الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الفهلوة

ميلاد سليمان

2013 / 4 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




في وطني مصر، وقت الشدة والسنوات العُجاف، أي حينما تتصاعد الضرائب وترتفع الأسعار، ويُرفع الدعم الكلي والجزئي عن كافة السِلع الإستهلاكية الضرورية، وتنحدر خدمات الدولة في كافة المؤسسات والمستويات، وتصير الفوضى هي القانون السائد والإنفلات مجرد أحد تجلياتها؛ كل هذا في ظلّ جمود الإقتصاد والإستبداد السياسي، إلى جوار عمليات القمع المُمنهج، الغير مُبرر، والغير مُفسّر حتى الآن. يلجأ المواطن إلى "تقليب رزقه" من خلال أي وظيفة وطريقة، من أجل الحصول على قوت يومه، له ولأسرته، خوفًا من غدر الزمان!!. سواء بصورة قانونية، أو صورة غير قانونية؛ وهي محور مقالنا هنا. ففي ظلّ غياب وتفكك قطاعات الدولة، وتراجعها عن دورها الدستوري المنشود، وعدم سيادة القانون والرقابة وجديّة الإدارة والمتابعة، كان على المواطن أن يفكر في حلّ.

ومن خلال التفكير في صور الكسب السريع، مع قلة التعب، ودون الحاجة لوجود رأسمال لبداية أي مشروع، تظهر أمامنا "ثقافة الفهلوة" لتجيب عن السؤال، بتلك المهارة الشديدة، لتقدم نفسها بإعتبارها الأمل الأخير، وربما الوحيد أمام أيّ مواطن فهلويّ يرفض الإنتحار ويفضل العيش بأي طريقة.

كلمة فهلوي لغويًا، مشتقة ومأخوذة من الفهلوية وهي اللغة الفارسية القديمة، وتستعمل الكلمة بشكل عام للدلالة على عمق الخبرة والمعرفة، فكأن الذي يعلم "اللغة الفهلوية" هو يعلم أشياء ومهارات لا يجيدها غيره من الناس. فيكون بذلك الفهلوي الشخص البارع، الشاطر، القادر على التكيُّف السريع مع متغيّرات المجتمع. وقد برزت تلك الشخصية في كتابات نجيب محفوظ الروائية، والسينمائية أيضًا.

وقد إتخذت أفعال الفهلوة عدة مستويات وأشكال، إذ تجد أحدهم يقوم بسرقة مصابيح الإضاءة من أعمدة النور ومربعات الإعلانات الموضوعة على جانبيّ الرصيف في الشوارع، أو مثيلتها من كابلات مترو الأنفاق. سرقة أغطية البالوعات وصناديق الكهرباء من الشوارع، بل بلغ الأمر إلى سرقة كبائن التليفونات من أمام السنترالات. وسرقة صناديق القمامة من أمام ناصية الشوارع!!؟، وفي حالة أن كان بعض "الفهلويّة" يمتلكون مهارة وأجهزة متقدمة نسبية، يمكنهم سرقة شبكات الموبيل من فوق العمارات أو المناطق الزراعية النائية، سواء الحديد أو النحاس، كما يحدث مع أسوار الكوبري الدائري يوميًا، وحدث أيضًا مع كوبري قصر النيل منذ فترة ليست ببعيدة، ومع سيف تمثال سيمون بوليفار من ميدان التحرير.

أما الفهلوي قليل المهارة، قليل الحيلة، فقد يبدأ بسرقة الأحذية من أمام المساجد، الكنائس، ثم صناديق الزكاة والعطاء، بعدها يتجه إلى لمنازل لسرقة الأحذية من أمام أبواب الشقق أيضًا، أو أي شيء ذو قيمة متروك في "حوش" المنزل.

قد يتم سرقة سيارة، وطلب فديّة مالية لإستردادها، فالسارق يعلم صاحب السيارة جيدًا، أو له تواصل من جهة ما بالموضوع. أو يتم سرقتها وتفكيكها وبيّعها أجزاء في أحد الأسواق والمتاجر. بل بلغ الأمر إلى اختطاف إنسان وطلب فديّة حتى لا يتم قتله أو إيذائه!!؟.

علماء الاجتماع، وعلماء النفس إختلفوا في تحديد مخاطر الفهلوة، والتي تتجلى أغلب أنشطتها في السرقة والنهب والخطف، البعض منهم رأى أنه سلوك طارئ على المجتمع المصري، أو إضطراري، يفعله البعض في البداية رغماً عنه، لقضاء المصالح ثم مع الوقت، حين يتوفر الإشباع الكافي، سيختفي تدريجيًا. وآخرون يرون أنه صار مرضًا مزمنًا يحتاج لعلاج ناجع، إذ هو دليل صارخ على غياب أي شعور بالإنتماء أو الحب لهذا البلد، أو أي رغبة في حماية ممتلكاته العامة والمحافظة عليها، بل إعتبار سرقتها أمر طبيعي لا غبار عليه!!؟.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إنحدار مستوى ألفهلوة
هانى شاكر ( 2013 / 4 / 6 - 02:27 )


إنحدار مستوى ألفهلوة
______________


إنخفض حاجز ألمؤهلات جداً حتى أن شخصاً متواضع ألأهليه ، يسأل : مالذى يحدث للقرداتى إذا مات ألقرد ؟! .. سرق كرسى ألرئاسة أمام عيون وعوينات ألمصريين وألعالم ..

آه ..

فين زمان إللى باعوا ألترماى و ألعتبة ألخضراء ؟


...

اخر الافلام

.. ماذا بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح وما موقف القاهرة ؟| المس


.. أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا




.. انتفاضة الطلبة ضد الحرب الإسرائيلية في غزة تتمدد في أوروبا


.. ضغوط أمريكية على إسرائيل لإعادة فتح المعابر لإدخال المساعدات




.. قطع الرباط الصليبي الأمامي وعلاجه | #برنامج_التشخيص