الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أخلاق النضال والكفاح

محمد صادق

2013 / 3 / 23
القضية الكردية


كنت مساء أمس في جلسة سَمَر مع بعض أصدقائي في إحد النوادي الثقافية في أحد أجمل بُقَع كردستان وفي جوٍّ نوروزي ربيعيٍّ باهر نتجاذبُ فيه أطراف الحديث وتتَلاطم أمواج الضحك بين الفينة والأُخرى سفينة مَجلِسنا التي ركَبَت البحر دون إذن من القبطان ودون موعدٍ مُسبَقٍ للمسافرين , كان من بين الحاضرين في جَلسَتنا ثلاثٌ من البيشمركه سابقاً ولازالوا على حماسٍ لتلك الأيام , وكان أغلبُ الحديثَ لهُم , الحديث الذي يتكَلّمُ عن الماضي الأليم , عن الجوع والعَطَش لإيام مستَمرة , عن الخوف من المجهول , عن الجو والطقس المملوء بالبرودة القارسة والملفوف بالثلوج تحت سقوف الأمطار والرعد والبرق , ورغم كل ذلك لم تكن حياتَهُم خالية من مواقفٍ مُضحكة بل وكان أحَدُهُم يَصنَعُ مَشاهِداً من المواقف الفكاهية لأصدقائه البيشمركه ليَضفي على مَشاهد المأساة قليلاً من توابل الحياة الطبيعية لكي يَشُدَّ أحزمة المعنويات للبيشمركه الأبطال ,
أغلَبُ الحديث في المجلس إستَعمَرَهُ المُقاتل الفكاهي السيد ( ف ) , لقد أضحَكنا كثيراً بالمواقف الفكاهية والمَقالب المُضحكه خلال فترة الكفاح المُسَلَّح في جبال ووديان كردستان في ثمانينات القرن الماضي , ومن بين كل الوقائع التي سَرَدَها السيد ( ف ) المُضحكة والمؤلِمَه لذلك التأريخ ولتلك البطولات والمآسي , جَذَبَتني واقعة كانت قد حدثت لهم , واقعة ذات معاني عظيمة وتدلُ على عظمة وشهامة أخلاق البيشمركايتي , وكانت القصة واقعية وحقيقية وهي كما يلي حسب ماسَرَدَها السيد ( ف ) :
قال انه رغم ظروف القحط والجوع والألم التي كانت تسود حياتنا على طول الخط , ورغم الجيوب الخاوية من المال دائماً , كانت هناك فترات تتَخَلَلُها نوعاً من اليُسر , ونحصل على بعض المال إما أن يَبعَثَهُ لنا أهلُنا , أوترسله القيادة الميدانية في بعض الأحيان , وفي مرة من المرات قمنا بجمع بعض المال بالمشاركة من جميع أفراد الفصيل , وإستَطَعنا أن نجمَع مبلغ ثلاثون دينار , ولأننا لم نكن قد أكلنا اللحم منذ فترة طويلة , قررنا تشكيل لجنة من ثلاث أشخاص من أجل الذهاب الى إحدى القرى المُتاخمة لشراء اللحم وبعض المستلزمات الغذائية الضرورية , وذكَرَ السيد ( ف ) إنهُ كان أحد الأعضاء في هذه اللجنة وهو لازال يروي القصة , قال فعلاً قَصَدنا إحدى القُرى , وأشترينا نَعجَتين , وديكاً واحداً , بمبلغ سبعة وعشرون ديناراً , وبقي لدينا ثلاث دنانير , فقلتُ لرئيس اللجنة , بقي لدينا ثلاثة دنانير , ما هو رأيك لو نُقَسِّمُها في ما بيننا وسوف لن يَعرف أحداً بالموضوع غيرنا الثلاثة , فَرَدَّ عليه رئيس اللجنة بأنّهُ ليس لَديَّ أي مانع في توزيعها بيننا , لكن لدي مشكلة , ومُشكِلَتي هي إنني أُرَدِّدُ كل ماقلتُهُ في النهار , أُرَدِّدُه في الليل أثناء نَومي , دون إرادة مني وأخاف أن يَسمَعَهُ كل الحراس او الخُفَراء ويَنكَشفُ أمرنا ويتم فَضحُنا , وبذلك تمت إجهاض صفقة العُمر , وتم إعادة المبلغ المتبقي الى الفصيل , أنا أتَساْل من القُراء الأعزاء , ماذا لو كان كل منا ضميره لازالَ حياً ويتكلم في الليل ما قام به في النهار , وأتساءل مرة أُخرى منكم , ما هو هذا الدواء الذي إكتَشَفَهُ نفس البيشمركة الآن وَتَجَرَعَهُ وَشَفى من التكلم في الليل مايَقوم به في النَهار !!!!!!!!!!
كان من بين الحضور البيشمركه ( م. س ) و ( م ) والآخرون هم السادة , ( ش ) و ( ش ) و ( ح ) و ( ص ) وكاتب هذا المقال .
محمد صادق
23-3-2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذيرات أممية من حظر إسرائيل وكالة الأونروا.. ما التفاصيل؟


.. الأمم المتحدة: نصف مليون لبناني وسوري عبروا الحدود نحو سوريا




.. مستوطنون حريديم يتظاهرون أمام مقر التجنيد قرب -تل أبيب- رفضا


.. مسؤولة الاتصال في اليونيسف بغزة: المستشفيات تعاني في رعاية ا




.. الأمم المتحدة: أكثر من مليون نازح في لبنان