الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل الأطفال يولدون مؤمنين بالله؟
الناصر لعماري
2013 / 3 / 27العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
البحث
نشرت عدة وسائل إعلامية غربية مؤخراً خبراً تحت عنوان:
ألاطفال يولدون مؤمنين بالله
حيث يخلص بحث أجراه د. جاستون باريت ، كبير باحثين في معهد التطور المعرفي وعلم الإنسان بجامعة اكسفورد البريطانية إلى أن الأطفال لديهم القابلية التلقائية للإيمان بوجود كائن متفوق لأنهم مقتنعين أن كل شيء حولهم في هذا الدنيا موجود لسبب ما وبالتالي فلابد من مسبب أول.
يرى الباحث أن نتائج بحوثه تشير إلى أن هذه القابلية للإيمان في الأطفال هي تلقائية بمعزل عن توجيهات الكبار ، فحتى لو نشأوا في جزيرة معزولة عن الراشدين سوف يؤمنون بالله ! ويقول : " إن غالبية الأدلة العلمية في العقد الماضي أظهرت أن الكثير من الأشياء تدخل في البنية الطبيعية لعقول الأطفال أكثر مما ظننا مسبقاً ، من ذلك قابلية الأطفال لرؤية الكون على أنه ذو هدف ومصمم من خلال كائن واعٍ وذكي مسبب لذلك الهدف ".
كيفية التوصل إلى هذا الاستنتاج
في أحد البحوث سأل د.باريت عينة من الأطفال في عمر 6 و 7 سنوات عن سبب وجود الطير؟ فأجابوه "ليصدر أصواتاً جميلة" أو "ليكون العالم جميلاً" ... وهكذا
وفي تجربة أخرى عُرض فيلم يبين كرة متدحرجة تمكنت من صنع جدار متراص بمجموعة قطع مبعثرة ، الفيلم أثار استغراب الأطفال الذين عرُض عليهم ، وهم في عمر سنة واحدة ! من خلال ذلك يُستنتج أن الأطفال يميلون بفطرتهم الطفولية لوجود خالق للكون ولا يميلون إلى أي طريقة أخرى كالتطور التدريجي ، على اعتبار أن الأخير غير متماشٍ مع العقل البشري الناشيء مما يصعّب التوصل إليه بشكل تلقائي نظراً لطبيعته المعقدة وصعوبة تقبله.
ردة فعل بعض المسلمين
بعض المسلمين البسطاء طاروا بنتائج هذا البحث فرحاً وقاموا فوراً بتجييره لمصلحتهم ومصلحة دينهم الإسلامي بشكل متطفل وانتهازي ، حيث اعتبروه فتحاً علمياً بارعاً وإعجازاً يدل على صحة الدين الإسلامي وذلك من ضمن الإعجازات التي يعج بها.
ثم تحسروا على العالم الغربي المتخلف الذي أرهق نفسه في البحث والدراسة والعلوم بينما نحن لدينا هذه النتيجة دون أن نتعب أنفسنا في أي شيء بفضل السلف العلمي الصالح الذي أوصل لنا كل الخلاصات العلمية على لسان نبي الإسلام محمد!
وأخيراً تبلغ الوقاحة منتهاها حين يوردون الحديث النبوي: ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ، ثم يقول : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم )
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 4775 خلاصة الدرجة: [صحيح]
أي أن هذا البحث العلمي يتفق مع الإسلام ، قرآن وسنة ، حيث أن كل طفل إنما يولد مسلماً موحداً بشكل تلقائي ويؤمن بإله العرش الإسلامي تحديداً بدليل التشبيه البديع بانتاج البهيمة بهيمة جمعاء ، ومن لا يصدق أو يشك في صحة ذلك عليه أن ينظر:
هل يحس فيها جدعاء؟!
والآن عليك أن تضع عقلك في الثلاجة وتركض إلى المسجد بدونه لتسبّح وتهلل وتحمد الله أنه رتب الأمور وعمل لك واسطة بحيث جعلك مسلم دون أن يضطرك للبحث عن الدين الحق ، مما مكنك من معرفة جميع الحقائق العلمية من خلال الإسلام ودون الحاجة لبحوث علمية ولا عينات دراسة ولا يحزنون ، وعليك بعد ذلك أن تقوم بتلقين أطفالك نفس المفاهيم الإسلامية باستمرار ، رغم أنهم مولودين مسلمين جاهزين!
طبعاً هذا العبث لا يمر إلا على مغسولي الأدمغة الذين تم تلقينهم إلى درجة الإشباع ، ويلاحظ من خلال التعليقات على خبر الدراسة في المواقع الإعلامية الغربية التي وضعتُ روابطها في بداية هذه التدوينة..يلاحظ أن أكثر المعلقين متشككين في أن نتائج الدراسة تؤدي إلى النتيجة التي قررها العنوان ، أي يرونها لا تؤدي بالضرورة إلى أن الأطفال يؤمنون بالله، حيث يسأل أحدهم:
( هل يؤمن الأطفال بإله واحد أم بآلهه متعددين؟ ، أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال ستتيح استنتاجات أكثر )
بينما يتسائل آخر سؤالاً لا يقل ذكاءً:
( عفواً..لماذا اعتبرتم الأطفال مؤمنين "بالله" تحديداً ؟ )
وليس بأي إله آخر ، ولماذا ظننتم أنه هو الإله (God) دون سواه؟!
بينما المسلمون مع الأسف يقومون بهذا الترويج المبتذل الذي يسيء إليهم وإلى دينهم من حيث أرادوا نفعه ، ويبين كم يعانون من تمزق فكري حاد بين قناعاتهم الإيمانية وصفعات العلم التي تتالى يوماً بعد يوم فما الذي فعلوه هذه المرة؟
الخداع
أولاً - قاموا بتجاهل أن هذه البحوث يقوم بها معهد غربي متخصص في تطور الإنسان ، بما لهذه الكلمة من معنى يخالف ما ذهبوا إليه ، وأن الهدف من هذه الدراسات هو التعرف أكثر على نشأة الأديان.
ثانياً - أخفوا حقيقة أن الباحث يرى أن دراساته لا تعبأ بتصحيح أي مفاهيم حول الخلق أو التطور ، ولا بدعم طرف دون آخر ، فاهتمامه ينحصر في دراسة كيفية تبني العقل البشري للدين.
ثالثاً - لم ينتبهوا إلى أن الدراسة تؤكد أن الأطفال يؤمنون بوجود خالق أو مجموعة من الخالقين سوبر بشكل تلقائي يتماشى مع عقلهم الطفولي الناشيء ولعدم قدرتهم على إدراك التطور بصفته طريقة معقدة نسبةً إلى عقولهم المجردة.
رابعاً - حاولوا أن يجعلوا الحديث النبوي معبراً عن نتائج الدراسة بليّ النصوص ، رغم أن * الحديث يقول أن الوالدين هما من يجعل الطفل يعتنق (ديانة معينة) بينما الدراسة ترى أن الراشدين لا دور لهم في تشكيل (نظرية الخلق) عند الأطفال. * العبارة الأخيرة بحاجة إلى تأنٍ وتكرار للإحاطة بمدى التباعد بين الدراسة والحديث النبوي.
خامساً- لم يلاحظوا أن الأطفال يؤمنون بسوبر مان خلق العالم المادي الذي يعيشون فيه كما يؤمنون بوجود سانتا كلوز وحورية البحر وجنية الأسنان اللبنية...
سادساً- الباحث تسائل لماذا يؤمن أي شخص بوجود إله؟ ، والسؤال يبحث عن الدافع إلى الإيمان ولا يعني الإقرار بصحة هذا الإيمان ، ولسوء حظهم أن هناك كتاب للباحث يجمل فيه خلاصة ما توصل إليه.
سابعاً- لم يفهموا أن الدراسة تؤكد أن الإيمان بآلهة الأديان المختلفة ناجم عن التصور البسيط للكون كتصور الأطفال ، وأنها لا تقول أن هذا التصور البسيط هو الصحيح ولم تعتبره دليلاً على صحة نظرية التصميم الذكي أو سواها كما يزعمون ، بل ذلكم دليل على أن الإيمان بخالق هو تصور ينتمي إلى المرحلة الطفولية من نشأة الإنسان وتطوره.
ثامناً- لم يدركوا أن هذه الدراسة تدعم توجه الملحدين واللادينيين بقوة في تفسيرهم لنشأة الأديان!
ولتوضيح ذلك ، اقتبس ما ورد في موقع جامعة اكسفورد حول هذه الدراسات :
The next step therefore is to look at some of the detailed questions – which religious beliefs are most common, and most natural for the human mind to grasp. The exciting questions in this field are in the details – how does the mind vary in its response to different forms of religion, such as polytheism and monotheism for example, and what is the relationships between religion and evolutionary biology – is religion a part of the selection process that has helped us survive or merely a by-product of evolution
ما يمكن ترجمته ترجمة رديئة كالتالي:
( إن الخطوة التالية لذلك هو النظر في المسائل التفصيلية - المعتقدات الدينية التي هي أكثر شيوعاً لدى الإنسان ليعتنقها ، المسائل الموجودة في هذا الحقل تكمن في التفاصيل ، كيف يمكن للعقل البشري أن يتفاوت في ردة فعله إزاء المفاهيم الدينية لمختلفة ، مثل التوحيد والشرك وما هي العلاقة بين الدين وعلم الأحياء التطوري ، هل الدين هو جزء من عملية الانتخاب الطبيعي التي ساعدتنا على البقاء على قيد الحياة أو مجرد نتيجة ثانوية للتطور؟ )
لم أجد فيما سبق أي ذكر لأي بهيمة سواء جمعاء أو جدعاء؟!
فهل يوجد فيما روجه المسلمون حول هذه الدراسة أي ذكر لهدف الدراسة واستنادها على نظرية تطور العقل البشري؟!
وأختم باقتباس ذوعلاقة من كتاب ريتشارد دوكنز الرائع ( وهم الإله ) حيث يقول: (يقترح "العالم" بلوم أيضاً بأننا مؤهلون داخلياً لنكون خلوقيين ، الانتخاب الطبيعي ليس محسوساً بالحدس ، الأطفال بالأخص أكثر ميلاً لوضع غرض لكل شيء ، كما تخبرنا الطبيبة النفسية ديبورا كيلمان في مقالها ( هل الأطفال مؤمنون بالحدس؟) ، الغيوم لأجل المطر ، الصخور المدببة معمولة حتى تستطيع الحيوانات حك جلدها عليها ، تعيين غرض لكل شيء يسمى علم التيلولوجيا ، الأطفال تيلولوجيين بالفطرة ، والعديدون منهم لا يتخلون عن ذلك بتقدم السن)
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - المولود يكون سهل التشكيل
حكيم العارف
(
2013 / 3 / 27 - 03:00
)
الانسان المولود يكون سهل التشكيل من قبل المجتمع حوله ...
فيكون حرامى اذا نشاء فى بيت لصوص ...
ويصبح مجرم اذا ولد مسلم لان الله احل له الغنائم من سرقة وغزو جار له ...
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال