الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الإله: -بِس-

نصارعبدالله

2013 / 4 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



مقال قرأته فى "القدس العربى " فى الأسبوع الماضى ذكرنى مرة أخرى بالإله: "بس" ( بكسر الباء)، ...المقال كتبه الأستاذ عزت القمحاوى بعنوان : " مأزق الإخوان مع الإله بس" ، ... والإله "بس" لمن لا يعلم من القراء الأعزاء هو إله الفرفشة والخير عند المصريين القدماءٍ، وهو يختص بالموسيقى والغناء والمزاح والضحك وكل صنوف اللهو والمرح، بالإضافة إلى اختصاصات أخرى أهمها رعاية الأطفال والضعفاء وحمايتهم من الأرواح الشريرة وإبعادها عنهم، فضلا عن اختصاصه برعاية النساء الحوامل حتى لحظة الولادة!!، وهذا الإختصاص الأخير بالذات هو الذى برع كاتب المقال: "عزت القمحاوى" فى توظيفه من أجل تأكيد الفكرة المحورية التى يدور حولها المقال كما سوف نرى بعد قليل .. ونعود الآن إلى الإله "بس" الذى تصوره النقو ش الفرعونية على هيئة قزم منتفخ الوجنتين ذى ذقن شبيهة بالمروحة، وقد انتشرت عبادته فى الدولة الفرعونية الحديثة فى طيبة حيث نجد أن ذكره يتردد بكثرة فى معبد: "دندرة"، وإن كان الكثيرون من المؤرخين يعتقدون أن أصول هذه العبادة ترجع إلى الدولة القديمة، ومن الطريف هنا أن نقول إن المصريين ما زالوا حتى يومنا هذا يخوّفون القطط التى تعيش معهم فى البيوت عندما تهم إحداها بارتكاب خطأ ما ـ بقولهم : " بس " ..دون أن يلتفتوا إلى أنهم بهذا ـ دون أن يقصدوا ـ يواصلون ما توارثوه من أسلافهم القدماء الذين كانوا كثيرا ما يستنجدون بالإله "بس" فى مواقف شتى من بينها ردع القطة المنزلية التى توشك على ارتكاب خطأ ما فيقولون لها: "بس" لكى يزجروها بهذا الإسم لعلها تزدجر!!، وفيما يلاحظ الأستاذ عزت فإنه لا تناقض بين التوحيد الذى عرفه المصريون القدماء فى الدولة القديمة (قبل أن يعرفه الإخوان المسلمون بطبيعة الحال) وبين استمرار عبادتهم للإله بس فى الدولة الفرعونية الحديثة حتى بعد توصلهم إلى التوحيد! ، فالإله بس ما هو إلا واحد من تجليات الأحد الواحد الذى يظل دائما إلها واحدا وإن تعددت تجلياته، أما المأزق الذى يراه الأستاذ عزت فيكمن فى أن الإله: "بس" يعكس جانبا أصيلا من مكونات الشخصية المصرية يتمثل فيما جبلت عليه هذه الشخصية من الميل إلى المزاح والضحك والسخرية من كل ما يراه المصريون شرا، إلى حد أن أسلافهم الأوائل جعلوا للسخرية والضحك إلها متخصصا، فالضحك فيما يلاحظ الأستاذ القمحاوى فى مقاله لصيق بحياة المصريين و هو واحد من أسرار استمرار هذا الشعب على قيــــــد الحياة والحيوية في أســــوأ اللحظات. وبالضحك انفردت الثورة المصرية ، كما يقول، بين ثورات الربـــــيع العربي، ولكن الإخوان المسلمين الذين لم يكونوا حاضري الثورة فى لحظة اندلاعها لم ينتبهوا إلى هذه الحقيقة، لأنهم كانوا مشغولين بدراسة مخارج ومداخل السجون التي سيهربون منها إلى كراسي الحكم، وعـــــندما تمكــــنوا من رقبة البلاد لم يستدركوا ما فاتهم من تعارف مع الثورة والثوار ولم يحاولوا قط أن يتقاربوا مع مفجريها الحقيقيين بل سارعوا إلى تهميشهم والتنكيل بهم، والإستئثار بكل شىء وحدهم مع التنكر لجميع أهداف الثورة وشعاراتها وكأنها لم تحدث إلا لكى يصل الإخوان إلى الحكم!! ، ثم بعد ذلك يؤسسون قواعد غير عادلة للعبة السلطة تضمن لهم أن يبقوا وحدهم فى الملعب إلى الأبد!! ..ولأن الإخوان فصيل متجهم بحكم تكوينه البنيوى، فقد أعماهم تجهمهم عن رؤية الحقيقة وهى أن الشعب المصرى ما زال يحمل فى موروثه التاريخى كل ما كان يدعوه إليه ويحتشد من أجله الإله "بس"، وأعماهم كذلك عن إدراك أن ذلك الإله المحب للخير سوف يطلق عليهم وابلا من قذائف السخرية والتندر، وأنه أيضا باعتباره راعيا للحوامل حتى لحظة الولادة سوف يظل يرعى تلك الأرض المصرية التى ما تزال حبلى بالثورة الحقيقية حتى تكتمل ولادتها. لهذا السبب فقد فوجىء الإخوان بردة الفعل العارمة من سائر أطياف الشعب المصرى، وبوجه خاص من المبدعين المصريين الساخرين الذين راحوا يوجهون سهام النقد اللاذع إلى الجماعة وإلىمكتب إرشادها، وكذلك إلى مرشحها الذى فاز بفارق ضئيل فى انتخابات الرئاسة، والذى تصور أنه بهذا الفارق يمكن أن يعطل الدستور والقانون وأن يعتدى على مبدأ سيادة القضاء ، لقد صدم الإخوان حقا من هذ القدر الهائل من السخرية وهم الذين كانوا يتصورون أنهم سوف يفعلون ما يفعلونه دون أن يتجرأ أحد على أن يقول لهم : " بس ".
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بِس، وبَس
عمران ملوحي ( 2013 / 4 / 8 - 01:49 )
شكراً لمقالك وتعقيبك على مقال المبدع عزت القمحاوي (مع تحياتي له)... وعندنا في بلاد الشام، في سورية خاصة، لا يُستخدم المقطع (بِس) لزجر القطط، إنما لمنادتها، أو دعوتها إلى الطعام.. والمقاطع الصوتية لهذا هي: (بيس.. بيس).. وتسمى القطة (بيسِه)، وفي لبنان (بْسِينِه).. وفي العراق - كما أظن - (بزّون) للقط، و(بزونه) للقطة.
لكن المقطع الصوتي (بَسْ) يستخدم في اللهجة الشامية بديلاً عن المقطع الصوتي الفصيح (صَهْ).. وفي العراق: (يازي).. وفي مصر: كفاية!.. هذا التوضيح لغرض المعلومات... وصوتنا الشامي يقول للإخوان: بَسْ!.. كفاية!.. فضحتونا!...

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو