الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عميد أجرة وعميد ملاكى

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2013 / 4 / 11
التربية والتعليم والبحث العلمي



لعل القارئ يقف أو يجلس مندهشا أمام عنوان هذا المقال وتحاصره تساؤلات عديدة: ما هو المقصود بكلمة "عميد" التى وردت مرتين فى العنوان؟ فهل هى رتبة عسكرية أم منصب إدارى فى السلك الجامعى أم مكانة رفيعة فى شجرة العائلة؟ وما علاقة العميد بلفظتين شائعتين فى عالم المرور والسيارات (أجرة وملاكى)؟ ومن الذى كان يختار العمداء قبل الثورة وما هى معايير الاختيار؟ هذه هى بعض الأسئلة التى سنتطرق لها فى هذا المقال.

ليس المقصود بالعميد هنا تلك الرتبة العسكرية التى يتقلدها رجال القوات المسلحة والشرطة، وهى بالمناسبة رتبة كبيرة تليها رتبة اللواء. نقصد بالعميد ذلك المنصب الإدارى الذى يشغله أحد أساتذة الجامعة فى الكلية التى يعمل بها أو فى كلية ينتدب إليها والعميد هو بمثابة مدير تنفيذى لقرارات مجلس الكلية أو مجلس الجامعة. والجدير بالذكر أن اختيار العميد فى السابق كان يتم من خلال اقتراع سرى يقوم بعدها رئيس الجامعة باختيار العميد من بين الأساتذة الثلاثة الحاصلين على أعلى الأصوات غير أن التعديلات التى أدخلت على قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 أعطت لرئيس الجامعة الحق فى اختيار عمداء الكليات بشرط أن يكون تعيينه لمدة ثلاث سنوات إذا كان من أساتذة الكلية ولمدة سنة إذا كان منتدبا من كلية أخرى (مادة 43 من القانون المعدل).

والسؤال الذى لم يقترب منه أحد حتى الآن هو ما العلاقة بين العميد واللفظتين (أجرة وملاكى)؟ من المعروف فى عالم المرور أن تجديد رخصة تسيير المركبات يتوقف على كونها أجرة أو ملاكى. فترخيص السيارة الأجرة لابد من تجديده سنويا حيث تخضع السيارة لفحص فنى بينما يتطلب تجديد ترخيص السيارة الملاكى فحصا فنيا كل ثلاث سنوات. ووجه الشبه بين السيارة والعميد يصبح واضحا إذا نظرنا إلى قرارات تعيين العمداء قبل الثورة، خاصة فى جامعات المناطق النائية. ففى جامعة إقليمية كان رئيس الجامعة يقوم بتصنيف عمداء الكليات إلى فئتين: عمداء أجرة وعمداء ملاكى. لقد كان يصدر قرارات بتعيين عمداء كليات لمدة سنة واحدة رغم أن هؤلاء يعتبرون أساتذة عاملين فى كلياتهم. فهؤلاء العمداء باتوا يشبهون السيارة الأجرة التى تفحص سنويا. وكانت هناك أيضا قرارات تعيين لعمداء آخرين لمدة ثلاث سنوات. فى هذه الحالة فإن هؤلاء العمداء يمكن مقارنتهم بالسيارة الملاكى التى تجدد رخصتها كل ثلاث سنوات.

وفى الواقع فإنه لا يوجد مبرر لهذه التفرقة فى المعاملة بين الأساتذة ولاسيما أذا كانوا غير منتدبين من كليات أخرى ومن ثم فتنطبق عليهم المادة (43) ونصها كالتالى: يعين رئيس الجامعة المختص عميد الكلية أو المعهد التابع للجامعة من بين الأساتذة العاملين بهما لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. من الملاحظ أن رئيس الجامعة أى جامعة يخالف هذه المادة إذا قام بتعيين عميد الكلية تحت مسمى "مشرف" لمدة سنة واحدة من بين الأساتذة العاملين بها. لعل رئيس الجامعة الذى يفعل ذلك يقدم لنا المبرر الذى على أساسه يقوم بتعيين العمداء لمدة سنة واحدة وما هى الحجة القانونية التى يستند عليها. إذا لم تكن هناك مبررات قانونية لهذه القرارات فمعنى ذلك أن رئيس الجامعة لا يحترم القانون وأنه يتصرف كأنه مالك لجامعة خاصة. ربما لا يدرك مثل هذا المسئول أن هنالك مشاعر سلبية تتولد لدى هؤلاء الأساتذة الذى يعاملون كسيارات الأجرة وهذه المشاعر والأحاسيس تنبع من مصدرين أساسين: الأول يتعلق بإدراك كل منهم لحقيقة أن رئيس الجامعة يضعهم تحت الاختبار، فإذا فشل أحدهم فى إدارة أمور كليته فمن السهل تغييره بعد انقضاء العام الدراسى تماما كالسيارة الأجرة التى تستقلها للوصول إلى غايتك ثم تتركها وترحل بعيدا وتبحث عن غيرها إذا أردت العودة من حيث أتيت وهذا بالطبع مختلف عن السيارة الملاكى التى تعود إليها كلما أردت أن تنتقل من مكان إلى آخر. ومن المؤكد أن هذا الوضع يقدم عمداء مهزوزين يفتقدون إلى الثقة فى النفس حيث يتولد لديهم إحساس أن من حولهم يحيكون لهم المؤامرات ويسعون لاقتلاعهم من منصبهم. أما المصدر الثانى للمشاعر والأحاسيس السلبية فمرده إلى أنهم لقوا تمييزا فى المعاملة بينهم وبين الأساتذة الذين يعاملون كسيارات الملاكى التى يمتد ترخيصها لثلاث سنوات.
.
لعل القارئ يشاطرنى الرأى فى أنه ليس من الصواب التفرقة بين أساتذة الجامعة بهذا الشكل الفج لأن العميد الذى يشعر بأنه أقل شأنا من غيره لن يفيد الكلية ولن يتفرغ للنهوض بها بل ستلازمه مشاعر القلق وعدم الأمان بأن مقعده قد يختفى بين طرفة عين وانتباهتها. إذا كان لرئيس الجامعة أدنى شك فى قدرات العميد فيستطيع بسهولة تعيين عميد آخر . كما أن رئيس الجامعة يستطيع بسهولة أن يطلب من العميد تقديم استقالته إذا رأى ضرورة لذلك ومبلغ علمى فإن عميد أية كلية لن يتردد فى الإذعان لمطلب رئيسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف