الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوهام المنقذ في الاسلام ....... البطل السفياني نموذجاً

نزار المنشداوي

2013 / 4 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




منذ القرن الاول الى ايامنا هذه، ظهر رجال كثيرون حاولوا استغلال فكرة المهدي او السفياني وجعل منهاحقيقه مسلمه ثم قاموا بتطبيقها على انفسهم، املاً منهم ان ينالوا هذه المرتبة العالية والدرجة الرفيعة، او طمعاً في الوصول الى السلطة اوالحكم، بتغرير العوام والسذج من الناس بهذه الفكرة فكم من فتن قامت وكم من دماء غزيرة قد أريقت .. وحروب استمرت زمنا...فكانت هذة الفكرة على مرور الزمن اثارها السلبية من الناحيتن السياسية والاجتماعية في تمزيق الامم والدول .

ففي الاونه الاخيرة كثر هذا الزعم خصوصاً بعد الاحداث التي تمر بها دول العالم العربي او ما يسمئ بالربيع العربي وانا شخصيا اسميه الخراب العربي خصوصا الذي يجري في سوريا الان ، والذي يعنينا هنا تسليط بعض الأضواء على اصل او جذور هذة الفكره في التاريخ..وعن اسباب نشوئها علنا نصل الى حقيقة ما.. من خلال البحث وجدت ان اصل الفكرة هي على شاكلة اخواتها من فكرة المهدوية واليماني والحضرمي والقحطاني والخرساني وغيرهم، لكن فكرة السفياني قد تكون لها جاذبيه خاصه.. لانه الطرف النقيض والمحارب الوحيد لفكرة المهدي،وذلك لان معظم الروايات تشير بان المهدي سوف يقتل ذلك المسمئ نفسه السفياني فكان لها النصيب والصدى الاكبر من بقية الأفكار...وهذا ما ادى بدوره الى الانتشار الواسع ما بين كتب السنه عموما والشيعة خصوصاً حول ذلك السفياني.

يعتبرالشيعة هم من اكثر الفرق الاسلاميه تروجيا لهكذا افكار او أساطير.. خلفتها لنا كتب التاريخ او الحديت ايام الفتن والملاحم وذلك ربما للظلم الذي عانوا منه من قبل الحكام والسلاطين خصوصا في القرون الاولى .ولازالت هذة الفكرة تسيطر على عقولنا منذ القدم حتى يومنا هذا، ومن استقصى جميع ما ورد في المهدي من الاخبار والآثار عرف ان مصدرها الاول منقول من كتب الشيعة ، وذلك لما حكموا بني أمية المسلمين واستئبت لهم الامر ظلموا..وجأرو وخرجوا بالحكومة الاسلامية عن نهجها المحمدي المعروف، حتى قال عبد الملك بن مروان من على المنبر من قال لي اتقي الله ضربت عنقة ، فقد كان هذا الرجل اشد الناس قسوه على المسلمين عموما واهل بيت النبي خصوصا وقد كانوا اي اهل البيت يرون في انفسهم انهم اولى بالأمر وأحق بإقامة العدل من هذا السفاك ، فكان الذي يتشيعون لهم يؤلفون لهم جماعة وأنصار، ويقنعونهم بانه سيقوم منهم قائم مبشر مخلص يقيم لهم العدل ويزيل لهم حكم بني أمية الذين استبدوا وطغوا في الارض، فكان الشيعة يعينون أشخاص من خيار اهل البيت يرجحون ان يكون ذلك هو الامام ، كما حدث في تزوير المختار الثقفي كتاباً بانه مبعوث من قبل محمد بن الحنفية بانه المهدي ، وكما حدث من ترشيح عبد الله بن الحسن ولدة محمد بن عبد الله المعروف ((بالنفس الزكية ))بانه المهدي ، وكان بعض الشيعة يسال لمعرفه من صاحب هذا الامر فيجيب بعض الائمة بأجوبة مبهمة وغير شافيه، ومنهم من كان يتهرب من الأجابه ويقول..لم يحن موعد خروجه حتى يضربون له اجل غير معلوم اي اخر الزمان ، ومرت السنين والقرون ولم يكن ما توقعوا !!!

ومن هناصدر هذا الكم الهائل من الروايات.. والاعتقاد بفكرة السفياني لانها متعلقة ومرتبطة ارتباط شديد بفكرة المهدي، فلم يكذب الشيعة بالسفياني بل صدقوا به، وقد نحلو عن النبي من الاحاديث ما يدل على ان السفياني بعد ظهوره وذيوع امره وسلطانه وجوره..في الناس سياتي له المهدي من اهل البيت، فيقتله ويملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئها جوراً وخوفاً ، فأسندوا بني امية لذلك السفياني هذا الكم الهائل من الأحاديث الضعيفة والموضوعة من كلا الطرفين الشيعي والسني .

من خلال هذة المقدمه المتواضعه سوف نثبت خرافة السفياني بمنطق العقل والنقل وما توصلنا اليه من نتائج قد تحمل ربما الخطأ والصواب والقارئ "الواعي"وحده هو الحكم.

اجمع مؤرخو الأسلام على ان القول بالمهدي او المنقذ ظهر في الاسلام، بعد وفاة النبي لكني أرجح ان هذا الاعتقاد ليس صحيحاً بل كان شائعاً حتى قبل الاسلام، راجع كتاب ( البحث عن منقذ: د. فالح مهدي) ففيه من التفاصيل ما يغنيك عن اي كتاب اخر .

وذلك لوجود اليهود والنصارى وغير ذلك من الديانات كالحنفيين والصبائيين والكسائيين .. الموجودين في الجزيرة، وقد قام هولاء بنقل تلك الاعتقادات الخرافية الى عرب الجزيره ، خصوصا بعد دخول العجم وغيرهم.. الى الاسلام فقد سأد هذا الاعتقاد الفاسد بين العرب عامه والمسلمين خاصه والذي بدوره قد جلب الويلات.. على المسلمين بمرور الزمن وحتئ يومنا هذا.

وقد جرت هذه العقيدة على المسلمين شقاء طويل،اذ ادعى الكثير المهدوية،وتسلحوا بها وسفكت الدماء...من دون ان تتحقق اي مصلحه ترجئ او منفعه بل قد جلبت العار والخزي على مدعيها والأمثلة كثيره....لكن لقصر المقام يتطلب منا الاختصارعلى مثل تلك الدعاوى الباطلة بدعائهم ان المهدي لابد ان يخرج يوماً.

كان هذا الاعتقاد في بداية الامر بسيط وسأذج...ولم يكن بالأهمية التي تذكر، بين صحابة الرسول بل لم يكن معروفا بينهم اصلا، ولم ينزل به قراناً، ولم يكلف الله به احداً، ولم يامر نبية بان يبينه للناس بياناً شافيا،على انه عقيده دينية..خصوصاً في بداية القرن الاول فكان ذلك مجهولاً بالنسبه لهم وما عرف من سيرتهم..ومن تاريخ حياتهم...بانه، لا وجود لاي ذكر عن المهدي خصوصا في أحاديثهم اليومية الا ما نسب اليهم من الوضاعين الأحاديث فيما بعد....عند ذاك،

بدأت بذور هذة الفكرة تنشأ عند المسلمين بعد وفاة علي ابن ابي طالب، ان لم يكن عبد الله بن سبأ..كان هناك الكثير من اصحاب علي ، خصوصا محبيه والمغالين فيه في آن واحد وقد ابتدأ الامر محصور في قلة من شيعته، ثم تطور ... بعد ان تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية مما جعل الامر اكثر تعقيداً...

وهذا ما أدى الى تشتت اصحاب علي وقتلهم من قبل معاوية، ثم استولى اليأس عليهم حتى اظلمت الدنيا في أعينهم،وبدوا يتخبطون فيما بينهم.. ولم يكن هناك اي بصيص للامل الا بالرجوع الى الحسين بن علي بعد مقتل اخيه ، فاصبحوا يراسلونه سراً في حياة معاوية، فكان معاوية حذراً جداً من تلك المراسلات، وكان بدوره يرسل الكتب للحسين يحذره من مغبة القيام باي عمل ضد السلطة، حتى جاءت خلافة يزيد ووقعة فاجعة كربلاء المريرة .... وحصل ما حصل...فاخذو يندبون انفسهم وحظهم العاثر من شدة ما أصابهم بفقدان أملهم وحلمهم الكبير بانه المهدي بن المهدي كما وصفة سليمان بن الصرط الخزاعي.

فلم يعد ينتظرون احدا بعد اليوم..فالذي قتل في معركة التوابين والذي لم يشارك في تلك المعركة اصبح ينظر الى المستقبل..علأ الله يبعث ذلك المخلص يوما ما، عند ذاك بدوأ ينسجون في مخيلتهم المتهيجة المريضة وعواطفهم المهانة، ورغبتهم القوية في الانتقام من عدوهم اللدؤد، فالصوره الخلابة التي وضعوها في امالهم أقرب الى الهذيان .... واضغاث أحلام....منها الى الممكنات المعقولة ولكن سرعان ما تحولت هذة الأحلام الى آمال قوية في ظهور مخلص اخر الا هو محمد ابن

الحنفية وهكذا الى مهديون لا يحصي عددهم الا الله على مر التاريخ .

والذي يهمنا من هذا كله، ان القول بالمهدي او السفياني لم يكن من جذور الدين أصلا بل يرجع في اغلب الاحيان الى عوامل سياسية.. واجتماعية..ونادراً ما يكون العامل الديني هو الاساس .واقصد بالعامل السياسي بشكل مختصر.. هو الخصومه التي تكون بين حزبين سياسيين يتنازعان على الرئاسه..او بين دولتين يتنازعان السلطة للحصول على مصدر قوت ذلك البلد او الحزب، حتى تهلك فيه الارواح والنفوس فيكون ذلك الحزب الخاسر لا يفكر الا في المخلص او المنتظر الذي تحلم به الامه فيستولي على ذلك الشعب المهزوم الهؤس ويكونون الة بيد الاعداء او الطامعين في الرئاسة، وذلك لسرعه التصديق باي دعاية تاتيهم وقد يخرج لهم مخلص كاذب وهم لا يشعرون، كما هو حاصل في كثير من ألازمنه لحين خروج ذلك المخلص، الذي لا وجود له الا في المخيله !!! وأما العامل الاجتماعي، فحين تتغلب طبقة من الناس او مذهب معين على طبقات الامة اخرى، وهضمها لحقوقها وجعلها طبقة مستعبدة ومسحوقة وعاجزه عن مناهضة عدوها واسترجاع حريتها والوصول الى حقها االمسلوب بالقوة ، كان او بالتحكيم او بطرق اخرى سلميه، فان كانت عاجزه عن ذلك فان امرها ائل الى الدمار والزوال، فهي لابد ان تلجأ الى احد الامرين اما الحيلة واما الى التمني، فاما الحيلة التي نقصدها هي التظاهر بالاخلاص للغاصب، لا ان يقع الضرر به او غير ذلك من وسائل المغلوب على امره من تعليل النفس بالامال والقوة الخارقة والمعجزات والخوارق وما شاكل ذلك.

اما عامل التمني بالآمال فهو السلاح الثاني في يد المغلوب المستسلم الذي ماتت عزيمته وضعف أمله في الخلاص فلم يعد يعتمد الا على نفسة، وصار ينتظر النجاة ولو في المستقبل البعيد، على يد امه او حزب او شخص اخر يبعثه الله من بين امته او حزبه الذي ينتمي اليه وعن هذا الآمال والأحلام امن الناس بفكره، (المخلص) او ( المنقذ )او ( المسيح ) او( المهدي ) او ( السفياني ) او ( القحطاني ) وما شابه ذلك من الالفاظ المختلفة لفظاً والمتفقة معناً.

فكانت هذا هي اقوى العوامل واقدمها اثراً بنشوء فكرة المنقذ،او الحاكم العادل، الذي يرحمهم ويرق لحالهم الذي تبعثه الالهة لهم يوماً ما.

هذا ما ارى هي اهم الاسباب لظهور اعتقاد الناس بفكره المهدي، باسترجاع حقوقهم المستلبه، فكان كما ذكرنا من ان الامر كان اجتماعياً وسياسياً محضاً لسيطرة اوعودة الحكم المستلب.

الذي يخيل لي وهو قد يكون احتمال ضعيف، لكن فيه جانب صغير من الصواب، ونذكره للفائدة ان فكره المخلص هذة قد ظهرت في بادى الامر بين الطبقات الاجتماعية المقهورة اي بين الطبقات ذات الدخل الضعيف جداً لذلك تجد في آمالهم ان مخلصهم عند خروجه سوف لا تكون هناك اي قيمة للمال او الذهب، لكثرته في ايام دولة هذا المخلص وعدم الحاجة له كما تلاحظ في كثير من الروايات.

وعن ابي سعيد الخدري ( يخرج في امتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الارض نباتها ويعطي المال صحاحاً وتكثر الماشية وتعظم الامة يعيش سبعاً او ثمانية حججاً ) الى غيرها من الاحاديث الكثيره التي تنسب الى غايات مادية.

فان صح ذلك الاعتقاد تبين ان الامر مادياً واقتصادياً والحاجة والعوز..قد تكون احد الأسباب التي دعت الناس للاعتقاد بذلك المخلص، والتفكر به وهناك شواهد كثيره في التاريخ حصلت في الامم السابقة ، لكن الحاله التي حصلت عند مهدي المسلمين والقول بان المهدي منا ال البيت او حصرها في بيت علي وأبنائه،او من بيت النبوة هو لغرض واحد اعادة الحكم اليهم بعد ان اضاعوه ،لذلك ان اكثر الراوايات تقول ( ان المهدي سيظهر لينتقم من اعداء علي وبيته ويملك الارض كلها ) لذلك ان من ادعى المهدوية كان لابد ان يكون او ينسب نفسه من ذرية النبي،

والشيعة خصوصاً في جميع فرقها الموالية لأهل البيت، كانت فكره المهدي ملازمة لهم ومحصوره في شيعتهم، ودائرتهم حتى تسرب هذا الاعتقاد الى اهل السنه، واصبح كذلك عقيدة عندهم فلم يبق محدث او فقية الا وتناوله الا القليل منهم من انكره كالبخاري وابن خلدون وغيرهم حسب تفاوت درجة ثقافة الراوي او المحدث او الفقيه ،اما السفياني وهو مهدي بني سفيان وهو محور حديثنا فكانت سيرته في بيت ال ابي سفيان ، استرداد واعادة الحكم المسلوب منهم، كما سياتي ...

كان انتقال السلطه من الفرع السفياني الى الفرع المرواني بعد ان تربع مروان بن الحكم كرسي الخلافة اثر تنازل..معاوية بن يزيد بن معاوية عن الحكم، هذا الخليفة الشاب التقي الورع... والذي يختلف تماماً عن أبيه وجده، ولذلك يقال ان امه كان لها الاثر الكبير في نشئته...ولكن الثابت أيضاً من التاريخ أن أبناء يزيد الثلاثة معاوية وخالد وأبا سفيان كانوا مشهورين بالصلاح وحسن الخلق فقد تفرغت امهم لرعاية أبنائها فأصبحوا على نقيض أبيهم، والدليل على ذلك سيرة معاوية الثاني ابنها الذي تولى الخلافة ثم تنازل عنها قائلاً فى خطبة اعتزاله : "والله إن كانت الدنيا عزاً فقد نلنا حظنا منها، وإنا كانت شراً فكفى ما أصابنا منها" وذكر ما فعله أبوه فبكى..، وطلبوا منه أن يرشح خليفة بعده .. فقال: ما أصبت حلاوتها..فلماذا أتحمل مرارتها..واعتزل الناس، فقتله أهله بالسم ، ولكن الأحوال ساءت بالنسبة للأمويين بعد تنازل معاوية الثاني عن الخلافة ، إذ وقع التنافس... بين كبار المرشحين منهم للخلافة ، في الوقت الذي ازداد فيه نفوذ عبد الله بن الزبير ، ودخلت في طاعته مصر والعراق وأجزاء من الشام ، وأصبح سقوط الأمويين سريعاً لولا أنهم عقدوا مؤتمراً في "الجابية" واتفقوا على تولية مروان بن الحكم الخلافة ثم يتولى بعده خالد بن يزيد بن معاوية احد اعضاء الفرع السفياني، وكان مروان بن الحكم شيخ بني أمية في ذلك الوقت، وقد رضي على مضض أن يكون ولي عهده الشاب خالد بن يزيد بن معاوية ، وذلك حتى تجتمع معه كلمة الأمويين ، ولكنه كان يريد أن يعهد بولاية العهد لابنه عبد الملك بن مروان ، لذا خطط للأمر بحنكة ، لكى يزيح خالد بن يزيد من ولاية العهد ، فتزوج "فاختة" أم خالد ليكون خالد تحت سيطرته وليحط من شأنه ومن كرامته وكانت ام خالد حين رضيت به زوجاً كانت تطمع في أن تحفظ لابنها حقه في ولاية العهد فقد فوجئت بزوجها يعمل على نقض الاتفاق فعمل على تعيين ابنيه عبد الملك ، ثم عبد العزيز في ولاية العهد على الترتيب مكان خالد فقنع ابنها خالد بتعلم الكيمياء ... وكان عالماً كبيرا في ذلك وكان اول فلاسفة الاسلام ، ولكن مروان لم يتركه في حاله ، إذ خشي من قوة شخصيته وحب الناس له فعمل على تحقيره والحط من شأنه امام رجال الدولة ، وما كان لخالد أن يسكت ، فتوالت شكواه لأمه ، وأخذت تهديء من روعه وهي تـحـس بالندم على قبولها الزواج وكيف انقلب هذا الزواج ضد مصلحة ولدها وحقه في الخلافة حتى يصل الأمر الى قيام زوجها بتحقير إبنها على الملأ.. وصبرت أم خالد إلى أن حدثت الإهانة الأخيرة لها ولابنها خالد إذ قال مروان لخالد أمام الناس كلمة جارحة نابية في حق أمه،قال له"يا ابن رطبة الإست " فدخل خالد على أمه غاضباً ، يقول لها : قد فضحتني وقصرت بي ونكست برأسي ، والله لأقتلنك أو لأقتلن نفسي ، فقد قال لي مروان كذا..وكذا.. على رؤوس الأشهاد فقالت: له والله لن يقولها لك ثانية ، وأوصته بألا يعلم مروان أنها علمت بشيء وأن يكتم الموضوع .

وأحس مروان بأنه أهان خالداً وأم خالد ، وخشي مغبة ذلك فدخل على زوجته أم خالد وقال: ما قال لك خالد اليوم؟ فقالت ما حدثني بشيء ولا قال لي شيئاً ، فقال ألم يشكني إليك ويشكو تقصيري به كما كان يفعل ؟ فقالت: له يا أمير المؤمنين لقد أفهمت خالداً من قبل أنك له بمنزلة الوالد ، وأنت أعظم في عيني من أن أسمح لخالد بأن يقول عنك شيئاً .

فأطمئن مروان بن الحكم قليلا...ولكن مازالت به.. حتى ازداد اطمئناناً لها ، ونام عندها ، فوثبت هي وجواريها فغلقن الأبواب ، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجه مروان وجلست فوقها ومعها جواريها حتى مات تحتهن مخنوقاً.

ثم قامت فشقت جيبها وأمرت جواريها فشققن ملابسهن وعلا الصراخ ليعلن موت الخليفة .

وكان قبل ذلك خالد لم يسكت ابداعن استحقار مروان له فقد كان خالد بن يزيد من الأوال في صفوف معارضي الدولة ، فهو اول من رفع شعار ذلك السفياني!! للوجود المنتظر ،وذلك بحديث ينسب الى النبي من ان حقهم في الخلافة سوف يعود اليهم على يد رجل في اخر الزمان يحمل اسم جدهم ابو سفيان ، كما فعل الشيعة قبل ذلك...ويرجع نسبة حديث السفياني لخالد بن يزيد على رواية مصعب الزبيري ٢٣٦هـ التي اوردها في كتابه ((نسب قريش)) ص ١٢٩ ، جاء فيها : زعموا ان ( خالد بن يزيد ) هو الذي وضع ذكر السفياني ، وكثره واراد ان يكون للناس فيهم طمع ، حين غلبة مروان بن الحكمم على الملك وتزوج امه ام هاشم .

ثم رددها فيما بعد الاصفهاني فقد جاء في كتاب الاغاني ( ١٦:٨٨) ان اول من وضع خبر السفياني وكبره ( هو خالد بن يزيد بن معاوية وانه أراد من ذلك ان يكون لناس فيه طمع حين غلبه مروان بن الحكم على الملك وتزوج امه ام هاشم ) وهناك رواية عن تغرى بردى تقرب لنا بعض حقيقة ذلك الامر فيقول (قيل ان خالداً هذا بويع بالخلافة بعد اخيه معاوية بن يزيد بن معاوية فلم يتم امره ووثب مروان بن الحكم على الامر وخلع خالدا خذا وتزوج بامه ... وقيل انه هو الذي وضع حديث السفياني انه ياتي في اخر الزمان لما سمع بحديث المهدي . النجوم الزاهرة ١:٢٢١)

وقد ذكر ابن حجر قال : خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي أبو هاشم الدمشقي روى عن أبيه ودحية الكلبي وعنه الزهري ورجاء بن حيوة وعلي بن رباح وعبيد الله بن العباس ويقال العباس بن عبيد الله بن العباس وغيرهم قال أبو حاتم هو من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام وقال الزبير بن بكار كان يوصف بالعلم ويقول الشعر قال عمي مصعب بن عبد الله زعموا أنه هو الذي وضع ذكر السفياني وكثره وأراد أن يكون للناس فيهم مطمع حين غلبه مروان على الملك وتزوج أمه . تهذيب التهذيب ٣/١٢٨) .

وقال : د. احمد امين (انتشر في العصر الاموى فكرة المهدي المنتظر ، وكان اكثر دعاة المهدي من الشيعة ، ورأينا لبعض البيت الاموي مهدياً اخر لا يسمى المهدي،ولكنه يلقب بالسفياني، وذاعت اخباره السفياني هذا في البيئات الأموية وغيره، وكان السفياني المنتظر كالمهدي المنتظر .

فالظاهر انه كان لخالد بن يزيد شيعته وأعوانه وقد نغص عليهم غلبة مروان بن الحكم على الحكم ، وكان خالد طموحا اشتغل في الكمياء ليغنى أصحابه بالذهب ..اذا نجح ، ووضع أحاديث المهدي ، ولكنه اختار اسماً اموياً وهو السفياني إشارة الى جده ( ابو سفيان) .

ويظهر ان العباسيين أيضاً عز عليهم ان يكون للشيعة مهدي والأمويين سفياني وليس لهم شي ،فرأوا ان يكون لهم ( مهدي)فوضعت الأحاديث على هذا النمط فقد روى الطبراني ( عن عمر قال : كان رسول الله( ص)في نفر من المهاجرين والأنصار ، وعلي بن ابي طالب عن يساره والعباس عن يمينه، إذ تلاحى العباس ونفر من الأنصار، فاغلظ الأنصار للعباس فاخذ النبي بيد العباس ويد علي وقال (( سيخرج من صلب هذا فتى يملا الارض قسطاً وعدلا ، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمى فانه يقبل من المشرق ؟ وهو صاحب راية المهدي)) وفي رواية اخرى عن ابن عباس انه قال : منا اهل البيت اربعة : منا السفاح ومنا المنذر ومنا المنصور ومنا المهدي ....الخ )وقد حمل المنصور العباسي بتسمية ابنه المهدي والإيهام بانه المهدي المنتظر.

فنرى من هذا ان عقيدة المهدي فشت في العلويين والأمويين والعباسيين وأخذت عند كل منهم لوناً خاصا. ( ضحى الاسلام ج٣ ص ٢٣٨-٢٣٩-٢٤٠-٢٤١)

اذا ان الوضع السياسي، الذي عاش فيه خالد والذي شهد انتقال السلطة من اسرته الى مروان من جهة.. والوضع النفسي الذي مر به جعله عرضه للنقد من قبل العديد من الزعماء من جهه اخرى ، دفعه الى ان يزرع روح الامل عند اسرته ويتحدى منتقديه ، ويبعد عن نفسة تبعية ما الت اليه الامور ، بقولة.. ان الخلافة ستعود اليهم مرة ثانية .

فكان الرجل طموح الى حد بعيد يحلم بالخلافة او الحكم ، وكان يعتقد في قرارة نفسه يجب ان يرث الحكم طبقاً لنظام الذي وضعه معاوية، الا ان خالدا لم يرث اباه كما هو معلوم بل ورثه منه مروان ابن الحكم واولاده من بعده.

وبذلك انتقل الحكم للمروانيين وهذا ما لم يكن ليرضى السفيانيين عنه ، الذين اقصوا عن الخلافه.. عند ذاك بدأ التفكير، بالانتقام من المغتصب ، لكن خصمه كان قوي جبار فما كان منه الا التعلم على بعض الحيل التي ذكرنها من قبل...لاسترداد هذا الحق المزعوم .كما هو معلوم ان فكره المهدي المحصورة في بيت علي بان يجعل مكنها فكرة السفياني ويحصرها في ذريته من بعده، لكن شتان بين المهدي والسفياني رغم ان الاثنين لا اصل لهما لكن الأول هي دعوه عامه قد تشمل جميع المسلمين اجتماعيا وأخلاقيا وسياسيا لكن تجد في الثانية هي دائماً سياسيه .. ومحصورة في بني سفيان ثم في بني أمية بعد ان سقطت دولتهم ، وانتقال الملك لبني العباس، ولم يكن الغرض منها الا أعاده الحكم اليهم بعد ان أضاع بنو سفيان الخلافة، بل ناصبوا الخلافة الجديدة العداء وبدأت مقاومة عنيفة...التفت جمهرتهم حول الأمل بظهور المهدي"السفياني"الذي اصبح شعار الشاميون الذي سيعيد الملك فيهم ، فقد ذكر اصاحب التاريخ ان اول ثوره ضد الحكم العباسي ذكر فيها السفياني كانت على يد ابي محمد زياد بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية سنه ١٣٢هـ فقد خرج في حلب متلقباً بالسفياني ودعوه اليه اصحابه قائلين هو السفياني الذي كان يذكر...الطبري (٥: ١٣٢ )

بيد ان قادة جيش السفاح العباسي وضعوا حد لهذا السفياني بعد ان فشلت مهدية هذا السفياني ، اما ابي محمد هذا فقد اختلف الناس فيه بين قائلين ان النبوة قد تحققت .. بظهوره ، ومنكرين لذلك بقول على انتظارهم للسفياني الحقيقي (البدء والتاريخ ٢:١٧٧ )

وكلما ازداد ضغط العباسيين على بني امية واشياعهم كلما ازداد اعتقادهم بظهور هذا المنقذ"السفياني"فقد وضعوا احاديث بذلك تتماشى مع امانيهم فقد روى عن النبي في حديثه معرضاً ذكره لا أبناء بني العباس ( يكون هلاكهم على يدى رجل من اهل بيت هذا وأومأ الى حبيبة بنت ابي سفيان ) البدء والتاريخ ٢:١٧٦ فاستعمال حبيبة كان لابد منه، جرياً مع احاديث الشيعة من ان المهدي من ذرية فاطمة.

ولهذا كان المهدي السفياني كلما مات واحد منهم ظهر الاخر فقد ظهر سفياني علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية الملقب بابي العميطر في الشام سنه ١٩٥هـ وقد ذكر اب الأثير والطبري ان ابي العميطر ( دعا الى نفسة بالخلافة مدعياً انه السفياني المنتظر) وكان سيد قومه وشيخهم في زمانه ، بويع بالخلافة بدمشق زمن الأمين .

وقال الزبير بن بكار: كانت أم أبي العميطر ، هي نفيسة بنت عبيد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب ، فقيل : كان يفتخر ويقول : أنا ابن شيخي صفين..

أنا ابن العير ، وابن النفير ، ثم ينتسب

وقيل : إنه سألهم مرة : ما كنية الحرذون ؟ قلنا : لا ندري ، قال : أبو العميطر ، فلقبناه به ، فكان يغضب من ذلك فكان اول سفياني من حفيدة علي تزوج من حفيد يزيد، وكاد ان ينتصر لولا انقسام بني أمية الى حزبين سياسيين لكان لهذا السفياني شأن يذكر..

ثم ظهرت حركة المبرقع الملقب بالسفياني في فلسطين سنه ٢٢٧. وظهر في عهد المعتز العباسي لاحظ...أن بعض الثورات فی هذا العصر کانت للثأر..وطمع السلطه..من جانب اخر کان للأمویین‌ منزلة فی نفوس بعض الناس فقد زعم بعض أصحابها أنه أموی حتی و لو لم یکن کذلك نسبا، فان خروجه بسبب أن بعض جند الخلیفة داهم منزله و هو غائب للنزول فیه‌ و تعرض للنساء عند منعه من ذلک،فلما جاء أبو المبرقع قبض علی الجندی و قتله و لجأ إلی أحد الجبال و تقنع، هناك واخذ یظهر معایب الدولة و یزعم أنه أموی بل إنه السفیانی‌ المنتظر حتی اجتمع علیه خلق كثير من أهل تلك النواحی.

ولا داعي لان تذكر المصادر ان فلانا قد تلقب بالمهدي السفياني لان الخروج على الحكم وادعاء المهدية اصبح مترادفين فان كان علوي قد لقب بالمهدي وان كان أموي لقب بالسفياني .

وخرج سفياني اخر الملقب الموسوس في الشام سنه ٢٩٤هـ .

وسفياني اخر في طرابلس كما ذكره ابن الأثير، وبعد فشل الامويون المستمر كما فشل العلويون تركوا امر الخروج واخذو يغطون في احلام لذيذة تماماً كما فعل العلويون ،وأخذوا يضعون الاحاديث الكثيرة في فضائل بني امية بل يقول المسعودي انه راء كتاب في ثلاثمائه ورقة بعنوان ( البراهين في امامة الامويين ) في نشر في فضائل كل من عثمان بن عفان الى معاوية ويزيد ومروان ويتسع الى اكثر من ذلك بل يذهب الى من تملك في الاندلس من بني امية من ولد عبد الرحمن المقدم الى سنه ٣٤٥ ووصف كل واحد منهم في فضائل ومناقب وامور ربما استحق بها الامامة .

وادعى الاخبار المتواترة في ذلك ومجي الاستفاضة ،وعزى ذلك الى شيعة العثمانية ورجال السفيانية وأنصار المروانية معارضا اهل الامامة وهم جمهور الشيعة في النصوص ومستدلا على فساد أقاويل اصحاب الاختيار من المعتزلة والزيدية والخوارج والمرجئة والحشوية .

وآتي بمسائل ومعارضات على من ذكرنا والزامات وذكر أخبارا من اخبار الملاحم الآتية والأخبار الكائنة مما يحدث في المستقبل من الزمان والآتي من الايام من ظهور أمرهم ورجوع دولتهم وظهور السفياني في الوادي اليابس من ارض الشام في غسان وقضاعة ولهم وجذام وغاراته وحروبا ومسير الأمويين من بلاد الاندلس الى الشام وانهم اصحاب الخيل الشهب والرايات الصفر وما يكون لهم من الوقائع والحروب والغارات والزحوف .

( التنبية والاشراف ٣٣٦) وهذا الذي ذكره المسعودي عند الشيعة أضعاف منه عن دولة المهدي . بل قد اختلطت أحاديث المهدي .. بأحاديث السفياني.. وأحاديث أشراط الساعة ،اما خرافه السفياني فقد بقيت لحد القرن الرابع كما ذكر البيروني .

وفي ازدياد وتوسع وقد ذكر القرطبي في الجمع بين السفياني المخلص ( المهدي ) وبين السفياني الدجال ( عدو المهدي )

والنقل من بين الاحاديث التي وضعها الامويين عن هذا السفياني ،من انها ستكون فتنه بين الشرق والغرب والمعارك التي تكون بين المهدي والسفياني ، وما شبه ذلك والمشكله ان القرطبي يصدق بكل هذا الاحاديث التي يرويها، بل ليس القرطبي وحدة الذي يصدق ذلك اليوم هناك الملاين التي تصدق هذا الخرافات، ولم ينتهي امر السفياني الا بعد ان سقطت دولة بني العباس في ايدي السلاجقة ثم المغول .

حين لم يبقى داع الى النزاع بين الاحزاب الاسلامية لكن ظل الاعتقاد بوجوب ظهور مهدي عام وفكرة عامة بين الناس ( يملا الارض قسطا وعدلا ) و يحي الامة الاسلامية جميعا ويوحد كلمتها فهل يكون ذلك فعلا ومتى ياترى؟؟ وهل يكون على يد السفياني ام شخص اخر كالمهدي ام القضية كلها أسطورة لا تمت الى الواقع باي صلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دلالات عن المسلمين مخفية بسبب التقية ؟
س . السندي ( 2013 / 4 / 9 - 21:13 )
بداية تحياتي لك يا عزيزي نزار وتعليقي؟

1:ان فكرة المهدي المنتظر هى يهودية وهو السيد المسيح الذي حسب نبي الله أشعيا سيولد في المهد في بيت لحم اليهودية ، ومنها أتت التسمية ، ولما جاء السيد المسيح انقسم اليهود بشأنه فتبعه كثيرون كما كفره كثيرون ، وهو كذالك عند المسيحيين ولكنهم ينتظرون مجيئه الثاني لأنهم مؤمنين به أصلا نقلا عن حوارييه ؟

2: وفكرة المهدي المنتظر أخذها اتباع علي خاصة بعد ارتدادهم عن دين محمد بعد موته بدليل لم يسلم أحدا من أعمام الرسول غير العباس والبقية كفرهم محمد نفسه واتباعه ، ولما اشتد سيف أعداءهم بحقهم تظاهره بالإسلام ولكن في وداخلهم كانو نصارى ومنها شيعت عليهم بانهم من أصحاب التقية وما كثرة مذاهبهم الا للتغطية على ذالك ، والدليل الاخر وهو ظهور مذهب الشيعة النصرانية اليوم بقوة بعد وهن السيف السني واتساع أفق الحرية في العالم ؟

3: المعركة الفاصلة القادمة بين السنة والشيعة ستكشف الكثير من المخفي والمستور ، ولمن يريد المزيد حول حقيقة الشيعة النصرانية لمؤلفه أمير الموسوي ، هناك مقال حول الموضوع لازل بحوزتي ؟

اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين