الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(( ألتوقف عن ألكتابة )) ألأسباب و ألنتائج :

سلمان مجيد

2013 / 3 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أن ألكتابة ليس كأي عمل يقوم به ألانسان ، لسبب بسيط جدآ ، ألا هو : أن عملية ألكتابة قد تكون ــ من حيث مصدرها ــ مشتركة بين ألبشر عامة ، بأعتبارها وسيلة و أداة للتعبير عن ما يموج في دواخل ألانسان من مشاعر و أحاسيس أتجاه ما يحيط بهذا ألانسان من واقع موضوعي ، مادي و معنوي ، ألا أن ألمشكلة ألتي تواجه ألانسان في ذلك هو : عدم أمتلاك ألبعض ألادوات و الوسائل للتعبير عن تلك ألدواخل ، بألطريقة ألمقبولة ، من قبل ألمهتمين بهذا ألامر ، لذلك فألذي لايملك تلك الوسائل و ألادوات ، ألتي تنطبق عليها مواصفات ألكاتب ، فقد يلجأ للتعبير عن دواخله بألطرق ألاخرى ، ألتي قد يكون بعضها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ــ أحيانأ ــ و حتى يمكن ألتعبير عن تلك ألمشاعر و ألاحاسيس في حالة من ألوعي ألتام ، أو قد يصل ألامر ألى ألتعبير عن تلك ألاحاسيس بحالة من غياب ألوعي و ألتي قد تدفع ألبعض ــ أو قل ألاكثر من ألمتابعين لمشاعر و احاسيس هؤلاء ، أي ألذين يعبرون عن مشاعرهم بطريقة غير واعية ــ بأنهم خارج ألمنظومة ألمقبولة للتعبير عن ( ألمشاعر ) ، خلاصة ما أريده في هذه ألمقدمة ، بأني لا أقصد ممن تتوقف عندهم عملية ألكتابة ــ مثل هؤلاء ــ ولكني أعني هؤلاء ألذين يستخدمون ألحرف و ألكلمة كأداة و وسيلة للتعبير عن أحاسيسهم أو مواقفهم أتجاه ألمحيط ألذي يعيشون فيه أو بضمنه ، ماديآ كان أو معنويآ . من ألموجب أولآ : أن نميز بين نوعين من ألكتاب ، حتى تتبين ألاسباب و ألنتائج لعملية ألتوقف عن ألكتابة ، فهناك : ( 1 ) ألذين يتخذون من ألكتابة ، حرفة أو عمل لهم . ( 2 ) و هناك : ألذين يتخذون ألكتابة كهواية أو متعة ذاتية لهم .
أما ألذين يتخذون ألكتابة مهنة أو عملآ لهم ، فأن أسباب توقفهم عن ألكتابة تختلف عن ألاسباب ألتي تدفع ألنوع ألثاني من ألكتاب في ألتوقف عن ألكتابة ، مما يؤدي ــ حتمآ ــ ألى اختلاف ألنتائج ألمترتبة على هذا ألتوقف لدى ألنوع ألاول عن ألنوع ألثاني ومن ألممكن ألنظر لعملية التوقف عن ألكتابة ، من أن عملية ألتوقف عند ألنوع ألاول تكون نادرة ألى حد ما ، بألمقارنة ألى ألنوع ألثاني من ألكتاب ــ وهذا لايعني بأن ألنوع الاول اكثر قدرة أو جدارة في ألاستمرار في ألكتابة ــ بل ألامر يتعلق بألأسباب و ألدوافع ألتي تدفع كل منهما ألى ألكتابة و ألأستمرار بها أو ألتوقف عنها : فمن ألأسباب ألتي تجعل محترفي ألكتابة في عدم ألتوقف عن ألكتابة هو : أرتباط توفير مستلزمات حيأة ألكاتب و عائلته ، مرتبط بأستمراره بألكتابة ، ومن ألذين أوفر حظآ في ألاستمرار بألكتابة ــ من هؤلاء ــ هو : حسب نوع موضوعات كتاباتهم ، فكلما كانت هذه الكتابات أقرب ألى ألموضوعات ألعلمية ألصرفة ، و أبعد عن الموضوعات ألسياسية و ألأجتماعية ألتي قد تتعارض مع ألقوى ألفاعلة في ألمجتمع ، فأن حظ هؤلاء في ألأستمرار في ألكتابة أفضل لأن طبيعة كتاباتهم تتميز بألحيادية ، أضافة ألى أنها لاتتميز بألأهتمام ألا من ذوي ألأختصاصات ألعلمية ، ألتي لاتهم ألا ذو الأختصاص ألذي يعدون بعيدين عن ألشريحة ألواسعة من أصحاب ألقرار ألسياسي أو ألأجتماعي ، أما ألذين يتخصصون بألكتابة ألسياسية و ألفكرية ، فأنهم أكثر عرضة لتوقفهم عن ألكتابة ، أو قل أيقافهم عنها ، في حالة تعارض تلك ألكتابات مع طبيعة ألنظام ألسياسي و ألأجتماعي ، وهذا ألأمر ليس شاملآ ، وأنما يتوقف على نوعية أراء و أفكارذلك ألكاتب و مدى ألتزامه بتلك ألمبادئ و ألأراء ألتي يؤمن بها ، و لنقل أنه على أقل تقدير ملتزم بألموضوعية و ألحيادية ــ ألأيجابية و ألسلبية ــ فأذا كان ألكاتب هكذأ نوع ــ أي ألملتزم بحرفية هذه ألمهنة ، ألتي تعد من مستلزمات ألكاتب ألمقبول من قبل ألقراء ــ فأن أي تصادم مع من لايقبل تلك ألأنواع من ألكتابة ، فأنه حتمآ سيتعرض ألى ألتوقف أو ألأيقاف عن ألكتابة مضطرآ ، مما قد يدفعه ألى أحتراف مهن أخرى قد تكون بعيدة عن ما أعد نفسه أليها ، أعدادآ أكاديميآ أو ذاتيآ ، أو يختار مهنة قريبة من مهنته ألأصلية ( ألكتابة ) وهذا حصل في ألعراق بشكل واضح في مراحل سابقة ، كعمل بيع ألكتب مثلآ ، وما يشهد على ذلك ما كان عليه ( شارع ألمتنبي ) ، فحتى هذا العمل كان محفوفآ بألمخاطر نتيجة مطاردة ( قوى ألأمن ) لعناوين ألكتب ألتي كان ألنظام ألسابق يعتبرها معادية له ، و هناك أخرين على ألعكس من ألذين أشير أليهم أعلاه ، أي ألذين يفرقون بين مهنتهم ( ألكتابة ) بأعتبارها مجرد عمل أو حرفة ، وبين ألأراء و ألمواقف ألسياسية و ألفكرية ، المطالب فيها ألكاتب أن يعبر ليس فقط عن أراءه ومواقفه ، بل يجب أن يكون مرأة للمجتمع ، كتاب من هكذا نوع لايتعرضون ألى ألتوقف عن ألكتابة ألا ما ندر ،لأنهم قادرون على أن يكتبوا ما يملى عليهم ضمنآ أو صراحة ، من قبل ألقوى ألسياسية و ألأجتماعية ألفاعلة في ألمجتمع ،و هنا لا أعني فقط ألدولة و ألنظام ألسياسي ، فأحيانآ قد تكون بعض ألقوى ألأجتماعية أقوى من ألنظام ألسياسي ، مما يدفع كتاب من هذا ألنوع ان يستجيبوا ألى ( ألأقوى ) ، بغض النظر عن توافق هؤلاء في أراءهم و مواقفهم ألمعلنة مع أراءهم و مواقفهم ألخاصة ألغير معلنة ــ وهذا يعد أسوء انواع ألأنتهازية ألتي يصاب بها بعض ألمثقفين و ألكتاب و ألفنانين ــ و لقد عانى ألشارع ألثقافي ألعراقي في ألفترات ألسابقة ألعديد من مثل هؤلاء ، و البعض منهم عاد و أنقلبوا على ما كانوا عليه !!
ولنعد ألأن ألى ألنوع ألثاني من ألكتاب ، وهم ( هواة ) ألكتابة ، وما يتعلق بهؤلاء ، أولآ : أن أحتمالية تركهم للكتابة اكثر من النوع ألأول من الكتاب ، وقد يعود ألامر الى سببين ، ألاول : هو ان دوافع ألكتابة لمثل هؤلاء ، هي دوافع ذاتية تتعلق بمحاولة اثبات ألذات ، او اشباع لرغبة نفسية في ألتعبير عن دواخلهم و مواقفهم أتجاه ألحياة ، ومثل هؤلاء لايهتمون بردود افعال قرائهم أو متابعيهم ،كانت أيجابية أم سلبية ، أذن تبقى المسالة لمثل هؤلاء هو مجرد أرضاء للذات ــ ألتي قد تتطابق مع مواقف ألمجتمع و ألمصالح ألعامة ــ ، اما ألسبب ألثاني لأحتمالية توقفهم عن ألكتابة هو : أفتقاد ألبعض منهم ألى ألموهبة ألفطرية للكتابة ، أما ألموهبة ألمكتسبة لهؤلاء و ألمتأتية من ألتعليم ألأكاديمي و ألمهني ، ألمتعلق بمهنة ألكتابة ألأحترافية فأنهم بعيدون عنها ، و ذلك لأن كل هؤلاء أنما يمارسون ألكتابة ألى جانب مهنهم ألأصلية ، ألتي قد تكون بعيدة كل ألبعد عن عملية ألكتابة ، وهنا قد يبرز تساؤل : عن مصدر ألخبرة ألتي يمتلكونها في مجال ألكتابة ، و ألجواب هنا هو : ان ذلك أنما يعود ألى ألجهد و ألمثابرة ألذاتية ، ألتي قد تجعل ألبعض منهم يتفوقون على محترفي ألكتابة ، بل قد يدفعهم تفوقهم هذا ألى أن يتركوا مهنهم الأصلية و يتجهون ألى أن يحترفوا ألكتابة ، وهذا يظهر في مجال الكتابة ألأدبية و الفنون التشكيلية ، و هناك ألعديد من أمثلة هؤلاء ، وخاصة في الشارع ألثقافي ألمصري ، و هناك مسألة أخرى تتعلق بمن يتخذ من الكتابة هواية له ألا وهي : أنه حتى لو توقف أحدهم عن ألكتابة بألنسبة للقارئ ، ألا أن ألكثير منهم يستمر بألكتابة لنفسه ، وخاصة من تلح عليه الموهبة أو ألرغبة ألتي يتمتع بها ، بأن يستمر بألكتابة ، و بطبيعة ألحال هذا لاينطبق على كافة أنواع ألكتابة ، و أنما يختص بألكتابة ألأدبية ــ على ألأرجح ــ و خاصة في مجال ألشعر ، حتى أن بعضهم عندما تصل ألحالة عنده ألى ذروة ألحاجة في ألتعبير عن أحاسيسه ، بأن يصاب بنوع من الشد ألعصبي ، وحتى ألصحي أحيانآ ، ففي لقاء تلفزيوني في ( ألسبعينيات ) ــ كما اتذكر ــ أن ألمرحوم ألعلامة ( مصطفى جمال ألدين ) صرح بأنه : قبل أن تكون ألقصيدية ألشعرية لدية في متناول قلمه ، فأنه يصاب ( بألحمى ألشديدة ) ألتي تأرقه ، حتى تختمر فكرتها لتتلقفها ادواته ألشعرية ألجميلة و ألتي يتسيد عليها بمعرفته و علمه ألواسع ، وهناك من هواة ألكتابة من لم تحد من رغبته بألكتابة حتى أقسى أنواع ألامراض ، فهناك قصة مصرية أسمها ( نور ) حيث تروي قصة كاتب لم يمنعه ألمرض عن ألأستمرار في ألكتابة ، وهو في لحظاته ألأخيرة ، تنتهي حياته مع نهاية أخر حرف من كلمة ( نور ) .
من خلال كل ما تقدم : ما اردته هو ألتعبير عن حالة خاصة ، قد تكون بعض من أسبابها تدفع من يتخذ من ألكتابة هواية له ، مستهدفآ في ذلك ، أن يستمر ألكاتب ــ كان محترفآ للكتابة أو هاويآ لها ــ في ألكتابة كواحدة من ألوسائل ألمعاصرة من خلال ألوسائل ألمتاحة بيسر نتيجة للتقدم في مجال التواصل ألاعلامي ، و أكيد أن ألعبء على ألكاتب سيكون أثقلآ ، بسبب منافسة ألوسائل ألمرئية له ،و ألتي تتميز عنه بتأثير متعدد ألجوانب على ألمتلقي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحفظ عربي على تصورات واشنطن بشأن قطاع غزة| #غرفة_الأخبار


.. الهجوم الإسرائيلي في 19 أبريل أظهر ضعف الدفاعات الجوية الإير




.. الصين... حماس وفتح -احرزتا تقدما مشجعا- في محادثات بكين| #غر


.. حزب الله: استهدفنا مبنيين يتحصن فيهما جنود الاحتلال في مستوط




.. مصطفى البرغوثي: نتنياهو يتلاعب ويريد أن يطيل أمد الحرب