الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات على شخصية الكذاب مرضيا

محمد لفته محل

2013 / 3 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الكذب ظاهرة نفسية واجتماعية معروفة وكل شخص لابد انه تعرف على شخص كذاب وبدرجات متفاوتة بحكم حياته العملية وعلاقاته الاجتماعية، والكذب أنواع فمنه الكذب ألظرفي الذي يمر به كل واحد منا، أي الذي يحتمه الظرف بسبب الخجل أو الخوف أو العيب، وهناك الكذب النفعي الذي يقتضيه العمل كالمراوغة في البيع والشراء والمصالح الشخصية، وهناك الكذب التعويض عن نقص إذ يدعي الشخص أشياء وصفات لا يمتلكها كحيازته على ثروة طائلة وهو فقير أو امتلاكه أشياء غالية أو ذات جودة عالية أو نادرة، وهناك الكذب الأخلاقي كالمجاملات وعدم جرح شخص بالحقيقة كأن يكون شخص غير جميل وتقول له خلاف ذلك أو إصلاح بين متخاصمين فتدعي أن احد المخاصمين يسامح أو ينتظر مبادرة نظيره وهكذا، وهناك الكذب الاجتماعي فمثلا في المجتمع العربي يدعي كل الرجال انه زير نساء أو انه فحل جنسي استثنائي، وإنه لا يغلب في كل شيء، أو يكذب بشأن ثروته وأملاكه وصحته خوفا من الحسد والسحر والمجاملات الاجتماعية كأدب استقبال الضيف ودعوة الآخرين للزيارة وهكذا، وهناك الكذب المرضي وهو أخطر أنواع الكذب وهو سبب كتابتي للمقال لأنه متأصل بالشخصية منشأه نفسي، من ملاحظاتي على الكذاب المرضي إن ضميره لا يعذبه مهما كذب، ولا يشعر بالخجل كثيرا حين يكتشف كذبه، ويقحم نفسه في عهود ووعود أو مسؤوليات هو في غنى عنها، ويكذب بأتفه الأمور وابسطها وفي كل الأوقات ومن اجل الكذب ذاته وليس لأجل غاية أو ضرورة في حياته العامة والخاصة على حد سواء، ويمتاز الكذاب بالشك في صدق الناس ونواياهم ويتهمهم بسهولة بالكذب، وهذا مبدأ الإسقاط في علم النفس، فهو يسأل عن سبب أي سؤال يوجه له، قبل أن يجيب عليه، لأنه يشك بكل شخص يسأله، وهناك كذابين يعترفون لو صارحتهم بكذبهم، وهناك العكس من لا يعترف أبدا بكذبه حد الغضب والزعل والشجار لكنه في الحالتين لا يتوقف عن الكذب أبدا، لان كذبه خارج إرادته فهو يعلم انه يكذب وهذا كذبه يضره ويفقد ثقة الناس به ويقلل احترامهم له بعد أن يعرفوه، لكنه لا يعرف لماذا يكذب، ومهما حاز من الشهادات الجامعية لا يستطيع أن يتوقف عن كذبه، لأنه نتاج عملياته النفسية الخارجة عن إرادته وعقله، فهو منقاد عفويا لعملياته النفسية التي تجعله يكذب لهذا يمارس حياته الطبيعية، ومهما اختلفت مع الواقع، لان هذا الواقع لا يراه كما هو، بل كما هو يراه، والكذب المرضي منه المتقن بدهاء وخداع ذكاء، ومنه الكذب بحماقة وغباء وتناقض بحيث يكون مسخرة لغيره، وهذا يعود لطبيعة شخصيته إذا كانت متوازنة أو طفولية، فهل يا ترى أن الكذب المرضي ينشأ من تعلم الطفل من الأسرة أو نتيجة الخوف من عقاب والدين القاسيين؟ أم تحتمه الظروف الخارجية حتى يتأصل بالشخصية لهذه الدرجة؟ الجواب عند علماء النفس ولا مكان للاجتهاد خارج هذه التخصص ولم أجد كتاب يتناول موضوع الكذب حتى استطيع الإحاطة بالموضوع لهذا يجب دراسة نفسية الكذاب المريض لفهم عالمه الداخلي.
لقد عشت مع صديق قريب لي مصاب بهذا المرض من الكذب، عشر سنوات وهو صديق عزيز علي أحبه جدا، وكنت اشعر انه يحبني ويبادلني الود، لم تكن تجربتي بالحياة تؤهلني لتقييم الناس وفهم تصرفاتهم لأني كنت أرى الناس كأنهم مثلي بالضبط بالنوايا البسيطة والمصداقية والعفوية والرومانسية والشفافية والأخطاء، وكان هذا خطأ كبير سبب لي مشاكل كثيرة تعرضت من خلالها للاستغلال والاستغفال والخداع، لأن خوف والدي الشديد علي من الناس جعله يعزلني بالبيت ولا اخرج إلا للمدرسة وللعمل معه فقط، وكان هذا الصديق يبادلني الود بحدود التبادل فقط لكن بأنانية طاغية وغيرة وبخل وكذب مرضي حتى عرفت الحقيقة بعد هذه السنين ما جعلني أقف أمام خيارين صارمين لا ثالث لهما إما البقاء أو الهجر لكنه كان تجربة مهمة في حياتي حفزتني نحو ظاهرة الكذب التي اكتب عنها. وكم حاولت في بادئ الأمر أن أنبهه وأغير حياته لكني اصطدمت بصخرة صلدة جدا واقتنعت أن شخصيته قد أخذت هذا المسار المرضي من التنشئة والتربية الأسرية ومن الظروف الفقيرة التي عاشها بالمدرسة والمعامل حين كان صبيا لأعالت أهله واستقرت على هذا الحال بالتالي فالحل عند الطبيب النفسي وليس عندي إذ لا قيمة للكلام والنصيحة والحكمة أبدا خصوصا انه إنسان متعلم بل ويقرأ الكتب ويعرف كل الذي أقوله بالتالي هو ليس بحاجة للتوجيه بل للعلاج النفسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناشطون في كورك الأيرلندية ينظمون فعاليات دعما لفلسطين


.. كاميرا الجزيرة توثق استهداف الاحتلال سيارات الإسعاف في حي تل




.. الجيش الإسرائيلي يدمر منزلاً على ساكنيه في مخيم البريج


.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا




.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق