الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية أن نتثقف يا ناس

محمد دوير

2013 / 4 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هذا عنوان لمقال للمبدع الكبير يوسف إدريس كتبه ذات مرة كمقال في جريدة الأهرام، وها أنا ذا أستعيره منه مجددا لاعتقادي أن الحال كما كان وقتما كتب مقاله .
في العقل تكمن قوة الإنسان الحقيقية ، فليست القدرة أو الإرادة أو الشجاعة أو الإقدام سوي أدوات يوظفها ذلك العقل الواعي في خدمة قضية ما. وحديثي عن الثقافة هو حديث مباشر عن دور العقل في حياتنا ، العقل الفعال ، الذي يؤسس لذلك المثقف العضوي في اشتباكه مع الواقع ولا سيما حينما يكون واقعا ثوريا كالذي نمر به الآن.
ولقد مررت كغيري بمرحلة السؤال عن كل شيء ، الله ، الوجود ، الحياة ، الإنسان ، الفكر ، الحركة والسكون ، الإيمان ، التغيير ، الوطن ، ... الخ.ولم أخرج من هذا اللغز المتسائل في دهشة سوي بمحاولة المعرفة، القراءة، التثقيف. ولم لا ، والعلم والحضارة والتقدم والوعي هي خلاصات مباشرة لتلك المعرفة التي بدونها يصبح البشر بلا ذوات ايجابية متحققة.من هنا تأتي أهمية الثقافة والمعرفة لتشكيل الوعي.
وإن كنت اعتقد أنه ليس من حقي أو حق غيري أن يوجه أحدا لنوع معين من القراءة أو مستوي ما منها ، فأنه في المقابل أتصور ضرورة أن نتفق جميعا علي أهمية الثقافة في حياة الأمم والإفراد والجماعات. فمن خلالها يتكون والوعي الجمعي وتتوحد الرؤى والأهداف، ومن دونها تتشتت المفاهيم وتضيع بين النسبية المعرفية والأخطاء المنهجية.ونظرا لأن الثورة المصرية ظلت علي الدوام في حاجة إلي ذلك الوعي النظرية بقيمة وأهمية مواصلة البناء الثوري من أجل بناء مجتمع جديد، فإن هذا الفعل يتطلب بالضرورة حالة ثقافية عريضة تتسع لتشمل شباب الوطن حتي يتسني لنا تعميق أهداف ثورتنا و امتلاك أدوات التغيير والقدرة فيما بعد علي بناء تصور للمستقبل. وبدون الثقافة ستظل الحالة الثورية مجرد مسار يكتشف طريق تقدمه خطوة خطوة بلا استراتيجية واضحة المعالم.
وما لاحظته أن أغلب – اكرر أغلب وليس كل – شبابنا لا يميل كثيرا إلي إضاعة جزء من وقته في بناء نفسه فكريا وثقافيا ، وإن تم ذلك لدي القلائل فإنه غالبا ما يتم باجتهاد شخصي منه أو من بعض رفاقه في هذا التنظيم أو ذاك ، وخطورة هذا أنه يؤدي إلي انتقاء معرفي بحسب طبيعة الجماعة التي ينتمي إليها . فمثلا نجد الماركسيين المصريين من الشباب يبدءون مسارهم التثقيفي من حيث النهايات النظرية ، فيبدأ الشاب بالدولة والثورة ، أو الثورة الدائمة ، وهو هنا يقفز قفزة معرفية كبيرة وخطيرة جدا في المعرفة قد تؤدي إلي عسر هضم فكري يحول هذه الشخصية بالضرورة بعد حين إلي مثقف أصولي لا يتقبل الرأي الآخر أو يتقبل حتي مجرد نقده نقدا موضوعيا قائم علي الحجة والبرهان لأنه لم يعرف هذا الرأي الآخر أصلا ، بل يتعدي ذلك إلي حيث اتهامات الخيانة الفكرية واستخدام ألفاظ أقرب إلي ألفاظ التكفيريين. والمشكلة هنا أن البناء المعرفي الاشتراكي يفترض الوعي بمجري التاريخ ، ليس بوصفة قراءة محدودة لقيادة ماركسية أو زعامة تاريخية في الاشتراكية ، ولكن تلك القراءة التاريخية المفتوحة هي احدي أهم شروط المثقف اليساري الذي يريد أن يتعلم من صفحات التاريخ ليس مساره فقط ولكنه مكوناته أيضا وعناصره.إن كل اشتراكي يبدأ من النهاية ، ويتجاهل تاريخ وتطور الفكر المادي والنظريات الاقتصادية المختلفة وتاريخ الحضارة وقيم البشرية ومبادئ الرسالات وقصص البطولات والحروب وقيام وانهيار الحضارات ، إن اشتراكي هكذا هو لا يحمل من الاشتراكية سوي الاسم ، بل علي العكس يصبح عبئا عليها وربما مسييء أيضا.
علي الجانب الآخر يفعل أيضا الليبرالي ذلك حيث يفهم الليبرالية بطريقته الخاصة دون وعي بإطارها الاجتماعي المنشئ لها ولا تطورها عبر مسار التاريخ ، وتجاهل الفرق بين القدرة علي البقاء والقدرة علي الإقناع بأنها نظام صالح للبشرية . هكذا يفعل المثقف السلفي حين يصادر الواقع لصالح فكرة معينة رسخت في ذهنه وقبعت في بطون التاريخ ولا يمكن استعادتها مرة أخري بفعل عوامل كثيرة جدا.
إن التثقيف بشكل عام، في اعتقادي، التثقيف الحقيقي الشامل لهو ضرورة لكل من يشغل نفسه بالعمل العام ، فكلما اتسعت الرؤية الفكرية صار ت القدرة علي استيعاب الآخر أو فهم الواقع أمرا هينا. فالثقافة ستظل هي حامل الوعي الوحيد للإنسان ، ولا يمكن لوسائل الإعلام أو بعض أنواع الميديا الأخري أن تمد الفرد بكل ما يحتاجه من عناصر معرفية تشكل وعيه بشكل حقيقي ، ثم أيضا أن الثقافة ليست هي ذلك الوعي المبتسر والتسليم المطلق برؤية فرد – مهما عظم شأنه – غالبا لم يتطلع الشاب علي قراءات أخري أو رؤى مغايرة .
نحن نمر فعلا بأزمة فكر وجدب ثقافي وفقر معرفي وانجذاب نحو تصورات فردية وتخلف عن مواكبة كيف يفكر العالم ، وملاحقة تلك التطورات الحادثة في الفكر العالمي والعلوم .. وبدون أن نحاول فهم كل ذلك ستظل الأزمة قابعة في نفوسنا قبل أن تستوطن في أوطاننا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدكتور محمد دوير المحترم
جان نصار ( 2013 / 4 / 6 - 09:37 )
لقد اصيت فيما تقول.ليس ل متعلم مثقف وعندنا مثقفين غير متعلمين والاعتقاد ان المتعلم هو مثقف نتيجة تعليمه هو اعتقاد خاطئ.نحن امه غير مثقفه مع الاسف وهي احدى اسباب تخلفنا غير الدين والفقر والاميه.مقال مهم وقيم.
تحياتي ومودتي


2 - يا شغيلة اليد والفكر وكومونيوا العالم اتحدوا
فؤاد محمد محمود ( 2013 / 4 / 6 - 17:34 )
الرفيق محمد
مقال مهم وحهد مشكور وكم ضروري فك الاشتباك بين المتعلم والمثقف وخاصة العضوي ونعم للثقافة المتنوعة والخاصةكضرورة تثقيف الشيوعين اللعمال بالثورة الكومونيةالباريسية والمجالس العمالية والتسيير الذاتي
تحياتي

اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص