الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الکورد و التيار الصدري..نقيضان وإن إجتمعا

نزار جاف

2005 / 4 / 7
القضية الكردية


من أکثر المشاکل المعقدة التي واجهت و تواجه المنطقة هي مشکلة توريث الکاريزما السياسية و الفکرية للأبناء و حصرها في الاجيال التي سوف تعقبهم. هذه المشکلة ليست بحاجة الى إبداء أي جهد يذکر کي تشير الى مثال معين، إذ أن الوراثة السياسية ـ الفکرية صارت هي القاعدة و الخروج عليها هو الإستثناء. ولکن برغم المؤاخذات " الاکثر من کثيرة" على هذا النمط من الفرض القسري "مسبقا مع سبق الاصرار"، إلا أنه من الضروري جدا الاشارة الى حقيقة مهمة و حيوية تتجلى في الاعداد النموذجي للوريث من النواحي المختلفة و جعله على دراية تامة بالذي يجري حوله. وقد نکون مخالفين لطرق تنصيب بعض من أبناء القادة، لکننا لانملک بدا من أن نشير أن هؤلاء "الابناء" فعلا قد تم إعدادهم إعدادا جيدا بحيث يستطيعون ممارسة أعمالهم بصورة توحي بکفاءتهم و مقدرتهم التامة. غير أن المصيبة تکون أعظم و أشد حين يکون هذا التوريث فکريا ـ عقائديا لشخص غير مؤهل أساسا لممارسة العمل السياسي و الفکري ـ العقائدي في أجواء مشحونة و ملتهبة کأجواء العراق في الظرف الحالي، وهو أمر نستطيع حصره في السيد" مقتدى الصدر " الذي يبدو من تصريحاته النارية التي أطلقها لفترات خلت و تلک المواجهات التي لم تقدم ولم تؤخر عدا أنها ساهمت في إزهاق عددا آخرا من الارواح العراقية الرخيصة جدا في ميادين تحقيق الغايات و الاهداف السياسية و الفکرية، أنه "أي الصدر" يريد أن يجعل نفسه في کفة ميزان موازية للسيد السيستاني مثلا. صحيح أن السيد مقتدى الصدر هو أبن رجل مشهود له في الساحة السياسية و الدينية العراقية، لکن الاصح هو أنه لم يصل بعد الى مرحلة الاختمار الذهني التي تساعده على إتخاذ قرارات موزونة و رزينة و بعيدة کل البعد عن التسرع و التهور. وقد تکون قراراته بالمواجهة المبکرة مع القوات المتعددة لجنسيات من ضمن تلک القرارات التي جاءت في وقت کان الشيعة فيها "على وجه الخصوص" بحاجة ماسة لشئ من راحة الفکر و البال کي يتسنى لهم التفکير بروية في المراحل اللاحقة من المستقبل العراقي. ولعل حالة التبرم و الضجر التي سادت لدى أهالي مدينة النجف" معقل المصادمات العبثية لميليشيا الصدر"، کانت تبين بوضوح تام رفضهم لتام لمثل هذه المواجهات و خصوصا من حيث التوقيت، وکان لعامل الرفض الجماهيري هذا أبلغ الاثر في حمل السيد مقتدى الصدر على التراجع رويدا رويدا عن سوح المواجهة و الإنکفاء في زاوية قريبة من الاحداث بإنتظار ماستنجم عنه المستجدات. وقد فسر الکثيرون وقتها إنکفاء الصدر بأنه قد تکون هناک مايشبه الصفقة المبرمة بين السيد الصدر و الجهات ذات العلاقة لمنحه مساحة معينة في دائرة الضوء تتفق وحجمه الجماهيري. إلا أن الايام أثبتت عدم وجود صفقة من هذا النوع و أن السيد قد نجا بجلد البقية الباقية من جيش "المهدي"، لذا فأنه"أي الصدر" وبعد أن إنجلت سحابة الانتخابات و ظهرت الاطراف الفائزة، أدرک الصدر بأن البساط يوشک أن يسحب من تحت قدميه و يصبح خارج دائرة اللعب. من هنا کانت تحرکاته الاخيرة صوب القادة الکورد حين بعث بممثله إليهم "ليشکيهم" من قائمة الائتلاف عموما و المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق خصوصا، وخلالها طلب من القادة الکورد دعمه في الساحة. غير أن الصدر وبعد مدة وجيزة على مقابلة مبعوثه للقادة الکورد، أطلق تصريحا ناريا حول مدينة کرکوک رافضا فيه هويتها الکوردستانية. هذا التصريح الناري للصدر کان بالامکان قراءة فحواه من توقيته، ذلک أنه يبين بوضوح لاغبار عليه أنه لم يحصل على أي وعد يذکر من القادة الکورد بدعمه ميدانيا ضد من يمکن وصفهم بالاعتدال في الساحة العراقية الشيعية. على أننا يجب أن نتذکر هنا أيضا أن تيار السيد مقتدى الصدر کان من المبادرين الاساسين للوقوف بوجه الطموحات الکوردية بمدينة کرکوک و کانت مواقفه التشددة بهذا الخصوص أشهر من نار على علم. وقد حاول السيد الصدر من خلال مهمة مبعوثه الى أربيل و السليمانية الحصول على ضمانات معينة کفيلة بإيقافه على رجليه وسط الساحة العراقية التي باتت حاليا أشبه بخلية نحل، لکن رفض مطالبه بطريقة مهذبة جعلت الصدر يعيد الکرة بالوقوف ضد الکورد لا في کرکوک هذه المرة فحسب و إنما في رفض تنصيب السيد جلال الطالباني لرئاسة الجمهورية، وهو أمر يعني فيما يعنيه أن السيد مقتدى يريد التلميح للتيارات المتطرفة و"الدخيلة على الشأن العراقي" بأنه مستعد لخوض غمار الصراع مع الکورد الى شوط أبعد من الذي يخوضه غيره. ومهما يکن فأن الحرب " الضمنية" التي أعلنها السيد الصدر ضد الکورد، برغم من مقاصدها و أهدافها الحقيقية، هي حرب ليس بمقدورها أبدا أن تخدم الاهداف الصدرية على صعيد العراق، سيما وأن الکورد في الظرف الحالي للعراق، هم أقوى التيارات السياسية و أکثرها أمنا و لکونهم متماسکين ضمن رقعة جغرافية محددة فأنه من الصعب جدا إختراقهم وخصوصا من قبل تيار سياسي يفتقد للدقة و التروي في إتخاذ قراراته المهمة. والحق أن القرار الاخير للسيد الصدر بالدعوة الى خروج مظاهرة مليونية ضد الاحتلال الامريکي للعراق، سوف لن يکون القرار المتسرع الاخير بهذا الخصوص، وقد يکون للصدر من وراء دعوته هذه أن يوجه رسالة للائتلاف العراقي و التحالف الکوردستاني، مفادها أن إخراج التيار الصدري من الساحة مکلف و متعب للجميع، لکن السؤال الذي لابد من طرحه هو هل بإمکان السيد الصدر أن يدفع العراقيين لتظاهرة مليونيية ضد الامريکان؟ إنه مجرد سؤال !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح ا


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة




.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين


.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت




.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا