الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق الى حرية المرأة اقتصادياً

محمد الأسمر

2013 / 3 / 10
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



توطئة

التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هي ضرورة مجتمعية لأنها تشكل حجر الزاوية والتي من شأنها تحد من نسب الفقر ، وترسخ ثقافة مجتمعية تعطي للمرأة الدور المنوط بها، وتعطي للمواطن الفلسطيني في حال كانت التنمية ضمن قوانين حضارية الدور بالعودة للأرض والاهتمام بها وفلاحتها، وتعطي للمؤسسات المجتمعية الأفق للتخطيط لإستغلال ثروات الأرض، وسيكون لكل الفئات المجتمعية الدور التنموي والتعاوني من أجل تنشيط عملية الزراعة والانتاج والتسويق والتعاون.
فيما لو توفرت الشروط المواتية ضمن التشريعات وتطبيق هذه التشريعات بشكل خلاق، فإننا سنتمكن من تخفيض نسبة الفقر والتقليل من نسبة البطالة وإيجاد فرص العمل للشباب من الجنسين، وإعادة العادة القديمة للعونة وتوارثها حتى نصل لمرحلة تسويق منتوجات التعاونيات النسوية في السوق المحلي لتكون بمثابة بديل عن المنتوجات الاسرائيلية التي تغزو أسواقنا، في الوقت الذي بإمكاننا توفيرها ذاتياً. هنا نستطيع الاستغناء عن كافة المنتوجات غير الوطنية والتي لها بديل وطني، كما وبالامكان فتح أسواق جديدة للتبادل التجاري السلعي مع الأسواق العربية المجاورة للحدّ من الاعتماد على السوق الاسرائيلية لنصل للمقاطعة شبه التامة لكافة المنتوجات الاسرائيلية ولمرحلة تنفيذ شعار الاقتصاد المقاوم. إن هذا يتطلب وقف الممارسة بالسوق المفتوح الحر رغم عدم إمكانيتنا ضبط الحدود والمعابر، إلا أن وضع خطة واسعة تربوية ثقافية مجتمعية ، ممكن أن توصلنا الى الهدف المنشود.
مقابل ذلك ، بالضرورة أن نقوم في المناطق الفلسطينية بإعادة النظر في مفاهيم التنمية القائمة نحو مفاهيم تنموية مستدامة من خلال سيطرة المواطن الفلسطيني على أرضه ومياهه وحرية الاختيار بإقامة المشاريع التنموية التي تخدم البلد. إعادة الاعتبار للثقافة الفلسطينية التنموية التعاونية والتي كرسها الاحتلال خلال سنيّ نفوذه، من أجل ترسيخ عوامل التعاون والانتماء ولضحض أفكار وأهداف الاحتلال بالتخريب والاقتلاع والتهويد للثروات الوطنية.
هذا يتطلب أن تضع السلطة الفلسطينية الأولويات نحو التكامل التنموي الاقتصادي الاجتماعي. وأن يتم النهوض بمؤسسات المجتمع المدني وفتح الآفاق أمامها من أجل الوصول للمناطق المهمشة واستثمار الانسان وثروات الأرض وخلق ثقافة تعاونية منتجة تسد الثغرات التي لم تتمكن أو لن تتمكن الحكومة من الوصول لها، وحتى نضبط أي أجندة خارجية تمويلية لا تخدم المواطن المحلي بل خدمة للأجندات الخارجية، ضمن عملية رقابة وقوانين ضابطة. كما ويتطلب ذلك أن يكون للقطاع الخاص دور إنساني يخضع للمساواة والعدالة ضمن عملية تنسيق وتشبيك ما بين القطاع الخاص والقطاع التعاوني وبإشراف حكومي، على أن يتم تفعيل العمل التعاوني وبالأخص النسوي ودعم عملية التنسيق ما بين التعاونيات وتفعيل الاتحاد التعاوني ويكون للشباب نساءاً ورجالاً الدور الأساس بذلك ، ووضع السياسات الجاذبة لتصبح التعاونيات النسوية نموذج اقتصادي اجتماعي يكفل الصمود.

الحركة التعاونية الفلسطينية
لعبت الحركة التعاونية في فلسطين دورا هاما خلال الحقبة الماضية في تحقيق الإكتفاء الاقتصادي الذاتي كأداة نضال وتحرر وطني، بخاصة خلال سنوات الانتفاضة الأولى. عملت التعاونيات على تعزيز وتطوير العلاقات المجتمعية بين القطاعات الزراعية والاقتصادية، وبقيت هذه الجمعيات تمارس دورها سنوات طويلة على الرغم من تعرضها لمحاولات الطمس والاحتواء من قبل العديد من الجهات بخاصة من قبل سلطات الاحتلال.
من ناحية أخرى، ومنذ قيام وتأسيس السلطة الفلسطينية تعاني هذه الجمعيات من التهميش وعد الاهتمام الرسمي وعدم توفير الدعم المالي لها. كما وأننا نفتقر لقانون عصري يتلائم مع المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، لا سيما أن قانون التعاونيات يعود لحوالي 55 سنة دون تعديل او تغيير. كما وأن غياب إتحاد تعاوني بشكل فعلي وفاعل يعيق تطور وتقدم عمل التعاونيات وبخاصة أن هذه التعاونيات لا تتعامل بمفهوم تعاوني مرتبط بالعمل الجماهيري والتطوعي، والخطير هنا عدم قدرة التعاونيات من تسويق منتجاتها اليدوية والزراعية.
تعاني وتواجه التعاونيات في فلسطين تحديات ومشاكل على مدار السنوات الماضية من ناحية دورها الوطني والاقتصادي والمجتمعي. إن مفهوم الجمعيات التعاونية يعني أن الجمعيات عليها العمل بشكل جماعي وتطوعي وتقوم بإنتاج المواد الأساسية والابتعاد عن النمط الاستهلاكي الذي يعمّق التبعية للسوق، وكفاءة إستثمار الموارد المحلية بشرياً ومادياً بخاصة أن مجتمعنا الفلسطيني هو مجتمع زراعي، حيث تشكل الأرض المورج الأساس ووسيلة الإنتاج الأساسية فيه.
لهذا ، كان التركيز على إقامة التعاونيات الإنتاجية الزراعية كنموذج تنموي إقتصادي يساهم في خلق إقتصاد بديل معتمد على الذات وغير تابع بل متصادم مع إقتصاد الاحتلال نموذج ينضج فيه العامل الذاتي ليرتقي بالتعاونيات لتصبح وسيلة تنظيم ذاتي قادرة على الانتاج الاقتصادي والتنظيم الاجتماعي وتقوية الناس من أجل المقاومة والصمود ومجابهة التحديات.
واقع التعاونيات: بالامكان تناول الواقع الذي يحيط بالتعاونيات حيث أنها "على المستوى العام الرسمي، بأن التعاونيات لا تحظى بإهتمام على مستوى السياسات العامة ولا تخصص لها موازنات كون القطاع الزراعي أصلاً لا يحظى بإهتمام وبموازنات كفيلة بإرتقائه الى مستوى المساهمة في التنمية الشاملة، بالاضافة الى ان قانون التعاونيات قانون صادر منذ 55 عاما ولا يتماشى مع تطور الحركة التعاونية، ولا يعبر عن صيغ ديمقراطية حقيقية للتعاون، وغياب اتحاد تعاوني عام وناظم وداعم للحركة التعاونية بشكل فعلي وحقيقي". إن "التعاونيات تعاني من نقص حاد في مفهوم العمل التعاوني ، وفي المفاهيم الأساسية المرتبطة به كالعمل الجماعي والتطوعي، ولديها ضعف في البنية والمهارات الادارية والتنظيمية، لديها ضعف في تسويق منتجاتها خاصة أن غالبيتها غير مرخصة، وضعف رأسمال التعاونيات في ظل غياب الدعم المادي لمشاريعها الانتاجية وبالتالي تتسم مشاريعها الانتاجية بالهشاشة ولا تستطيع الصمود أمام التحديات التي تواجهها كالكوارث الطبيعية وغيرها". (1)
إن التعاونيات قد لعبت دورا طليعيا خلال الانتفاضة الأولى أواخر الثمانينيات ، واعتبرت كحركة جماهيرية عامة آنذاك عملت على تنظيم وقيادة الانتفاضة من خلال القيادة الوطنية المتحدة حيث كانت التعاونيات أحد الأذرع لهذه القيادة. وكانت قد سادت مفاهيم العمل التعاوني والجماعي والتطوعي كأداة لمقاومة الاحتلال وتوفير سبل الحياة لأفراد معتمدين على ذاتهم وأنجزوا مبدأ الاكتفاء الذاتي خاصة أن تلك الفترة امتازت بالمقاطعة الكاملة للمنتوجات الاسرائيلية، وبالتالي كان الانتاج التعاوني بمثابة البديل. كما ويمكن القول أن نموذج التعاونيات ودورها الطليعي كان بإمكانه الاستمرار، لكنه عانى من نقص في رأس المال وعدم متابعة الفصائل الفلسطينية بالعموم وبالاخص قيادة منظمة التحرير لإستمرار مقاطعة منتوجات الاحتلال، حيث كان توقيع اتفاقية اوسلو وما تبعه من اتفاقات كإتفاق باريس الاقتصادي الذي عمّق التبعية الاقتصادية للاحتلال الاسرائيلي.
ففي فلسطين ، فقد عرف العمل التعاوني في مطلع القرن العشرين اثناء وجود الانتداب البريطاني وأخذ شكلا اولياً من التعاون من خلال مساهمات أفراد من الأسر الممتدة وعملهم المشترك وإعادة تقسيم المنتوج حسب المساهمات ، حيث كان هذا العمل مقتصراً على العمل الزراعي، وكانت أول جمعية تعاونية أسست في فلسطين عام 1933 جمعية لمزارعي التبغ والحمضيات، وأسست آنذاك جمعيات زراعية، قطف وعصر الزيتون، التوفير والتسليف، الحصاد، الصيد السمكي، بناء البيوت وتعاونيات الخدمات والتعاونيات الاستهلاكية. وكانت تلك التعاونيات تهدف بإنشائها حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للأعضاء ومن ثم انعكاسها على المجتمع.
إذن، فالتعاون هو طبيعة إنسانية ومحبة للعونة التي كانت تنتشر في فلسطين بهدف المساعدة في مجالات عديدة، والتعاون كذلك هو مفهوم ونظام اقتصادي واجتماعي يهدف الى تجميع جهود مجموعة من الأفراد لتحقيق رغباتهم وحاجاتهم المشتركة، حيث لا يستطيع الفرد الواحد تحقيقها لوحده او القيام بتنظيم ذاتي للأفراد.
والتعاون أخذ العديد من القيم للمساعدة والمسؤولية الذاتية وضمن المسائلة الديمقراطية داخل هذه التعاونيات. وامتازت التعاونيات بالعمل الجماعي في إطار المساواة والعدالة والتضامن. وانتشرت من خلال تلك التعاونيات قيم عديدة مثل الأمانة والصراحة والمسؤولية الاجتماعية والانفتاح والاهتمام بالآخرين. وامتازت مسألة إنشاء الجمعيات التعاونية في فلسطين بقضية حرية الانضمام لها والتطوع بهدف تلبية الاحتياجات الضرورية، وتجسدت بها مفاهيم الديمقراطية بإنتخاب المسؤولين عليها وامتازت باستقلاليتها ومساهمة الأعضاء برأسمالها وتوزيع الارباح جزئياً على الأعضاء والباقي على التطوير والخدمات التي تمس الأعضاء والمجتمع المحلي.
إضافة لما ذكر، فإن التعاونيات بأمسّ الحاجة لتطوير وتكريس إقامة المشاريع المشتركة وتبادل المعلومات والكفاءات والتدريب والتسويق بهدف ضمان السعر. إن ما ذكر يوصلنا إلى انتشار القيم الديمقراطية داخل المجتمع، وتبقى المسؤولية هي الرعاية الجادة والمتابعة من قبل السلطات المسؤولة والدعم المالي من خلال التسليف والاقراض لزيادة رأسمال الجمعيات وتوجيهها لزيادة خبراتها والتدريب المتواصل وزيادة المعرفة. إن الاهتمام بهذا النوع الاقتصادي المساند أو بإعتباره البديل الأولي يخدم المجتمع المحلي إقتصادياً وإجتماعياً من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية مثل تطوير الأماكن العامة ودعم رياض الأطفال ورعاية بيوت المسنين والمدارس والمستشفيات والنوادي.
إذن فهذا النوع من الاقتصاد ينعكس إيجاباً على التنمية الريفية ويجذر الدور النسوي لتأخذ المرأة دورها المنوط بها واستقلاليتها القيادية الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم السياسية، وإبراز دورها في القيادة والانتاج والتسويق، كما وينعكس ذلك على التخفيف من حدة البطالة والبطالة المقنعة وخلق فرص جديدة للعمل والتخفيف من حدة الفقر وتؤدي إلى تكاتف الفقراء لتحويلهم إلى قوى إقتصادية وإجتماعية وإسناد بناء المجتمع المدني المؤسساتي.
لاحقاً ، خضعت التعاونيات في الضفة الغربية للقانون الأردني للتعاون لعام 1956 والذي لا زال سارياً حتى الآن، أما في قطاع غزة فالتعاونيات تخضع للقانون المصري للتعاون المقر منذ عام 1933 ولا زال مطبقاً حتى الآن. وفي ظل الاحتلال الصهيوني فقد حاول الاحتلال الحد من وجود التعاونيات الانتاجية، ففي أواخر السبعينيات ساند الاحتلال روابط القرى التابعة له وعمل على تنشيطها وإقامة تعاونيات تابعة بدءاً بتعاونيات شبكات الكهرباء حتى يؤثر على الأرياف ومن اجل خلق قيادات سياسية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك. كما وقام الاحتلال بتعديل قانون الجمعيات التعاونية عبر إصداره للقرارات العسكرية المتعددة ومن أهمها التدخل في إنتخابات الجمعيات ونتائجها. لكن ، ومع نشوء السلطة الفلسطينية فقد شكلت دائرة خاصة بمسألة التعاون ضمن وزارة العمل بعدة فروع، ورغم تعهداتها ضمن القانون في المادة (28) والصادر عام 2004، فهو مجرد حبر على ورق ووعودات ويخلو من أية توجهات وخطط استراتيجية وغير فاعل، حيث لا يعزز ولا يدعم العمل التعاوني في فلسطين.
وحول تعداد التعاونيات في مناطق السلطة الفلسطينية فقد "بلغ عدد التعاونيات المسجلة حوالي 850 تعاونية يعمل فيها 424 مشتغلاً منها 10 تعاونيات ترأسها نساء ويعمل فيها 120 مشتغلاً"(2) فيما "بلغ عدد التعاونيات 850 جمعية تعاونية تضم في عضويتها 55 ألف عضو ، منها 553 جمعية عاملة و 297 جمعية مصنفة بأنها غير فاعلة. وفي هذا الإطار يبلغ عدد النساء المشاركات في جمعيات تعاونية نسوية 7052 موزعات على 40 تعاونية نسوية ، إضافة إلى أكثر من 3 آلاف عضوة مشاركة في تعاونيات مختلطة مع الرجال وموزعة على 60 تعاونية بأنواعها المختلفة".(3)
إن هذه الأرقام التي ذكرناها تشير إلى الفجوة العالية ما بين إحصائيات الجهاز المركز الفلسطيني وتصريح وزير العمل ، وهذا يعكس عدم دقة الإحصاءات لعدد التعاونيات وبخاصة لوجود عدد كبير من التجمعات التعاونية غير المسجلة رسمياً ، وذلك بسبب الإجراءات البيروقراطية وعدم وضوح تلك الإجراءات، كما وهناك تعقيدات والتزامات مادية يجب دفعها حال التسجيل بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المجتمع المحلي. هنا كان من المتوجب على وزارة العمل أن تكون في موقع الميسّر لهذه الجمعيات وليس المنفـّر . نستنتج هنا غياب السياسات الجاذبة والقوانين الداعمة للتعاونيات وغياب الاستراتيجية والتي من شأنها النهوض بالحركة التعاونية وبالضرورة إعادة النظر بالقوانين السائدة والتي عفى عليها الزمن وسن قانون جاذب يحمي العمل التعاوني. هذا يتطلب أن تتبنى السلطة الفلسطينية تنمية شاملة معتمدة على ذاتها وتنمية مقاومة للاحتلال من ضمنها التعاونيات، كما ويتطلب ذلك عمل حملات واسعة تقوم بتنظيم وتعبئة وتوعية الجماهير للضغط على أصحاب القرار لتبني نهج العمل التعاوني البديل.
إن توفير الحماية والدعم لهذا النمط التعاوني يسهم في تنمية صمود المجتمع وقدرته على تخطي العقبات القائمة للوصول الى الترابط ما بين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وهذا يعني تكريس سياسة الاعتماد على الذات وزيادة الانتاج المحلي والمساعدة بسد جزء كبير من الاحتياجات. إن إعادة النظر بالقوانين وسن قوانين جديدة كما أسلفنا سيفسح المجال أمام تطوير الانتاج والاكتفاء الذاتي والمطلوب هنا من السلطة أن تبتعد عن إتباع السياسة الليبرالية والتي تعمل على الأسواق المفتوحة ، حيث تمنع من بناء وتطوير نموذج العمل التعاوني والنماذج الاقتصادية الأخرى. المطلوب أيضا دعم التوجهات للخلاص من التبعية على الاقتصاد الاسرائيلي ومقاطعته تماما والخلاص من الاتفاقيات المجحفة.
المهمة الوظيفية للتعاونيات
تنطلق مهمة التعاونيات الوظيفية كمقاربة تنموية لمشروع الدعم لتحسين وضعية عمل المرأة الريفية والتدبير المستدام للمجال الحيوي للمشروع التعاوني كوسيلة للنساء المنخرطات في التعاونيات للانتاج والتسويق للمنتوج وفي تحسين استقلاليتهن الاجتماعية والاقتصادية وتغيير سلوكياتهن في أفق يجعلهن مشاركات فاعلات في إدارة شؤون التعاونيات ومنتوجاتها وليستجيب لمعايير الجودة العالمية ، وبغية إكتسابهن قدرات مهنية من أجل تسويق أوسع لمنتجات التعاونيات على الصعيدين الوطني والدولي. وتبتغي مشاريع تأهيل التعاونيات كذلك الى تقوية القدرات المؤسساتية والتنظيمية للتعاونيات، تأهيل البنيات التحتية للتعاونيات، توفير آليات وتأهيل طرق الانتاج وتطوير وتثمين المنتوج، دعم التسويق، دعم العلامة التجارية وتنمية الجودة ، ووضع برنامج لفائدة النساء المنخرطات في التعاونيات.
"إن تكوين العنصر البشري من حيث التنظيم والانتاج والتسويق يعد المدخل الطبيعي والضروري لتطوير العمل التعاوني وذلك في أفق يجعل نتاج التعاونيات دعامة أساسية لتنمية محلية مستدامة وذلك في إطار تأهيل التعاونيات النسائية وتسويق منتجاتها عبر رفع المستوى التعليمي والمهني لمواردها البشرية".(4)

المساواة والتنمية النسوية التعاونية
هناك ضرورة لتعميم سياسات مراعاة المساواة بين الجنسين في تنمية القطاع التعاوني وتطوير الأعمال والمشاريع من خلال تطوير حملات مناصرة لتغيير بعض القوانين والضغط لوضع سياسات تراعي النوع الاجتماعي ، وتخصيص صناديق خاصة بتمويل التعاونيات، قروض، تمويل وبما يتماشى مع قيم العمل التعاوني وقيم المجتمع بدل الإعتماد على الهبات والمنح في تمويل الجمعيات.
من ناحية أخرى من المفترض أن يتم دعم وتعزيز التعاونيات النسوية القائمة، وأن تقوم الإدارة العامة للتعاون بتشكيل فريق متعدد التخصصات ، إقتصادي ، تعاوني، إجتماعي بحيث يقوم الفريق بمراجعة وتقييم شامل للجمعيات القائمة لتحديد فرص النجاح لمشروعاتها ومعرفة مدى تطبيقها لقيم ومباديء العمل التعاوني. وهذا يتطلب توفير نماذج وأدوات خاصة في تطوير الأعمال وتطبيقها على نماذج لجمعيات تعاونية تعمل في مجالات مختلفة من إدارة المشاريع، التسويق، المفاوضات، التخطيط والادارة المالية، والعمل على إيجاد أسواق او عقود تسويق خاصة في المنتجات الريفية وخاصة المطرزات والمخللات والمجففات وإعطاء صفة تفضيلية للمنتجات التعاونية النسوية في مشتريات بعض المؤسسات المحلية أو العمل على إيجاد هذه الصفة في عقود التصدير لبعض البلدان العربية والأجنبية.
كما ويجب توفير حاضنة لرعاية تطوير المشاريع الصغيرة، بحيث تشمل الحاضنة تقديم مجموعة من الخدمات الاستشارية واللوجستية التعاونية النسوية، ومن ضمنها تقديم التدريب والمتابعة والاشراف والتوعية التعاونية، وتشجيع المؤسسات المحلية وخاصة الهيئات المحلية على إستضافة الجمعيات التعاونية النسوية في مقراتها وتوفير الأجهزة اللازمة لها.
إنه من الضروري بمكان العمل على تشجيع العمل التعاوني النسوي في قطاعات جديدة مجدية، وبالتعاون مع المؤسسات الأهلية والخاصة ذات العلاقة وبناء قدرات التعاونيات في هذه القطاعات الجديدة ليشمل ذلك أيضاً تطوير مواد مرجعية لمساندة النساء حول كيفية تشكيل وإدارة المؤسسات التعاونية.
واقع الحال يتطلب بناء قدرات المرشدين التعاونيين في وزارة العمل على مباديء وآليات تطوير المشاريع وتحليل المخاطر والجدوى الاقتصادية وقضايا المساواة بين الجنسين ، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والقيادة النسوية ومؤسسات الأمم المتحدة. إن هناك ضرورة "للتدقيق في سوق العمل غير الرسمي، خاصة العمل في الريف والعمل المنزلي، لأنه غير مدفوع الأجر، ولا يدخل في حسابات الانتاج والناتج القومي، رغم أن عوائده الاقتصادية والاجتماعية عالية".(5) إن هناك إنحصار للعمل التعاوني النسوي في إطار الرؤية التقليدية والموروث الاجتماعي لدور المرأة ، وان معظم الجمعيات التعاونية النسوية تعمل في مجال الزراعة أو في الصناعات الغذائية الزراعية، والتطريز والتي حصرت مشاركة المرأة في دور محدد، دون إشراكها في العملية الانتاجية.
من ناحية أخرى فإنه ينبغي على مؤسسات المجتمع المدني والأهلي والأطر السياسية العمل من أجل إحداث فرص عمل ، والمبادرة لزيادة العمل الانتاجي في الجمعيات التعاونية النسوية وتحويل هذا الموضوع إلى قضية إجتماعية، من أجل إحداث تغيير في دور ومشاركة المرأة الاقتصادي والاجتماعي. إن هذا من شأنه تعزيز الانتاجية ومشاركة المرأة في سوق العمل، وتضاعف من مساهمتها في تحمّل أعباء إعادة التأسيس وبناء مؤسسات الدولة. ويشار إلى "تدني مشاركة المرأة الفلسطينية في العملية الانتاجية والتي هي الأدنى عالمياً، والتي لا تزيد مساهمتها على 4.15% ، في حين تظهر المؤشرات الاحصائية بأن أعلى نسب البطالة تقع بين صفوف النساء داخل فئة المتعلمات ، وداخل الفئة العمرية 20 – 24 عاما".(6)
إن مبادرات تطوير التعاونيات ، من الممكن جدا أن تكون احد الأدوات لزيادة مشاركة المرأة في الانتاج. وهذا يتطلب إقرار قانون وتشريع للعمل التعاوني وتطوير الشراكة المجتمعية والتنمية وتحويل هذا القطاع إلى قطاع إنتاجي، بدلاً من دورها الإغاثي. إن دعم الجمعيات التعاونية يجب أن يستهدف منح فرص جديدة للشباب والشابات وجسر الهوّة بين الأجيال وتحديد إحتياجات الجمعيات للمشاركة في الانتاج والخدمة التي تقدمها، والموارد والمصادر التي تحتاجها، وفقاً لتوجهات تعزيز العدالة الاجتماعية والحقوق في العمل وخاصة فيما يخص التعاونيات من خلال توفير المناخ الاقتصادي لعمل التعاونيات، والتي من شأنها أن تساهم في توفير فرص عمل كثيرة، وتساعد في إشراك النساء والشباب.
"إن عضوية معظم الجمعيات ما زالت محدودة، حيث تتراوح العضوية من 11 عضواً إلى 800 عضو، ولم تزداد العضوية مع نمو الجمعيات، ولكن تلتزم معظم الجمعيات النسوية في النظام الداخلي".(7)
إن العمل النسوي التعاوني يساهم في رفع شأن المرأة وتحقيق المساواة للنوع الاجتماعي، ويعمل على مقاومة العنف العام على أساس الجندر، وتحصين الحوكمة وإشراك المرأة في الحياة العامة والسياسية وتأهيل المرأة إقتصادياً. إن مشاركة النساء في العمل التعاوني هي حديثة ، حيث أن معظم الجمعيات التعاونية النسوية تشكلت بعد عام 2000، نتيجة لتوجه المؤسسات التنموية المحلية لدعم النساء وتدعيمها ونتيجة لوجود آفاق تمويلية. وإن أهم التحديات التي تواجه إنخراط النساء في العمل التعاوني هي التحديات الاجتماعية والثقافية والتنظيمية، والنمطية في تقسيم العمل بين المرأة والرجل، والعادات التقليدية الفلسطينية والممارسات الأبوية والنمطية القائمة على المساواة بين الجنسين، وقلة الموارد والدخل عند النساء، وعدم تصرف النساء في ممتلكاتهن أو دخلهن وصعوبة تنقل المرأة والوصول الى فرص التعلم والتدريب، وتدني نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة ، ومحدودية فرص سوق العمل وضعف آليات التسويق.

التعاونيات وإقتصاد السوق الاجتماعي
إن هناك أبعاداً إجتماعية وثقافية وتربوية في قضية التعاونيات ، فلا بد من الاهتمام بها حتى يكون الناس مؤهلين لإستيعاب العمل التعاوني ويبدأ هذا البعد بداية من التنشئة في السنوات الأولى للطفولة كذلك الاهتمام العام على المستوى الاعلامي، وهذا مدخل للولوج لطريق العدالة الاجتماعية.
أما من ناحية ماهيّة الاقتصاد وإقتصاد السوق ، فإن هناك جدلاً حول ذلك، فهل نعني هنا بالاقتصاد، إقتصاد السوق الحر أو بمعنى آخر المحرر من كل الفوائد أو القيود في مجال الانتاج والتبادل والاستثمار والاستهلاك؟ وهل يضمن هذا النوع من إقتصاد السوق الحر الكفاءة والعدالة في التوزيع؟ إن إقتصاد السوق الحر يترتب عليه تنامي الاحتكار، لذلك فما نعنيه هو إقتصاد السوق بضوابط وإذا قلنا ان اقتصاد السوق الاجتماعي هو اقرب المفاهيم المتاحة الى ذلك السوق الذي تحكمه ضوابط الكفاءة وتحمل العدالة، فإن هناك ثلاثة انواع من الملكية مشاركة في هذا الاقتصاد: الملكية الخاصة الوطنية والملكية العامة والملكية التعاونية، والعالم كله الآن يتجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي، وفي هذه الحالة تكون التعاونيات جزء منه.
إن توفر وتواجد اشكال الملكية الثلاثة ومنها التعاونية يحدث حالة من التوازن بين الأداء الاقتصادي، فهناك القطاع الخاص الوطني الذي يمارس الاحتكار والملكية العامة والتي هي غير موجودة الى حدّ ما ، والتعاونيات التي تحتاج إلى النهوض بها ورعايتها ودعمها وحمايتها. فمثلاً، فإن "التعاونيات في الدول الاسكندنافية مثل السويد ، فالملكية التعاونية في مجال الانتاج وفي مجال الاستهلاك تلعب دوراً محورياً في أن يكون إقتصاد السوق هو إقتصاد سوق إجتماعي. وفي ألمانيا الوضع نفسه، فالتعاونيات في هذه الدول تلعب دوراً مهماً في تحقيق التوازن داخل الأسواق."(8)
من ناحية أخرى يجب إنصاف المنتجين الصغار فهم ينتجون أشياء تباع بأثمان باهظة للمستهلك ولكن عن طريق وسطاء يأخذونها بأثمان بخسة وهؤلاء الوسطاء ينتمون إلى الملكية الخاصة الذين يعملون بمنطق السوق الحر أي بدون ضوابط، وهنا يتطلب السعي إلى إقتصاد بضوابط مبنية على قوانين وقيم ومباديء، وهذا الاقتصاد لا ينبذ المنافسة ولكن ينبذ المضاربة والاحتكار، فيجب إنصاف المنتجين الصغار من الفقراء بمواكبتهم بأحدث النظم لتثمين منتجاتهم وتجميعها وتقديمها بشكل قابل للتسويق. كما وأن هذا المنتج يجب أن يُنصَف وينظم وهذا يتطلب مجهودات ورعاية من الحكومة ولكن في إطار الاستقلالية التامة. فلا يجب أن تستعمل التعاونيات كآليات أو لأغراض سياسية أو حزبية لأنه يجب أن نبقى في إقتصاد إجتماعي مبني على الانسان ومن أجل الانسان. إذن هذا التنظيم يجب أن يتم في إطار التنسيق بين المسؤولين الحكوميين والاداريين ، والقطاع الخاص لديه مسؤولية إجتماعية ومجتمعية تجاه هذا الأمر، فلا بدّ أن يكون جميع الناس في المجتمع يعيشون عيشة كريمة لا يحتاجون إلى الصدقات ولكنهم بحاجة إلى دخل معقول بجهدهم.
إن مشكلة تسعير المنتج المعروض للمستهلك يكون مبنياً على التجارة التضامنية فيحصل المنتج على جزء يناسب المجهود الذي يبذله وتقلل من الوسطاء والمحتكرين والمضاربين، ولذلك فنحن نتشارك الآراء ونضع خطط للمستقبل عن كيفية التعاون فيما بيننا لإنشاء تجارة مبنية على الجودة والكمية وهذا هو الذي يمكـّننا من بناء جسور تواصلية مبنية على مصالح مشتركة وإيجاد آليات لذلك.
يجب العمل من أجل إرساء إقتصاد إجتماعي به إنصاف وعدالة وهذا يشجع على التوجه من أجل نسج علاقات متينة مع الاتحاد التعاوني العربي والذي من الممكن أن يكون الإطار الملائم لهذا التعاون المبني على مصالح متقاربة للمنتجين والمستهلكين وكذلك من يقومون بالوساطات الضرورية، والطموح ليس الوصول إلى السوق العربية فقط ولكن أي شبكة تسويقية عالمية أخرى. وهذا يتطلب إيجاد قوانين ضامنة ومنصفة وإقرارها.
إن المدخل التعاوني لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو مشاركتها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال دورها في رفع قيمة الناتج المحلي الاجمالي وتشغيل نسبة كبيرة من قوة العمل الداخلة لسوق العمل والمساهمة في التنمية البشرية من خلال تطويرها وتدريبها للعمالة غير الماهرة وتوفير الصناعات المغذيّة للصناعات الكبيرة.
إن هناك تشابهاً كبيراً جداً بين المشروعات الصغيرة والتعاونيات، فالمشروعات الصغيرة تعتمد على قوة العمل وبعض آلالات والمعدات ذات التكلفة المنخفضة بينما تقوم المنظمة التعاونية بممارسة أنشطتها بواسطة أعضائها أنفسهم وبإستخدام إمكانياتهم، أي أنها تعتمد على العضو وأسرته بالدرجة الأولى كذلك رأس مال المشروعات الصغيرة منخفض كما هي التعاونيات حيث أنها تعتمد على قيمة أسهم أعضائها. ومن أوجه التشابه قدرة المشروعات الصغيرة على الانتشار الجغرافي والمهني والاعتماد على الخدمات المحلية المتوافرة وكذلك التعاونيات ، فأي نوع من الأنشطة التعاونية يتم في أي موقع جغرافي والاعتماد الأساسي لا على الخامات المتوافرة في البيئة المحيطة بالنشاط التعاوني، ولكن تتميز التعاونيات عن المشروعات الصغيرة في أن بها روابط أفقية وراسية جمعيات عامة وإتحادات عامة وكذلك إمتداداتها الاقليمية والخارجية مما يوفر لها إمكانيات هائلة لتنفيذ العديد من المهام بتكاليف أقل وكفاءة أعلى. ولذلك يمكنها المساعدة في نمو وإزدهار المشروعات الصغيرة من خلال توفير البيئة المناسبة لإزدهار الاستمثارات الصغيرة والمتوسطة وتحقيق زيادة في الدخول الحقيقية للأعضاء والاحلال محل الدولة في ملكية الأصول الخاضعة للخصخصة ودعم وتطوير المشروعات الصغيرة ضمن القطاع غير الرسمي في الاقتصاد بالاضافة إلى مساهمة التعاونيات في التنمية البشرية.
إن الاقتصاد التضامني والاجتماعي قد أصبح بديلاً عن الاقتصاد الحر، وهذا الاقتصاد يجب أن تلجأ له الدولة كلما وقعت بأزمة، ونحن الآن نعيش أكبر أزمة مالية وإقتصادية، ولذلك يجب أن نقف على آليات هذا الاقتصاد أهمها التسويق ، وهذه إشكالية يعاني منها الاقتصاد، لهذا يجب التعامل مع التمويل التضامني والقروض الصغيرة، ولنصل إلى بدائل لإقتصاد السوق الحر والخروج من الأزمة، مع أننا غير راضين عن مستوى التزام القطاع الفلسطيني الخاص بمسؤولياته الاجتماعية، وبأن الشركات المحلية تنظر بهذا الخصوص بمنطق العلاقات العامة أكثر من كونها إحساساً بالمسؤولية تجاه المجتمع، فالمسؤولية الاجتماعية حقيقة تمارس قليلاً ولا تسهم في الجهد التنموي الاقتصادي. هنا بالضرورة قيام حركة مستهلكية حقيقية مستقلة ولها برامج مستدامة تضع نصب أعينها حقوق المستهلك أولاً. هذا يتطلب أن يعمل القطاع الخاص الفلسطيني بشفافية لإتاحة الفرصة أمام الجمهور لإستكشاف المعلومات والبيانات التفصيلية، وكذلك للمساهمين في الشركات العامة تطبيقاً للشفافية ونهج الحوكمة.
الاقتصاد الاجتماعي يشتمل على فعاليات متعددة منها الجمعيات والمؤسسات وصناديق التعاضد والتعاونيات بحيث يبتعد هذا النوع من المشاريع التشاركية نظرياً عن المنطق الرأسمالي حيث القرار لمن يموّل ، ولا يدعو إلى مراكمة الرأسمال. فالكسب هو هدف هذه الكيانات، لكن هذا لا يعني أنه لا يفترض بها تحقيق الأرباح الضرورية من أجل تأمين إستقرارها المالي، وبالتالي ديمومة بنيتها. إن الاقتصاد الاجتماعي كان على الدوام موجوداً في السوق ، لكن ليس في مجال التبادل النقدي.
إذن ، فالاقتصاد الاجتماعي تحركه مباديء الديمقراطية وتشكل خط قطيعة مع النظام الرأسمالي، ولهذا كان لا بدّ من إيجاد القوانين التي تعكس وعي الانسان وتفتـّحه وحرية إنضمامه والتوزيع العادل للثروة المحققة والاستقلالية عن الدولة، وقيم التضامن المشتركة والادارة المنصفة ما يضفي صفة المشاركة على إدارة المخاطر وإتخاذ القرارات. إن النسيج التعاوني يأتي لكي يسد الثغرات في الخدمات العامة خصوصاً بأوقات أزمة البطالة، لأن عجز الاقتصاد الرسمي عن توفير عدد كافي من فرص العمل قد يفتح المجال أمام منظمات مخصصة لتأمين فرص عمل للاندماج ووظائف لمدد قصيرة كانت تمولها عادة الدولة.
إن عملية تنظيم المزارعين وبخاصة النساء لعمل التعاونيات وتحديدا الزراعية لإستغلال الأرض الزراعية للزراعة والانتاج والتصنيع والتسويق تسهل نشر الخدمات الاساسية في الاوساط الريفية وتعيد القيمة الثقافية للريف الفلسطيني التي أضرت بها اغراءات العمالة بإسرائيل وكذلك هجمة المدينية. تلك التعاونيات بإمكانها العمل بالزراعة الحيوية وحماية أنواع البذار والاصناف المحلية.
الإقتصاد التضامني وتجربة أمريكا اللاتينية
فكرة وممارسة الاقتصاد التضامني في أمريكا اللاتينية ظهرت في منتصف الثمانينات، وازدهرت في منتصف وأواخر التسعينيات، حيث إستخلصت إتجاهات إجتماعية مثل الاستبعاد الاقتصادي الذي عانت منه أقسام شاسعة من الجتمع، وهذا الاستبعاد أجبر العديد من الفئات الاجتماعية الى تطوير وتقوية وسائل إبداعية ذات إستقلال ذاتي ومنزرعة محلياً للوفاء بالاحتياجات الأساسية بمبادرات مثل التعاونيات العمالية وتعاونيات المنتجين وجمعيات الأحياء والفئات الاجتماعية وهيئات الادخار والائتمان والمطابخ الجماعية ومنظمات المعونة المتبادلة للعمال العاطلين عن العمل. كما وأن هناك إتجاه آخر هو السخط المتنامي مع ثقافة إقتصاد السوق المهيمنة أدت بمجموعة من الناس الأكثر تميزاً إقتصادياً للبحث عن وسائل جديدة من الثقافة المضادة ، لإيجاد سبل معيشة ورزق حيث ظهرت مشاريع مثل التعاونيات للمستهلكين ، مبادرات رعاية الاطفال والرعاية الصحية التعاونية، تعاونيات الإسكان ..... .
كانت هناك غالباً اختلافات طبقية وثقافية ذات مغزى بين المجموعات التضامنية ، ورغم ذلك فإن المبادرات التي انتجتها تلك المجموعات تشاركت كلها في مجموعة مشتركة من القيم العملية مثل التعاون ، الاستقلال الذاتي عن السلطات المركزية، ادارة ذاتية تشاركية بواسطة أعضائها. وإتجاه آخر عمل على وصل الانتفاضات القاعدية من أجل التضامن الاقتصادي بين كل منها والآخر ووصل السياق الاجتماعي الاقتصادي الأوسع الى إنشاء حركات محلية ومناطقية بدأت في صياغة معارضة لقوى العولمة سعياً منها لإيجاد بديل ديمقراطي لكلا العولمة الرأسمالية وإشتراكية الدولة ، تلك الليبرالية الجديدة والعولمة الاستعمارية الجديدة تعرفت على مشاريع إقتصادية قائمة على أساس المجتمعات المحلية لعناصر اساسية للتنظيم الاجتماعي البديل.
"مساهمون من البرازيل والمكسيك والارجنتين وبيرو ونيكاراجوا وبوليفيا وكولومبيا واسبانيا في اللقاء اللاتيني الأول للتضامن الثقافي والاجتماعي الاقتصادي، الذي أقيم في 1998 في بورتو اليجري بالبرازيل، خلقوا شبكة التضامن الاقتصادي لأمريكا اللاتينية، حيث أعلنت الشبكة في بيانها "لاحظنا أن خبراتنا ذات سمات مشتركة كثيرة: العطش للعدل، منطق التشارك، الإبداع، عمليات الإدارة الذاتية والاستقلال الذاتي، يوصل تلك الخبرات المشتركة معا في دعم متبادل ، سوف يكون ممكناً العمل نحو تضامن إجتماعي إقتصادي كطريقة حياة تحيط بكامل حياة الكائن البشري".(9)
الاقتصاد التضامني ذو فكر إقتصادي راديكالي معاصر، يطرح أنماط متعددة من الانتاج، ويدعو لدراسة الممارسات الاقتصادية القائمة والتي تبني مباديء التعاون والكرامة والانصاف وتقرير المصير للذات وتتعامل بمبدأ الديمقراطية. الاقتصاد التضامني يعتبر إقتصاد بديل وليس تقليدي، بحيث يقوم على قواعد تضامنية في الانتاج والتبادل والاستهلاك ومتعدد الساحات. هذا الاقتصاد يرى أن التنمية الاجتماعية يجب أن تبدأ من الأسفل للأعلى في المجتمع ويصوغها أصحابها الذين يقع على كاهلهم الأثر الاقتصادي، إنه ناتج لكفاح تاريخي للناس الذين يعيشون ويتطورون بأنفسهم، يدعمون ويتصلون ويخلقون وسائل ديمقراطية تحررية للوفاء بإحتياجاتهم ونتيجة التغيير الاجتماعي.
وكما في البرازيل ، فإن حركة العمال بلا أرض ، هي حركة جماهيرية عريضة للعمال الزراعيين، حيث يطمحون للعدالة الاقتصادية والاصلاح الزراعي. قامت هذه الحركة ببناء برنامج قوي يجع بين العمل الاجتماعي والسياسي، وقاموا ببناء تعاونيات ديمقراطية على أرض إستولوا عليها من الأثرياء. نشط هؤلاء على أسس تضامنية تعاونية على مساحة البلاد، وهذا ينتج عن حل مشاكل آلاف الأسر الزراعية في الأرياف، بحيث ييتكون هناك تجمع أو إتحاد أو شبكة تضامنية مع كافة التجمعات هذه وتتطور لبناء أنظمة معونة متبادلة وتيسير التبادل وخلق برامج حاضنة للتعاونيات وتقوم بالمساعدة بتشكيل سياسات القطاع الأهلي تجاه المسألة الاقتصادية ، ولا تنحصر فقط داخل البلاد بل تتعداها لخارجها.

الجمعيات التعاونية للتوفير والتسليف(10)
بهدف النهوض في المناطق الريفية المهمشة والتي تفتقر لأبسط أنواع المساعدات والمشاريع، وبسبب إعتماد المزارع الفلسطيني وبخاصة النساء على القدرات الذاتية دون تنظيم ، سواء بالعمل الانتاجي او التصنيعي او التسويقي، جرى التفكير في إقامة جمعيات تعاونية بشكل بسيط جداً وأولي تهدف لعمل صناديق توفير او جمعيات مصغـّرة هنا وهناك ومن منطلق "العونة" والتطوع للمساعدة والمساعدة الذاتية. وفيما بعد تم حصر هذه الفكرة وتركيزها في النوادي النسوية التي أنشأتها الإغاثة الزراعية وأصبحت تحت رعاية جمعيات تنمية المرأة الريفية المنتشرة في كافة أنحاء مناطق السلطة الفلسطينية.
جرى تنظيم لهذه العملية من أجل تطويرها كتعاونيات نسوية من خلال تشكيل الجمعيات التعاونية للتوفير والتسليف ضمن برنامج للاغاثة الزراعية والذي تم تمويله من قبل صندوق التنمية الزراعية الدولي وأدير هذا البرنامج من قبل مؤسسة أنيرا أي المؤسسة الأمريكية لمساعدة اللاجئين في الشرق الأوسط. الهدف من هذا البرنامج هو "مساعدة العائلات الفلسطينية الفقيرة لتحسين مستوى معيشتها وزيادة دخلها من خلال إقامة المشاريع الصغيرة والمدرّة للدخل..." . تابعت الاغاثة الزراعية المشروع وأفرزت من ناحيتها مرشدات عاملات في النوادي النسوية بهدف "تنظيمها وتطويرها ومأسستها" حتى حصلت على التراخيص كجمعيات تعاونية متخصصة في عام 2002.
إن الأموال والمدخرات لتلك الجمعيات تأتي من التمويل الذاتي للنساء الأعضاء بالجمعيات كمساهمات. كما وتعتمد الجمعيات النسوية التعاونية هذه على بعض مصادر التمويل والهبات والقروض من جهات مختلفة كقروض ميسّرة ومعفيّة من الفوائد لزيادة رأس المال لمنح القروض للعضوات بالجمعيات لإقامة مشاريعهن الصغيرة المتنوعة.




والجدول التالي يبين التغيير في إجمالي المساهمات للأعضاء في الأسهم ما بين 2005 و 2008 موزعة حسب الجمعيات(11) :


النسبة من إجمالي مساهمات الأعضاء 31/12/2008 (%) نسبة الزيادة في مساهمات الأعضاء 2005 – 2008 (%) التراكمي
الأعضاء
أردني مساهمات
دينار مجموع

2008 2007 2006 2005 المحافظة
20.4 101.6 408728 331578 241760 202785 جنين
8.6 154.3 172833 126725 89106 67973 قلقيلية
2.8 24.4 55580 52454 44070 44690 طولكرم
14.4 198.2 288123 190971 129878 96609 نابلس
1.9 44.0 38324 36447 36392 26613 طوباس
6.4 13.0 127219 95597 114375 112551 سلفيت
9.0 105.2 180430 164520 148692 87913 رام الله
7.4 68.5 148955 118181 101119 88390 القدس
1.5 49.2 30559 26970 24233 20482 أريحا
3.6 176.6 72526 58017 37034 26219 بيت لحم
1.6 - 31898 - - - الخليل
22.3 24.6 447258 386336 372150 358904 غزة
100.0 76.7 2.002.433 1.587.796 1.338.809 1.133.129 المجموع








أما الجدول التالي فيبين اجمالي عدد وقيمة القروض تراكميا والتي صرفت للأعضاء في الفترة ما بين العام 2005 والعام 2008 (12) :


النسبة من تراكميا الممنوحة القروض احمالي قيمة % النسبة الممنوحة للقروض التراكمي العدد
قيمة
القروض
الاجمالية

2008

2007

2006

2005 القرض
لكل
عضو من عدد
القروض
التراكمي

2008

2007

2006

2005

المحافظة
24.8 1817535 1254085 934850 651450 1.3 24.2 1483 1202 1001 798 جنين
6.6 479885 347585 241045 161795 0.50 7.3 446 374 298 227 قلقيلية
2.6 192768 161818 140868 124601 0.40 4.7 285 243 209 183 طولكرم
13.6 998697 601647 416347 282547 0.80 12.1 742 585 461 356 نابلس
2.1 157294 127694 109534 75984 0.60 3.9 238 213 186 144 طوباس
9.5 699271 550071 343440 357740 0.60 10.3 632 537 452 376 سلفيت
9.3 677850 460300 313100 140500 0.40 7.4 450 325 233 118 رام الله
9.1 669650 598150 354950 217850 0.60 7.3 444 369 291 210 القدس
2.3 166600 126100 102500 71700 0.50 2.3 143 115 97 71 اريحا
2.0 149803 98103 58103 33603 0.40 2.7 168 114 66 42 بيت لحم
0.3 25550 - - - 0.10 0.7 40 - - - الخليل
17.6 1289528 1142860 1073800 97990 0.40 17.1 1048 967 907 842 غزة
100.0 7324431 5468413 4088537 3097760 0.60 100.0 6119 5044 4201 3367 المجموع

للعلم بأنه يجري إعداد برامج تدريبية للعاملين في تلك الجمعيات وكذلك للنساء العضوات ، حتى تستطيع العضوات والمقترضات الاستفادة من القروض في اقامة مشاريعهن، حيث يتم التدريب على العمل الجماهيري والادارة والاتصال وكتابة التقارير وغيرها من مواضيع ذات العلاقة.
من ناحية اخرى، فإن تلك الجمعيات بحاجة لدعم ونهوض من خلال تكثيف البرامج التدريبية والسنوية تشمل مواضيع ادارية مثل الرقابة والتنظيم والاتصال وكذلك ادارة المشاريع والتشبيك والترويج وكتابة مقترحات المشاريع والتخطيط والتحليل المالي واعداد الموازنات ...إلخ تستهدف الاعضاء والمشرفين.
كما وأن هناك ضرورة لتفعيل وتزيز علاقة هذه الجمعيات مع الاتحاد العام للجمعيات من خلال تقديم الدعم الفني واللوجستي للجمعيات ، كذلك ليتواصل الاتحاد مع مصادر التمويل الخارجي حتى تصل تلك الجمعيات للاستقلالية التامة عن التبعية للاغاثة الزراعية كدائرة من دوائرها وهيكليتها. كما ويتطلب من جمعيات التوفير والتسليف العمل على تأسيس مشاريع مدرة للدخل من باب تنويع مصادر الدخل لدى الجمعية، والذي من شأنه يقلل من نسبة المخاطرة ويزيد من الايرادات من خلال المشاركة في مشاريع مدروسة ومجربة مثل الجمعيات الاستهلاكية.
"وقد بلغ عدد جمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية 12 جمعية مرخصة موزعة على 11 جمعية بالضفة الغربية وجمعية واحدة بفرعين في قطاع غزة. وتضم في عضويتها النساء الريفيات بهدف تنمية اسرهن وقد بلغ عددهن 6086 عضوة موزعة على 135 مجموعة توفير وتسليف. وقد بلغ اجماعلي مدخراتهن 1697304 دولار بتاريخ 31/12/2006. أما اجمالي قيمة القروض التي تم صرفها لعضواتها منذ البداية فقد بلغت 4593490 دولار موزعة على 3918 قرض يفيد 2903 عضوة كما وتملك رأس مال عامل وبمحفظة اقراضية قائمة تبلغ قيمتها 191114 دولار امريكي.
وقد حصلت الجمعيات التعاونية النسوية هذه على قروض ميسرة من الاغاثة الزراعية وبنك التنمية الاسلامي وبرنامج الامم المتحدة الانمائي والصندوق العالمي للتنمية الزراعية، هذه القروض معفية من الفائدة وقد بلغت 5770000 دولار امريكي على مدار السنوات الثلاث 2005-2008 حيث تم استخدام هذه القروض لزيادة رأس المال العامل المخصص لمنح القروض الفردية المشار اليها، الا شأن المدخرات الشخصية لعضوات الجمعيات مثلت النسبة الأكبر من المبالغ المخصصة للإقراض الفردي داخل الجمعيات، وهو الأمر الذي يبعث على الاعتزاز بتجربة هذه الجمعيات، ويعكس كذلك مدى إيمان النساء العضوات بفكرة الجمعيات ودورها الريادي في تحسين مستوى معيشتهن وتعزيز دورهن على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي".(13)
إن هذه الجمعيات النسوية بحاجة لتخطيط اقتصادي مدروس وممنهج من حيث وضع خطة استراتيجية اقتصادية بخصوص القروض التشغيلية التي يقترضنها النساء لاقامة مشاريعهن الصغيرة. حيث يتطلب توجيه القروض لمشاريع تنموية اقتصادية تؤتي ثمارها من خلال اقامة مشاريع اقتصادية متنوعة في كافة المناطق، بحيث تكون تلك المشاريع التعاونية متكاملة تغطي نسبة من احتياجات السوق المحلي وبأفق الانطلاق خارج الوطن من مبدأ التصدير والتبادل التجاري وعقد اتفاقات اقتصادية تبادلية لتكون بديلا عن الاقتصاد الاسرائيلي، وتطوير تلك التعاونيات لتكوّن مراكز بيع وتسويق محلية وبجودة منافسة وبأسعار منافسة ايضاً. ان ذلك يتطلب اعادة النظر بالثقافة الاقتصادية المجتمعية المحلية وتطوير الموروث الثقافي الذي بدأ بنظام العونة والعمل التطوعي والتبادل السلعي ليصبح أداة اقتصادية مقاومة وبديلة متقدمة.

العمل التطوعي (العونة) وإشكالاته
هناك إستعداد ودوافع كامنة في أعمال الشباب الفلسطيني من الجنسين مصدرها الرغبة في مساعدة الآخرين وتعريض النفس للمخاطر دون خوف أو تردد من أجل فكرة، حاجة ، هدف أو مبدأ يؤمن به. إلا أن التجربة أخذت أشكالاً مختلفة من النمو والتطور.
بدأ العمل التطوعي كعمل اجتماعي منظم في فلسطين مع بداية العشرينات من القرن الماضي، غارسا جذوره العميقة خاصة في الظروف الصعبة التي كانت تمر بها فلسطين . "فقد سقطت فلسطين في يد الاستعمار البريطاني عام 1921 في مخطط لتنفيذ وعد بلفور في إقامة وطن قومي لليهود على الأراضي الفلسطينية. ومنذ ذلك الوقت عرف الفلسطينيون العمل التطوعي ومارسوه من خلال الجمعيات الخيرية، اللجنة العليا للعمل التطوعي، اللجان الاجتماعية والتطوعية المختلفة (على مختلف إنتماءاتها الفكرية والايديولوجية)، اللجان النسائية ولجان الاغاثة الصحية وغيرها. إن المجتمع الفلسطيني وبفعل الظروف القاسية التي عاشتها الجماهير الفلسطينية وبفعل عمل ودور المؤسسات الجماهيرية والنقابية والحزبية، الأمر الذي أدى إلى تعزيز مفهوم العمل التطوعي والتقريب بين فئات الشعب على إختلاف الوانها الدينية والمذهبية والفكرية والسياسية والاجتماعية وتعزز بذلك مفهوم الانتباه والولاء للمجتمع الفلسطيني بشكل عام، وشكل اللبنة الاساسية للعمل التطوعي الذي نما وازدهر ونمت معه المؤسسات التطوعية."(14)
نتساءل هنا ، هل ما زال التطوع يعبر عن قيم أصيلة يؤمن بها الشباب، رغم تضاؤل عملية هذا العمل وإنحساره؟ حيث أن مفهوم التطوع لدى الشباب مفهوما مختلفا عن السابق، وهل ما زال الاستعداد للتطوع والتوقعات منه مرتبطة بالمصلحة العامة؟ بسبب الخصوصية الفلسطينية من كوارث واحتلال وبطالة تحتاج للعمل التطوعي المنظم والمثابر رغم العقبات التي تواجه هذا العمل.
"إن أي عمل يقوم به فرد أو مجموعة من الأفراد من خلال تقديم قدراتهم وجهودهم ومواهبهم وأوقاتهم، بهدف تنمية مجتمعاتهم وتقديم المساعدة للآخرين بدون مقابل، هذا ما يعرف بالعمل التطوعي، والذي يعد في يومنا هذا اساسا لبناء المجتمعات، تطويرها، وتنميتها. حيث أن الحكومات لم تعد قادرة على القيام منفردة بدورها التنموي وسد إحتياجات أفرادها ومجتمعاتها، دون التعاون مع جهات أخرى تساهم بشكل موازٍ في تنمية المجتمع".(15)
وقد كان لمشاركة المرأة الفلسطينية بالأعمال التطوعية، دورها المميز وبالذات بعد عام 1921 عندما اتخذ التطوع شكلا اكثر تنظيماً من خلال العديد من الممارسات والأنشطة التطوعية والذي كان جوهرها يأخذ الطابع الاجتماعي والتربوي والصحي والإيوائي مثل أنشطة الاتحادات النسائية وغيرها، وإتسعت دائرة الأعمال التطوعية في أعقاب المؤتمر النسائي الفلسطيني الذي عقد في مدينة القدس عام 1929 الذي حضرته أعداد كبيرة من سيدات مختلف المدن الفلسطينية ، وكان من قراراته ضرورة تأسيس الجمعيات التطوعية النسائية في مختلف المدن الفلسطينية. وامتد عطاء المرأة الفلسطينية بمشاركتها للمرأة العربية عندما عقد المؤتمر النسائي العربي في القاهرة وخروج المؤتمر بعدة توصيات أهمها ضرورة تأسيس جمعيات خيرية عربية في مختلف المدن العربية.
وكان للنشاط الخيري دوره "خلال إضراب عام 1936 وفي كل الأحداث التاريخية والسياسية التي مرّ بها الشعب الفلسطيني وفي أعقاب حرب 1948 وإستجابة للظروف العصيبة التي ألمّت بالشعب الفلسطيني من تشريد وتهجير وتجويع وترمّل ، وبعد النكبة عام 1948 كان على القطاع التطوعي أن يعتمد على ما تتوفر له من إمكانيات وتحمّل معظم العبء دون أن يضع في حساباته توقع أي تعاون او دعم من الجهات الرسمية. أقيمت عام 1958 ثلاث اتحادات للجمعيات الخيرية لتقديم الخدمات الاجتماعية كالخدمات الطبية المختلفة والخدمات التعليمية والمهنية وخدمات رعاية المعوقين والمسنين. وفي عام 1980 تم انتخاب اول هيئة للجنة العليا للعمل التطوعي في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي ضمت أثناء تأسيسها 37 لجنة مثـّلت 1200 متطوع، وبعد عام واحد فقط أصبحت تضم 76 لجنة عمل وتمثل 3500 متطوع ، وتفيد الاحصائيات أنها في ذلك العام إستطاعت تقديم 31.000 يوم عمل تطوعي في القرى والمخيمات ومدن المناطق المحتلة".(16)
إن الدوافع الكامنة وراء التطوع تختلف من شخص لآخر، ومن مؤسسة لأخرى، ومن مجتمع لآخر. ولكي نستطيع فهم هذا الإختلاف لا بدّ من الوقوف على ذلك، والرؤية السليمة لواقع التجربة والعمل المؤسساتي والحاجة المجتمعية ، فكان الدافع وراء العمل التطوعي له أكثر من بُعد، منها دعم الجوانب الأخلاقية في المجتمع وتطوير المهارات الشخصية في فهم الآخر. كذلك تطوير مهارات الاتصال وزيادة المعرفة والتعارف، سدّ الفراغ عند الشباب، إعتباره فائدة لزيادة الخبرة والبحث عن عمل، ويزيد الثقة بالنفس، زيادة الإنتماء الوطني كذلك حب التجربة والإستكشاف.
أما الدافع الأساس هو العامل والدافع الشخصي من وراء التوجه للعمل التطوعي، بهدف فهم أثر هذا الجانب على العمل التطوعي كمتغيّر يأخذ بتشكيل الدافعية والمبادرة والتوجه نحو التطوع، وبالرغم من ذلك فيمكن القول أنها قد تشكل أيضاً أخطر الدوافع لإرتباطها بجوانب شخصية، والتي قد تؤدي إلى تخبطات مختلفة لدى كل من المتطوع والمؤسسة في حال عدم دراستها وفهمها والاستعداد لها من خلال العملية التطوعية قبل البدء بالبرامج التطوعية المختلفة في أي مؤسسة.
"هناك العديد من النظريات التي فسّرت دوافع ومحفزات التطوع ومنها نظرية (كيد) والتي تحدث فيها عن وجود عوامل داخلية وخارجية تتعلق بالحافزية والدافعية للتطوع، ومن العوامل الداخلية يأتي البحث عن الأنشطة والمتعة والفرص المختلفة، الحاجة إلى الشعور بالرضى عن الذات، والحاجة إلى التفاعل الاجتماعي. وأما عن الدوافع الخارجية فقد تناول "كيد" الرغبة في الانتاج، الحاجة الى التعزيز اللفظي والمعنوي بأشكاله المختلفة. ومن النظريات أيضا حول الدوافع التي غالبا ما يشار إليها في ادبيات التطوع لـِ "فيتش" والذي اشار فيه الى ثلاث فئات من الدوافع: حب الخير، إرضاء الأنا ، التفاعل الاجتماعي. وعن دافع حب الخير فيمثل الرغبة بمساعدة الآخرين، أما عن إرضاء الأنا فمن خلال زيادة المهارات ، والمعرفة، وإحترام الذات ، وأما الدوافع الاجتماعية فتعبّر عن البحث عن الانتماءات الاجتماعية والأنشطة."(17)
وتميز العمل التطوعي التنموي في الاراضي الفلسطينية تاريخيا بإعتماده على مبادرات منظمات المجتمع المدني، وكان للمنظمات الأهلية دورين أساسيين هما مقاومة الاحتلال الاسرائيلي من جهة ودعم أفراد المجتمع الفلسطيني من جهة أخرى وحمايته من قسوة الاحتلال وسياساته التدميرية على كافة الاصعدة. وقد نشأت هذه المؤسسات في محاولة عقلانية من الفلسطينيين لتلبية إحتياجات الشعب الفلسطيني في ظل غياب حكومة وطنية. وبالرغم من السلبيات التي إتسمت بها بعض هذه المؤسسات الا أن نشوئها كان يروة مجتمعية فريدة في تشعبها ونشاطها وتخطيها للحدود المعتادة لمثل هذه المنظمات غير الحكومية.
"مع إنشاء السلطة الفلسطينية، واجهت هذه المنظمات وضعاً حرجاً ، إذ أن دور هذه المنظمات المستقبلي في ظل السلطة أصبح غامضاً من ناحية العلاقة بينهما والقاعدة القانونية التي تحكم هذه العلاقة من النواحي العملية".(18) حيث تميزت العلاقة بين مؤسسات السلطة والمؤسسات الأهلية بالتعاون تارة والتنافس تارة أخرى، وأنه من الملاحظ ان هناك إرتباط بين نشاط المنظمات الأهلية ومعدلات الفقر التي تقل في المناطق التي تزداد فيها هذه المنظمات، وبالرغم من التاريخ الجماهيري للعدد الأكبر من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، إلا أن هناك تراجعاً ملحوظاً في عدد المنتسبين إليها، وفي محدودية التواصل بينها وبين الجمهور خاصة في مجال تحديد الأولويات والمساهمة في صنع القرار والمشاركة في التنفيذ.
لقد "عزز غياب أولويات فلسطينية واضحة تتمحور حول منظور تنموي فلسطيني متفق عليه، وآلية تنسيقية فاعلة بين السلطة ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، حالة من الإرباك، مما أتاح فرصة مناسبة ومريحة لتطبيق أجندات المانحين التنموية ومنظورهم السياسي، وتعزيز تبعية مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني لهم. وبالتدريج تنامي إعتمادها على المانحين الخارجيين في تمويل مشاريعها التنموية والخدمية، وإهمال الاعتماد على الذات، مما أدى ويؤدي إلى تحكم المانحين في الخطط التنموية الفلسطينية وبالتالي في تطور المجتمع المدني، احدهما إيجابي يتمثل بتوفير الأموال للمشاريع، وتوفير التدريب وبناء القدرات، والآخر سلبي يتمثل بفرض ما يخدم سياساتها وتطلعاتها للمجتمع الفلسطيني مقابل الدعم المالي."(19)
وبرغم التراجع العام في مفاهيم وقيم التطوع في الآونة الأخيرة مقارنة بالسابق والبدايات، إلا أن الأعمال التطوعية أخذت أشكالاً أكثر تنظيماً أحياناً وبشكل أصبح تقليداً في مناطق محددة. ومن أجل زيادة التطوع وإنتشاره وإعادته لسابق عهده، ضرورة عمل المؤسسات الشبابية على:
- أن تلعب المؤسسات دورا إيجابياً في تشكيل مفهوم وقيمة التطوع وعدم ربطه بحوافز مادية وبالضرورة التمييز بين التدريب والتأهيل وبين التطوع، ونوضح هنا بأن التدريب هو ليس عمل تطوعي حتى لا تشوش أفكار ومفاهيم الشباب تجاه مفهوم التطوع.
- ضرورة توفير الأنظمة والسياسات الواضحة لدى المؤسسات توضح بها حقوق وواجبات المتطوع وأدواره للتقليل من سقف التوقعات والحدّ من مشاعر الإحباط والتخبطات المختلفة.
- ضرورة وجود رؤية وطنية واضحة لصياغة مفهوم التطوع والعمل على الحفاظ عليه ووضع قوانين لحمايته وحماية العاملين عليه.
- التخطيط لسياسات مؤسسات التنشئة الاجتماعية، والكشف عن جوانب القصور في مجال العمل التطوعي.
- محاولة فهم وتقبل احتياجات الجيل الجديد من المتطوعين وتطويع البرامج التطوعية الموجودة بحيث تلائم الاحتياج المجتمعي مع إمكانياتهم وقدراتهم وإمكانيات المؤسسات.
- تطوير نظم إدارية تعمل على إدارة شؤون التطوع وتوضيح القضايا المتعلقة به من المفاهيم، الأدوار، الحقوق والواجبات، إمكانيات المؤسسة وغيرها.
- العمل على صياغة قانون وطني يحمي كل من قيمة ودور التطوع والمتطوع ويضغط على كل من المؤسسات المجتمعية المختلفة لتبنّيه وبرمجته ضمن برامجها المختلفة.
- توحيد مفاهيم المؤسسات التعليمية من مدارس ومعاهد وجامعات لرؤيتها للعمل التطوعي كمفهوم وقيمة وخلق آليات لجميع الدارسين، وهذا يتطلب إقرار من قبل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، حتى تزداد نسبة المشاركة بالتطوع وتصبح عادة مستدامة وتترسخ ثقافة التطوع لدى الشباب.
فثقافة التطوع بحاجة لإستراتيجية وعدم إبقائها عشوائية، وهذا يتطلب تكامل للأدوار ما بين السلطة الرسمية والمجتمع المدني وتوفير قاعدة بيانات لوضع الاستراتيجية للعمل.
كل ما تطرقنا له بإختصار، فإن التطوع يأخذ دورا إقتصاديا واسعا كعمل طوعي بدون مقابل مالي ومادي ويسد الكثير من الثغرات من البطالة والفقر ويساعد على توفير ما تعجز عنه الجهات الرسمية للمناطق والمرافق المهمشة في المجتمع وتأخذ الشكل التعاوني الطوعي.

التعاونيات والتشريعات
عمدت السلطة الفلسطينية على استصدار نظام رقم (02) عام 2004 والذي صدر بتاريخ 22/3/2004، في المادة (28) والتي تحض الادارة العامة للتعاون ، بأن أمامها العديد من المهام والاختصاصات، والتي في معظمها الساحق يتم التعامل والتفاعل معها بل بقيت كتشريع وقوانين على الورق. فوزارة العمل والمعهود اليها العمل مع التعاونيات ورعايتها ، تطرح : بأنها تعمل على "المساهمة في نشر الوعي والثقافة التعاونية والتعريف بالمباديء والمفاهيم والقيم التعاونية وتشجيع العمل الجماعي المنظم". في حين أنه ليس لها أي دور يذكر بذلك، مع العلم أنها تستخدم موظفين للعمل على ذلك دون فائدة. كما وتطرح "تقديم الخدمات التعاونية وتشجيع تأسسيس وتسجيل الجمعيات التعاونية وتكوين بنيانها وانشاء مؤسساتها الخدمية المساندة ضمن مبدأ الاعتماد على الذات وتوسيع قاعدة المشاركة الديمقراطية لفئات المجتمع الفلسطيني كافة." حقيقة لم نلحظ اي خدمة قدمت لأي تعاونية تذكر سوى التراخيص حين تتقدم مجموعة من المواطنين للترخيص، يطلب منهم الأوراق الرسمية الروتينية بشرط أن تكون مكتملة، فيحصلون على الرخصة. في حين من المفترض ان تقوم الوزارة بمسوحات على التعاونيات وتصنيفها وتحديد الضروري منها لترخيصه حسب حاجة المجتمع المحلي. لهذا فهي تفتقر لأية أرقام حقيقية عن واقع وتعداد تلك الجمعيات وحاجة المجتمع لأي منها.
من ناحية أخرى، تؤكد الوزارة من خلال القانون على "تقديم الخدمات التعاونية المساندة في مجال التدريب والسعي لإقامة المركز التعاوني الفلسطيني بهدف التدريب والتثقيف والتعليم التعاوني". وهذا المطلب لم يتقدم خطوة للأمام من أل إنجازه وبقي في أروقة الوزارة. كما وتسعى الوزارة "لتنظيم العلاقة مع الجمعيات والاتحادات التعاونية وتشجيعها على الإرتباط الاقتصادي والتمثيلي الأفقي والرأسي فيما بينها لبناء هيكلها لتشكيل الاتحاد العام للتعاونيين الفلسطينيين وفقاً لمبدأ التعاون بين التعاونيات". ومن أهداف الوزارة أيضاً "دراسة أوضاع الجمعيات والاتحادات التعاونية المسجلة وتحديد أوضاع العاملة منها وغير العاملة واتخاذ الاجراءات المناسبة بشأنها". فالوزارة تبحث بأمر أي تعاونية حال تأخرها بتقديم متطلباتها من التقارير أو حين طلب القائمين على التعاونية أنفسهم، وبخصوص الاجراءات التي تتخذها الوزارة ، فهي الاغلاق او سحب التراخيص لإعتبارات سلبية، لأن الدور المنوط بها هو دعم وإسناد العمل التعاوني وليس التفاعل الورقي الروتبني ، وتبقى المسالة الاقتصادية وتبعاتها مهب الريح. من ناحية اخرى تأخذ الوزارة على عاتقها ضمن نصوص القانون ، بأنها ستقوم "بتوجيه ودعم إدماج دور المرأة والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة والأسرى المحررين في أنشطة الحركة التعاونية". وتقوم الوزارة "بمتابعة إعداد مشاريع الأنظمة التعاونية الملحقة بمشروع قانون التعاون الفلسطيني"، وتعلن أنها تقدم "المساعدة في وضع الأنظمة الداخلية للجمعيات والاتحادات التعاونية بما يتلاءم وأحكام قانون التعاون والأنظمة الصادرة بمقتضاه".(20) كلام ونصوص كثيرة ، وأفعال معدومة بتاتاً.
في القانون العديد من النقاط الانشائية فقط التي يتضمنها بند القانون هذا، حيث تفصل مراحل تقديم التقارير والرقابة عليها او بالاحرى مراجعتها واشتراطها بتطبيق بنود القانون ....إلخ. وتدعي الوزارة أي وزارة العمل انها ستقوم بتفعيل التنسيق والتعاون مع المنظمات التعاونية الاقليمية العربية والدولية. إن هذه المسألة مطلب أساس في إنجاح اقتصاد السوق الاجتماعي المحلي وضرورة ملحة، في حين تصل تلك التعاونيات لهذا الهدف لتصبح بديلاً عن المنتج الاجنبي او الاسرائيلي ولتقدم خدماتها للمستهلك المحلي.
من ناحية أخرى، فإن الوزارة قد كرست أربعة دوائر بموظفيها لخدمة هذا القطاع منها دائرة الارشاد والتنظيم التعاوني، دائرة تنمية التعاون، دائرة الرقابة والتدقيق ودائرة التعاون في كل محافظة. هناك توظيف ودوائر، فهل زيادة التوظيف هذه غير المبررة كبطالة مقنعة بدون ناتج وخدمة للقطاع التعاوني هدفها التطوير أم التزويق؟ النتائج والمؤشرات تتحدث عن نفسهاه. إذ، ، لماذا لا تشير الوزراة الى إعداد دراسات لتحديد الاحتياجات من التعاونيات التي بحاجة لها السوق المحلي وتدعمها وترعاها؟! هل ذلك دعم للعمل التعاوني أم إرهاق وتشتيت له وإهمال؟
وحتى نستطيع تكريس العدالة، على السلطة العمل على إصلاح النظام الضريبي للتقليل من الفوارق بين الطبقات والتباين المجتمعي، هذا يتطلب الاعفاء الضريبي على التعاونيات والطبقات الفقيرة ومع اعتماد نظام ضريبي تصاعدي على المدخولات ، وإعادة النظر بالضرائب غير المباشرة كما ضريبة القيمة المضافة والجمارك. وحتى تستطيع السلطة ضبط النظام الضريبي، عليها أن تراقب التهرب الضريبي وخاصة من كبار رجال الاعمال والتلاعب بفواتير المقاصة بالتواطؤ مع الاسرائيليين وزيادة الوعي بهذا الأمر وهذا سينعكس على الموازنة العامة للحكومة. إن هذه الاجراءات كجزء من اجراءات اخرى يجب ان تقرها الحكومة كقوانين خاصة للمتابعة والمراقبة ، من شأنها تزيد مدخولات الميزانية العامة للوطن بمقادير ممكن أن تزيد على المساعدات التي تصل للسلطة سنوياً. وبالامكان بهذه الحالة أن نُدَعّمْ الاقتصاد الوطني والتنمية الاقتصادية والدعم المباشر بالمساعدة او القروض لكافة نشاطات العمل التعاوني في الوطن.

دور التعاونيات في التنمية الاجتماعية
بما أن التنمية تشكل المدخل الاساسي لكل جهد يهدف الى تقليل نسبة الفقر وبما أنها واجب اخلاقي وضرورة اقتصادية، فإنه بالضرورة اعتماد مبدأ التجديد في طريقة فهم وعمل وتطوير التنمية. ان التعاونيات كأداة من ادوات التأثير والتغيير الاجتماعي تساهم في تقليل اي توتر عرقي وترسخ الاستقرار الاجتماعي والسياسي وتساهم في نهضة وازدهار البلد اقتصادياً. ففلسفة التنمية التعاونية تقوم على المساواة وتطور ونمو الاقتصاد يساهم في الوصول الى المساواة في الدخل، ولهذا فان ذلك بالضرورة يجب أن يحسن من وضع المواطن وتوفير الغذاء والعلاج والتعليم والأمن والأمان، وأول من يستفيد من ذلك هم الفقراء وذوي الدخل المتدني والعاطلين عن العمل وأبناء الريف، حيث بالضرورة تنظيمهم في تعاونيات انتاجية، وبأن تحسين وضع الفقراء اقتصادياً وصحياً وتعليمياً يساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
إن تركيز السياسات الاقتصادية على التخفيف من حدة الفقر وتحقيق العدالة يتأتى من خلال إعادة هيكلة المجتمع في إطار العمل التعاوني الشعبي ليؤدي الى رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي، هذا يتطلب اتباع وتبني سياسات استراتيجية مثل التدريب وزيادة الرفاهية وامتلاك الفقراء للأرض والاهتمام في الريف والاهتمام بصغار المزارعين ودعم المواد الاستهلاكية والغذائية والخدمات الاساسية مثل المياه والكهرباء والصحة والتعليم والوقود ...إلخ.
ان الجمعيات التعاونية إذ تساهم في التخفيف من حدة الفقر من خلال التكافل الاجتماعي والعمل معاً كمنتجين متكافلين لأن الفرد لوحده ليس بإمكانه توفير الناتج كما لو في الجماعة وهذا يتطلب تنويع التعاونيات الانتاجية من حرفية وزراعية وغيرها، او أنه ليس بإمكان الفرد تحدي السوق والاسعار العالية لأن قوته الشرائية محدودة وهذا يدفعهم لتشكيل تعاونيات استهلاكية للسلع والخدمات، ومن ثم فالتعاونيات تولد أنشطة مدرة للدخل وتزيد القوة الشرائية لأعضاء الجمعيات التعاونية، لهذا فإنها على كل الأحوال تساهم في التخفيف من حدة الفقر.
من ناحية أخرى فإن للتعاونيات القدرة على الوصول لكل التجمعات السكانية لأنها نتاج تجمع لمجموعة من الأفراد ليساهموا متعاونين بحل مشاكلهم ، لأن المؤسسات والشركات العامة لم تستطع الوصول للفقراء ، وبسبب هذا الوضع وعدم استطاعة الدولة تقديم الخدمات للمناطق المهمشة او مقصرة بذلك، فإنه يترتب عليها إما دعم او تعويض لهذه التعاونيات التي تقوم بدور الدولة في هذه المناطق وتوفر الاستقرار الاقتصادي والامني والاجتماعي. فالتعاونيات والتي هدفها ليس بالاساس الربح إنما تقدم الدعم للأعضاء وللمجتمع المحيط من خلال إيجاد فرص العمل وبيع منتنجاتها وتؤدي الى الاستقرار بمصدر الرزق للتجمعات الفقيرة وتقدم القروض الصغيرة.
إذن فالمناطق المهمشة والريفية والفقيرة بأمسّ الحاجة لإيجاد تعاونيات تهتم بقضايا الخدمات البيئية والنقل والخدمات الصحية لإشباع النقص، ما يؤدي هذا الوضع الى تدني نسب العنف والجريمة بين الشباب وارتفاع نسبة المتعلمين مما يساهم في تعزيز دور أهم عناصر الانتاج في المجتمع ألا وهو الانسان.
التعاونيات والحدّ من البطالة:
- إن اقامة الجمعيات الاستهلاكية التعاونية وتزويدها بأنظمة التعبئة والتغليف وأنظمة خدمية لتصوير المستندات وغيرها ممن يحتاجه جمهورها يخلق فرص عمل جديدة. كما وتنشيط بيع منتوج المزارع من الخضار والفواكه بهذه الجمعيات سيوفر فرصاً اخرى للعمل، وإدخال بيع اللحوم فيها سيزيد من فرص العمل وبالتالي سينعكس طردياً على المستهلك من ناحية ومن ناحية اخرى على المنتج وبالتأكيد أعضاء الجمعية او أعضاء الجمعيات التعاونية وللجمعيات التعاونية المنتجة والمتعاونة معها والمزودة لها بالمنتوج ضمن اتفاقات مبرمة بينها.
- تسهم التعاونيات في الحد من مشكلة البطالة عن طريق تسويق منتجاتها الصناعية والزراعية في السوق وهذا يؤدي الى تشغيل مؤسسات اخرى وايدي عاملة اضافية.
- اذا اعتمدت ضمن نشاطاتها مسألة تدريب الكوادر البشرية بمهارات متخصصة بحاجة لها السوق، فإنها ستوفر الخبرات والايدي العاملة المتخصصة.
- اذا تبنت التعاونيات مجالات متنوعة من العمل مثل التعليم والبيئة والصحة والنقل والثقافة وغيرها من شأنها تزيد من فرص العمل وتحد من مشكلة البطالة.
- اذا اعتمدت تجمعات للراغبين في العمل في مجالات الحرف والزراعة لتنفيذ مشاريع نشر الصناعات الحرفية والتقليدية فإنها تتيح للشباب فرص عمل جديدة، وبإمكان تلك التعاونيات تبني قضية التشبيك مع مؤسسات المجتمع المدني والمحلي وحتى المؤسسات الخارجية، وعملت معها على شكل مشروعات تستهدف خلق فرص عمل للشباب والخريجين العاطلين عن العمل ، هذا من شأنه خلق جيل جديد وشاب من رجال الاعمال الصغار. هذا يتطلب توفير المقومات الاساسية لإنجاح تلك الأنشطة من تمويل وتبني برامج تدريبية للفئات المستهدفة وتقديم المساعدات الفنية من أجل تحسين مواصفات المنتج وإقامة شبكة علاقات دعائية للمشاريع الشبابية، سيزيد من مشاركة إضافية لدى الآخرين.
التعاونيات والقطاع الخاص:
تصنف التعاونيات بتلازمها مع نشاط القطاع الخاص وليست منافسة له في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فحتى تخرج التعاونيات من قوقعة وسيطرة الحكومة وعدم انتظار التدخل الاضافي ، يجب ان تنتبه لتفعيل ذاتها والبحث عن حقوقها ومكتسباتها من خلال إعادة هيكلة القطاع التعاوني بما يتلائم مع خلق منافسة سوقية من حيث الجودة للمنتوج وتوفير ما يمكن توفيره من مواج تنافس المنتوج الاسرائيلي من حيث الجودة والسعر للحد من تغلغله في الأسواق المحلية على طريق مقاطعته، وهذا يعني إيجاد البديل له. يتعين على التعاونيات البحث عن مصادر تمويلية وقروض وأسواق جديدة للتأكيد على استقلالية هويتها التعاونية ولإثبات دورها الريادي في التنمية في غياب واضح للحكومة.
إن القطاع التعاوني فيما لو تم النهوض به واستثماره فإنه يمثل القاعدة العريضة من المنتجين الصغار من ناحية العدد والانتاج والرأسمال، وتركيز العمل التعاوني في الريف وتعاونه مع القطاع الخاص والتركيز على دور المرأة أساساً في العملية التعاونية سيشكل إقتصاد متقدم وسيزيد من الرقعة الزراعية والمحافظة على الأرض وإعادة استثمارها وزج طاقات شبابية واسعة في هذا العمل.
فالتعاونيات في بلادنا تعتمد بالاساس على المشاريع الصغيرة او متناهية الصغر ، وحيث ان بلادنا وظروفها حتمت أن تعمّ مثل هذه المشاريع دون المشاريع المتوسطة والكبيرة في الاقتصاد الفلسطيني ، "فإن الغالبية الساحقة من المؤسسات العاملة في فلسطين هي مؤسسات متناهية الصغر او صغيرة، ونسبة ضئيلة منها مؤسسات متوسطة او كبيرة. فالبيانات تظهر أن اكثر من 90% من المنشآت العاملة في فلسطين يعمل بها 4 عمال او اقل، وحوالي 97% منها يعمل بها اقل من عشرة عمال، بينما لا يزيد عدد المنشآت الصناعية التي يعمل بها خمسون عاملا فأكثر على 64 منشأة، حسب تعداد المنشآت لعام 2007، عشرة منها فقط في قطاع غزة والباقي في الضفة الغربية، كما لا يتجاوز عدد المنشآت الصناعية التي توظف مئة عامل فأكثر 26 منشأة، خمس منها في قطاع غزة والباقي في الضفة الغربية".(21)
في الدول النامية معروف بأن المشاريع الصغيرة تلعب الدور المهم ، فهذه المشاريع عادة ذات كثافة عمالية وهي تساعد في توظيف أعداد كبيرة من العمال وبخاصة غير الماهرين منهم مما يساعد على التقليل من مشاكل البطالة والفقر والحد منهما. فهذه المشاريع اقدر على فهم احتياجات المستهلكين وتقديم السلع والخدمات المناسبة لأذواقهم ومستوى دخلهم، وهي تستخدم الموارد والخامات المحلية مما يساعد على استغلال الموارد الوطنية بشكل افضل. كما وأنها لا تحتاج الى رأس مال كبير من اجل انشائها لهذا فهي تسهم في تشجيع الادخار وزيادة الاستثمار وخلق المزيد من المشاريع الابتكارية والريادية. من مزايا تلك المشاريع بأنها تنتشر بكل بقاع المناطق في الارياف وفي المناطق البعيدة والمهمشة ، وبهذا فهي تساهم في تنمية المشاريع الريفية وتقلل من التفاوت ما بين المناطق وفي توفير العديد من الفرص لبعض الفئات في المجتمع وبخاصة النساء ما يؤدي الى تحقيق المزيد من العدالة في توزيع الدخل والثروة.
لهذا ، فليس من المستغرب ان تهيمن المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر على الاقتصاد الفلسطيني. وبأن المشاريع المتوسطة والكبيرة قليلة رغم انها اقدر على الصمود والبقاء من المشاريع الصغيرة ، فالمشاريع الكبيرة والمتوسطة تستطيع الحصول على موارد مالية افضل من الصغيرة ما يمكنها من القيام باستثمارات اكبر وتستفيد من وفورات الحجم. كما وانها تتميز بقدرتها على استقطاب المهارات والكفاءات الادارية المتخصصة، وبإمكانية استخدامها التكنولوجيا المتطورة والحديثة والتخصص في العمالة والحصول على المواد الخام بتكلفة أقل. من هنا نستنتج بأن حجم السوق وما يرتبط به من قوة شرائية وتكاليف ونوعية التكنولوجيا هو ما يحدد حجم المؤسسات العاملة في الصناعة والاقتصاد.
حجم السوق الفلسطيني صغير بسبب انخفاض عدد المستهلكين وقلة الدخل وشرذمة السوق الفلسطيني بسبب الاحتلال وحواجزه وعراقيله وتقطيع اوصال البلاد من ضفة وغزة وقدس ، كما وأن الحصار الإسرائيلي وسيطرة الاحتلال على المعابر والحدود يحد من مسألة التصدير بشكل طبيعي، في الوقت الذي يغرق فيه السوق الفلسطيني بالمنتوجات المنافسة ، وهذا يحد من الطلب على المنتوج المحلي بشكل واضح. وبهذا فإن الإقتصاد الفلسطيني يصبح محروما من انشاء المصانع الكبيرة وذلك بسبب الاجراءات الاسرائيلية .
الخيار الوحيد في ظل الظروف المذكورة أن يتوجه الاقتصاد الفلسطيني مبدئياً نحو المشاريع الصغيرة الأكثر قدرة على المنافسة وهذا يتطلب مساعدتها لمواجهة التحديات والعراقيل حتى تصمد وتنافس وتنمو. كما ويتطلب ذلك توفير التمويل اللازم بتكاليف معقولة وتطوير البنية التحتية والخدمات وبأسعار منافسة والعمل على انشاء مدن صناعية وتجمعات عنقودية متخصصة في كافة المناطق والمساهمة في تطوير وتحديث التكنولوجيا المستخدمة والتدريب اللازم للعمال وتسويق المنتجات لتلك المشاريع وتقديم الاستشارات الفنية والادارية لها ومعالجة المعيقات التنظيمية والقانونية وتوفير المعلومات اللازمة عن حالة السوق المحلي ... .
يتطلب ذلك ضرورة انشاء مؤسسة مستقلة او مرتبطة بشكل او بآخر مع وزارة الاقتصاد الوطني للتركيز على المشاريع الصغيرة والاهتمام بها وتطويرها وتسهيل امورها ومعالجة كافة العراقيل التي تواجهها.
النموذج التعاوني – الفرنسي الالماني
بداية ، دأبت المانيا وفرنسا على اتباع النموذج التعاوني في المساومة الاجتماعية، والتي تمت تحت سقف الرأسمالية ، حيث انعكس على مستوى تنظيم العمل وعلاقات الانتاج ومستوى اعادة توزيع الدخل القومي الذي شكل الأساس الأول لمهمات الدولة ومنها مستوى الاستثمار في النظام التربوي الذي هدف الى اعادة النظر الى احتكار الطبقات الميسورة للتعليم العالي.
إلا أن هذا النموذج وقع في محاذير عدة فانحصر في ابراز بعض جوانب ازمة نموذج المساومة الاجتماعية التي هي نموذج يقوم على اساس المساومة في علاقات الانتاج بين رأس المال وقوة العمل عن طريق تقديم الضمانات لقوة العمل والتنازلات لصالح مستوى معيشتها، والدولة التي تنفق على المخاطر الاجتماعية تعتبر جزء لا يتجزأ من ذلك.
ففي المانيا بداية طرح الاقتصادي الالماني لودفيغ أرهارد مبدأ الرأسمالية الاجتماعية في حين كان الاختبار لهذا المبدأ هو فرنسا. حيث أن النمط التعاوني الذي يسود فرنسا والمانيا يعتمد على مؤسسات تديرها وتمولها اطراف العلاقة الانتاجية ممثلة بالنقابات العمالية ونقابات رجال الاعمال ويعتمد على الدخل الذي يحققه الاجراء داخل المؤسسة الانتاجية، ولا تتدخل فيه الدولة بشكل مباشر سوى تأمين الاحتياجات غير المرتبطة بالعمل والانتاج مثل اعانة الاسر والشرائح الأكثر فقراً.
لكن هذا التصنيف لا يأخذ بعين الاعتبار العلاقة المعقدة داخل الدولة بين سبل تأمين المخاطر الاجتماعية من جهة وبين تنظيم علاقات العمل والاشراف على النظام التعليمي من جهة اخرى. فمثلاً يعتبر النموذج الفرنسي فيما يتعلق بتأمين المخاطر الاجتماعية، في حين المرافق العامة وادارتها يتركز على الدولة.
إن هذا النموذج الاقتصادي يعبر عن تناقضات نظام التراكم الرأسمالي والذي يعتمد على استغلال القوى العاملة مقابل ارتفاع انتاجية العمل ، فيما يرى الفكر الماركسي ان هذه النزعات والتوجهات تعبر عن نظام التراكم الرأسمالي الذي يحكمه قانون الاتجاه الانخفاضي لمعدل الربح، والذي بمقتضاه لا يستطيع رأس المال أن يتصدى للمنافسة الا من خلال الرفع المستمر لمستويي الاستغلال والانتاجية ، حيث توقع الاقتصاديون الماركسيون تفجر داخلي داخل تلك الانظمة التي تعتمد هذا النموذج.
فمثلاً ان الدول التي تعتمد على النظام التعاوني في مهمة الانفاق على الحاجات الاجتماعية الناجمة عن المخاطر الاجتماعية مثل المرض والبطالة والشيخوخة واعانة الاسر، وقد تكون شديدة المركزية فيما يتعلق بتنظيم علاقات العمل في المؤسسات الانتاجية . أما في الانظمة الليبرالية فهي تعتمد بقدر اكبر على الدولة في تأمين الانفاق الاجتماعي، كما ونجد في النظام الالماني توافقاً وتكاملاً بين النظام التعاوني في الانفاق الاجتماعي وبين النظام التوافقي في علاقات العمل.
وحول موضوع الانفاق الاجتماعي فهنالك تقارب فرنسي الماني في هذا النموذج والذي يعتمد على المؤسسات التي يمولها الانتاج ودخل العاملين الاجراء والتي يديرها أطراف علاقات الانتاج بحيث تتضمن في صيغة تعادلية المؤسسات وممثلين عن نقابات العمال وممثلين عن أرباب العمل.
وكان قد كتب ماركس وريكاردو "أن العمل هو مصدر الدخل والثروات، والغاية من ذلك إظهار الطبقة العاملة للمجتمع وبأن الدخل الذي يقتطع لتأمين المخاطر الاجتماعية ما هو الا نتاجاً لعملها. كما وأن للطبقة العاملة الاصرار على امتلاك هذا الدخل مباشرة عن طريق الصناديق ذات الطابع التعاوني الخاضعة لإدارة واشراف المؤسسات التعادلية العمالية/الرأسمالية".(22) ولهذا النظام التعاوني اثر مهم وهو ارتباط الانفاق الاجتماعي بمستوى الدخل وتحديد مستواه ومعدله نسبة الى مستوى الاجور. وبمقتضى هذا يحدد مستوى الانفاق على البطالة والشيخوخة كنسبة معينة من مبلغ الاجور على مدى فترة محدودة.
في فرنسا تكشفت حدود النظام التعاوني حيث انتشرت ظاهرة الفقر والتهميش بسبب استقرار البطالة طويلة المدى، وهذه البطالة تعتبر خطر اجتماعي يتحمله احد صناديق الضمان الاجتماعي الذي يقتطع من الأجور كلٌ حسب مستوى دخله، ويتم دفع معاش للانفاق كتعويض للبطالة بشكل متناقص لكل شخص ينضم لجيش العاطلين عن العمل وهي تتناقص كل ثلاثة شهور حتى تصل الصفر اعتماداً على مدة العمل الذي قضاها الأجير. لكن حينما تأزمت البطالة وطالت وغياب اي دخل، اكد ذلك ان النمط التعاوني هذا ادى الى كارثة اجتماعية بالنسبة للفئات الاجتماعية المهمشة اقتصادياً. ويتبين هنا ان من تناقضات النظام الفرنسي هو الجمع بين مستوى متدني لأجور الطبقة المتوسطة من جهة وبين سياسة الضرائب المرتفعة التي ترهق الطبقة المتوسطة. اذن نستخلص الفشل الذريع لهذه الليبرالية في التعامل مع حل المشاكل الاقتصادية ولا بد من البحث عن سبل أخرى.











توصيـــات
1- إعادة النظر بالتشريعات والقوانين الفلسطينية بما فيها قانون التعاون يراعي النوع الاجتماعي وتطبيقه لما له من اثر على تخفيض نسبة الفقر والتقليل من نسبة البطالة وإيجاد فرص العمل للشباب والشابات.
2- إعادة الاعتبار للعونة (العمل التطوعي) ولمفهوم التعاون.
3- عقد إتفاقات إقتصادية تبادلية مع السوق العربي المحيط ودعم التعاونيات ورعايتها وتسويق منتجاتها من خلال فتح الأسواق لها وتنظيم أدائها ووقف التعامل ضمن السوق الحر والمفتوح كسياسة ليبرالية اقتصادية.
4- إعادة الإعتبار للثقافة التنموية الاقتصادية وترسيخ عوامل الانتماء والتعاون.
5- تطوير ورعاية نظام التوفير والتسليف ليصبح بنك للفقراء.
6- العمل على الخلاص من الإلتزامات والاتفاقات الاقتصادية المجحفة الموقعة مع اسرائيل مثل اتفاقية باريس الاقتصادية.
7- تفعيل دور لجان حماية المستهلك لأخذ دورها في حماية المواطن الفلسطيني وتحديد ومراقبة الاسعار وتثمينها ومنع الاحتكار ليكون قانوناً عاماً ولإرساء إقتصاد إجتماعي منصف وعادل.
8- توفير الدعم المالي والتسليف والقروض الميسرة للتعاونيات لزيادة رأسمالها.
9- إقامة دورات تدريبية للقائمين على التعاونيات للنهوض بواقعها الاداري والمالي والانتناجي والتسويقي وتشبيك العلاقات فيما بين التعاونيات لتنظيم عملها وفتح مراكز وبؤر بيع لها في كافة المناطق.
10- تمليك الشباب من ذكور وإناث أراضي مهملة وعامة لدعمهم بإقامة مشاريع تعاونية برعاية ومراقبة، لما لذلك من إعادة الإعتبار للعمل التعاوني وحماية للأرض وإشراك الشباب غير المالكين للأرض بأهمية هذه الخطوة وللسيطرة على الموارد ، الأرض والمياه والمنتوج وحمايته من الغزو الاسرائيلي.
11- إعادة حصر للتعاونيات من حيث العدد والتوزيع والتخصص وتنظيم هذه العملية، وتقديم التراخيص لها دون وضع عقبات أمامها مالية او ادارية ووضع خطة تنموية تعاونية تغطي كافة المناطق.
12- مراقبة التمويل الخارجي ورفض الشروط المجحفة التي توضع عليه، ووضع خطة وطنية لتحديد الاحتياجات.
13- التركيز على الريف الفلسطيني ودعم نشاطات المرأة التعاونية وتشجيعها لتتوسع نشاطاتها من خلال الرعاية والدعم الفائق.
14- تكريس تعليم مفاهيم التعاون من خلال المناهج المدرسية والجامعية نظرياً وعملياً كقيمة اجتماعية.
15- إصلاح النظام الضريبي وتحديثه لمتطلبات العدالة الاجتماعية وحماية الطبقات المسحوقة والريفية ومراقبة سلوكيات التهرب الضريبي من قبل كبار التجار والمنتجين والمستوردين وتشديد الرقابة .
16- تشجيع إقامة الجمعيات الاستهلاكية التعاونية المتخصصة بالمنتجات النسوية الريفية وتزويدها بأنظمة خدمية وتكنولوجية متطورة.
17- تشكيل الاتحاد التعاوني ليضم في صفوفه كافة التعاونيات ليرتقي بها ضمن نظام نقابي تنموي حقيقي، وليكن ناظم وداعم للحركة التعاونية.

















خلاصـــة
إن الواقع الذي تعيشه النساء مُغَيّب عن عملية التنمية المستدامة بسبب الإرث المجتمعي وبسبب ضعف الخطط الاقتصادية بالاضافة للنظرة الدونية للمرأة. من هنا تأتي أهمية النهوض الاقتصادي للمرأة في ظل المتغيرات الحاصلة في العالم العربي وفي ظل الحاجة الماسة للمجتمع الفلسطيني للخروج من الأزمات المتعددة، وهذا يتطلب إعطاء المزيد من القوة والدور للمرأة وإمكانية التعبير والإبداع. لهذا ، فإن دعم المرأة والنهوض بها يعني مشاركتها الفعالة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وفق المساواة والعدالة في الحقوق والموارد والخيارات والفرص المتاحة. وإقتصادياً يعني المساواة وحصول المرأة على الموارد الاقتصادية والتدريب والمعرفة التي تعزز المكانة الاقتصادية للمرأة ويمكن للتمويل الصغير أن يكون الأداة والوسيلة الفعالة للنساء عبر التعاونيات النسائية، وإزالة كافة العقبات التي تحول دون تطور المرأة إقتصادياً وأخذ دورها في هذا المجال، حتى تتمكن المرأة من ممارسة دورها الاقتصادي وضمان وصولها الى المشاركة الكاملة في الهيكل الاقتصادي الوطني وتحقيق المساواة للحصول على الموارد الاقتصادية والتي تشمل الأرض ورأس المال والتقنيات اللازمة بالاضافة الى حقها في الحصول على التدريب المهني والحصول على المعرفة ووسائل الاتصال التي تعتبر من الأدوات الفعالة لتعزيز المكانة الاقتصادية لها.
نهاية ، إن تحقيق تنمية حقيقية وشاملة في ظل الاحتلال أمرٌ صعب ، لأن التنمية تعني تحسين الأوضاع المجتمعية من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والحريات وغيرها، لأن زيادة معدل الانتاج المحلي لا يفي بالغرض تماماً ، لكن هذا لا يعني وقف العمل عدم النهوض بالتنمية المحلية. فالاحتلال من خلال سيطرته على المعابر والحدود يعرقل الاستثمار والاستيراد والتصدير لمواد الخام والتكنولوجيا كما ويعرقل الانتاج الزراعي والصناعي الوطني ويتحكم بالموارد وينهب الأرض والمياه ويصادرها ويزيد من توسعه في الاستيطان وحركة المواطنين وخنق المناطق السكنية ومنع توسعهاه. وهذا يعني العمل بإتجاهين : إتجاه التنمية وإتجاه آخر مقاومة الاحتلال للخلاص منه وتجسيد المكتسبات التي ننجزها لتضع اساس الاقتصاد الوطني وحل قضايا الجماهير وزيادة الثقافة التعاونية وتنظيمها وتكريسها.







المراجــع
www.alhayat-j.com1- سهى نزال ، منسقة مشروع التعاونيات في مركز بيسان للبحوث والانماء
2- الجهاز الاحصائي المركزي الفلسطيني – تعداد المنشآت – 2007
3- تصريح لوزير العمل الفلسطيني د. احمد مجدلاني بمناسبة يوم التعاون الدولي في تموز 2010
www.diwanalarab.com 4- محمد القفراوي ، 17 شباط 2007 (بتصرف)
www.alhayat-j.com 5- الحياة الاقتصادية – ابراهيم ابو كامش
6- المصدر السابق
www.alhayat-j.com 7- م.ز شوكت صرصور ، احتياجات وتطوير الجمعيات التعاونية النسوية من منظور النوع الاجتماعي
http://digital.ahram.org.eg 8- د. جودة عبد الخالق
9- إيثان ميللر، اقتصاديات اخرى امر ممكن من اجل اقتصاد تعاوني وتضامني – الحوار المتمدن – عدد 1752/2006
10- تقرير عن جمعيات التوفير والتسليف من عام 2005-2008 – (بتصرف)
11- المصدر السابق
12- المصدر السابق
http://arabic.microfinancegateway.org 13-
14- تقرير التنمية البشرية، برنامج دراسات التنمية في جامعة بيرزيت 1998-1999، ص75
15- الدوافع الشخصية وراء العمل التطوعي بين المتوقع والواقع، المركز الفلسطيني للارشاد ، 2002
16- محمد حاج يحيى ، العمل التطوعي ومسيرة ممارسته في المجتمع الفلسطيني – دائرة الدراسات والابحاث – القدس – منشورات اتحاد الجمعيات الخيرية، 1986
Utah Arts Council Publication,200617-
18- جميل هلال وآخرون، مساهمات اولية في النقاش الدائر حول المفهوم والقياس، برنامج دراسات التنمية، 1998
19- بيان مؤتمر التنمية البشرية – جامعة بيرزيت ، ص2،3 – 2004
20- قانون وزارة العمل الفلسطينية
21- جريدة الحياة الجديدة – ملحق حياة وسوق – د. محمد نصر – العدد 56 ، 2 حزيران 2012 ، ص5
22- د. فؤاد نهرا – ندوة "دولة الرفاهية الاجتماعية" ، الاسكندرية ، مصر ، 28-30/11/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نساء فلسطين عندما تصبح الأرض هي القضية


.. مشاهد تدمير منطقة الزيتون وحي الصبرة بعد انسحاب القوات الإسر




.. رائدة في علم المحيطات حققت نقلة نوعية في علوم الأرض


.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف




.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير