الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحشة الفضاء!

علي شايع

2013 / 4 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لعلّ، أتم الصفات؛ تلك الواضحة، في شخص، يقول ما يفعل، وهو مكتف بفعله، كرسالة، لا يريد منها مجداً، أو وجاهة، لأن نعيمه الشخصي ليس فيها، بل بحسن خلق وتمام مناقب حسنة، وهي حسبه، وحسابه، وحياته وجنته. صفات كم ذا نتمناها لرجل الدين، فالطموح الآن بوجود رجل تقوى وعلم وصاحب دين، في زمن فشل ديني واسع عبر كل وسائل الإيصال البشري، حيث تعم ظواهر بث الفتن، ضجيجاً بين الأرض والسماء، وبفوضى عارمة تحتاج أن يميز الخبيث من الطيب فيها، حتى لا تكون للناس حجة على أهل الدين الحق؛ ممن يعبدون ربهم، ويكسبون الخلق إليه بفضائل لا سبيل إليها إلا بالاستقامة، وعنوانها الامثل لديهم؛ الإيمان.

يوم أمس اطلعت على محاضرة للمرجع الديني السيد كمال الحديري تستحق كل ثناء العارفين، ولا محل هنا لإطراء لن يحتاجه هذا السيد صاحب الأتباع والمنهج، وإذ أشهد له بمصداق فعل وقول، فلست من المادحين لهواً أو طمعاً، لأن الرجل لا يحب اللاهين، و ليس فيه من مقصد للطامعين بغير المعرفة والاستشراف والفائدة.
أحييه على كثير من طروحاته، وأحييه على وجه الخصوص، وهو لا يستثني في لوم صنّاع الفتنة بين الشيعة والسنة، من الطرفين، عبر قنوات فضائية عنونها بمحرضات الجهل. وكم كان هذا الرجل مثالاً رائعاً على الاعتدال وهو يشير بعمق ووضوح لقضية نبذ الفتنة، ويحيل كل متابع لمحاضراته وتوصياته وكتبه، إلى سيرة الأئمة الخالدين في ذم ونبذ التساب والتشاتم، أو إهانة مقدسات الآخرين والحط منها. وكم أعجبني هذا الرجل المتيقن الجليل، مرشداً، من يوجه لهم الكلام، من شباب (الشيعة) تحديداً، ليحثهم على أن يكونون دقيقين في النظر إلى وصايا إمامهم السادس( الصادق)، لحظة يأمرهم بها، فيقول أحدهم كنا نعلقها في مساجدنا حتى إذا انتهينا من الصلاة عكفنا على مراجعتها. الحيدري يقول عن تلك الوصايا كما لو إنها خارطة طريق في الحياة والسلوك، يتمناها اليوم كل مسالم محب للخير، ويقرأ بعضاً من تلك الوصايا ممعناً بتفسيرها، وبشكل دقيق ومنهجي، مبيناً، قيمتها، وميزانها، في التطبيق لدى الناس، ساعة يلحّ الإمام بمتاركة حتى الأعداء وعدم مواجتهم باللعن والشتم. فيتسائل الحيدري: من ذا يجد الآن حرمة سب العدو، حتى وإن بدأ هو بالسباب والشتم، فالدعوة إلى الرب مشروطة بالحكمة والموعظة الحسنة؟. من ذا يتّبع إمامه؟. ومن ذا سيسمع كلمات المقاتل العادل علي بن أبي طالب، في طريقه إلى معركة صفين، مستنكراً على قوم من أهل العراق يسبون أهل الشام (وهو ذاهب لمواجهة جيش معاوية -من الشاميين- وقتالهم، مكرهاً)، قائلاً لهم: "إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبِّكم إياهم: اللهم أحقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغيِّ والعدوان من لهج به"؟!.

اعتراضات وأسئلة يسوقها السيد الحيدري كمرجعية دينية رشيدة، تنقّي التراث، وتبحث في أدق التفاصيل الإنسانية، وبموقف يحتاج إلى كلمة عرفان وإنصاف. موقف يكشف سرّ الأقنية المبثوثة في فضاء مشحون بالعسف الطائفي والشتم، كل قناة فضائية من هذا الطرف يواجهها قناة من الطرف الآخر، لا هم لها سوى الترامي باللعنات، والتنابز بالتهم. قنوات تصرف لها الملايين، وتستهلك عقولاً وأزمنة. موقف الحيدري المسؤول يدلّ على إن الوعي الحقيقي سيبقى منفياً، ومطروداً، القابض فيه على حقيقة التزامه، كالقابض على الجمر، والسائر فيه مستوحش الأمل، لأنه قليل مع السالكين. موقف يأتي في زمن موحش بمدّ ديني مكروه القسوة والإجحاف، ومدد إعلامي، وسيلته العنف، لفظاً، وفكراً، وسلوكاً، يزيد من وحشة الفضاء!.

=======================
الموقف من سب واهانة مقدسات الآخرين!
http://www.youtube.com/watch?v=f6rkvKnQ29k&feature=youtube_gdata_player








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة