الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل قَتلُ الإرهابيين يقضي على الإرهاب؟

منعم زيدان صويص

2013 / 4 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما شنّت منظمة القاعدة هجماتها الإنتحارية على الولايات المتحدة في 11 أيلول 2001، والتي أدت إلى تدمير برجي نيو يورك، كانت ردود فعل عامّة العرب والمسلمين على الحدث، في الأيام الأولى، مزيجا من الدهشة والإعجاب. الدهشه لأن هجوما كهذا، بذخيره آدمية، أمكن تنفيذه ضد أقوى دولة في هذا العصر، وأما الإعجاب فيعود إلى الشعور المستتر بأن هؤلاء الشباب قد ثأروا بطريقة ما للشعب الفلسطيني بسبب الظلم الذي وقع عليه، مع أن أحدا من التسعة عشر إنتحاريا أو من زعمائهم لم يذكر أو حتى يفكر بفلسطين أبدا، ومع أن القاعدة لم تؤذ إسرائيل في تاريخها. وكانت التنديداد بالهجوم، في البداية، تقتصر على الحكومات والدبلوماسيين، فهذه هي في الحقيقة وظيفتهم، ولا يخفى ان جزءا من الشعب العربي، وخاصة بعض الفلسطينيين، عبروا بوضوح عن إعجابهم بمن قاموا بهذه العملية غير المسبوقة، وجلسوا ينتظرون ليروا كيف سترد الولايات المتحدة، وربما توقع بعضهم أن تتعلم الولايات المتحدة درسا مما حدث ويبدأ الشعب الأمريكي بالضغط على الإدارة لتغيير سياستها تجاه إسرائيل لأن هذه السياسة ستجلب لها المتاعب، وبالتالي سيؤدي الهجوم إلى تخلي أمريكا عن إسرائيل.

وما أن انقشع غبار البرجين المنهارين، حتى بدأ الناس في جميع أنحاء العالم، وخصوصا في منطقتنا، باستيعاب ما حدث ومحاولة فهمه بهدوء، ورأوا كيف بدأ الناس في الشرق والغرب، وخاصة في أمريكا وأوروبا، يغيّرون نظرتهم للمسلمين. وبدأ المسلمون يشعرون بذلك تدريجيا، وعندها حاولوا ، ليس فقط التعبير عن معارضتهم لما حصل وانتقاد القاعدة وأفكارها، بل إن بعضهم بدأ، بتشجيع من أفراد معدودين على الأصابع في الغرب ذوي أجندات خاصة لا تمت للعرب والمسلمين بصلة ولا تؤيدهم أو تحترمهم، باتهام إسرائيل واللوبي الصهيوني في أمريكا وال (CIA) بتخطيط وتنفيذ العملية، للإيقاع، هذه المرة، بين الإسلام والغرب، كما قالوا، وذهبوا في سبيل إثبات ذلك مذاهب شتى. وترك هؤلاء الأفراد الغربيون بقية قصصهم للإعلام العربي ليجردوه من كل مصداقية. وكان من الممكن لبعض الناس في العالم الغربي وفي العالم العربي أن يتفهموا، أو حتى يصدقوا، هذه النظرية لو أن العرب والمسلمين عبروا عن شجبهم للهجوم بعبارات توضح بما فيه الكفاية أنهم فعلا ضد هكذا عمليات، أو أنهم فندوا، دينيا وبطريقة واضحة، معتقدات القاعدة وأسامه بن لادن. وبدل أن يعبر رجال الدين المسلمين عن أسفهم لأن هذا العمل قام به أبناء ديانتهم، قالوا ببساطة: "نحن لا نتتفق مع آراء منفذي العمليبه ومن يقف وراءهم، وإننا في الحقيقة نعارضم." ولكن هذا لم يكن كافيا أبدا، وخصوصا عندما قدم بعضهم ما يشبه التبريرات للهجوم.

لو كان هؤلاء فعلا يؤمنون أن إسرائيل او الصهياينة الامريكان أو ال (CIA) كانوا خلف الهجوم، وأن إعترافات بن لادن ومساعديه واحتفاله بنجاح العمليه على الفيديو كانت " فبركات،" غربية، لقالوا مثلا: "إن الذين خططواونفذوا هذه الهجمات لا يمكن أن يكونوا مسلمين حقيقيين وأن عمليات بهذه القذارة والإجرام لا يمكن أن يخططها وينفذها إلا إسرائيل والصهاينة ومن يؤيدونهم." هذه بعض التعابير المقنعة، فلماذا لم يستعملوا مثلها؟ وعندما كانت الولايات المتحدة تحشد قواها وقوى حلفائها للهجوم على أفغانستان كانت حركة طالبان تصرح عن عزمها على تحطيم تماثيل بوذا الضخمة. فذهب وفد من علماء المسلمين إلى كابل ليثنوا طالبان عن هذا العمل، وعندما رجع الوفد بخفي حنين، صرح رئيسه الشيخ يوسف القرضاوي لقناة الجزيرة في المطار بأن جماعة طالبان رحبوا بالوفد "وكانوا طييبن، وقلنا لهم نحن نتفق معكم في هذه المسالة ولكن التوقيت غير مناسب نظرا للظروف الحالية." فهل كان القرضاوي، ووفده المؤيد لتدمير التماثيل يتوقعون من طالبان، والحالة هذه، أن تستجيب لطلبهم بتأجيل الهدم إلى وقت مناسب وظروف أفضل؟

لقد كانت هجمات 11 سبتمبركارثية على العرب والمسلمين بجميع المقاييس وقد إستغلتها إسرائيل ومؤيدوها أبشع إستغلال، فلم تمض أيام قليله على هذه الهجمات، حتى بدأ اريئيل شارون باستفزاز الفلسطينيين حتى يقوموا بهجمات انتحارية ضد المدنيين داخل اسرائيل لكي يقول للحكومة الأمريكية انه يحارب نفس الإرهابيين الذين يحاربهم الشعب الأمريكي، وبالفعل فقد قال شارون ذلك لجورج بوش بالحرف الواحد. وكان لشارون ما اراد فقد ابتلعت بعض المنظمات الفلسطينية الطعم ونفذت عددا من العمليات الانتحارية، وعندها أمعن الجيش الإسرائيلي في تقتيل الفلسطينيين وتهديم بيوتهم امام الدنيا كلها، و بقي العالم، وخاصة الغرب، مشغولا بأحداث 11 سبتمبر ونتائجها، متناسيا، وحتى مبررا في بعض الأحيان، هذا التقتيل الإسرائيلي. أما الحكومات العربية فجبنت ودفنت رؤوسها في الرمال ولم تتخذ اي موقف صريح.

لم يخلّف الإرهاب للمنطقة سوى الدمار، كما يحصل الآن في العراق وسوريا والصومال وباكستان وغيرها من البلدان العربية والإسلامية، ولا يزال التعامل معه غير واضح لأن جهات كثيرة، كما يبدو، تستفيد منه. ورغم أن العرب يتهمون الغرب بالوقوف وراء هذا الإرهاب "لتدمير الأمتين العربية والإسلامية،" فلا نرى شجبا عربيا كافيا أو مقنعا له أو أية محاولة جادة لتجفيف منابعه. الحكومات التي تدعوا لمحاربة الإرهاب لا تركزعلى أسبابه وجذوره، بل تدعوا إلى قتل الإرهابيين، الذين هم في الحقيقة أدوات تنفيذية يحركها الذين ينظّرون لها والذين يدّعون أنهم يخدمون الإسلام. إن الإنتحاريين الشباب مقتنعون بما يفعلون وعندما يكون الشاب مقتنعا بما يفعل لدرجة أنه مستعد أن يموت دونه، فلا قوة في الدنيا تستطيع إيقافه. وما لم يُقض على أفكار منظري الإرهاب، ونحن نعرف العديد منهم، فسيتكاثرون بطريقة لا نستطيع ضبطها، وسيبقى القتل مستمرا وسنبقى نحرث في الرمال. إن المسلمين يجب أن يعترفوا بمسؤوليتهم عن هذه الأمور وبأنهم مقصّرون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قتل الإرهابيين لايقضي على الإرهاب.
أحمد حسن البغدادي ( 2013 / 4 / 13 - 02:40 )
هناك حل واحد فقط للقضاء على الإرهاب، وهو؛

إلغاء الآيات القرآنية المدنية، منها ؛( إقتلوا المشركين حيثما وجدتموهم.. التوبة ٥) وغيرها، والأحاديث الدموية لمحمد، منها؛ (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لاإله إلاّ الله وإن محمد رسول الله، فإن فعلوا عصموا عني دماؤهم وأموالهم) وحديثه للقريشيين يوم فتح مكة ( جئتكم بالذبح ).

وبدون ذلك، يبقى المسلمون يلعقون دماءهم كل يوم، وهم كذلك منذ مجيء محمد إلى اليوم، وإلى أن يعوا مدى ضرر تعاليم الإسلام على حياتهم وحياة الآخرين، وبدون ذلك لاتنفع قوة ولا لف ولادوران ولاتبريرات ولا إتهامات للآخرين، أي الدوران في حلقة مفرغة، وضياع مستقبل شعوب إسلامية بأسرها ولقرون.
أما الآن، فأعتقد إن العالم لن يسكت طويلا ً، وبدأ العالم يفهم الإسلام، ١١ سبتمبر لن يمر مرور الكرام، لأن هناك شيء في التحقيق لم يكتمل، وهو دوافع الجريمة، وكما قلت في مقالك، إن القاعدة لم تذكر فلسطين في مطالبها، بل تقول إلى اليوم، الجهاد ضد الكفار، وهو مطلب قرآني( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القتال وهو كره لكم....البقرة ٢١٦ )

تحياتي....


2 - سؤال و جواب
نور ساطع ( 2013 / 4 / 13 - 03:37 )

سؤال :- هل قَتلُ الإرهابيين يقضي على الإرهاب؟

جواب :- كلا ، طالما الأصل موجود


3 - ترويض النصوص
Amir_Baky ( 2013 / 4 / 13 - 05:44 )
يمكن لأى نص أن يفسرة البشر بعدة طرق. فيمكن لنص سياسي و يحث على الحروب أن يفهمه الإنسان من خلال فهم الحالة السياسية و المناخ الفكرى فى هذه الحقبة الزمنية. ويمكن لشخص آخر أن يفهمه أنه نص مقدس يصلح لكل زمان و مكان. فالحل فى نظرى إعدام الأفكار البالية الإجرامية فى فهم النص. العجيب أن الدول التى تسمى نفسها إسلامية هى التى أصرت أن نص كلمة قتل يساوى جهاد. و أصرت أن نص إنتحار يساوى عمليات إستشهادية و يتبارى الشيوخ فى تحفيز الشعب على الطائفية و الكراهية و القتل و تدمير المختلف و بعد تنفيذ هذة الجرائم يدعون أن الإرهابيين لديهم مشكلة فى فهم النصوص. هذا النفاق الذى أزكم الأنوف و هذا الكذب المفضوح يؤكد أن هناك إصرار على عدم إعدام الفكر الإرهابى.
ملحوظة: جميع مخابرات الدول العظمى تريد الإبقاء على الإرهابيين لإستغلالهم سياسيا فى العمليات القذرة. ولن يجدوا أفضل من الإرهابى المغيب دينيا لكى يقوم أتباعهم بالمنطقة بغسل عقول الشباب لتنفيذ ما يريده الغرب.. فالتبرير السياسي الذى تقدمة إسرائيل لإستمرار إحتلالها هم إرهابيين حماس. ومن إستغل المجاهدين فى أفغانستان لمحاربة الروس هم الأمريكان.


4 - وتكملة سوال وجواب
كنعان شـــــــــماس ( 2013 / 4 / 13 - 18:58 )
تحية يا استاذ منعم . الكل يعلم ان الارهابي لايزرع ولايحصد واذا كان مفلس جوعــان فوجوده مثل عدم وجوده . المجرم الحقيقي هو من يصرف عليه ويخدعه ويدفعه الى الانتحار . واظن سبب ابقاء الارهاب هو لتحريك الاقتصاد العالمي وطبعا هناك اسباب اخرى

اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب