الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيسبوك هو الحل

سليم سوزه

2013 / 3 / 12
المجتمع المدني


هآنذا اعلن اخيراً عن حل مناسب وبسيط للمشكلة الطائفية بالعراق، انه ببساطة الفيسبوك
الفيسبوك ظاهرة استطاعت سيسيولوجياً ان تخترق حدود الطوائف والاديان وتشكل تداخلاً اجتماعياً بين المتقاطعين ايديولوجياً او عقيدياً
(Social Interaction)

حينما كنت طالباً في معهد اعداد المدربين التقنيين في بغداد، ذلك المعهد المنسي في خرائط التعليم العالي وقبيل ان اتحول الى معهد الفنون التطبيقية، كنا نحن ثمانية واربعين طالباً في صف من صفوف قسم الميكانيك، كلنا شباب، لاتوجد اي فتاة بيننا، كانت عادات الاعدادية سائدة في تصرفاتنا، لم نكن نعبأ باي شيء سوى ازعاج اساتذتنا بالرقص والغناء والتعليق على كل شيء، كان كل شخص منا يحرص ان يظهر بمظهر المشاغب الراغب في اضحاك الاخرين باي وسيلة جرياً على عادات المتوسطة والاعدادية، حتى جاء ذات يوم رئيس قسمنا العبقري وقال لدي طريقة اجعل منكم افضل صف او اهدأ صف من صفوف قسمنا هذا

بالفعل جاء الحل وفق نظرية التداخل الاجتماعي بين الجنسين، اذ حوّل طالبتين جميلتين اثنتين من صف آخر الى صفنا ومن يومها لم يعد احد يأتي للمحاضرة الا بعد ان يضع طناً من الارياح ويلبس الانيق من الملابس بعد ان كنا بالكاد نغسل وجوهنا صباحاً قبل هذا التحول الاجتماعي الكبير في صفنا. كان الهدوء والادب وحسن الملافظ علامتنا الفارقة في الدرس لاننا كنا مراقبين، افواهنا مراقبة، ملابسنا مراقبة، قصات الشعر هي الاخرى مراقبة، كل شيء فينا مراقب من جميلتين اثنتين يجلسان بيننا ويمثلان "الآخر المهم". نظرية "الآخر المهم" هي الاخرى نطرية سيسيولوجية لها تأثير كبير على السلوك الانساني وتسمى بالانكليزية
(Significant Others)

نحن لا نلتقط انوفنا امام "الآخر المهم" اجتماعياً ونقطع فوراً حديث المجانين مع انفسنا حينما يرانا الناس، نراقب انفسنا قبل اي تصرف او سلوك يصدر منا لانه باختصار نحن مراقبون، هكذا هو الفيسبوك ايضاً، انه الآخر المهم في حياتنا الذي يجعلنا نفكر اكثر من مرة قبل ان نعلّق، نعيد صياغة المنشور عدة مرات قبل ان نطلقها على جسد الفيسبوك، لماذا ياترى؟ لانه ببساطة هناك من يراقبنا، هناك الفنان والشاعر والبسيط والطالب والامي والمثقف، المتواضع منهم والمتعالي، كلهم ادوات للرقابة الاجتماعية، كلهم يساهمون في اعادة تشكيل ذواتنا وانتاج الوجه الآخر الجميل في اغلب الاحايين. اقول جميل لاننا مضطرون ان نتعامل مع ذلك الاختلاف الثقافي، مضطرون ان نحتك بالآخر في ذلك الفضاء المتسامح "الفيسبوك" بوصفه آصرة اجتماعية في عالم افتراضي رائع ومثالي. التداخل الاجتماعي كان حافزاً ممتازاً لنا كي نتغلب على الفوارق ونتعالى على جراح الطائفية ونقبل بالآخر صديقاً معنا، كان ذلك التداخل ثورة على التقسيمات الطائفية والعرقية في وطن كبير وجامع اسمه الفيسبوك

سادتي الافاضل
مثلما نجحنا ان نتعايش مع الآخر في عالم افتراضي، صدقوني نستطيع ان نتعايش معاً في الواقع كذلك، الامر بسيط وسهل، وما علينا سوى ان نكسر جبهة العزلة وحدود الانا بالتداخل الاجتماعي مع الآخر
اعي جيداً صعوبة الامر في بعض مناطقنا المنغلقة طائفياً او قومياً في بلدنا الكبير العراق اذ ليس من السهل احداث مثل هكذا تداخل او التفكير بتهجين بعضها بكتل بشرية من الطائفة المخالفة للحصول على مايشبه "الفيسبوك" في واقع معاش، وليس افتراضي، كما انني التمس العذر لمن يسفّه مشروعي هذا او يراني شخصاً حالماً غير واقعي لكني سأسعى جاهداً ان لا يُصلب هذا المشروع على صليب اليأس وساحاول ان اثقف به آخرين حالمين مثلي برؤية بلد يتعالى على الجراح

مشروع الالف ميل يبدأ بخطوة واحدة وما اسهلها من خطوة، سأقترح على جميع الاصدقاء والاحبة ممن لا يمتلكون اصدقاء من طوائف وقوميات اخرى في قائمة الفيسبوك لديهم، ان يجدوا على الاقل اسمين اثنين من تلك الطوائف والقوميات لاضافتها الى قوائم اصدقائهم، اثنين من طائفة مخالفة، واثنين من ديانة مخالفة، واثنين من قومية مخالفة، كلما اُضيف اكثر كلما كانت النتائج افضل بالتأكيد
هذا التلاقح الاجتماعي سيوفر لنا الفرصة المناسبة ان نتعرف على الآخر بصورة افضل وان نسعى لنؤسس وجوداً متسامحاً في نفسه، يحترم الاختلاف ويحوي الفوارق في عالم لايشجع على الطائفية لكنه يحترم الطائفة بوصفها خيار انساني بحت
سنذيب الحواجز بيننا ونلقي بتلك الفوارق الى سلة المهملات من خلال التداخل الاجتماعي هذا

نعم لنبدأ من الفيسبوك اولاً ولنجعله وسيلة لمحاربة الطائفية وكل اشكال التقسيمات العنصرية بدلاً ان يكون سلاحاً بيد الطائفيين والظلاميين
لننشر كل ما هو جميل بدلاً من نشر ثقافة الموت والحقد اللامبرر
لنحلم في الفيسبوك طالما يرى بعضهم وعورة الواقع وعدم صلاحيته في تبني هكذا مشروع الآن
انا ماض في هذا، فهل انتم معي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة


.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود




.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة


.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو




.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع