الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القبانجي ..! نقد وتعقيب!

سنان أحمد حقّي

2013 / 3 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القبانجي ..! نقد وتعقيب!
كنت قد أزمعتُ كتابة مقال أعقّب به على البعض من آراء المفكّر القبانجي المحترم وأبين جانبا من وجهة نظري المتواضعة في أوجه مما يطرحه من أفكار عامّة
ولكنّ ألأخبار التي تلقيناها حول إعتقاله في الأيام الأخيرة جعلتني أتردد إذ انني وإن كنت أنوي معارضة البعض من توجهات هذا المفكّر فإنني أضم صوتي إلى أصوات غالبيّة المثقفين والمفكرين والكتاب والصحفيين في المطالبة في إطلاق سراحه بأسرع ما يمكن لأن الفكر لا يواجه بعقوبات سلب الحريّة أو أية عقوبات أخرى بل يمكن لأي شخص أن يواجهه بالرأي والحوار وتبادل وجهات النظر فقط ولدينا أمثلة لا حد لها تؤكّد وجهة النظر هذه .
وكان الأستاذ القبانجي قد كتب مقالا وضّح فيه أن وجود الشر دلالة على عدم وجود الله!
وهذا برأينا رأي غير صائب وغير سليم وأن من سبق المفكر القبانجي من الفلاسفة والمفكرين لم يفت عليهم ملاحظة ذلك وأن الشر والخير تربطهما علاقة جدليّة وتنطبق عليهما قوانين المنطق الجدلي كما هي حال علاقة النسبي والمطلق والعام والخاص والستراتيجيّة والتكتيك والذاتي والموضوعي وهكذا وأنه ليس صحيحا تمثيل الخير بالوجود والشر بالعدم كما أن تمثيل الذات الإلهية بالخير المحض ليس سليما وأنه لا أساس لهذا الإفتراض التعسّفي والأنكى من هذا أنه أي المفكّر المذكور يجعله حقيقة قائمة ويستند له في إشتقاق حقائق ونتائج فرعيّة وهو يعلم جيدا أن الخير والشر جميعا هي من خلق الله كما تشير النصوص والأدبيات الإسلاميّة وهذا منطقي جدا لو كان مبدأ التوحيد مسلّم* به ، فالخير والشر جزء من مقولة النسبي والمطلق في معظم أوجهها فما هو خير قد يتحوّل إلى شر والعكس صحيح كما أن الخير يكون خيرا بالنسبة لأشياء وشرا لأشياء أخرى فلو قلنا أن الماء ضد النار فهو شرّ لها ولكنه أي الماء خيرٌ للحياة ووجود النار كنقيض للماء ولئن كان شرّا للأحياء المختلفة فإنها خيرُ لها في توفير الطاقة اللازمة للحياة أيضا وليس هناك ما يجعل النار شرّا مطلقا ومنفردا بالشر على طول الخط وكذلك كل المتناقضات الأخرىوأن من يقول لنا أو يُخبرنا أن النار مثلا شرٌّ لنا فإنه قد تكون له حكمة واسعة من إستخدامها للنفع والخير كما فعل الإنسان منذ القدم ولنا هذه الأيام في كثير من أسباب التقدم عبرة فليس منّا من لا يعتقد من أن للطاقة الذريّة منافع ومضار فمنافعها خير بالتأكيد ومضارها شرّ أيضا بالتأكيد وقد لا نغفل عن وصف كثير من أسباب الخلق والوجود حينما نبدأ بأبسط الأشياء فالسكين لها منافع ومضار فمنافعها خير ومضارها شر وهكذا نجد أن من إخترع السكين أوجد بها فعل خير وفعل شر ولا يوجد خير مطلق فيها ولا شر مطلق أيضا
إن كثيرا من الناس وبالتحديد كثير من المثقفين يسيؤون فهم الفكر الجدلي ومضمون تبادل التأثير بين المتناقضات المختلفة فلو قلنا أن هناك علاقة تبادليّة أو جدليّة بين المفهوم الذاتي ونقيضه الموضوعي وجاء من يُثبت أن العناصر الموضوعيّة لها الأولويّة حسب مضمون الفكر المادي الجدلي فهذا لا يمكن أن يكون معناه أن ننفي الذاتي وننظر إلى الموضوعي وحده لأن هذا أمر سيعمل على تجميد حركة التطوّر وإيقاف حركة الوجود والتاريخ وهذا مخالف لطبيعة الأشياء وأن وجود الجانب الآخر من المقولة يجب أن يكون حاضرا وموجودا ومستمرا في التفاعل العضوي مع العناصر الأخرى ولا يُمكن أن ندرك وجود جانب من أي مقولة جدليّة دون وجود الجانب أو العنصر أو النقيض الآخر فهل ندرك وجود الحياة إلاّ بالموت؟ وهل يمكن أن ندرك البرودة إلاّ بالحرارة وهل يمكن أن ندرك الطول إلاّ بالقصر؟ وهكذا نجد أن إدراك أي ظاهرة لا تتم إلاّ بوجود نقيضها وأبسط مثال نضربه هنا أننا لو لمسنا أية شحنة كهربائيّة فإننا لو لم نكن على تماس مع الشحنة المناقضة الأخرى فلن نشعر بأي تيار كهربائي ولهذا نرى أن الطيور تقف على أسلاك الكهرباء ولا يسري فيها أي تيار مع أن بعض الأسلاك يجري فيها سيل هائل من الشحنات ولكنها مفردة فإما موجبة أو سالبة فقط دون أن يجري بينهما أي إتصال ولو حصل فإن آلاف بل ربما عشرات آلاف الفولتات سيجري تفريغها وعندها تحوّل جميع طيور المنطقة إلى فحم فورا .
إن أولويّة نقيض على آخر مسألة جزئيّة أي تعتمد على وقت أو حالة التناقض وقت التحليل وليس بشكل دائم وهذا هو أحد أسباب وقوع عدد من اليساريين في فهم مغلوط للأساس النظري للماديّة الدايلكتيكيّة كأسس ومنطلقات نظريّة فعندما نقول أن المادة والفكرة في وحدة وتناقض وأن الأولويّة للمادة لا يعني هذا أن الفكرة لها محل ثانوي أبدا بل هي أي الفكرة موجودة وفي تناقض مستمر أي في تبادل التأثير مع المادة ففي أحد الأطوار يكون تأثير المادة على الفكرة وفي الطور التالي يكون تأثير الفكرة على المادّة وهكذا.
ولنا أن نمثّل على ذلك في كثير من الظواهر الطبيعيّة فمثلا لو قلنا أن الصقر أو النسر هو شرٌّ بالنسبة لمعظم الطيور وربما كثير من الحيوانات أيضا ولكننا بعد الدراسة المتأنية للبيئة والحياة نجد أنه يؤدّي دورا يتضمن الشئ الكثير من الخير عندما يعمل الصقر والنسر وكثير من الجوارح على إعادة التوازن إلى الأحياء والطبيعة فلو لم يكن هناك نسرٌ أو صقرٌ أو جوارح لأصبح عدد القوارض هائلا أو عدد الأفاعي كذلك فهل نقول أن النسر شرّ أم خير؟ إن الجواب يتوقّف على مصلحة الإنسان والطبيعة والوجود ولا يمكن أن يكن هناك مصدر خالص للخير ولا مصدر خالص للشر فالذي أوجد الحمام والعصافير والأفاعي والجرذان أوجد النسور والصقور وأن الله تعالى ليس مصدر الخير لنا فقط بل هو الذي خلق مصدر الشرّ أيضا لدواعي متنوعة ومبررة كما وصفنا آنفا وبذلك لا يمكن أن يكون وجود الشر دليل على عدم وجود الخالق المبدع وتحليلنا هذا لا نرجو أن يُنظر له من منطلق إسلامي أو إيماني فقط بل من منطلق فلسفي وعلمي بالأساس
وفي النهاية نبارك للسيد المفكر القبانجي إطلاق سراحه ونتمنى له موفور الصحّة والعافية
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*المسلّم بها أي الافكار التي سبق تصديقها والبرهان عليها وليس الإيمان بها دون دليل أو برهان كما يظن البعض من القراء!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن في مرمى تهديدات إيران وحماس والإخوان | #التاسعة


.. د. جمال شقرة أستاذ التاريخ المعاصر والحديث:كانت هناك مقترحات




.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان


.. مخططات إيرانية لتهريب السلاح إلى تنظيم الإخوان في الأردن| #ا




.. 138-Al-Baqarah