسبة وارجاع أسباب كل ماحولك مما تعرفه ومالا تعرفه الى وجود ذلك الالاه أو الخالق ومشيئته وارادته حتى وان كان من يقومون بذلك هم من عتاة اللصوص والمجرمين والقتلة والسفاحين ! سوف تجد نفسك محاطاً منذ نعومة أظافرك وحتى من قبل أن تتعلم نطق الحروف أو الكلمات ؛ سوف تجد نفسك محاطاً برموز وطقوس وممارسات الكبار النابعة من هذه الديانة أو تلك . سوف تجد نفسك اذا ولدت فى أسرة اسلامية مشدوداً ودون وعىٍ منك الى التطريب الذى يشنف أذنيك لمشاهير قراء القرءآن وهم يصدحون بتلحين كلمات وعبارات القرءآن ويتفننون ويبدعون فى كيفية أسر أذنيك بالتغنى بكلمات القرءآن بحناجر مصقولة كحنجرة سيدة الغناء العربى أم كلثوم . أنا شخصياً أحببت وأنا طفل صغير الاستماع صوت الشيخ محمد رفعت الرخيم وهو يصدح بحنجرته الذهبية بالتغنى وتطريب سورة الرحمن وغيرها قبل انطلاق مدفع الافطار فى شهر رمضان ، كما كنت أطرب بنفس القدر وربما أكثر لسماع صوت أم كلثوم وهى تتغنى وتصدح بأغنية ( انته عمرى ) ! تجنيد ذوى الأصوات والحناجر الذهبية لتطريب القرءآن والتغنى به هو أحد الوسائل التى يحرص على استخدامها المهتمون بخلق تأثير وجدانى مرتبط بالعقيدة الاسلامية فى عقول وفلوب أتباع الديانة الاسلامية . فترى الحكام والمؤسسات الدينية الاسلامية يتفانون فى البحث والتنقيب عمن يمتلكون حناجر مؤثرة فى أسماع الناس لكى يدربوهم على تطريب وتجويد القرءآن ، وذلك لما لهذا الأمر من أثر بالغ فى الايحاء للمسلم بأن القرءآن هو كلام الله وليس من تأليف محمد . بالطبع سنجد فى الديانة المسيحية أو اليهودية طقوساً مماثلة خاصة بالتغنى بكلام كتبهم التى يقدسونها وتطريب وتلحين كلمات وعبارات تلك الكتب بالشكل الذى يهيج أسماع ووجدان تابعى هذه الديانات ، وفى نفس الوقت يعضد ويقوى ايمان الأتباع بأن مايسمعونه هو كلام الرب أو الالاه الخالق وليس كمثل كلام البشر .
أنا شخصياً كنت أوقن تمام اليقين أن القرءآن هو كلام الالاه الذى أرسل محمد بن عبدالله كلما كنت أستمع لتلاوة الشيخ محمد رفعت أو عبدالبسط عبدالصمد أو محمود على البنا أو محمد صديق المنشاوى أو غيرهم من قراء الزمن الجميل الذى عشته وأنا مغمض العينين والأنف والأذن والحنجرة واثققاً وموقناً تمام اليقين أن هناك الاهاً فى السماء السابعة يهتم لأمرى ويرعانى فى منامى وصحوى وترحالى وحلى ! كما كنت أحاسب نفسى منذ نعومة أظفارى على كل قول أو فعل فيه ضرر أو ايذاء لأى كائن حى أو حتى جماد ! لم أكن أقبل بأى حال من الأحوال أن يتطرق الشك الى نفسى أن محمداً بن عبدالله أو أىٍ من صحابته يمكن أن يقترف أحدٌ منهم ظلماً بحق البشر أو النبات أو الشجر ، فجميع من حولى بشكل مباشر من أفراد الأسرة والجيران والأصدقاء من المسلمين بالطبع لا يذكرون محمداً أو أصحابه الا بعبارات المديح والتقريظ الذى كان يصل ببعضهم الى حد النشوة وهم يتغنون بعبارات من نوعية ( صلى الله عليه وسلم ) أو يشقون فى رهبة ً وخشوع واضحين وهم يصيحون ( عليه اللاة والسلام ) ! الحقيقة لم أكن أفهم الدافع وراء شحتفة البعض من الصلاة والتسليم على محمد بن عبدالله أو المسكنة التى كانت تعترى أصوات البعض وهم يطلبون الرضا من الالاه لصحابة محمد بقولهم عندما يذكر أحدهم ( رضى الله عنه وأرضاه ) ! سماع مثل تلك العبارات المقترنة بذكر محمد أو أحد أصحابه خلق فى نفسى وأنا طفل نوعاً من التوقير والتعظيم لمحمد وأصحابه ، وبالطبع نفى أية نقيصة أو سلوك غير انسانى قد يحاول البعض نسبته الى هذه الشخصيات ! ان من اليسير جداً فى تلك البيئة المفعمة بالحب والتوقير للاسلام ورموزه أن أتشرب وأنا فى سن صغيرة قناعات يقينية أهمها أن الاسلام هو الدين الحق وأنه جب كل العقائد والديانات من قبله ، وأن محمداً بن عبدالله هو النموذج والقدوة الانسانية التى يجب أن يقتدى بها جميع البشر من عرب وعجم على ظهر هذا الكوكب . وكيف لا وهو الذى ، كما غرسوا فى عقولنا ونفوسنا ، خيرٌ خلق الله كلهم ، وأنه رحمة للعالمين ، وأنه لا ينطق عن الهوى وأنه وأنه وأنه ..الخ ! فى بيئة اسلامية صرفة ، تكيل فيها وسائل الاعلام والتعليم المدح والثناء والتقريظ ليل نهار للنموذج المحمدى وتصر على أنه نموذج سماوى تلقاه محمد عن الاه ٍ يقبع هناك فى السماء السابعة ، كان من اليسير أن أتشرب أفكراً من نوعية أن الاسلام هو دين العدل والتراحم والتواد والسامح حتى تجه غير المسلمين ! لذلك ، كنت أعتبر كل مايقوله غير المسلمين عن الاسلام من مساوىء أو سلبيات هو حسد وحقد وبغض للاسلام ونبيه ورموزه لأنهم أهل الرضا والمحبة والاختصاص من الاه الكون ! غرسوا فينا أننا على الحق المبين الذى لا يوافق أهواء غير المسلمين وأنهم – غير المسلمين – يكيدون للاسلام وأهله ويتآمرون على الاسلام وأهله ، وأننا يجب علينا مقاومة أباطيلهم وأفاعيلهم وردعهم عن محاربة الاسلام وأهله الذين هم أهل الرضا والرضوان والاختصاص من خالق هذا الكون ! وعندما – بل قبل أن يتطرق الينا الشك بأن غير المسلمين أفضل منا لما نراهم فيه من عز ورفاهية ورغد عيش ، كان وعاظنا ومشايخنا يبلفوننا بأن هؤلاء لهم الدنيا يتمتعون فيها ويمرحون ثم فى الآخرة الى جهنم يحشرون ! أما نحن فالدنيا بالنسبة لنا نحن المؤمنين هى دار بلاء وابتلاء ومن ثم فعلينا أن نصبر على شدائدها بمداومة الصلاة والصيام والذكر وتلاوة القرءآن ، ولأننا تشربنا فى صغرنا أن هذه الأمور هى التى من أجلها قد خلقنا الله بدليل قوله ( وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون ) فقد كنا نعيش حالةً عجيبة من التعويض النفسى عما نريده فعلاً بلجوئنا الى الاكثار من الصلوات والصيام وتلاوة القرءآن وغير ذلك من الأمور التى كان يقيننا بأنها تحسب لنا كرصيد عن الالاه بواسطة ملائكته الراصدين لأفعالنا ليل نهار ، وأن ذلك الالاه سوف يكافئنا على تلك الأفعال فى الدنيا – ان أراد – وفى الآخرة اذا لم تتم مكافئتنا عليها فى الدنيا ! سوف يزوجنا بالحور العين فى جناته اذا لم نتمكن باشباع حاجتنا للجنس فى الدنيا ! بل هو من الكبائر أن نفكر مجرد تفكير فى النظر الى النساء ! فمابالك بمن يحاول تلبية نداء الطبيعة بالتقرب من الجنس الآخر واقامة علاقات عاطفية قد تنتهى بالارتباط كشريكين فى الحياة يؤديان دوراً ناجحاً فى خدمة كل منهما الآخر بما ينعكس على المجتمع أيضاً من حولهما فى صنع الحياة للجميع .
أرانى أكتفى بهذا القدر من الخواطر على أمل أن نلتقى بخواطر أخرى مستقبلاً
زاهر زمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خاطرة
عتريس المدح ( 2013 / 3 / 5 - 17:27 )
لكل إنسان منا ملكين عن يمينه وشماله، أين يذهب هذا الملكان عندما يموت الانسان، هل يتقاعدان؟؟ هل يبدآن مع انسان آخر؟؟ هل يمكن أن يخطئا بحساب وكيل الحسنات والسيئات؟؟ هل هنالك مدقق على عملهما؟؟
يوم القيامة يأتي كل منا بكتاب أعماله في الدنيا، إما بيمينه و إما بيساره، فهل يمكن للانسان أن ينقل كتاب أعماله من اليسار إلى اليمين أو العكس؟؟


2 - كانت حكايات مسلية ياأخ عتريس !
زاهر زمان ( 2013 / 3 / 5 - 19:45 )
المحترم / عتريس المدح
لم يكن أيامها يدور بخلدنا أن نسأل مثل أسئلتك تلك فى أىٍ من الموضوعات أو الحكايات التى تتصل بأى أمر من أمور العقيدة لأننا ببساطة شديدة كانت تنتقل الينا عدوى التصديق والتسليم بصحة وصدق مايطرحه الوعاظ والشيوخ بواسطة كبارنا سواء فى محيط الأسرة أو الحى أو حتى على مستوى الدولة ممثلةً فى وسائل اعلامها وتعليمها . هذا حالك وحال كل انسان أن يتشرب كل مافى بيئته من قيم أو عادات أو تقاليد دون أن يعمل عقله وفكره الخاص فيما يتشربه وانما هو يحاكى مايفعله أو يقوله الكبار من حوله . ومع الزمن يصبح كل ماتشربه الانسان مسلمات لا تقبل التشكيك فى صحتها وخاصة مايرتبط من بالعقيدة الدينية !
تحياتى وتقديرى لتساؤلاتك الذكية اللماحه


3 - صدق مع النفس أستاذ زاهر زمان المحترم
ليندا كبرييل ( 2013 / 3 / 6 - 00:52 )
لست مسلمة لكني كنت لا أنفك عن سماع القرآن بصوت المقرئ العظيم عبد الباسط عبد الصمد، ورفيقه في الصوت العبقري محمد المنشاوي .
اليوم أنا مع الشيخ مشاري راشد العفاسي الكويتي، وآخر أتمنى لو أعرف اسمه لأشتري مجموعته .
شخصيا لا علاقة لي بما يرتّل المقرئ، أحياناً أسمعه ينزل ضرباً بآبائي وأجدادي وردة فعلي لا تخرج عن مشاركتي له القراءة وكأن الأمر لا يعنيني .
نعم أعتقد أنهم يجذبون الناس بهذه الصورة . فإذا كنت غير المصدقة لما يقال ومتعلقة نفسي بهذه الصورة بتطريب القرآن فكيف الحال مع مؤمن مصدق لتعاليم دينه ؟

أدخل الآن كنائس تقام طقوسها بلغة لا أفهم منها إلا كلمة آمين
ومع ذلك أذهب خصيصاً وفقط لسماع أجمل الأصوات ترتل ، فترفع الإنسان فوق همومه وأحزانه قلْ فوق نفسه، ولعله تأتي لحظة صدق لا علاقة لها بالإيمان يراجع فيها الإنسان أخطاءه وزلّاته وهو يستمع إلى هذه الأصوات الرائعة فتنزل دمعة تمسح هموم القلب
الترتيل رائع ومؤثر حقاً ويشدني إلى لحظة صفاء مع النفس ومع العالم
تحياتي أستاذ وتقديري


4 - أشرف بحضورك دائماً أخت ليندا كبرييل
زاهر زمان ( 2013 / 3 / 6 - 10:42 )
المحترمه / ليندا كبرييل
الغناء والتطريب أحد الوسائل الفنية للتأثير على المتلقين عن طريق حاسة السمع وهو وسيلة خطيرة لها آثار ضخمة فى برمجة أحاسيس ومشاعر الجماهير فى الاتجاه الذى تخطط له السلطات الحاكمة ، وكذلك الغزاة أو المستعمرون للشعوب الأخرى . لا أنسى دور الغناء فى أدلجة ثقافة الشعب المصرى ابان الحقبة الناصرية عندما تغنى كبار المطربين والمطربات بثورة 23 يوليو وانجازاتها مما عمق الاتجاه والفكر الناصرى فى الأجيال التى تفتح وعيها على حكم جمال عبدالناصر فى مصر آنذاك . لقد لعبت الأغانى الوطنية لأم كلثوم وعبدالحليم وعبدالوهاب وفريد الأطرش وغيرهم دوراً بارزاً فى تشكيل وتوجيه وجدان غالبية المصريين آنذاك للتفاعل مع التجربة الناصرية ! لذلك يحرص القائمون على تعميق الفكر الدينى على توظيف الغناء والتطريب فى خلق وتعميق مشاعر الأتباع نحو العقيدة التى تم غرسها فى عقولهم ووجدانهم منذ نعومة أظافرهم ! ومع ذلك فقد شذ الاسلام عن المسيحية واليهودية عندما حرم الغناء بكل ألوانه واستثنى من ذلك فقط التغنى بالقرءآن والقصائد التى تمجد محمداً ومشروعه ؛ ربما كمخالفة لليهود والنصارى !
تحياتى


5 - جميلة هى خواطرك صديقى العزيز زاهر
سامى لبيب ( 2013 / 3 / 8 - 15:40 )
تحياتى صديقى الرائع زاهر
جميلة هى خواطرك وذكرياتك فهى ليست سيرة ذاتية ثرية فحسب بل تسجيل لمشاعر واحاسيس انسان عاش التجربة الدينية واستطاع ان يتلمس تضاريسها.
صدقنى يا زاهر ليس لى موقف من حياة الإنسان الدينية فهى براءته وعجزه فى آن واحد وبحث عن هوية وحضن يختبأ فيه لذا لا يكون الإحساس بالقسوة عند الشك كونها تنال من أفكار-فالأفكار هى أفكار ليس ذات وجود محسوس ذو لحم ودم لذا يكون الصراع والألم هو الخروج من الشرنقة والمجموع والإحساس بالإغتراب
صدقنى أيضات يا زاهر اننى لا أأمل ان ينصرف المؤمنين عن إيمانهم فأدرك أن هذا ليس بالأمر السهل بالنسبة للعامة وأن تعديل الأفكار ليس من السهولة بمكان ليس لقصور فى العقل فالعقل يعمل فى إطار يحدده حاجات نفسية لتكون القدرة على الإقتحام هى قدرة نفس قوية جريئة متحررة قبل كل شئ اى إرادة القوة والتماسك وبعدها يأتى دور العقل
كل ما أأمله أن أرى إيمان المصريين مسلمين واقباط هو الإيمان الذى ساد حتى منتصف الستينيات بالرغم من سلبيات العملية الدينية فنص البلاء أفضل من كله!
سلامى ومودتى شيخنا الرائع


6 - الاهي
بلبل عبد النهد ( 2013 / 3 / 23 - 08:08 )
الاهي ليس له رقم من الارقام فهو ليس واحد ولا اثنين ولا اقل من ذلك ولا اكثر الاهي ليس له رسل ولا انبياء ولا ملائكة ولا عرش يجلس عليه ليست له جنة ولا نار ليست له حور عين ولا متخصص في صنع الابكار ليست له اسماء فهو ليس بالجبار ولا بالقهار ولا بالمتكبر ولا بالما كر ا لاهي مسالم وديع لا يحب القتل باسمه ولا من اجله الاهي لايشبه احد ولا احد يشبهه الاهي لا يفرق بين الناس كلهم احباءه الاهي لا يصلي على احد ولا يطلب من احد ان يصلي عليه

اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah