الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة والعنف والطب النفسى

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2013 / 3 / 24
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


الحرية الجنسية الممنوحة للرجل دون ضوابط أو مسؤولية تجاه الزوجة والأم والأطفال تحت اسم الخصوصية الثقافية أو التقاليد الاجتماعية أو النظريات البيولوجية والدينية، لم تعد تقنع أى عقل أو ضمير، لهذا تصدر المواثيق الدولية لحماية المرأة والطفل من العنف داخل الأسرة وخارجها.

وقد اتضح أن تفكك الأسرة، وتشريد النساء والأطفال، وزيادة مشاكلهم النفسية ترجع إلى سلطة الرجل المطلقة وحريته الجنسية دون ضوابط قانونية وأخلاقية.

تزايد الإقبال على عيادتى النفسية خلال الأعوام الأخيرة، رغم أننى أتبع فلسفة مغايرة للطب النفسى، ولا أستقبل إلا حالات معينة، أعطى ساعة لكل حالة، بعد حوار سابق بالتليفون أقرر بعده مقابلتها أو تحويلها لطبيب آخر.

الأمراض النفسية تنبع من الجسد وخلايا المخ فى دفاعهما المستميت ضد العنف والظلم فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية.

لا يكفى العلاج بتغيير كيمياء المخ بالأدوية والعقاقير، لابد من تغيير القوانين لتحقق العدالة والحرية والكرامة لكل الناس، ولابد من تغيير الثقافة والتقاليد وطريقة التفكير والتربية والتعليم والسلوك.

لا تختلف مهنة الطب النفسى عن الجسمى، عن مهن السياسة والمحاماة والتجارة فى سوق المهن الحرة القائمة على الربح أساساً.

لم أتفرغ لمهنة الطب، واعتمدت اقتصادياً على كتبى المنشورة، رغم غابة النشر الرأسمالية، واستيلاء الناشرين على نصيب الأسد من عرق الكاتبات والكتاب، ودمهم المراق على الورق.

فى جريدة «الأهرام» ٢٠ مارس ٢٠١٣، ردّ أحد كبار أطباء النفس على سؤال عن أسباب زيادة الأمراض النفسية بعد الثورة، قال الأستاذ:

الإنسان المصرى متحضر وأمين على بلده منذ الفراعنة، ويساعده على ذلك التدين، وما حدث هو تلوث ثقافته بثقافات أخرى مهترئة.

هذه العبارة ترددها الأحزاب الدينية المتصاعدة بعد الثورة.

هناك علاقة تاريخية بين كهنة الدين وكهنة الطب، وبين السجن البوليسى والمستشفى النفسى.

كلمة «تدين» لم تعد تعنى العدل والحرية والكرامة، بل تعنى إباحة العنف الطبقى الأبوى، قهر النساء والفقراء، وفرض الحجاب والنقاب على البنات الصغيرات، وإباحة زواجهن فى سن الطفولة، وحرية تعدد الزوجات وملك اليمين، وحق الزوج فى تأديب زوجته بالضرب، وتطليقها فى غيابها لمجرد نزوة، والزواج عليها بثلاث نساء، أشكال العنف النفسى والجسدى والقانونى والدينى ضد النساء متعددة، يحدث العنف تحت اسم حماية الأسرة من التفكك وحماية الأخلاق، رغم أن تفكك الأسرة المصرية وإهدار الأخلاق لا يحدث إلا بسبب الفوضى الجنسية الممنوحة للرجال تحت اسم التدين.

لم يذكر الطبيب النفسى المقاييس التى استخدمها للحكم على ثقافة الآخر بالتلوث والاهتراء؟

هل يؤمن منذ الطفولة أن ثقافته نقية وثقافة الآخر ملوثة، وأن دينه هو الحقيقة والأديان الأخرى غير حقيقية، وأنه شعب الله المختار؟

يسافر رجال الدين والطب وأولادهم إلى بلاد الآخر الملوث ثقافياً، لينهلوا العلوم والفنون، ويحصلوا على شهادات الدكتوراه، ويستوردوا الملابس والخبز والكمبيوتر، والتويتر، يغردون كل يوم بـ«التويتر» الذى اكتشفه الآخر الملوث، ثم يعترضون على الغزو الثقافى، ويرحبون بالغزو الاقتصادى، يستهلكون البضائع الأجنبية، ويتأففون من الإنتاج المحلى، يقولون عنه باشمئناط «بلدى» يليق بالخدم.

المرض النفسى هو عجز العقل عن إدراك التناقضات، وهو يصيب النخب المصرية، والأغلبية ممن يقرأون أفكارهم فى الطب والدين والعلوم والفنون، إلا القليل الذى يحظى، منذ الطفولة، بحرية التفكير والخيال وكشف الحجاب عن التناقضات، فى السياسة والفلسفة والدين، والطب والقانون والأخلاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجتمعاتنا تحيل المرأة الى عاهرة او خادمة
طلال الربيعي ( 2013 / 3 / 24 - 17:19 )
استاذتي العزيزة د. نوال السعداوي
تحية احترام
اثناء دراستي في جامعة لندن للحصول على دبلوم عالي و كذلك ماستر علوم في الطب الجنسي, كاختصاص اضافي لاختصاصي الرئيسي في الطب والعلاج النفسي, استطعت التعمق في دراسة كتاباتك القيمة والثمينة, لكونها كانت جزءا من المنهج الدراسي المعتمد, حيث ادركت بعمق اهميتها الفائقة في مكافحة الفكر الذكوري والاوهام والعقائد الظلامية والمتخلفة التي تكرس تأخر المرأة وبالتالي تأخر المجتمع ككل, وذلك من اجل تعزيز غريزة القطيع وتسهيل السيطرة على العقول والاجساد.
ان قمع الغريزة الجنسية في مجتمعاتنا وتزايد عدد الفتاوى التي تقنن الجنس وتربطه بما هو محرم بعرف -الدين- او معيب بعرف ما يسمى العادات والتقاليد يؤدي لامحالة, بصورة عكسية كما يعلمنا ميشيل فوكو, الى هوس مرضي تسلطي بالجنس تتجسد مظاهره في انتشار وباء التحرش الجنسي والاغتصاب وانتشار الزواج بالصغيرات وزواجات المتعة والمسيار وغيرها من الزيجات التي تشرعن الدعارة تحت مسمى الزواج, اي تمييع الحدود بين الزواج والدعارة.
يتبع


2 - مجتمعاتنا تحيل المرأة الى عاهرة او خادمة
طلال الربيعي ( 2013 / 3 / 24 - 17:23 )
ان احد الاسباب الرئيسية لانتشار هذه الزيجات هو انعدام فرص الدراسة والعمل للكثير من النساء بسبب الفقر او ادعاءات طلامية بان مكان المرأة هو البيت والمطبخ. وبذلك تحيل مجتمعاتنا المرأة بشكل متزايد اما الى عاهرة تحت مسميات مختلفة من الزيجة او الى خادمة, وتكرس فيها بذلك, لاريب, الشعور بالدونية والنقص وغرس الشعور فيها ان المرأة عورة يجب تغليفها بطيات كثيفة من اللباس لحجبها عن الانظار. ولا عجب فكلما زاد التحجب زاد التحرش والقمع الجنسي وكلما زاد التحرش زاد التحجب. وهكذا ندخل في حلقة مفرغة تؤدي لا محالة الى انهيار المنظومة الاخلاقية التي تعلي قيم المساواة والتحرر والعدالة وحتى تؤدي في المطاف الاخير الى تآكل الدولة بمفهومها المدني واشاعة التقسيم والتشرذم في المجتمع.
للأسف للشديد ان انتشار وباء الفكر الذكوري في مجتمعاتنا يحدث بشكل عابر للفصل الايديولوجي في ثنائية اليسار-اليمين التقليدية. لقد سقطت قطاعات يسارية واسعة في مستنقع مهادنة اليمين بحجة مراعاة التقاليد والعرف السائد, كما يتجسد, مثلا, في موافقتها ان يكون الاسلام مصدرا للدستور,
يتبع


3 - مجتمعاتنا تحيل المرأة الى عاهرة او خادمة
Talal Al rubaie ( 2013 / 3 / 24 - 17:28 )
وهي بسقوطها هذا, حفرت قبرها بنفسها بالرغم من كل ادعاءاتها ومزاعمها اللفظية المعاكسة, وقد ناقشت هذا الموضوع ببعض التفصيل في مقالي:
http://www.ahewar.org/eng/show.art.asp?aid=665
اتمنى لك كل الصحة والعافية والاستمرار في مشروعك الذي لاغنى لنا عنه من اجل سلامة اجسادنا وعقولنا و تحرير قوى الابداع والابتكار في مجتمعاتنا والحيلولة دون انهيارها بفعل الفكر الذكوري الذي تجسده سطوة الدين, او ما ىيسوق كدين, على الدولة, اضافة الى زاوج غير مقدس بين ادعاءات دينية وعادات واعراف دنيوية يتجسد كعهر سياسي وعهر زواجي كسبب ونتيجة للأول في آن واحد.
مع وافر مودتي واحترامي


4 - كلمة التدين تعني الوقوف مع السلطة لقهر الفقير
فؤاده العراقيه ( 2013 / 3 / 24 - 17:52 )
شكرا لهذا التنوع بالمواضيع التي تعتبر من المواضيع الرئيسية لمشاكل مجتمعاتنا
يعالجون المشكلة بمشكلة اكبر عندما يخدروا عقول المرضى النفسيين بالعقاقير الكيميائية , مثل ما يعالجون زيادة حالات المرضى نفسيا بزيادة التدين , فتخدير عقول الناس بالدين مثل تخديرهم بالعقاقير التي ستزيد مشاكلهم سواء في الأولى او الثانية
المشاكل لا نستطيع فصلها وحصر سببها بجانب واحد وهذا خطأ يقع به العديد من الناس ومن ضمنهم اطباء اليوم الذين لا يبحثون عن جذر المشكلة وانما يتوجهون للسهولة الى قتل المريض النفسي بالمخدرات الى ان يتم قتل خلايا عقله تدريجيا
كلمة التدين لا تعني اباحة العنف الطبقي الأبوي فقط الذي ينتج عنه قهر النساء والفقراء فقط , وانما تعني الأزدواجية والفساد العقلي الذي يؤدي الى فساد الأجساد , كما ويؤدي الى تشويه العقول واعطائها حجم محدد يتوقف به التفكير ,
طالما سألنا هؤلاء الذين يستخدمون الأنترنيت لشتم الغرب الكافر
تحيتي وتقديري الكبيرتين لكِ

اخر الافلام

.. الطبيب العام محمد الأيوبي: الرجال هم أكثر إصابة بمرض باركنسو


.. -تشديد العزلة على القائد عبد الله أوجلان استمرار للمؤامرة ال




.. اللبنانية ريم صايغ فراشة الغوص الحر


.. أخصائية التونسيات تعانين من نقص الوعي وغياب الثقافة الصحية




.. أقوال المرأة خالدة في ذاكرة التاريخ