الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللاسياسة أو انتحار البغل

احمد مصارع

2005 / 4 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حين يقوم الإنسان بتجاهل معطياته العقلية , ويتهرب من الموقف المطلوب منه , والموقف المطلوب في حياته , باعتبارها سلسلة من المواقف , وفقا للأوضاع الخاصة والعامة , فلن يكون بمقدوره التنصل , من حقيقته الفلسفية المعرفة بدقة , وبحسب عبقرية أرسطو , فالإنسان حيوان سياسي , وهما صفتان متلازمتان لحقيقة واحد لاتقبل التجزئة , وحين يمكن النكوص عن الحقيقة الوجودية للإنسان على النحو الآرسطي , يبرز التشخيص العبقري للمعري : حيث يرى أن أكثر الناس بهائم لاعقل لهم ..
الموقف السياسي المستند على نظرية علمية هو الحد الأقصى في تعريف الإنسان بوصفه فيلسوفا , ولكن ماهو مشترك أو شائع بحسب الميل الطبيعي الإنساني , وبحسب الخبرة المحلية في معظم أحوال التعريف الأول , فهي تتراوح بين الشر الخاص والخير العام , وأفضلية الخير العام .
في مثل هذا الوضع النسبي , يكون تعريف السياسة , تتمثل في اتخاذ الموقف السياسي , كمقاربة عقلية تهدف و إيجاد التوازن المطلوب بين ما هو خير عام وخير خاص لضمان حياة أفضل .
الأشخاص الذين نراهم يوميا , ويعطون ظهورهم للسياسة , في سلبية مثيرة للقرف و الاشمئزاز , وفي موقف هروبي فاضح من ضرورة ممارسة تعريفهم الوجودي , والذي لا مفر منه .
لقد أصبحوا يشيرون ببلاهة تامة نحو كل مضطهد بأنه إنسان سياسي , بنفس الطريقة التي يقال عن محترف الجريمة في السياق ( المدني ) في الجملة المألوفة : من أصحاب السوابق .
يقولون ( اليد التي لا تقدر عليها , قبلها , وادعوا عليها بالكسر ) .
أنا المتضرر من تلك اليد , التي لا تقدرون عليها كما تزعمون , لكنني غير مستعد لتقبيلها , كما أنني لا أدعوا عليها بالكسر !! والله خالق الأيدي البديعة لايمكن أن نطلب منه أن يكون كسارا لها ..
بل كل ما أرجوه أن تكف تلك الأيدي , عن استعمال القوة لمجرد استعراض القوة , بمعنى سحق الفقير والضعيف , وتقبيل يد الأقوى منها , وهو تناقض صريح .
ليس الهم الوطني العام مصلحة شخصية , أو خاصة فحسب , والمستفيد من بقاء الأوضاع المتردية على ماهي عليه , إتباع للتعريف السياسي الرديء للغاية , وحيث يعبد هذا الحيوان ( السياسي ) الزائل مصالحه الأنوية الموغلة في المبالغة , وبذلك يهبط بشكل اعتباطي نحو الدرك الأسفل و في تعريف المعري , في البهائم التي لاعقل لها مطلقا .
البغل حيوان , ولكنه لا يعرف السياسة , وهذه الصفة التعريفية من معطيات وجوده , فالله قد خلقه على النحو , وليس له , أن يقول ( لا) , ولكن المثير في الأمر هو في ثورة البغل على معطيات خلقه , وقد حدث هذا غيرما مرة , فحين يجد البغل نفسه , ضحية لأثقال لا طاقة له بحملها , وفي مسالك جبلية وعرة , يختم حالة الشقاء غير الألوهية , برمي نفسه من أعلى المنحدرات , لتنفجر فيه الذخائر والمتفجرات , في قفزة الموت من طول الشقاء , فمن أعلى القمة الى أسفل الهاوية , وهو موقف نبيل للغاية , فلا احد يمتطي ظهره , وهو لوحده يختم سفر عذاباته , خلاصا من جحيم الحياة , من خارج شيفرة وجوده , فمن تراه سيضطر البغل , في أن يتحول الى حيوان سياسي , وهو قدر غريب عليه , وهذا ما يحدث في الواقع .
الإنسان المتحيون اقل درجة من البغل النبيل , في لحظة اقترابه من التعريف الآرسطي , بينما يقترب ( الخليفة ) من التعريف المعراوي , ونجد أنفسنا أمام طفرة دراروينية غريبة للغاية , من تبهم الإنسان , ومن أنسنة البهيم ,
ويحدث كل هذا لمجرد هروبية الإنسان من الموقف الإنساني اللازم حكما , وتعريفيا , والسلوك الراقي للبهيمية , وكما لم يلاحظها المعراوي , فالبهيمة تمارس الانتحار النبيل ومن غير الإضرار بالبشرية , بينما الإنسان يدمر الحياة نفسها , بل ويتحدى خالقها ....
الله مع الحياة , فمن مع ومن ضد ؟!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa