الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرجانون اللحظة

كريم الهزاع

2013 / 3 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هناك مثلٌ باللغةِ الالمانيةِ يقولُ من كثرةِ الاشجارِ لا ترى الغابة اي حين تكون في الغابةِ تشاهدُ الاشجار فتفقدُ رؤية الغابةِ كلِها ، هذا المثل أستحضره للمنهوبين لدعاية اللحظة الأستهلاكية ، هؤلاء الذين مازالو يلهثون ويركضون في الشارع دون وعي ، أقول لهم استريحوا على المصطبة وتأملوا المشهد من بعيد ، كفاكم تحديقاً في الظلمة لأنها في النهاية ستغرز أنيابها في أرواحكم على حدّ قول نيتشه ، أن الانتصار على الديكتاتور من أجل صعود ديكتاتور آخر ليس هو الحل ، كلفته عالية جداً وباهضة ، اخرجوا قليلاً خارج الدائرة وتأملوا الغابة من بعيد وسترونها تحترق ، وستعرفون بأن أشجارها الكثيفة منعتكم من الرؤية ، ودخان حريقها منعكم من تنفس الهواء الطلق ، وتراكم الغبار والرمل وضع سدوداً في طريقكم ، أننا بحاجة إلى إعادة نفض الغبار عن نصوصنا التي كانت سبباً في هزائمنا ، إلى إعادة قراءة تاريخنا بأدوات أبن خلدون السسيولوجية ، وبطريقة من أكمل الطريق معه ورصفه بشكل جميل ، وبفهم اللحظة التي تناول بها آدم ثمرة المعرفة " العقل " ، وبلحظة الخروج ، حينما قال الرب لأدم : " لانك أكلت من الشجرة المحرمة ( شجرة المعرفة ) ، .. بعرق وجهك تأكل خبزك حتى تعود إلى الأرض . لأني جبلتك من تراب و إلى التراب تعود " ، بمعنى آخر لقد وهبتك " العقل " – برأسك تعرف خلاصك – وأنت وحدك ترتب رحلتك على الأرض ، وأنت وحدك بإمكانك أن تحيلها إلى جنة أو إلى جحيم ، أنت وحدك من يكتب " الأرجانون الجديد " كلما عتق الأرجانون القديم ودار الزمن دورته الجديدة ، عليك أن تتخلص من أوهامك وتكتب أرجانون اللحظة التي تعيشها ، متخلصاً من أوهام القبيلة و أوهام الكهف و أوهام السوق و أوهام المسرح ، تلك الأوهام التي أشار لها فرانسيس بيكون في كتابه " الأرجانون الجديد " إذ أعتبر الأرجانون الذي سطّره أرسطو لم يعد صالح للحظة الجديدة ، أن نصوص ماقبل الميلاد ، ونصوص الألفية الأولى من الميلاد تفيدنا من الناحية التراكمية ، ومن معرفة نشوء وإرتقاء الفكرة ، وتفيد من يبحثون في مجال المقارنات وتاريخ الأفكار ، وهذا عمل جميل حيث سيضىء لك العقل ويخلصك من الكثير من اليقينيات التي أخذتها على شكل كبسولات بفعل البيئة أو تعليم المدارس أو وسائل الأعلام المتعددة دون فلترة ، وربما تحت عاطفة الخوف من المجهول ، وربما ستصرخ ذات يوم كما صرخ نيتشه : " لاجديد ، العالم يأكل برازه " ، وحينها ستأخذ على عاتقك صناعة اللحظة الجديدة ، بعد أن تخلصت من سطوة المكان ونصوصه ، من سطوة الألوان التي صُبغت بها بشكل أو آخر عندما لم تكن لديك حيلة لأختيار زمانك ومكانك واسمك ومدرستك ونصوصك التي تريد قرأتها وحلمك الذي تختاره بإرادتك ، لقد تخلصت من كل أنواع الوصاية على مستوى التفكير على الأقل ، وبجهدك تستطيع تحقيقها على مستوى الفعل ، وخطوتك الأولى هي أن تعلنها لمن حولك ، وتنتظر ردة الفعل ، حيث في البداية سيتجاهلونك ، ثم سيسخرون منك ، ثم سيحاربونك ، ثم ستنتصر ، كما يقول غاندي ، واستشهادي بتجربة بيكون من باب تحولات الفكرة والتفكير ، لا من باب الأخذ بها بشكل قطعي إذ تجاوزها ديكارت بأفكاره ، وجاء من بعدهما هوبز وسبينوزا ليحققا قفزة في التفكير والتنوير ، وتخليص العقل من ترهات نصوص القرن الأول من الميلاد وماقبل الميلاد . وكما يقول وليم جيميس : الحقيقة اليوم قد تصبح خطأ الغد ؛ فالمنطق والثوابت التي ظلت حقائق لقرون ماضية ليست حقائق مطلقه ، بل ربما أمكننا أن نقول : إنها خاطئة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف