الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمه وجدوله الافكار

جاسم البغدادي

2013 / 4 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ربما نستطيع قراءه بعض ملامح المستقبل لكننا لا نستطيع تغيير ايّ من هذه الملامح , لاننا لانستطيع حدس او تخمين ايّ من المتغيرات التي يشهدها الحاضر سيكون لها سبق الرياده في تصميم المستقبل ,فالعولمه هي التحدي المستقبلي الاهم .. العولمه المعنيه هنا ليست تلك احاديه التوجه ,اقتصاديا او سياسيا او اجتماعيا , بل هي مجموع كل ذلك ..والاهم انها الانفتاح العولمي نتيجه الطفرات المعلوماتيه وقنوات الاتصال الهائله والتي تهئ الى ايجاد مجتمع عالمي ان لم يكن متجانسا بعد فهو يمتلك القابليه لفهم الاخر,والتاثير فيه.. هذه العولمه بما تحمله من تلاقح فكري وحضاري بين شعوب العالم ستغير الكثير من المفاهيم السائده, والتي هي بحاجه الى اعاده جدوله الافكار امام تحديات المستقبل الذي لم يحدث ان عاصر الانسان مستقبلا اسرع منه قط ولا اكثر متغيرات قط , لم يعد المستقبل صعب التكيف مع الماضي الان بل هو صعب التكيف حتى مع الحاضر ,ما عاد الذي يكبرك بيوم اعلم منك بسنه , بل اصبح الذي اصغر منك بيوم اعلم منك باعوام ,لانه اقدر منك على فك شفرات التقنيات المعلوماتيه والوصول اليها اسرع منك , الاب العصري لم يعد عصريا بما يكفي ليكون قدوه لابناءه فضلا عن الجدّ والجدّه ...التحدي القادم هو عدم القدره على التلائم مع المتغيرات المطروحه فضلا عن استيعابها لتنوع مصادرها واختلاف رؤيتها ,بل واسلوب طرحها , اعاده طرح الاسئله , وجدوله الافكار المطروحه حسب نوعيه التحدي , هو الاسلوب الناضج للتكيف مع المتغيرات القادمه , ليس الفكر الديني هو المعضله المستقبليه للعلمانيه ولا للفكر اليساري التقدمي ,بل قدرته على مواجهه المستقبل والتكيف معه , ولا العلمانيه , بل ولا الشيطان نفسه هو التحدي المستقبلي للدين ,بل هو فراغ الساحه من العدو المتربص للدين , لن يكون هناك كفـّار ولا وثنيين ولا شيطان رجيم ..بل سيعود اتباعه للفتك ببعضهم البعض كما هو حاصل الان وكما سيحصل مستقبلا , المستقبل يبدو من الان ليس ملكنا ..نحن العلمانيون واليساريون والمؤمنون والالحاديون , والمحافظون والمتحررون ...بل كل ما سنملكه من المستقبل هو النزر اليسير الذي سنساهم فيه , اما الجرء الاكبر فسيرسمه العالم من حولنا ان ثوره الانترنيت وحدها تتجاوز بتأثيرها الثوره الصناعيه , بل ربما لا نغالي ان قلنا انه يتجاوز اختراع الكتابه واللغه من الانسان الاول , العولمه الالكترونيه هي الان المصمم الرئيسي للمستقبل , وخلق البيئه الحاضنه له فهي لاتحقق صياغه المستقبل من خلال رغباتنا وطموحنا بل هي تصيغه لنا وفق رؤيه جديده ذات بعد تكنلوجي , وبالتالي فقربنا وبعدنا عن قراءه المستقبل تتحكم بها مدى قدرتنا على التأقلم مع هذا البعد , مع صعوبه ذلك التأقلم لسرعه المتغيرات قياسا للطبيعه البشريه التي تحتاج الى وقت كبير للاقلمه...الانترنيت مستقبلا سيلغي كل انجازات الثوره الصناعيه وما اعقبها من تطور تكنلوجي في ادوات الاتصال والاعلام ..اجهزه الراديو والتلفزيون والفيديو وال(دي في دي) والهاتف والسينما والصحف والمجلات هي حاليا على حافه خطر الانقراض عدا الهاتف المحمول(الموبايل) الذي غدا (لصغره) احدى اساسيات استخدام الانترنيت ...ليست القضيه قضيه انبهار بالتطور التقني الحاصل والذي نلمسه في حياتنا اليوميه ..انتهى عصر الانبهار, وقريبا ما ينتهي عصر التكيف ليأتي بعده الاستحقاق الاكبر لمجتمع عالمي متجانس بعيدا عن رغبات وأحلام المتخذلقين الذين يظنون انهم قادرين على صنع العالم وفق رؤياتهم او الاطروحه التي يؤمنون بها , دور الحكومات والهيمنات بدأ يتقلص , شبح الحروب والنزاعات المسلحه بين الدول والتحالفات العسكريه آخذ بالضحول , والاستبدال بالتحالفات الاقتصاديه , لم يعد الكتاب خير جليس في الزمان بل الكومبيوتر , ولا القلم اداة الكتابه بل (الكي بورد) , ولانعرف ماذا يأتينا به الغد , فنحن حتى الان متخلفون في اللحاق بعجله التجديد كما تتخلف السلحفاة عن الغزال ...جدوله الافكار بحاجه الى اعادة النظر بامور لن تكون لها الاولويه مستقبلا , التاريخ لن يكون له اثر في تكريس المفاهيم الموروثه ,انسان المستقبل لن يكون له ارتباط بالتاريخ ولن يشكل له ماده للاستلهام والمساهمه في صياغه الحاضر او المستقبل ,مسار الوعي سيكون آنيا لا يحتاج منطقيات تحرك مساره , وعي اللحظه , وعي الحاظر بما هو عليه لا ما يجب ان يكون عليه او ما يفترض به سيكون هو السائد , القيم والمثاليات والانظمه التي تستند عليها ستتلاشى امام الحشد الحضاري المتجدد , انسان المستقبل لن يكون منحازا ولا محايدا لا مؤمنا ولا ملحدا ولا حتى بينهما لان كل هذه الامور وهذا الجدل الفكري لن يكون له قيمه عنده .. اعاده جدوله الافكار يطرح الان ليس فقط من اجل تكريس فكر معين او ترجيحه .. جدوله الافكار هي من اجل التأهب لعصر بدايه الحديث عن انقراض الفكر الانساني كنتيجه حتميه للخلل في مصاديق الاسس التي يقوم عليها هذا الفكر ومدى قابليتها للتكيف مع العصور الجديده التي تكون نواتها العولمه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه