الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سنكون شعبا.. متى أردنا

سيماء المزوغي

2013 / 4 / 5
المجتمع المدني




على هذه الأرض ما يستحق الحياة
محمود درويش

ماذا رأيت من وطني كي أبتسم؟ أفتح نافذتي فلا الألوان ممتعة ولا الربيع جميل ولا الورود عطرة ولا الموسيقى محبّة أو فن.. جيوبي خاوية ومثقوبة، سئمت البطالة والتهميش والحرمان، نسيت ابتساماتي بفقدان أحلامي، الواحد تلو الآخر، الحلم تلو الأمل.. لا الأصوات ولا الألوان ولا الشخوص ولا الأماكن ولا الأحداث تجعلني أبتسم، سواد في سواد، إنه الجحيم. نكرة أنا. أريد أن أضع حدا لحياة البؤس والعبث هذه.
هكذا سمعت شابا تونسيا يتحدث عن حياته، شاب كألف وألف كمليون من الشباب العاطل عن العمل.
لنتوقف قليلا، هل تريد أن تترك حياتك سدى؟ أويرضيك أن تكون ريشة في مهب الريح؟ ألهذه الدرجة نسيت أحلامك وطموحاتك وحياتك الحقّة، وانبطحت لليأس الخانق؟ إن أردت أن يكون وجودك عبثا فهو عبث "أحمق الخطى" أيضا. وإن أردت أن يكون لوجودك معنى فوجودك له معان وليس معنى واحد.
أمازلت تبكي كالأطفال؟ هيا قم باكرا، لست أول جائع أو فقير أو مريض، لتتحدّى لتتمرّد، القناعة أبدا لم تكن كنزا لا يفنى، هي كذبة لإخماد صوتك، لا ترضى بالهامش، يجب أن تفتك موقعك في الصفوف الأولى.. لا تعطهم الفرصة لكي يحتقروك، فلك عقل مبدع مثلهم وفي أكثر الأحيان أفضل منهم. لا تترك شبح اليأس يخنق أنفاسك، ويخدّر إرادتك..
هل أتاك حديث اليابان التي قامت من بين الأنقاض والأشلاء وأصبحت من أغنى دول العالم؟ هذه الدولة العظيمة لم تتخطّ ويلات القنبلتين الذريتين على نكازاكي وهيروشيما فقط، بل واعتادت النهوض سريعا بعد كل تسونامي وزلازل، لم تنهض إلاّ بالعمل والمثابرة والإرادة، اليابان هزمت قضاء الأرخبيل وقدره، جعلت من الحصى صخرا وأصبحت مثلا يحتذى به.. فهم اليابانيون روح أبي القاسم الشابي عندما غنى "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" فنقشوا قوله أمام برلمانهم، ولم ينسوا أن شاعرنا تحدى مرضه ومجتمعه الرافض للتجديد أنذاك وكان حرا طليقا نسرا فوق قمّته الشماء..
إذا سألتم عن ربّ الشعر فقولوا المتنبي، الشاعر والحاكم والزعيم الخالد، المتنبي الذي أراد منصبا سياسيا طيلة حياته نُصّب ملكا على عرش الشعر ولولاه ما عرفنا سيف دولته..
كذلك عبّاس بن فرناس رغم فقدانه حياته ظلّ مؤمنا أن حلمه بالطيران سيتحقق يوما ما، ليتحقق فعلا ونطير اليوم في أنواع لا تحصى ولا تعدّ من الطائرات والصواريخ..
أو سمعتم موسيقى بتهوفن الخالدة؟ هذا العبقري الذي تحدّى صممه ووجعه ليُسمع الإنسانية موسيقاه الخالدة، بل أنسيتم ستيف جوبنز مؤسس شركة آبل، من اللاشيء أسس إمبراطوريته ووحّد العالم بهذه التكنولوجيا الذكية، فقط بالمثابرة والعمل الدؤوب والثقة في النفس..
من منّا لا يعرف الممثل الكوميدي والمخرج البريطاني تشارلي شابلن؟ هل تعرفون أن وراء عيونه الزرقاء قصة حزن وفقر لم يمحهما إلا إيمانه بالفن والنجاح؟
ألا تذكرون علي الدوعاجي الذي لم يكمل تعليمه؟ لم ينس حلمه وموهبته فحدّثنا عن مجتمعه وبلاده من خلال مؤلفاته، فلا الانقطاع عن الدراسة أثنى حلمه ولا الفقر جمّد قلمه..
من منكم ينسى قصة نجاح رجل الأعمال البلياردير اللبناني سليم كارلوس، الذي كوّن ثروته من فقره وجوعه وحرمانه وعزيمته وتفاؤله الدائم.. كذلك الفتى الموهوب مايكل جاكسون، لم يمنعه فقره من أن يكون ملكا للبوب وأسطورته الخالدة..
قصص نجاح لا تنتهي، وناجحون منحوا لأنفسهم فرصة للنجاح.. جمعهم الألم والفقر والعوْزُ والخصاصة والإعاقة ووحدتهم المثابرة والعمل الدؤوب والتحدي وميزّتهم الصفعات والخيانات والأقدار الكاذبة وتوّجتهم الشهرة والنجاح والثروة..
كانوا بيننا وأمثالهم مازالوا بيننا، فقط لم يتعللوا ويتلكؤوا، بل مضوا يعملون بصمت، ولو تعلقت همة المرء بما وراء العرش لناله، كذلك قال درويش:
سأَصير يوماً ما أُريدُ
سأصير يوماً طائراً، وأَسُلُّ من عَدَمي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي -جاء بعد محادثات


.. شاهد: الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بعقد صفقة تبادل فور




.. مبادرة في يوم عرفة لحلق شعر ا?طفال غزة النازحين من الحرب الا


.. مع استمرار الحرب.. مسؤول كبير ببرنامج الأغذية العالمي يحذر م




.. الأونروا تحذر من ارتفاع مستويات الجوع في ظل استمرار إغلاق مع