الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مابعد تشافيز .. فنزويلا إلى أين؟

نجيب الخنيزي

2013 / 3 / 11
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


يوم الثلاثاء الفائت، أعلن نائب الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، رسميا وفاة الرئيس هوغو شافيز عن عمر يناهز الثامنة والخمسين بعد صراع مرير دام سنتين تقريبا مع مرض السرطان ، الذي كان الرئيس الراحل يردد و بتحدي أنه سيهزمه ويتغلب عليه ، و متمنيا أن يعيش 30 سنة أخرى ، حتى يتمكن من تجذير ما أسماه" الثورة البوليفارية " في فنزويلا وعموم قارة أمريكا اللاتينية . وقد تقرر تنظيم مراسيم جنازة وطنية كبرى للزعيم اليساري والخصم اللدود للولايات المتحدة على مدى 14 عاما من رئاسته ، سيحضرها عددا من رؤساء وقادة أمريكا الجنوبية والعالم . ومع أن حياة شافيز كانت قصيرة في عمر الزمن، غير انها كانت حافلة وصاخبة في إيقاعها وتأثيرها العميق ليس على صعيد بلده فنزويلا فقط بل في عموم أمريكا اللاتينية والعالم ، نظرا لما كان يتمتع به من كاريزما وحضور قوي ، كما كان شخصية إشكالية بامتياز ، حيث كان يعتبر بمثابة الرمز الملهم والمخلص المنتظر بالنسبة للفقراء والكادحون والجماعات الثورية من جهة ، كما ينظر اليه باعتباره زعيما شعبويا واستبدايا من قبل مناوئيه واعدائه في الداخل والخارج من جهة أخرى . قدوة تشافيز هو الجنرال سيمون بوليفار ( 1783 - 1830 ) الذي يعتبر أحد أعمدة الإستقلال و قائد معارك التحريرضد السيطرة الأسبانية في مطلع القرن التاسع ، وبفضله حصلت بوليفيا وبيرو وفنزويلا وبنما وكولمبيا والأكوادور على الإستقلال ، كما أسس دولة كولمبيا العظمى الموحدة من هذه الدول ، قبل أن تتفكك لاحقا ، وقد اعتبر تشافيز نفسه المواصل والمكمل للتاريخ الثوري لأمريكا اللاتينية ، واستمد برنامجه ( الثورة البوليفارية ) من أسمه ، كما اعتبر نفسه الأبن والأمتداد بل والوريث للزعيم الكوبي فيدل كاسترو، وكان يفضل منادته بالكومندات ( القائد ) تشافيز على مسمى الرئيس . ومع ان تشافيز قاد محاولة انقلابية فاشلة ضد السلطة المتهمة بالفساد في عام 1992 وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاثين سنة غير أنه اطلق سراحه بعد فترة ، حيث شكل حركة ثورية ضمت جماعات ومكونات شعبية و يسارية صغيرة، وكانت المفاجأة فوزه في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في العام 1998 وتكرر فوزه في الدورتين التاليتين وأخرها في عام 2012 ، غير أنه رحل قبل أن يباشر عمليا فترته الرئاسية . ردود الفعل على رحيل تشافيز في داخل فنزويلا كان متباينا ، فالفقراء والكادحين والفئات الشعبية ، شعروا بالصدمة وانتابهم الحزن الشديد على رحيل ما يعتبرونه نصير الفقراء، وقد نزل عشرات الآلاف منهم إلى شوارع العاصمة كراكاس وبقية المدن الأخرى، تحية وتمجيدا له ، ومؤكدين تمسكهم بنهجه وخطه الثوري ، في حين لم يخفي قادة المعارضة اليمينية والطبقة الرأسمالية ارتياحهم من رحيل ما اعتبروه ديكتاوريا مستبدا ، ومعلنيين عزمهم على توحيد جهودهم لكسب الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجري في غضون 30 يوما. على الصعيد الخارجي جاءت ردود الفعل من قبل قادة وزعماء الدول على وفاته متباينة أيضا . الحزن والصدمة هو ما عبر عنه بشكل واضح الزعماء والقادة في أمريكا اللاتينية التي بات اليسار ( الجذري والمعتدل ) يسيطر على معظم دولها ، ومن خلال صناديق الإقتراع ، بعد أن كانت تخضع لعشرات السنين لنظم عسكرية وديكتاتورية متحالفة وعميلة للولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تعتبرها على الدوام بمثابة مزرعتها و فناءها الخلفي وفقا لمبدأ مونرو ( 2 ديسمبر 1823 ) الذي اعلنه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو ، ومع ان القارة اللاتينية شهدت حركات يسارية وبؤر ثورية مسلحة استهدفت الاطاحة بالأنظمة الديكتاتورية الحاكمة إلا أنها لم تحقق أي نجاح يذكر، باستثناء الثورة الكوبية ( 1958 ) التي قادها فيدل كاسترو ، والثورة في نيكاراغوا ( 1979 ) التي قادتها جبهة ساندينستا بزعامة دانيال أورتيغا ضد حكم الديكتاتور ساموزا ، وقد فاز أورتيغا بالرئاسة ( 1984 – 1989 ) في أول انتخابات ديمقراطية شهدتها نيكاراغوا وقد عاد إلى السلطة في عام 2007 وجرى تجديد انتخابه في عام 2012 ضمن سياق ما يمكن تسميته بالسباق ( المارثون ) اليساري الذي طال معظم بلدان القارة الأمريكية الجنوبية . الجدير بالذكر بأن هناك تجربة تاريخية لوصول اليسار إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع في دولة لاتينية وهي تشيلي ، حيث انتخب الاشتراكي سلفادور اليندي رئيسا في العام 1970 ، غير أنه جرى اسقاطه واغتياله إثر انقلاب عسكري في عام 1973 قاده الجنرال اغسطو بينوشي بدعم مباشر من قبل المخابرات المركزية الأمريكية . دخل هوغو تشافيز منذ وصوله للسلطة في انتخابات 1998 في مواجهة مريرة مع الأدارات الأمريكية المتعاقبة ما يتعلق منها بالوضع في داخل فنزيلا أو على صعيد أمريكا اللاتينية و على الصعيد الدولي ، ومن بينها اقدامه على تأميم قطاعات البترول ، والبنوك والاتصالات وغيرها ، والجدير بالذكر بأن فنزويلا باتت تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث حجم احتياطيها من النفط متخطية بذلك قليلا احتياطي السعودية وذلك وفقا لنشرة الدول المصدرة للنفط " أوبك". دعا شافيز دول أمريكا الجنوبية إلى توحيد جهودها وتعزيز استقلالها الاقتصادي والسياسي بعيدا عن الهيمنة الأمريكية ، ومن أجل ذلك قدم دعما ماليا واقتصاديا مؤثرا للعديد من تلك الدول الفقيرة أو الشحيحة الموارد . شافيز كان مناصرا بقوة للقضايا العربية ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، واقدم على قطع علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل في أعقاب عدوانها على لبنان في صيف 2006 ، غير أنه يؤخد عليه ومن منطلق عدائه و مناهضته للسياسات الأمريكية ، تحالفه وتعاونه مع أنظمة حكم تعد ديكتاتورية واستبدادية بأمتياز في المنطقة العربية ، مثل العراق ( في عهد صدام حسين ) وليبيا ( في عهد القذافي ) وسوريا ( تحت حكم الأسد ) . الانتخابات الرئاسية القادمة ستوضح إرادة الشعب سواء في استمرار نهج تشافيز وتعميقه ، أو التغيير عبر مسار أخر وهو أمر ضعيف الأحتمال في تقدير كثير من المراقبين .
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في القدس تطالب بانتخابات مبكرة وصفقة تبادل والشرطة ا


.. Boycotting - To Your Left: Palestine | المقاطعة - على شمالَِ




.. رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في إسرائيل: خطاب غا


.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا




.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.