الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توقير التماثيل - موضع نزاع

مجدى زكريا

2013 / 4 / 9
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


فى مكان ما من بولندا , يكاد رجل يكون جاهزا لرحلته. ولكن , لكن يجب ان يعتنى بعد بأحد التفاصيل المهمة. فيركع امام تمثال ليسوع , يصنع تقدمة , ويصلى لاجل الحماية خلال اسفاره.
وعلى بعد الاف الاميال , فى بانكوك , تايلند , يمكنكم ان تشهدوا المهرجان الاول للدورة السنوية البوذية , فى وقت البذر فى ايار , وخلال المهرجان , يحمل تمثال البوذا فى موكب ويطاف به فى الطرقات.
لا بد انكم تدركون ان توقير التماثيل , كما هو موصوف الان , واسع الانتشار. وحرفيا ينحنى ملايين الناس امام التماثيل. ولالاف السنين جرى اعتبار التماثيل طريقة مهمة للاقتراب اكثر الى الله.
ماذا تعتقدون بشأن استعمال التماثيل فى العبادة ؟ وهل توقير التماثيل صواب ام خطأ ؟ كيف يشعر الله بشأن ذلك ؟ وهل هناك اى دليل على انه يقبل عبادة كهذه ؟ ربما لم تولوا شخصيا اسئلة كهذه الكثير من التفكير. ولكن , اذا كنتم تقدرون امتلاك علاقة بالله , يلزم ان تحصلوا على اجوبة.
على نحو لا يمكن انكاره , لم يكن ذلك بالنسبة كثيرين مسألة يسهل حلها. وفى الواقع , كان ذلك موضوع نزاعات حادة وأحيانا عنيفة لالاف السنمين. على سبيل المثال , قديما فى السنة 1513 قبل الميلاد, دمر القائد العبرانى موسى تمثالا ذهبيا لعجل , وأعدم بالسيف نحو 3,000 رجل كانوا يوقرونه.
لم تكن المقاومة الشديدة لاستعمال التماثيل مقتصرة على اليهود. فقد حفظ المؤروخون العالميون القدماء اسطورة تاكموروب , حاكم فارسى يقال انه شن حملات شاملة ضد توقير التماثيل قبل موسى بمئات السنين. وفى الصين يذكر ان ملكا اسطوريا قديما اطلق هجونا عسكريا ضد تماثيل مختلف الالهة. وبعد ان دمرت التماثيل , ندد بتوقير الالهة المصنوعة من الطين بصفتها حماقة. وفى ما بعد , عندما كان محمد ما يزال طفلا , كان هنالك عرب يقاومون استعمال التماثيل فى العباد. ونأثيرهم فى محمد ساهم فى موقفه من الصنمية فى السنوات اللاحقة. ولكنه روج للعبادة الصنمية بتوقيره الحجر الاسود والطواف حول الكعبة.
وحتى فى العالم المسيحى , قاوم اشخاص دينيون بارزون للقرن الثالث , الرابع , والخامس بعد الميلاد , مثل ايريناوس , اوريجانوس , اوسابيوس الذى من قيصرية , ابيفانوس , وأوغسطين , استعمال التماثيل فى العبادة. ونحو بداية القرن الرابع بعد الميلاد , فى الفيرة , اسبانيا , صاغت مجموعة مكن الاساقفة عددا من القرارات المهمة ضد توقير التماثيل , فأنتج مجمع الفيرة الشهير هذا حظر التماثيل فى الكنائس واقامة عقوبات قاسية ضد عبدة التماثيل.
اعدت هذه التطورات الطريق لاحد اعظم النزاعات فى التاريخ : نزاع تحطيم الايقونات فى القرنين الثامن والتاسع : ويذكر احد المؤرخين ان هذا " النزاع المرير دام قرنا ونصفا , وسبب الما غير محدود " وأنه كان احد الاسباب المباشرة للانقسام بين الامبراطو الامبراطورتين الشرقية والغربية. "
شملت هذه الحركة ضد التماثيل نزع وتدمير التماثيل فى كل انحاء اوروبا. وجرى تنفيذ قوانين ىعديدة ضد التماثيل للقضاء على التماثيل فى العبادة. وصار توقير التماثيل قضية سياسىة حادة حملت الاباطرة والبابوات , القواد والاساقفة على دخول حرب لاهوتية حقيقية.
كان ذلك اكثر من مجرد حرب كلمات. تذكر دائرة معارف مطبوعات الكتاب المقدس اللاهوتية والكنسية , لواضعيها مكلنتوك وسترونغ , انه بعد ان اصدر الامبراطور ليو الثالث مرسوما ضد استعمال التماثيل فى الكنائس , كان ان الشعب " ثار بأعداد هائلة ضد المرسوم , والاضطرابات العنيفة , وخصوصا فى القسطنطينية. " صارت حادثة يومية. وأنتج التصادم بين البقوى الامبراطورية والشعب احكام اعدام ومذابح. وجرى اضطهاد الرهبان بوحشية. وبعد مئات السنين , خلال القرن ال16 , حدث عدد من المناقشات العامة فى زوريخ , سويسرا , فى قضية التماثيل فى الكنائس. ونتيجة لذلك , جرى سن قانون يطالب بنزع كل التماثيل من الكنائس. واشتهر بعض المصلحين بادانتهم الشديدة والعنيفة غالبا لعبادة التماثيل.
وحتى اليوم هنالك انشقاق واسع بين اللاهوتيين العصريين فى ما يتعلق باستعمال التماثيل فى العبادة. والمقالة القادمة ستساعدكم على تقييم ما اذا كان يمكن للتماثيل ان تساعد الانسان حقا على الاقتراب اكثر الى الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات