الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في إستمرارية الصراع التاريخي بين العقل والجهل في البنى العربية الإسلامية

علي مقدّم

2013 / 3 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الصراع السياسي والأيديولوجي التي تشهده البلاد العربية الأن لا يمكن فصله عن واقع الصراع السياسي التاريخي في البنى العربية الإسلامية. فصعود التيار الإسلامي السياسي، في شكلَّيه، التكفيري الواضح والصريح (كالسلفيين) أو المعتدل في الظاهر والظلامي في الجوهر (كالإخوان المسلمين)، ليس أمراً طارئاً على الواقع العربي الإسلامي وإنما هو نتيجة أسباب تاريخية بنيوية من جهة وأسباب راهنة تتعلق بواقع التجاذبات الجيوستراتيجية من جهة ثانية.

في العوامل التاريخية

دور العقل في الحكم على النص والشرائع المقدسة وتأويلها ودوره في معالجة قضايا المجتمع، كان محور الصراع الأيديولوجي في المجتمعات العربية الإسلامية والذي أخذ أشكالاً سياسية متعددة. كلما كان التيار العقلاني يتعمق في إنتاج معرفة فلسفية وعلمية للوجود ولتنظيم المجتمع وقوانينه، كان يشتد سعار التيار الرجعي الظلامي عدو الإنسان والعقل. فما الصراع بين القدرية و الجبرية، بين الأشاعرة والمعتزلة، ين الفلسفة والدجل بإسم الدين، بين إبن رشد والغزالي، أي بين العلم والجهل، إلا تعبيراً عن صراع إجتماعي كان يتمظهر في هذه الأشكال الأيديولوجية. الإستعانة بالمنهج العقلاني للحكم على ظاهرات طبيعية وإجتماعية غالباً ما كان نوع من التعبير عن الرفض للسلطة الحاكمة بإسم الإرادة الإلهية والشريعة والنص الجامد. بالرغم من تسجيل إنتصارات تاريخية كبيرة للجانب الظلامي، إن كان في معركة إبن رشد والغزالي مثلاً، أو في معركة التحرر الوطني والتقدم الإجتماعي ضد قوى البرجوازيات العربية التابعة في العصر الحديث، بالرغم من هذه الإنتصارات ومن سوداوية المشهد، إلا أن هذه المعركة التاريخية لم تحسم بعد.

في العوامل الراهنة

بعد الإنتفاضات الشعبية في الدول العربية ضد أنظمة الإستبداد (الأنظمة التي لم تساهم في خلق أي تحول نوعي في البنى العربية الإسلامية بل العكس) طُرح البديل الإسلامي السياسي. هذا البديل لم يُسقط على البنى الإجتماعية كما تروج له نظرية المؤامرة الكلاسيكية، وإنما جاء كنتجية لطبيعة البنى الإجتماعية في الدول العربية والإسلامية. هنا تحديداً يأتي دور الخارج في محاولته للحفاظ على هيمنته من خلال آدوات “جديدة” فرضتها تطور الظروف الموضوعية. فالشكل التاريخي للصراع الراهن هو سيطرة أيديولوجيات الظلام، بتمويل من دول الغاز والنفط، كاقطر والسعودية، وتوليها مهمة نهب موارد المنطقة وضمانة تبعيتها للنظام الإقتصادي العالمي. صعود هذه التيارات الدينية، يعيد إلى الواجهة الصراع الثقافي التاريخي، بين العقل والجهل، لكن بشكله الموضوعي الراهن وذلك لإحتواء أي نهضة ثقافية فكرية ممكن أن تنتج عن هذا المخاض. المقصود بالشكل الموضوعي الراهن، هي ظروف العالم الحديث، فالشروط الإجتماعية والإقتصادية في مجتمع إقطاعي تجاري، كما كانت عليه في العصرين الأموي والعباسي مثلاً، ليست نفسها في مجتمع رأسمالي تابع، خاضع كلياً لتأثير العولمة والسياسات النيوليبرالية. لكن يمكننا القول أن جوهر هذا الصراع واحد لكنه يأخذ أشكال تاريخية مختلفة.

أي تحول نوعي في البنى الإجتماعية العربية، يقتضي إشعال ثورة تنويرية ثقافية، هدفها إرساء المنهج العقلي مكان المنهج الطائفي القبلي وهنا تحديداً دور هذا الصراع الثقافي التاريخي. الصراع بين السلف الجاهل وثقافة الغزالي وإبن تيمية إلى فقهاء النفط من العرعور إلى القرضاوي، أي ثقافة الظلام والجهل من جهة، وبين العلم وثقافة الإبداع والإنتاج العلمي والثقافي، ثقافة الفارابي وإبن سينا وإبن خلدون وإبن رشد إلى مهدي عامل وحسين مروة ومحمد مهدي الجواهري وشكري بلعيد وغيرهم من الجهة الثانية. لا حياد ولا وسطية في هذا الصراع الوجودي .. فرائحة النفط تزكم الأونوف وتثير شهية “اللاعقول” الملتحية.

العقل أولاً وإن كره أبوجهل وآلهته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب