الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى صديق إخواني

فؤاد قنديل

2013 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أظنك تثق أن احترامي لك لا يهتز ولا يتأثر على مدي الأيام فصداقتنا راسخة، خاصة أنك من بين قلائل من أعضاء جماعة الإخوان ممن يمكن وصفهم بالاعتدال بالقياس إلى آخرين أكثر تشددا وميلا للعنف والمواجهة الحادة بكل أشكالها وكثير منهم لا يقبل الديمقراطية بل لا يعترف بشيء اسمه الحوار وإن ادعي غيرذلك ، والكثرة الكاثرة لا تري غير أنها على صواب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنها تتصور مجرد تصور أنها تحكم بما أنزل الله ، غير مدركة أن رأيها منقول عن العديد من الفقهاء وقد اختلفوا كثيرا فيما لا يحصي من الأمور والأحكام .. إذن فهناك مسافة فاصلة بين رأيك الديني وما أنزل الله جل وعلا . لأن رأيك كما أشرنا مر على كثيرين حذفوا منه وأضافوا وحللوا وفسروا وبرروا وانتهوا إلى رأي ربما يختلف مع غيرهم وهذا ما دعا الإمام الجليل الشافعي أن يقول قولة ليس قبلها ولا بعدها من السداد والحكمة والديمقراطية التي تحترم الاختلاف وترحب بالآخر وتستمع إلى غير ما قال ، وتحلل وتفكر ثم تنتهي إلى احترام الصواب أيا كان مصدره .إذ قال : رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب .
مقالك الأخير أحسبه من أفضل مقالاتك
لأنك اتخذت له الزاوية الصحيحة والتي لم توجهها للناس ولا للمثقفين ولا القوي السياسية بل وجهتها لجماعة الإخوان المسلمين ليس بوصفهم الجماعة ولكن بوصفهم حكاما يتولون الآن كل مقاليد الأمور فأنت تتقدم لهم بالنصح كي لا يغالوا في عدائهم للفصائل الأخري ، وطالبتهم ألا يتعجلوا القفز على المقاعد المتقدمة وأن يطامنوا من أطماعهم في الاستيلاء على كل السلطات حتى يتمكنوا من التحكم في المصائر والأفكار ومقاليد الأمور كافة ،المقال جاد وعميق وواقعي وربما يفيد ، لكنك في الوقت نفسه وجهت لوما شديدا للقوي السياسية والمثقفين وكل من يخالفكم في الرأي إذ ذهبت إلى

ما يصم معظم ما تكتبه أنت وأقرانك ، وكله نابع من فكرة أن هناك تربصا بكل ما ينتمي للإسلام
وهذا الرأي سمعته وقرأته من مصادر لا حصر لها وكأن بينكم اتفاقا ، وهو رأي لا يقوم على أساس ، ولا تدعمه أدلة إلا بعض اللغو هنا وهناك .
الإسلام تاج على رؤوسنا والحمد لله على نعمة الإسلام وكفي بها نعمة ، لكن الإسلام ذلك الدين الخاتم والحنيف كيان مستقل تماما ومختلف عن نهج الكثيرين الذين يدعون انتماءهم إليه ، فليس كل من ألصق الزبيبة بجبهته أو زرعها مسلما خالصا ، وليس كل من صلي وصام وحج من خيرة المسلمين ..وليس كل من ردد الآيات القرآنية والأحاديث في المناسبات المختلفة من المسلمين ، لأن الإيمان كما عرفه الرسول "ما وقر في القلب وصدقه العمل " .. وأنت مسلم فقط بما تفعله ، وهناك من المسلمين المصلين من توجهه شهواته ونزواته وينسي تعاليم الدين وعندما تلومه نفسه يسرع بالصدقة أو بالحج ، ومن حاملي اللحي من يتجاوز في حق الله والعباد لغة وفكرا وسلوكا ،
، وهناك من يجتهد محاولا أن يبرر للجماعة ما تفعله، وحاشاك بحسب تاريخك وفكرك أن تكون ممن يبررون ، وإن كنت تفعل أحيانا
فالعبرة ترتط ارتباطا وثيقا بالأعمال وليس بالأقوال ولا بالآيات الكريمة والأحاديث النبوية المحفوظة عن ظهر قلب ولا بالتصريحات الوردية التي لا يكف قيادات الإخوان عن إطلاقها في كل مناسبة ، ولعلك تذكر قصة عمر بن الخطاب مع المسلم الذي لا يترك المسجد بليل أو نهار حتى لفت نظر عمر ، فسأله : أنت لا تغادر المسجد لحظة فمن أين تجد طعامك؟، قال الرجل :لي أخ يرسله إلىّ ، فسأله :ألا يصلي ؟.. قال الرجل : لا ، قال عمر: أخوك أفضل عند الله منك .
الحساب ياسيدي وفق السلوكيات ، وتولي السلطة قصة أخري لأن
الحساب مع من يتولي المسئولية يكون يا سيدي على مدي توفر الخبرة السياسية والاقتصادية والإدارة العلمية والخدمات الاجتماعية القادرة على تحقيق العدالة والكرامة الإنسانية .. أنت لن تربح بالثرثرة والتصريحات والخطب ولا حتى بالاجتماعات ولا توزيع المؤن .. الدول لا تعيش على التسول بل على العمل والإنتاج والسهر على أحوال العباد ..المسئولون في مثل ظروفنا لا يجب أن يناموا أو يتزاوروا أو يقضوا العيد في اللقاءات والمرح وتذوق ألوان الطعام. قال عمر عندما سأله رجل : كأنك لا تنام ياعمر ، قال له : أخشي أن يسألني الله عن ناقة عثرت بالعراق
ورئيسنا المسلم جدا يا سيدي تحترق مئات المحلات فلا يعبأ . يستشهد من حرسه الشرفاء والنبلاء فلا يعبأ ويبطش المسلمون بالمسيحيين فلا يهتم وينقض الشيوخ الموعودين بالجنة على حفل لأطفال فيفرقوا جمعهم ويقضوا على فرحتهم ويهدموا أحلامهم البسيطة فلا يحفل ..رئيسنا المسلم جدا لا يسأل عن المحتاجين ولا المعاقين ولا الجوعي ولا يهمه أن ثلث المصريين تحت خط الفقر ونصفهم من الأميين

.. لا أحد يعنيه أن الجماعة تدين بالإسلام فليست هذه ميزة إلا من حيث آثارها في حياتنا وتكون عيبا إذا لم يكن إسلامها متمثلا في كل سلوك وكلمة وتعمير وتطوير وإرساء لقيم الحق والعدل والشفافية وحرص على كرامة الناس وحاضرهم ومستقبلهم .. ..شعوبنا وبالذات نخبتها ليست لها مشكلة مع الدين ..هذا اعتقاد سقيم لدي المتأسلمين ..شعوبنا والمثقفون منهم خاصة لا يكرهون الدين ، ومنهم من هم أكثر تدينا منكم أيها المدعون .. العبرة كما ذكرنا وسنظل نذكر ونذكر بالإنجاز والإصلاح والالتزام بمبادئ الحرية والعدالة والأمانة والصدق والإخلاص والإتقان والتواضع والتضحية من أجل الملايين المحرومين من كل ما يؤسس للرخاء ،ومن يحقق لنا العدل ولو كان اليهود رفعناهم فوق رؤوسنا
فماذا لو حققه لنا الإخوان فما أسعدنا بذلك لأننا كسبنا الدنيا والدين
بعض البسطاء أقبلوا على انتخاب رجال الجماعة على أساس أنهم جربوا اليساريين والناصريين والرأسماليين فلم يحققوا شيئا اللهم إلا أيام الزعيم عبد الناصر وإن كان من جاؤوا بعده ربما نكاية فيه نهبوا كل شيء ومن هنا قالوا لم يبق إلا أن نجرب الإسلاميين .. هذا بالطبع كلام طيب ، ومع ذلك تظل المسألة مرتبطة بالنتائج بصرف النظر عن الدين ، بل على العكس أنا أرى أن رجل الدين أو من يعلن انتماءه له ويحكم باسمه إذا أخطأ يجب أن يعاقب بضعف عقوبة من لا علاقة له بالدين
نحن لا يعنينا الدين في الحكم ، ولا يعنينا أن مرسي يصلي وقنديل أيضا ، كل ما يهمنا ماذا قدموا وماذا أصلحوا وما هو حالنا في عهدهم ، وياليتهم يتركون الصلاة ويعملوا على إنقاذ هذا البلد مما هو فيه .. البلد في كارثة حقيقية وليس من السهل تخليصه منها ، وليت الإخوان المسلمون يتركون الحكم ويتفرغون للدعاء فسوف يكونون أكثر نفعا
خلاصة القول أخي النبيل ، الدين خارج الحسبة تماما فلا تخدعوا أنفسكم بأن الناس أعداؤكم .. المحك هو ما يتم على الأرض
لو أنجز مرسي أو الجماعة شيئا ذا قيمة فسوف يدخلون التاريخ من أوسع أبوابه ولكنهم حتى الآن يستحقون أن يدخلوا في مكان آخر ومن أوسع أبوابه أيضا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السياسه
د.قاسم الجلبي ( 2013 / 3 / 29 - 11:02 )
سيدي الكريم الدين مع السياسه صنفين متضادين احدهما يختلف عن الاخر , قال رئيس الولايات المتحده روناد ريغن , قال كنت اعتقد سابقا بأن الزنى هي اردىء واتعس مهنه ولكن ظهر لي الان بأن السياسه هي ارذل المهن, ولهذه النتيجه ندعوا الى نظام علماني ديمقراطي للجميع الدن لله والوطن للجميع


2 - مجرد سؤال
عدلي جندي ( 2013 / 3 / 30 - 00:27 )
الإسلام تاج على رؤوسنا والحمد لله على نعمة الإسلام وكفي بها نعمة ، لكن الإسلام ذلك الدين الخاتم والحنيف كيان مستقل تماما ومختلف عن نهج الكثيرين الذين يدعون انتماءهم إليه

سيدي الرائع ..أين هو هذا التاج ؟؟وكيف يكون دين ما.. خاتم ..بمعني خاتم علي إيه؟؟
أليست المعاهدات والمواثيق الحقوقية الإنسانية الخاتمة أفضل وأكرم للإنسان عامة والمؤمن خاصة الذي يعتنق ويؤمن ب كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة؟؟
هل المتعصب مثلي هو المخطئ؟؟
أم المؤمن بالدين الخاتم عند الله ولا يؤمن بالمساواة والعدل ما بين الخلق ؟؟
آسف تطفلي ولكنني حزين لما يجري بإسم الدين...خاصة الدين الخاتم في وطني
تحية لمجهوداتك

اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran