الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحقيق الذات الفردية بين الممكنات والمعيقات

منير شحود

2005 / 4 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعي الكائن البشري دوره في مجتمعه كمحصلة لتجاوزه مراحل عدة, يحاول فيها الوصول إلى ضرب من تحقيق الذات, وينعكس ذلك فعاليةً وظيفية راقية في مجتمعه, ما يساعد في تحقيق الخير والازدهار للجميع.
تمر الاحتياجات البشرية تباعا في المستويات المتصاعدة التالية:
1. تلبية الغرائز التي تكفل استمرار الحياة, مثل الطعام والشراب والجنس,
2. تحقيق الأمان المرتبط بغريزة البقاء,
3. الحاجة إلى الحب والتقبل ضمن الجماعة,
4. احترام الذات والسمعة والوضع الاجتماعي,
5. وأخيرا تحقيق الذات الفردية المتكيفة مجتمعيا, والتعبير عن ذلك بالاختيار الذاتي الذكي والطموح.
لا يرتقي الجميع درجات السلم التراتبي هذا, ولكن الأمر المهم هو بقاء السبيل مفتوحا لارتقاء الفرد, بحيث لا يكون ثمة حواجز مجتمعية تكبح صيرورته الذاتية. ومع ذلك فإن تحقيق الذات النهائي قد يكون بسيطا ويتمثل باختيار الفرد لدور اجتماعي يقوم به, أي عمل, والذي يكون مهما بقدر ما يتطابق مع إمكانيات الفرد ورغبته, مهما كانت هذه الإمكانيات محدودة. وكلما ابتعد العمل عن كونه روتينا, ازدادت إمكانية الاستكشاف والإبداع في مضماره. وفي هذه الحالة, قد يتحول الطفل العابث في شبابه إلى عالم ومبدع.
وغالبا ما تتم عملية الارتقاء الفردية بصورة غير متناغمة مع المجتمع؛ بسبب قصور المؤسسات التعليمية والتربوية في دمج الفرد في المنظومة المجتمعية, أو لابتعادها عن هذا الدور نتيجة لأدلجتها في سياق منظومة أحادية, وبالتالي استبدادية. وفي هذه الحالة, ينفصل الفرد, في مسيرته لتحقيق ذاته, عن مجتمعه ماديا بالهجرة إلى حيث يتحقق الطموح, أو معنويا بانكفائه إلى ذاته. مع العلم أن اندماج الفرد في الجماعة أو المؤسسة, مع استمرار إبداعه الذاتي, أصبح في الوقت الحاضر ضروريا لإنتاج التقدم الاجتماعي المادي والروحي.
ولكن أين هو إنساننا ومواطننا من هذه العملية, وما هي العوائق التي تقف في طريق ارتقائه هذا؟.
لعل الحاجة الأولى هي الأكثر تحققا باعتبارها غريزية, ولا تستوي الحياة بدونها. وفي سعيه إلى تحقيق الحاجتين الثانية والثالثة, وبسبب عدم الشعور بالأمان الناجم عن ظروف يعوزها العدل, ويغيب فيها القانون, فقد يتراجع الفرد إلى القوالب الاجتماعية السابقة لمنطق الدولة, وينحشر في سراديبها الضيقة بحثا عن الأمان والحب والدفء, فيما يشبه سلوك القطيع الغريزي. وبالتالي يصبح تحقق الحاجة الرابعة, وخاصة الخامسة, في غاية الصعوبة؛ بسبب الشروط التمييزية التي وضعتها النخب المسيطرة لاختيار كوادرها, وأهمها الولاء, نقيض الكفاءة في أغلب الأحيان. ويحدُّ ذلك من صيرورة الارتقاء المفترضة لكثير من المهارات والمواهب, فتنكفئ, أو تجد طريقها إلى بلدان أخرى, سعيا وراء أفضل سبل لتحقيق الذات.
إن إعادة الاعتبار للفرد كقيمة جوهرية في إطار القانون, حيث تتناغم الحقوق والواجبات, يعد مدخلا لا بد منه لإعادة تربية الأجيال على قيم جديدة لا تنفي القديمة, أو على قيم قديمة مفتوحة على كل جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا