الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجود وعدمية الله ونقاشات ما بعد الدم

فرات محسن الفراتي

2013 / 3 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما ان تحدث سلسلة انفجارات ارهابية في بغداد حتى يسارع العديد من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعية خاصة فيسبوك بنشر الصور المؤلمة من مشاهد الدم والموت والخراب والنار، وكتابة التعليقات الحزينة المليئة بالتساؤلات الوجودية حول (الله) احدهم يسأل الى متى يا الله؟ واخر يسأل اين الله مما حدث؟، شخص يتمنى من الله رحمة لمن قتلوا بلا ذنب بيد الارهاب، واخر يعد المرتكبين للقتل بعذاب الله، فيستدركه ثالث ويقول ان الارهابين قتلوا الابرياء بأسم الله.. فيرد رابع انهم لا يعرفون الله، فيتداخل خامس الم تشاهدوا جثة الانتحاري وقد وضع بجيبه كتاب قرأن صغير عندما فجر جسده وسط سوق شعبي وقتل عشرات النساء والرجال والاطفال! ترى انه يتبع اي الله؟ او ليس هنالك الله واحد!
ثم يتحدث معلق معاتباً الله ويصفه بأنه صديق روحي له يبتهل له بكل شيء ولكن كيف يسمح بكل هذا الموت! ويختلف المعلقين حوله فبعضهم يتعذرون بأن ما ارتكب من موت ليس بسبب الله واخرين يقولون انه يقدر كل شيء فكيف قدر موت طفل او امرأة.. فيعود ثالث ويكتب ان انفجارات اليوم قتلت بائع فقير يعيل اسرة من الايتام قتل اباهم بأنفجار مماثل قبل عامين! فيعلق رابع ليرحمه الله وترد خامسة بل ليرحم الايتام الذين فقدوا معيل اخر لهم.. ويختتم التعليقات سادس ليقول ولماذا سمح الله بكل هذا الموت والعذاب من الاساس!
سيدة نشرت صورة كاركاتيرية لشاب ممسك بسماعة الهاتف بفزع ونظراته متجهة للسماء وقد كتب قرب فمه (ارجوك يا الله رد فالناس ذبحوا بالعراق.. رد رد رد)، سيدة اخرى كتبت انها تبكي منذ ثلاث ساعات بهلع بعد ان شاهدت ثلاث اطفال لم يتجاوزوا الثامنة وقد تناثرت اشلائهم على احد ارصفة بغداد بسبب انفجار انتحاري قرب احد الاسواق.. وتتعالى التعليقات اين الله وكيف يا الله ثم يكتب احد المعلقين نصاً غير مفهوم المعنى او المراد منه فهو يقول ان الله يحب الاطفال ومن المستحيل السماح بقتل احبته! وسرعان ما يرد عليه معلق ان اشلاء الاحبة تشضت على الارصفة يا صديقي!
ترى متى سيتوقف القتل بأسم الله هكذا كتب احد المعلقين وصمت، تذكرت مقولة امين معلوف الشهيرة عندما سؤل (ان قابلت الله في يوم من الايام ماذا تتمنى ان يقول لك؟ فرد: اتمنى ان يقول لي بأنه برئ من كل الجرائم التي ارتكبت بأسمه)، وعدت اطالع النصوص والصور والتعليقات التي لعل بعضها كتب بأستعجال عاطفي الا ان العديد منها برز العمق في تساؤلها عبر التعليقات الحوارية تحت النصوص.
كتب احدهم كنت اتشكك بوجود الله بسبب فكرة العذاب وجهنم.. اشعر بأن هذا ينافي فكرة الرحمة ويصطدم مع العدالة فكيف يمنح انسان حياة بمقدار محدد من السنوات ثم يعذب الى ما لا نهاية! اين العدالة في ذلك؟.. ثم استدرك نفس الشخص يقول ولكن شكوكي هذه لم تعد تؤرقني كثيراً فأصبح لدي ادلة اكثر على عدم وجود اله في هذا العالم! وهنا سأله عشرات الاصدقاء كيف واخرون دعوه للاستغفار وغيرهم سخروا وقالوا ان اكتشافك متأخر يا صديقنا.. اما هو فرد ببساطة لو كان هنالك اله لما سمح بكل هذا الظلم.. ودب الصمت على جدار صفحته وازدحمت علامات الاعجاب تحت كلماته الاخيرة وكأنها اشارات تأييد صامتة.
ليس غريب ما يحدث فالصدمات تعيد تفكير الانسان بمعتقداته وتجعله يتسائل عن القوى الخفية التي تنصر الخير على حساب الشر.. ترى اين هي؟ او هل هي موجودة حقاً؟ ام هي فقط من صنع الانسان القديم.. كما قال عبد الرحمن منيف (نحن من خلق الجلاد كما خلق الانسان القديم الهته)، الا ان الانسان القديم خلق الهته لتحميه من العواصف من البرق من الزلازل ومن اي ضاهرة فشل عقله بتفسيرها.. ولكن ماذا عن ما يحدث اليوم اين الرحمة!.. وهنا استذكرت قصة ايلي ويسيل الكاتب الحائز على نوبل للسلام عام 1986 وهو احد الناجيين من جحيم الهولكوست النازية.. وقد كتب معللاً الحاده راوياً (كنا في معسكر اعتقال اوشفيتز وفي احد الايام قام النازيون بجمع جميع المعتقلين وجلبوا طفل يهودي بالسادسة كان يمتلك وجهاً ملائكياً وقاموا بنصب محكمة له امامنا جميعاً ثم امروا بأعدامه وهو صامت وجرى رفعه على المشنقة بطقوس بطيئة استمرت حوالي الساعة لتحطيم جميع من يشاهدون نفسياً وعندما شدوا الحبل حول رقبته الصغيرة ودحرجوا الطاولة من تحته ليتدلى مشنوقاً وبصمت، قال احد المعتقلين الواقفين قربي: اين الله؟.. حينها ادركت ان الله شنق مع هذا الطفل ولم اؤمن بوجود اله منذ ذك اليوم)، وتذكرت سيدة بريطانية ملحدة سألها صحفي لما لا تؤمنين بوجود اله فردت (لقد فقدت حفيدتي بسن اربع سنوات تحت الم السرطان اي اله يقبل بتعذيب طفلة بسن الرابعة! منذ ذلك الحين ادركت ان الله ليس سوى خدعة)، وهكذا الحال مع العديد ممن عاشوا اجواء الحروب من خوف ورعب تجدهم اما قد تشبثوا بفكرة اله يحميهم حيث لا قانون على الارض او طردوا فكرة وجود اله حيث يسمح بكل ما شاهدوه من ذعر.
وتناسى العديد الموت والانفجارات واحتدموا بنقاش اثبات ونفي وجود الله.. فالملحد استخدم رأي العالم البيولوجي الكبير ريتشارد دوكنز القائل (ان العلم لم يستطع اثبات وجود الله) فرد عليه المؤمن (الله حقيقة ركز بقلبك وستكتشفها) وازدحمت اراء تزردي الله واخرى تقدسه وتحذر من بطشه.. فدخل معلق جاد وقال انا كنت اؤمن بالله.. مفجراً نقاشات جديدة حول معنى كنت وما انت عليه الان؟.. فرد اخر قائلاً اذهبوا ليوتيوب واكتبوا تمزيق القرأن وشاهدوا عشرات المقاطع التي مزق بها القرأن واهين من اناس سئموا رجال الدين وسئموا الارهاب بأسم الله.. او سئموا تصديق الناس بفكرة قديمة جداً اخترعها الانسان اسمها الله! وزاد هذا التعليق من الطين بلة وقام بعض المعلقين بمهاجمة اراء البعض او بكتابة ايات قرأنية في حين قام اخرون بنشر روابط لمقاطع فيديو لشاب مصري اسمه (مصري ملحد) على يوتيوب يمزق القرأن ويتحدى الله على الشاشة ان يثبت وجوده ويتحدى شيوخ الدين ان يثبتوا له وجود الله!.. وهنا صرخ احد المعلقين نعم صرخ لآنه مد بالحروف كلمة كفى ليكتبها هكذا (كفىىىىىىىىىىىىىىى هل بعد كل هذا الدم بأسم الله تختلفون كل هذا الخلاف حول الله!).. ولم يتوقف النقاش ولا اعتقد انه سيتوقف!
فكما تسائل الانسان الاول عن قوى الطبيعة الغريبة من حوله واعتقد بفكرة الله كمفسر لها.. يختلف الانسان المعاصر حول وجود وعدمية الله في اطار ما يسفك من دم بأسمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 3 / 19 - 22:08 )
الجواب الوحيد , هو : أن هذه الدنيا امتحان , قال تعالى : (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لاترجعون) .
أقول : ما يدريك أن الضحيّه ذهب إلى عالم أفضل من العالم الدنيوي الذي كان يعيش به؟... و ما أدراك أن القاتل ذهب إلى عالم اسوى من عالمه الدنيوي؟ .
راجع نظريّة : (البيوسنتريزم) .

أما وجود الله من عدمه , فراجع هذا الفيلم :
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=0-K62WnjZ1M

بنفس الوقت اقرأ هذا الرابط بتمعن و حققه , الرابط :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?31706-هدم-أ-ُسس-الإلحاد-!!


2 - استغرب
سلمان ( 2013 / 3 / 20 - 14:54 )
استغربت من الله الاسلامي اليهودي المسيحي لاسباب كثيرة :خلق الأرض في ستة أيام و هي تساوي واحد من تريليون من الكون و خلق باقي الكون في يومين ، لا بد أن من قال ذلك لم يكن يعرف هذه المعلومات ... و استغربت أنه في كل الأرض لم يهتم بسكانها فقط بحوالي أقل من 1% من سكانها و بمساحة أقل من هذه النسبة ليرسل لهم الرسل و يترك باقي الأرض و سكانها ... لا بد من أنه أحول ... لا تنسوا أن هذا الإله أقل معرفة من إنسان العصر الحالي الذي عرف أن الأرض كروية و أن السماء و الأرض لم تكن رتقا ففتقتا لأنه ببساطة لا توجد سماء و الأرض تشكل نسبة صغيرة من الكون ليفتقها وحدها كقسم مستقل و بقية الكون كقسم آخر ... لا بد أنه كان لا يستطيع تقدير النسب ... و يقول الرجل : و الله عليم خبير !! عليم خبير ... يا عيني


3 - تسقط الاديان
ملحد ( 2013 / 3 / 20 - 21:57 )
تسقط الاديان
ما يسمى بالاديان هي في الحقيقة سرطانات الشعوب ليس الا فالموت لها الموت الموت الموت.....
تسقط الاديان , تسقط تسقط تسقط......

اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran