الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكي لا ندخل عيادة الطبيب النفسي - الخطوة الاولى ( لا تقلّد الآخرين)

عصام عبد العزيز المعموري

2013 / 4 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لكي لا ندخل عيادة الطبيب النفسي
الأستاذ المساعد الدكتور عصام عبد العزيز المعموري – معهد إعداد المعلمين – بعقوبة – العراق
.......................................................................................

الخطوة الأولى : لا تقلّد الآخرين

في عام 1992 جاءنا كتاب رسمي من وزارة التربية يطلب فيه ترشيح مدرسين من كافة الاختصاصات للتدريس في اليمن الشقيق وتقدمت مع باقي الزملاء للتنافس على نيل الإعارة للتدريس هناك حيث كان الإيفاد لليمن حلما" صعب المنال لانخفاض قيمة الدينار العراقي آنذاك حيث كان الدولار يساوي ثلاثة آلاف دينار عراقي ، وكان المطلوب مدرسا" واحدا" من كل اختصاص من كل محافظة وكانت المنافسة شديدة للحصول على الترشيح حيث كنت أقل المرشحين درجة حزبية وأقلهم خدمة وعلاقات مع ذوي النفوذ والتأثير وكان ترشيحي مستحيلا" في الحسابات التقليدية .. وتقدمنا إلى المقابلة وسئلنا السؤال الآتي : لماذا تريد الذهاب إلى اليمن ؟ من يسمع السؤال يظنه هينا" لكنه في الواقع لم يكن كذلك لأننا لو افترضنا أن الجميع أجابوا نفس الإجابة .. فمن سيكون المرشح للإعارة ؟
اخترت أن أكون آخر من يقابل لكي أستمع لإجابات الجميع وأتفرد بإجابة تميزني عن الآخرين .
استمعت لإجابات الجميع وكانت على نمط واحد : ( أريد الذهاب لليمن بسبب المواقف القومية المشرّفة للقطر اليماني الشقيق ) .
دخلت المقابلة وفي ذهني قرار أن أتفرد في الإجابة فسألني أعضاء اللجنة السؤال ذاته فكانت إجابتي كالآتي : ( أريد الذهاب لليمن لأنني أحلم أن يكون لي بيت مستقل في يوم ما فالذهاب لليمن يوفر لي هذه الفرصة .. وفي الوقت نفسه فأنا رجل يحترم مهنته ويعشقها حد التوحد فيها ولي هيبتي وتقديري أمام طلبتي فإذا بقيت في العراق فأضطر إلى ممارسة مهنة أخرى لا تليق بي كبيع الخضروات أو الحلاقة ... الخ مع احترامي لجميع أصحاب تلك المهن مما يؤدي إلى شرخ في الصورة التي رسمها لي طلبتي ) .
قال لي المدير العام للتربية آنذاك : ( بارك الله فيك وأنت الوحيد الصادق في إجابتك ) ورشحت للإعارة رغم قلة سنوات خدمتي وتدني درجتي الحزبية .. وكان الفخر في ذلك بعد العناية الإلهية الى كتاب قرأته آنذاك تحدث فيه المؤلف عن مقابلة أجراها مع مدير التوظيف في إحدى الشركات العالمية حيث يقول هذا المدير بأنه أجرى مقابلات مع أكثر من ستين ألف طالب عمل وألّف كتابا" عنوانه ( ست طرق للحصول على عمل ) ولاحظ أنه بدلا" من الاسترخاء والتحدث بصراحة يلجأ المتقدمون للوظائف إلى إعطاء أجوبة يعتقدون أن أصحاب العمل أو المسؤولين يريدونها . ولكن ذلك لا يجدي نفعا" لأننا جميعا" لا نريد عملة مزيفة فأصحاب العمل يدركون أن إجابات المتقدمين للتوظيف متكلفة وليست حقيقية .
ان تقليد الآخرين هو انتحار على المستوى الشخصي وان عدم الرغبة في أن نكون على صورتنا الحقيقية بدون تكلف هو السبب الرئيس لعقدنا النفسية وأمراضنا العصبية .
في مقابلة تلفزيونية مع عميد أكاديمية الفنون الجميلة في دمشق يوما" ما قال : ( من أكثر المشاكل التي كانت تواجهنا هي اقناع الطلبة الجدد في قسم التمثيل بأن يمثلوا على سجيتهم دون تكلف ولكن المشكلة كانت بأن كلا" منهم يريد أن يقلد دريد لحام أو عادل إمام أو غيرهم من الأسماء اللامعة ) .
ان الجمهور قد تذوق ذلك النوع من التمثيل وهو في لهفة لتذوق نوع جديد ذي نكهة جديدة .
تقول ( كاس دايلي ) وهي مطربة أمريكية نقلا" عن كتاب ( كيف تتعامل مع الناس لدايل كارنيجي ) : ( كنت أتوق لأصبح مطربة لكن وجهي كان سبب تعاستي ففمي كان كبيرا" وأسناني بارزة وعندما قمت بالغناء أمام الجمهور لأول مرة في ناد ليلي حاولت أن أمط شفتي العليا لاخفاء أسناني وحاولت أن أبدو جميلة ولكني شعرت بأني سخيفة وشارفت على الفشل ولكن لاحظني رجل كان يستمع الى غنائي وأعجب بصوتي وقال لي : كنت أراقب أداءك وعرفت أنك تحاولين اخفاء اسنانك البارزة .. فلماذا تخفينها؟ افتحي فمك وسيعجب بك الجمهور عندما يعرف أنك لست خجولة .. هذا بالاضافة الى أن أسنانك البارزة التي تحاولين اخفائها لربما جلبت لك الحظ ) وبالفعل فان ( كاس دايلي ) عملت بنصيحته ونسيت شكلها التي تعتقد أنه قبيح وكانت تفتح فمها وتغني ولا تفكر بشيئ سوى جمهورها وتغني بسعادة لا نظير لها حتى أصبحت واحدة من ألمع نجوم السينما والاذاعة ويحاول ممثلو الكوميديا تقليدها .
ان أفضل نصيحة أقدمها لمن يروم الحصول على صحة نفسية أفضل هي أن نعيش كل مرحلة عمرية كما هي بدون تكلف فالطفل الذي لا يلعب ولايمرح ولايتمتع بطفولته فهنالك خلل في طفولته وفي صحته النفسية ولكننا نتدخل في ذلك ونخلق لأطفالنا أنموذجا" نريد منهم تقليده ..ففي زيارة قمت بها لطلبتي الذين نعدهم ليكونوا معلمين وشاهدت أحدهم كيف يدرّس تلاميذ الأول الابتدائي حيث لاحظت هدوءا" تاما" في الصف الدراسي وكأنني في مأتم .. فكان يعاقب كل تلميذ يبدي ولو حركة بسيطة .. لا نريد تعليما" كهذا .. نريد أن تكون المدرسة مصدر متعة وبهجة لتلاميذنا .. وأفضل طريقة في هذه المرحلة هي التعلم باللعب .
أما مرحلة المراهقة فليعيشها أبنائنا كما هي دون تكلف فان لم يعيشوها ستظهر لديهم ما يسمى بالمراهقة المتأخرة .. فان وجدت أبناءك يضعون صور نانسي عجرم وهيفاء وهبي وغيرها على جدران غرفهم ويحلقون شعر رؤوسهم وفق أحدث صيحات الموضة فلا تقلق .. فكلنا واكب هذه المرحلة وكنا نتصرف وفق متغيراتها آنذاك ورغم ذلك لم ننحرف
.. ولا يعني ذلك عدم التدخل عندما أرى حالة شاذة تتطلب إصلاح الاعوجاج .
يؤكد علماء النفس دائما" : ( كن نفسك مهما حدث ولا تقلد الآخرين ) وفي تربية الأطفال هنالك كاتب أمريكي شهير اسمه ( أنجيلو) كتب في مطلع القرن العشرين 13 كتابا" وآلاف المقالات التي تناولت تربية الأطفال يقول : ( ما من تعيس أكثر من الذي يتوق ليكون شخصا" آخر مختلفا" عن شخصه جسدا" وعقلا" ).
وفي مقابلة تلفزيونية مع الشيخ أحمد الكبيسي قال فيها : ( كان أهلنا في الفلوجة يوقظون الأطفال في سن الرابعة أو الخامسة عندما يؤذن المؤذن لصلاة الفجر ويريدون منهم أداء الصلاة في الجامع .. انهم يريدون من الأطفال أن يصلوا في تقواهم وايمانهم الى الامام علي أو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهم في هذه السن المبكرة .. انهم يجعلون الأطفال يكرهون شيئا" اسمه الصلاة ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. وتوقف دخول


.. بعد قتله جنديين.. حزب الله يستهدف مجدداً ضباطاً إسرائيليين ب




.. هل سيطرة إسرائيل على معبر رفح مقدمة للسيطرة على المدينة بكام


.. شقاق متزايد في علاقة الحليفين.. غضب إسرائيلي من -الفخ الأمير




.. ترامب يتهم بايدن بتزوير المحاكمة لأهداف سياسية