الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس ردا على مصطفى ابراهيم

طلال ابو شاويش

2013 / 4 / 11
التربية والتعليم والبحث العلمي


ليس رداً على مصطفى إبراهيم !

أثار الزميل مصطفى إبراهيم على صفحته الإلكترونية قضية خطيرة بالأمس وأشار إلى زيارته لإحدى المدارس ولقائه بخمسين طالباً ولدى سؤالهم عما إذا كان أي منهم قد تعرض للضرب من قبل معلميهم خلال الشهر الماضي ، أجاب جميعهم بأنهم تعرضوا للضرب بالعصي أو الخراطيم أو اللطم على الوجه !!!
وتابعت الردود والتعليقات الكثيرة على ما نشر ، ومنها ما جاء منطقياً يعكس معرفة ودراية بما يجري في مدارسنا ، ومنها ما هو مجرد ردود فعل آلية عكست جهلاً تاماً بكل ما يجري في ردهات وكواليس العملية التعليمية / التعلمية في مدارسنا وهنا أود تسجيل جملة من الملاحظات أطرها للإفادة والمناقشة وهي حصيلة عقدين من الخبرة في هذا الحقل:
1- لا زالت المدرسة في نظر قطاع واسع من الناس ومن مختلف الشرائح مجرد مكان مهمته الرئيسية حشو أدمغة الطلاب بشتى أنواع المعلومات وليست صرحاً تربوياً مهمته الأساسية بناء الشخصية المتكاملة للإنسان والذي تمثل المعلومة جزءً منها والبناء على المعلومة لتحويلها إلى معرفة تبرز في الحياة.
2- فرق كبير بين مدارس وكالة الغوث ومدارس الحكومة على مستوى الرؤية والرسالة والأهداف ، وعلى مستوى التأهيل التربوي للمعلمين وسياسات برنامج التربية والتعليم المختلفة لدى الطرفين.
3- وكالة الغوث التي يتعلم في مدارسها المائتين وسبعين مدرسة أكثر من ربع مليون طالب من الأول الأساسي وحتى التاسع الإعدادي ، لديها سياسة واضحة تجاه قضية العقاب البدني أو اللفظي ، فهو ممنوع قطعياً ، وأي موظف ، مدير أو معلم يمارس هذا النوع اللاتربوي واللاحضاري من العقاب يتحمل مسئولية تصل إلى حد الفصل من العمل إذا ثبت ممارسته لهذا النوع من العقاب.
4- وفي المقابل، ففي مدارس الحكومة يُمارس العقاب البدني بصورة واسعة جداً وعنيفة جداً وهذه السياسة محصنة ومحمية من جهات عليا في وزارة التربية والتعليم وأي زائر للمدارس الحكومية يمكنه مشاهدة ذلك بأم عينه ، وقد تعززت هذه السياسة بعد الانقلاب بصورة واضحة ، إذ تبلورت رؤية جديدة أبطالها جنود الاحتياط الذين حلّوا مكان المستنكفين من المعلمين بعد الانقلاب وربما شاهد الجميع فيديو المدير الذي صفع الطالب على المنصة أمام الطلاب ! وهو نموذج عادي جداً في مدارس الحكومة.
5- أخطر ما يعصف بالتربية الحديثة الشاملة في مدارسنا ، هو الرأي الفقهي المستمد من الحديث " علموهم الصلاة على سبع واضربوهم على عشر!" إذ يرى أنصار العقاب البدني لأبنائنا أن هذه المقولة الدينية تبرر الضرب وممارسة العنف ضد الطلاب في المدارس وبالتالي تغيب البدائل التربوية الكثيرة التي يمكن توظيفها في التعامل مع الطلاب المشكلين لتعديل سلوكهم.
6- الملاحظ لانتخابات المعلمين في وكالة الغوث يدرك تماماً أن أكثر من 70% منهم هم من أنصار التيارات الدينية ، وهؤلاء هم الأكثر رفضاً لسياسة وكالة الغوث على هذا الصعيد ، والذي يعمل في هذا الحقل يلاحظ بأنهم الأكثر ميلاً إلى ممارسة هذا الأسلوب من العقاب ، وهذه حقيقة رأيتها بأم عيني وعايشتها في أكثر من عشر مدارس ، وربما يداعب هؤلاء شعورٌ بأن اتحادهم المنتخب والممثل لهم سيحميهم عند الأزمات !
7- هناك بدائل تربوية كثيرة ومتنوعة لو تم تفعيلها فسيتمكن المعلم وإدارة المدرسة من حل معظم المشكلات السلوكية لدى الطلاب وعلى رأسها مجلس الضبط المدرسي والذي يمنح المدرسة صلاحية فصل الطالب لمدة محدودة أو نقله إلى مدرسة أخرى وما يرافق ذلك من جهد لبرنامج الدعم النفسي وتنسيق وتواصل مع أولياء الأمور وجهات أخرى ذات اختصاص ، والأمور حالياً بدأت تسير في الاتجاه الصحيح إلى حد مقبول في مدارس الوكالة ، ولكن علينا ألا نشعر بالرضا عن النفس ، فالطموح أكبر بكثير مما نحن عليه حالياً !
8- العنف أصبح صورة نمطية في مجتمع غزة وهذا يؤثر بصورة فاعلة على سلوك الطالب وتوجهاته ... بدءًا من الأسرة فالشارع فالمسجد فالمدرسة وما بينها من تفاصيل ، وعليه فإن تجنب هذا الأسلوب العقابي المرفوض يحتاج إلى جهدٍ كبيرٍ ومتواصل من مختلف عناصر العملية التربوية بدءً من صانعي الفلسفة التربوية وانتهاءً بالطالب نفسه ومروراً بالأسرة والمؤسسة والمعلم والمدير والمشرف التربوي والمنهاج نفسه !

إنني أري أننا لن نتمكن من وقف هذا السلوك غير التربوي وغير الحضاري بقرار فوقي من مسئول هنا أو مسئول هناك ولا بالاستمرار في جلد المعلمين والتعريض بهم ، ولكن المطلوب عملية تفاعلية تربوية صعوداً وهبوطاً حتى تترسخ القناعة بأن ممارسة العقاب البدني واللفظي بحق أبنائنا أشبه بمن يصب البنزين على النار ، وإن التعاون لإبتكار أشكال وبدائل تربوية متجددة هو السبيل الأنجع لتعديل مسلكيات أبنائنا وتصويب مساراتهم في الأسرة وفي الشارع وفي الحياة برمتها !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه