الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اذا كانت أمريكا عدوّة الله فمن هو صديق الله ؟ ..

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2005 / 4 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البحث عن صديقٍ لـ الله هو ما تمليه علينا الهتافات المتصاعدة في بلاد المسلمين والعرب ليلَ نهار القائلة : لا اله إلا الله وأمريكا عدو الله . أنا معهم في أنّ أمريكا لم تبقِ على صديق . على خلفية سياسة حشر الأنف في مفاصل الكرة الأرضية من جمهوريات الموز , مروراً بجمهوريات الإيدز , وممالك النفط , وإمارات الملح , وانتهاءً بدويلات اللبن والتمر في آسيا الوسطى , صارت أمريكا عدوّة الماركسية على خلفية سياسات الرسملة والعولمة الاقتصادية , وصارت عدوّة للمثقفين الغيورين على ثقافاتهم الوطنية على خلفية سياسات الغزو الثقافي والغربنة ومشاريع مركزية الغرب الأمريكي , وصارت عدوّة للمثقفين والسينمائيين الأوروبيين على خلفية غزو الكاوبوي وسينما الويسترن لصالات عرضهم , ولكن هل يعادي الله أمريكا . ألا يخاف من صواريخ أمريكا وأساطيلها الموزعة بالقسطاس على أهم النقاط في الجغرافية السياسية العالمية .
ثم ما هو معسكر الله , ليصادق دولاً ويعادي أخرى . وهل نحن مخولون بخلق أعداء له أو أصدقاء . هل يوافقنا الذي في الأعالي على مشاريعنا التسيسية لكل شيْ .
صيحات لا اله إلا الله وأمريكا عدو الله التي تتعالى في العراق تذكرنا بمحنة العقل العراقي وكل الشعوب الأخرى . مرةً وحيدةً لم يصرخ هؤلاء ضد نظام صدام : لا اله إلا الله وصدام عدو الله , لا بل أنّ حيلة صدام في غرس عبارة : الله أكبر في العلم العراقي انطلت عليهم . وصار هذا العلم الذي تم تحت ظله عدد لا يحصى من المجازر والحروب والتصفيات مقدساً رمزياً لهذا الشعب البسيط والمسكين .
مرةً وحيدةً لم يتنبه أولئك البسطاء الى أنّ هذا النسق من الأنظمة هو الأكثر عداءً لكل شيْ ( في الداخل والخارج ) . إذ يفرغ الشعب من الإحساس بالمواطنة , ويفرغ الأقليات من الإحساس بالانتماء الى الدولة , ويفرغ الجيش من الإحساس بأهمية أسوار الدولة , ويفرغ الفقهاء والمفتين ورجال الدين الآخرين من الإحساس بالله إذ التماهي بين الفقيه والسياسي الطاغية في هكذا أنظمة يكون أشدّ تطابقاً من أية حالة أخرى .
عبارة " الموت لـ .... " متبادلة بين جميع الشعوب وأنصار الديانات والمذاهب . فالمسلمون يرفعون شعار " الموت لأمريكا .. الموت لليهود .. الموت لإسرائيل ". في المقابل يرفع بعض اليهود شعار " الموت للعرب " , ويرفع بعض العرب شعار " الموت لإيران " بينما أمريكا تميت الجميع ابتداء من الهنود الحمر وانتهاء بالعرب والمسلمين وعبر أكثر من 130 تدخلاً عسكرياً بعيداً عن سطوة وتهريجية الشعارات وهكذا دواليك , وكأنّ هذه الشعوب والأمم لا يمكنها العيش خارج فكرة الموت للآخر .
أمريكا تحظى بأكبر نسبة من كيل الموت لها ويعود ذلك الى سياستها التوسعية , الابتلاعية , وتدخلاتها التي بلا حدود في كلّ مكانٍ من العالم ويعبّر عنها السناتور الأمريكي / هارت بنتون / عام 1846م كالتالي : " إنّ قدر أمريكا الأبدي هو الغزو والتوسع , وأنّها مثل عصا موسى , التي صارت أفعى , ثم ابتلعت كل الحبال ,فهكذا تغزو أمريكا الأراضي , وتضمها إليها , أرضاً بعد أرض , ذلك هو قدرها المتجلي , أعطها الوقت وستجدها تبتلع كل بضع سنوات , مفازاتٍ بوسع معظم ممالك أوروبا , ذلك هو مدى توسعها . " .
في أحد المواقع الإسلامية الالكترونية يسأل مسلم المفتيّ الالكتروني : " هل يجوز إدراج التكبير والشعارات الثورية ( الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل .. الخ ) في المناسبات الدينية كمواكب العزاء وعقب صلوات الجمعة والجماعة , وذلك لربط الجماهير بالقضايا المصيرية كقضية فلسطين من ناحية زرع الحماس في نفوسها وتعويد الصغار عليها ؟ ." .
فيكون جواب الشيخ الالكتروني : " يجوز في نفسه ولكن يفترض المحافظة على مضامين تلك الطقوس والمواكب بحيث لا تذوب في هذه الأحداث , لأنها توجب إقحام أمور أخرى على الأمد الطويل بحيث تفقد تأثيرها في نفوس المؤمنين " .
الشاهد أعلاه يشكل دلالةً على مدى عمق الأزمة . وحيرة الجماهير المسلمة حيال الشعارات الثورية والسياسية التي تتناهش المناسبات الدينية . والشيخ المفتيّ في المسألةِ يبدو أكثر خوفاً من السائل على تحريف الطقوس ويبدو جلياً أته لاينتمي الى تيار الإسلام السياسي والا كان سيفتي بالشعارات وان على حساب الديانة الإسلامية نفسها .
شعارات طلب الموت للآخر التي تتصاعد بين جنبات العوالم العربية والإسلامية لهي دلالة عميقة على مدى تغلغل العنف في خطابات هذه الشعوب , وبالتالي انحسار مفاهيم قبول خطاب الآخر المختلف , وهي من زاوية نظرٍ أخرى تبيّن فداحة التأخر الحضاري والثقافي الذي يجعلهم يلجأون بشكلٍ أوتوماتيكي الى شعارات القتل واستهداف الآخر .
فحين تخلو أيّة ثقافةٍ من حوافز النهوض ودوافع التقدم , وتتشرنق هذه الثقافة على اِرثها الماضي فقط , والذي لا يكفي , فأنّ هذه الثقافات تلجأ إلى نوعٍ من المعادل الموضوعي , وهو هنا نوع من قوننة وشرعنة التحايل على النكوصية والارتكاس . لأجلِ خلقِ آفاقٍ أخرى لأزماتها والاختلالات البنيوية التي تدب في عمق هذه الثقافة .
إن حالة المدِّ التي تشهدها العقلية العنفية والنبرة الحماسية في المنطقة مردّه إلى غياب المثقف النقدي مما وسّع في المجال للادلوجات الاجتثاثية بتعابيرها المهلكة , والتي هندست لمجتمعٍ شمولي , كلّوي , تطميسي . حيث التباري يكون على من يقتل أولاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناريندرا مودي... زعيم هندوسي في هند علمانية -اختاره الله للق


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي




.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم


.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8




.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟