الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس تدوس الاحلام ايضا

الياس المدني

2005 / 4 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من لا يذكر بداية الشباب والحب الاول؟ من يمكن ان ينسى الفرحة والسعادة التي تعم القلب بانتظار اشراق بسمة الحبيب التي تزين الوجه المشتاق حينما تطل عيون الحبيب؟ وتلك اللمسة الاولى ودقات القلب التي ترفع حرارة الجسم حينما يجلس الحبيب الى جانبك. هكذا ربما كانت تفكر يسرى العزامي حينما كانت تخطط وحبيبها لحياتهما القادمة، بينما امواج البحر تداعب بلطف ومحبة رمال شاطئ غزة.
فتاة في الثامنة عشرة من عمرها الذي اختطفته فجأة طلقة صوبها احدهم الى رأسها من مسافة مترين اثنين. لم تسقط هذه المرة فتاة كل ذنبها انها ولدت لابوين فلسطينيين كما تعودنا في الفترة الاخيرة من تاريخنا الفلسطيني، بل سقطت لانها كانت عاشقة، لان ابتسامتها الجميلة لم تجد مكانا لها في عقلية القتلة ومنطق وايديولوجية من يقف ورائهم.
قتلت يسرى لانها كانت تحب الحياة، لانها كانت تخطط لمستقبل لها ولحبيبها ولابنائها القادمين على صدر فلسطين الطاهرة. هذه المحبة وهذه الخطط كانت اكبر من ان يتسع لها قلب القتلة الحاقدين وتفكير من اعطاهم السلاح.
قتلت فلسطينية بغير ذنب الا لانها ارادت ان تستمع الى حكايات خطيبها، الى احاديث عذبة واحلام وردية من انسان تريد ان تقاسمه الحلوة والمرة وان تعطيه اجمل ما يمكنها ان تقدمه الحبيبة لحبيبها.
ففي يوم 8/4/2005 قامت مجموعة تنتمي لحركة المقاومة الاسلامية حماس باعتراض سيارة خاصة في مدينة الشيخ زايد في غزة حيث اطلق احدهم النار من بندقية الى رأس الفتاة التي كانت تجلس الى جانب خطيبها فارداها قتيلة وقاموا بالاعتداء على الجثمان الطاهر بالضرب بالعصي وايضا على الخطيب وعلى اخوه واخت القتيلة لاعتقادهم بانهم كانوا يمارسون الجنس على شاطئ غزة ثم سرقوا السيارة وفروا من مكان الحادث الى ان اوقفتهم احدى دوريات الشرطة واستطاعت القاء القبض على اثنين من الفاعلين بينما فر ثلاثة اخرين.
ورغم نفي حماس البدائي لعلاقتها بالحادث الا انها عادت واعتذرت ببيان علني واعترفت بان مرتكبي هذه الجريمة ينتمون للحركة ولكنهم قاموا بهذه الجريمة بدون علم الجهات المعنية في قيادة حماس!!!!!! بهذا تعتقد حماس بانها غسلت يديها من دم هذه الفتاة البريئة فهل تستطيع حركة حماس بقدرة قادر على اعادة الحياة لهذه الفتاة او تستطيع ان تخفف من الم امها او حزن هذا الشاب الذي كان يقاسمها الاحلام؟
لا اعرف من عيّن حركة حماس وجيشها الشعبي لتكون حارسة الشرف كي ترسل ازلامها الى شاطئ غزة الذي يحب العاشقين لتنظيفه منهم. لا اعرف من اعطى حماس الحق لتكون رادعة الضمير كي ترسل شبيحتها الى قلوب العاشقين لتقصف اول نبضة حب وتقتله.
اقول لا والف لا! لستم حراس شرفنا ولا ناطور الضمير الفلسطيني، لم يعينكم احد قضاة ولا حراس ولجوز لكم ولا لاحد ان يدوس زهور العاشقين المقدسة.
أسائلكم امام الله بأي حق قتل رجالكم هذه الفتاة البريئة؟ بأي ذنب اغضبت مسلحيكم الذين بدون حق اعتدوا عليها وعلى رفاقها ومارسو نشاطات هي ابعد ما تكون عن مهمات النضال الوطني وابعد ما تكون عن عادات وتقاليد شعبنا وابعد ما تكون عن الدين الحنيف الذي تتخذون منه سترا لتخفوا ورائه تناقضكم الفكري والديني والعقلي؟
لستم قضاتنا ولن نسمح لكم ولا لسواكم بتخطي الحدود الحمراء بالاعتداء على ابناء شعبنا فلا يجوز لكم ان تصبحوا جلادين شعبكم المناضل.
اما الادعاء بالحفاظ على العادات والتقاليد فهو عار اقبح من ذنب. ادعوكم ان تعودوا الى مراجعكم العليا مما ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف المثبت، وتعلموا من موقعة الجمل وغيرها مما يذخر به تاريخنا العربي والاسلامي. اين تجدون ما يبرر منعكم للحب؟ اين تجدون ما يبرر هذه التصرفات الحمقاء والافعال الشنيعة؟ من قال انه لا يحق لخطيبين ان يلتقيا وان يتحدثا وان يخططا مستقبلهما وحياتهما القادمة؟ من قال انه لا يجوز لقاء حبيبين؟ من قال انه يحق لكل فرد ان يقتل الاخر لمجرد ظن او شك؟
اين تجدون في القرآن ما يمنع الانسان من الحب او العشق او ان يلتقي بمن يحب؟ اين تبرير ما تقومون به من ارهاب اجتماعي وفكري وهذا التناقض بين ما ورد في الدين الحنيف وبين هذه التصرفات الرعناء التي وصلت الى حد الجريمة البشعة؟
خلاصة كل الاديان هي الحب، حب الرب، حب البشر والطبيعة والمحيط والتأمل بما خلق الله لتعظيمه وفهم ارادته. ليس في الاديان ما يدعو الانسان الى كره الاخرين فهل ستفرضون انظمتكم وارائكم المتخلفة اجتماعيا والمتناقضة مع احكام الدين الحنيف بقوة السلاح الذي اردى اليوم زهرة اسمى يسرى العزامي؟
افيقوا ووحدوا الله وعودوا الى مصادر التشريع الاسلامي، تعلموا من تاريخ العرب والمسلمين. انظروا الى ما جرى في افغنستان والى ما يجري في ايران، هل هكذا تريدون فرض الشريعة السمحاء؟
لا اتحدث عن حادثة فريدة هي مقتل الشهيدة يسرى العزامي، بل اتحدث عن تصرفاتكم التي ما انزل بها الله من سلطان. لا يحق لكم ولا لاحد غير الشرطة الفلسطينية التعرض لخلق الله وهذا ايضا في اطار القانون لا على شاطئ غزة ولا غيره، فهذا حق وواجب الشرطة اذا ما نص القانون على ذلك، وليس واجبكم.
اذكركم بمقولة الفاروق عمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا؟" وللانسان الحر الحق في التنقل والتحرك والتصرف ولقاء الاخرين على شاطئ غزة ويحق لهم العشق والحب. يحق للانسان الحر بان يؤمن باطروحات ومقولات وايديولوجية لا تؤمن بها حماس ولكن ليس من حقه ان يفرض بقوة السلاح رأيه ويجبر حماس على التصرف بما يواقفه. وما ينطبق على الاخرين ينطبق ايضا على حماس فكلنا "سواسية كأسنان المشط" .
لنفرض جدلا ان فصيلا فلسطينيا اصدر قرارا يفرض حلق اللحى ومنع ارتداء العمامة (وهذه المسائل لم يرد فيها فرض على المسلم) فماذا سيكون موقف حماس؟ هل سنجد قادة حماس تقف بالطابور امام باب الحلاق لحلق لحاها؟ انه الموقف ذاته مثل تفتيش الشاطئ، مثل تسيير الدوريات المسلحة ليس لحماية المواطن انما لفرض عليه نظم محددة من التصرفات نظم تتوافق مع ايديولوجية حماس رغم انها تحد من الحريات الاساسية التي وهبها الرب للانسان.
لهذا كله اوجه ندائي الى الاخوة في حماس: ادعوكم باسم الحق ان تحترموا اراء الاخرين والا تعطوا انفسكم الحق باحتكار الايمان والحقيقة وان تأخذوا بالقوة ما لا يحق لكم. لا تجعلوا من انفسكم قضاة يحكمون بالباطل. الدين لله والوطن للجميع للمسلم والمسيحي واليهودي، للمؤمن والملحد، للعاشق وللحاقد، للشريف وللزاني، لستم انتم من يقرر من هو الوطني ومن هو المؤمن، لكل انسان عقيدته والرب وحده صاحب الحق بمحاسبته.
لكل مجتمع نظم وعادات وتقاليد تخضع لعملية تطور تاريخية منذ اللقاء الاول بين اول مجموعة بشري اي منذ بدء الخليقة الى يوم القيامة ولا يمكن لاحد ان يوقف هذه العملية لا بقوة السلاح ولا بفرض الارهاب الاجتماعي والفكري. الحكم هو قوة المنطق وليس منطق القوة.
يريد البعض ان يقنعنا بان هذه الحادثة فريدة من نوعها، لكنني اقول انها ليست حادثة، انها جريمة راحت ضحيتها فتاة بريئة كانت تقف امام نافذة المستقبل، فتاة من لحم ودم واحلام، ابنة لابوين فلسطينيين، حبيبة لعاشق فلسطيني، جريمة بشعة قام بها انصار حركة حماس الذين بهذه الطريقة كانوا يعبرون عن منطق حركتهم فمن اين حصلوا على السلاح؟ ومن كلفهم وباي حق بمهمة تنظيف الشاطئ من العاشقين؟ هل نحن بحاجة الى تجربة سرايا دفاع جديدة في فلسطين؟؟
تريد حماس ان تقنعنا بافكارها الديمقراطية وبانهم على قدر من سعة القلب لكي يحترموا اراء الاخرين ويحترموا اختلاف الرأي ويحترموا معتقدات الاخرين، وبانهم يسيرون على مبادئ الرسالة الاسلامية الحنيفة. كيف سيقنعني احد بذلك ولم تتسع قلوبهم لرؤية حبيبين ينجايان امواج البحر ويرسمان احلامهما على رمال شاطئ غزة؟ تلك الاحلام التي ان لم تمحها امواج البحر ستمحيها احذية جنود الاحتلال. بالله عليكم لا تجعلوني اقول وان لم تمحها احذية جنود الاحتلال ستدوسها ايديولوجية حماس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر