الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاتيكان لا يختار إلا ذوي السوابق

الناصر لعماري

2013 / 3 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



بابا جديد للكنيسة، من الأرجنتين هذه المرة، البابا خورخي ماريو بيرغوليو، الذي اختار لنفسه لقب فرانسيس الأول. لكن يبقى السؤال قائماً عن دوره خلال فترة الدكتاتورية الأرجنتينية.
كان خورخي بيرغوليو رئيس الكنيسة اليسوعية والنظام اليسوعي خلال فترة ثمانينيات القرن الماضي عندما دعمت الكنيسة اليسوعية الحكومة والنظام الدكتاتوري القائم وطالبت الشعب التمسك به تحت مسمّى الوطنية.
المقال منشور في صحيفة الغرديان يوم الأربعاء 13 مارس 2013
بقلم: يوكي غوني وجوناثان واتس... ترجمة إبراهيم جركس
بالرغم من الاحتفالات السعيدة التي أقامتها الكاتدرائية المحلية في مدينة بيونس آيرس البارحة، إلا أنّ أخبار بابا أمريكا اللاتينية الأول كانت مغطّاةً بسحابة من المخاوف الخجولة حول دور الكنيسة _ودوره هو بالذات_ خلال الحقبة الدكتاتورية القاسية والوحشية التي مرّت بها الأرجنتين.
فقد جرى توجيه اتهامات للكنيسة الكاثوليكية وللبابا فرانسيس بالتواطؤ والتكتّم _بل أسوأ_ خلال ما يسمّى "بالحرب القذرة" على جرائم القتل وعمليات الخطف التي ارتكبها النظام الدكتاتورية القاسي في الأرجنتين خلال الفترة ما بين 1976 حتى 1983.
الأدلة تمهيدي ومثيرة للجدل. فقد تمّ إحراق الكثير من الوثائق والعديد من الذين كانوا من الضحايا أو الجُناة قد ماتوا في السنوات التي تلت الأحداث. الحجّة الأخلاقية واضحة تمام الوضوح، لكنّ واقع الحياة في تلك الفترة قد وضع الكثير من الناس في موقف رمادي. كان من الخطورة بمكان التحدّث عمّا يجري ومن الخطر اعتبار الشخص هدّاماً أو مخرّباً. لكنّ أشخاصاً كثيرين، ومنهم رهاباً وقساوسة، تمّ اعتبارهم هكذا واختفوا في ظروف غامضة. أمّا هؤلاء الذين ظلّوا على صمتهم كان عليهم أن يتعايشوا مع ضمائرهم_ وفي أغلب الأحوال في ظلّ خطر الخضوع للمحاكمة.
إن سلوك الكنيسة خلال الحقبة المظلمة من تاريخ الأرجنتين كان لا ينمّ عن قداسة أو رحمة حيث أنه في عام 2000 قدّمت الكنيسة الكاثوليكية نفسها اعتذاراً عاماً على فشلها وعجزها عن اتخاذ موقفاً ضدّ الجنرالات. حيث ورد التصريح الآتي في مؤتمر الأساقفة الكنسيين في الأرجنتين: ((نريد أن نعترف أمام الرب بكافة ذنوبنا وكل ما ارتكبناه من أخطاء)).
في شهر فبراير، صرّحت محكمة خلال إقرارها بالحكم على ثلاثة رجال من الضبّاط السابقين بالسجن مدى الحياة بتهمة قتلهم راهبين أنّ الكنيسة ورجالاتها قد "أغمضوا أعينهم" عن عملية قتل الراهبين التقدّميين.
وبصفته رئيساً للنظام اليسوعي خلال الفترة ما بين 1973-1979، كان خورخي بيرغوليو _الاسم الحقيقي للبابا فرانسيس حتى البارحة_ عضواً في هذا الهرم الكنسي خلال الفترة التي دعمت فيها الكنيسة الكاثوليكية الحكومة العسكرية، ودعت أتباعها بأن يكونوا وطنيين وان يدعموا النظام القائم آنذاك.
رفض بيرغوليو مرتين الشهادة في المحكمة بشأن دوره كرئيس للنظام اليسوعي في الأرجنتين. وعندما مثل أخيراً أمام القاضي في عام 2010، وصفه المحامون بالمراوغة وقالوا عنه أنّه "متملّص".
التهمة الرئيسية الموجّهة لبيرغوليو تتمثّل في خطف اثنين من القساوسة اليسوعيين، أورلاند يوريو وفرانسيسكو ياليس، اللذان تمّ أخذهما على يد ضباط من القوى البحرية في مايو عام 1976 واحتجازهما تحت ظروف غير إنسانية بسبب الأعمال التبشيرية التي كانا يقومان بها في أحياء البلاد الفقيرة، والتي كانت تعتبر نشاطاً سياسياً خطيراً في ذلك الوقت.
متّهمه الرئيسي هو الصحفي هوراشيو فيربتسكي، مؤلّف كتاب كامل حول الكنيسة بعنوان "الصمت El Silencio"، حيث يقول فيه أنّ بيرغوليو قد تملّص من واجبه ورفض حماية الكاهنين بسحبه وصايته عنهما، ممّا أعطى الجيش ضوءاً أخضر لاختطافهما.
الاتهامات قائمة على أساس حديث صحفي مع يالس الذي أطلق سراحه بعد محنته ثم التجأ لاحقاً إلى دير ألماني.
زعم بيرغوليو أنّ الاتهامات محض "افتراء"، وأكّد أنّه كان يتحرّك خلف الستار للحفاظ على حياة الكاهنين والكثيرون غيرهم حيث أنّه خبّأهم عن أعين فرق الموت. في إحدى الحالات، يزعم أنّه أعطى وثائقه الشخصية لأحد المعارضين الذي يشبهونه حتى يتمكّن من الهروب خارج البلاد.
هذا الكلام قد يجعله بطلاً في نظر البعض. لكنّ البعض الآخر يشكّون في ذلك. حيث قال إدواردو دي لا سيرنا، منسّق مجموعة من الكهنة اليساريين الذين يركّزون على معاناة الفقراء، لإذاعة ديل بلات أنّ: ((بيرغوليو هو رجل سلطة وقوة وهو يعرف تماماً كيف يضع نفسه بين الناس الأقوياء. ما والت لدي الكثير من الشكوك حول دوره فيما يتعلّق بمسألة اليسوعيين الذين اختفوا تحت الحكم الدكتاتوري الفظيع)).
العديد من الأعضاء في الكنيسة ماضون في تجاوزهم لتلك الفترة المظلمة من تاريخ كل من الأرجنتين والكنيسة. ويقولون أنّ البابا الجديد قد ساعد على الشفاء من آلام وجروح الحرب القذرة وإعادة المصداقية والثقة للكنيسة الكاثوليكية.
يقول رامون لوزاراغا، عالم لاهوت مقيم في جامعة دايتون: ((كرئيس للأساقفة، واجه [خورخي] امتحاناً كبيراً، حتى أنّه اتهم بالتواطؤ في الحرب القذرة، حيث أنّه أنكر ذلك بوضوح وتمّت تبرئته بالنهاية. فإذا كان بإمكانه إعادة الثقة للكنيسة هناك [في الأرجنتين]، فبإمكانه إذاً التعامل مع الفضائح التي حلّت بالكنيسة حول العالم لأنّه يعرف كيف يتواصل مع الناس)).
لكن من غير المرجّح أن يتمّ إقفال القضية بأي شكل من الأشكال قريباً، وبشكل خاص في الوقت الذي مازالت فيه المحاكمات الكبرى قائمة. هذا الأسبوع أصدرت محكمة بيونيس آيرس على "الدكتاتور الأخير" رينالدو بيغنون حكماً بالسجن مدى الحياة بجرائم مرتبطة باختفاء 23 شخصاً، ومن ضمنهم امرأتين حاملتين، عندما كان في الحكم خلال فترة تسعينيات القرن الماضي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي


.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس




.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد


.. 119-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال