الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة الى الليبراليين العرب ومؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي

سردار عبدالله

2005 / 4 / 14
المجتمع المدني


يمر عالمنا اليوم بلحظة تاريخية ومصيرية حاسمة, هذه الانعطافة الكبيرة تظهر وتترك اكبر آثارها على منطقتنا بالتحديد. اننا نترك حقبة سوداء بكل مرارتها وكوارثها وندخل في حقبة اخرى يبدو انها تميل الى تكون اقل قسوة واكثر اماناً وانفتاحاً, ولكن قد تكون اشد قسوة ومرارة واضطهاداً ايضاً اذا لم يتم الاعداد لها بطريقة تضمن اكبر مساحة ممكنة من الحرية والديمقراطية والعدالة والانسانية. فبعد كل حرب كبيرة, وعند نهاية كل حقبة مظلمة كانت الاجواء تمتلئ بالتفاؤل والآمال الكبيرة في بناء عالم جديد اكثر امنا وسلاما وعدالة, لكن الحروب والفظائع الانسانية التي كانت تنتشر على رقعة هذا الكوكب المحكوم بالحياة والموت في آن واحد, سرعان ما كانت تنسف هذه الاحلام الجميلة وتحيلها الى مجرد ركام, ليظل الامل محبوساً في صندوقه الازلي مطلقاً صيحته الشهيرة الازلية – الابدية (اخرجوني انني انا الامل). بعد الحرب الاولى وفي محاولة لتأسيس مؤسسات وآليات عمل دولية تعمل من اجل تحقيق العدالة والحفاظ على السلام, تأسست عصبة الامم.. ثم جاءت الحرب الثانية لتكشف سراب الاحلام وتسقط الاقنعة التي تجسدت في سقوط المنظمة الدولية لتتأسس على انقاضها منظمة الامم المتحدة التي لم تكن في يوم من الايام اسما على مسمى, ولم تكن في يوم من عمرها الطويل منظمة للأمم, بقدر ما كانت اداة لتشريع قمع الامم المضطهدة والمغلوبة على امرها.
اليوم يمر كوكبنا الملتهب بنفس تلك اللحظات الانتقالية, وبذلك اصبحنا امام لحظة استحقاق سقوط المنظمة الدولية التي فشلت في اداء دورها التاريخي وتأسيس منظمة جديدة. وعلى مايبدو فإن سيناريو التغيير سوف يختلف قليلا, هذه المرة – على الاقل في الشكليات – فالكلام اصبح يدور في اروقة الدبلوماسية الدولية وعواصمها المختلفة حول اجراء اصلاح داخل منظمة الامم المتحدة وليس حلها وتأسيس منظمة جديدة.. وقد سارع الامين العام للامم المتحدة الى اعلان خطة لاجراء هذه الاصلاحات. تأتي هذه العملية في خضم الحرب على الارهاب وتزايد الكلام عن الاصلاح السياسي والاقتصادي واقامة الديمقراطية وتمكين المرأة, وكذلك ازدياد دور قوى الاصلاح والمجتمع المدني الحر والحقيقي في منطقتنا. ان مشكلتنا نحن الداعين الى الاصلاح هو ان قوى التخلف والاستبداد والديكتاتورية في منطقتنا متحدة وهي متراصة في جبهة واحدة حتى وان كانت هذه الجبهة غير معلنة, بينما نحن حتى الآن لا نعرف بعضنا البعض.. هم الغارقون في هوياتهم الاصولية القومية والعرقية والمذهبية, يتركون خنادقهم للحظات ليدخلوا خنادق اقرانهم مطمئنين, لأنها وان اختلفت على مستوى اللغة والعرق والدين فإنها لن تختلف بشيئ من حيث الجوهر.. وهي حاملة لنفس الخطاب والآليات و(القيم).. بينما نحن لازلنا خجولين مبتعدين عن بعضنا البعض لانجرؤ بعد على ترك (خنادقنا) لنعمل مع بعضنا البعض على خلق عالم جديد يليق بالانسان. شئنا ام ابينا معركتنا هي هي واحدة في كل بقاع العالم المختلفة.. واي فشل يصيب اهل الاصلاح والتغيير في اية بقعة من كوكبنا ينعكس بصورة سلبية علينا كلنا, وفي المقابل فإن اي انجاز يتحقق, يقرّبنا اكثر فأكثر من الوصول الى تحقيق الاهداف النبيلة التي ندعو اليها. وباختصار شديد فإننا بعد سقوط القناع عن الاممية الزائفة والقمعية التي كانت تدعو اليها الانظمة (الاشتراكية) الشمولية , وكنا وكانت شعوبنا ونخبنا منخدعة بها حتى النخاع, بات علينا ان ندرك بأن العولمة بكل تأثيراتها الهائلة على حياة البشر والشعوب والدول قد خلقت الارضية لتحويلنا الى مواطنين عالميين, نتشارك في السراء والضراء شئنا ام ابينا.
ان الزمن يسير باسرع مما نتصور ولذلك يجب ان نحث الخطى باتجاه التصدي لمسؤولياتنا الاخلاقية والمعرفية والسياسية والانسانية, فنحن مسؤولون امام شعوبنا وامام الانسان وامام التاريخ. وباختصار شديد يمكن ان تلعب المنظمة الدولية دورا محوريا ومصيريا في عملية بناء عالم اكثر عدلا واكثر امنا كذلك , ولو تحقق هذا المطلب فإننا سوف نقطع الطريق على انظمتنا وقوى التخلف والاستبداد في مجتمعاتنا, نقطع عليها طريق المناورة والتهرب من استحقاقات الاصلاح والديمقراطية بحجة الحفاظ على الاستقلال والسيادة وعدم الرضوخ للضغوط الخارجية, وعليه يجب العمل على بناء منظمة دولية انسانية وحقيقية فعالة, وعلى عكس المنظمة الحالية التي كان الاجدر تسميتها ب(منظمة الحكومات او الدول المتحدة) يجب ان تكون المنظمة الجديدة منظمة لبني البشر ولشعوب الارض واممها واقلياتها المضطهدة اولاً ,ثم يكون هدفها التالي من حيث الاهمية هو الحفاظ على الامن والسلم الدوليين, وقد بطلت اسطورة السلام الزائف القائم على القوة وقمع الامم والاقليات المضطهدة, فكانت الحقبة الماضية حقبة مخجلة بامتياز.. وظهر باديا للعيان بأنه لايمكن ان نحلم بالوصول الى السلم والامن الدوليين, ولايمكننا ان نتحدث عن عالم كثر امناً, إلاّ اذا عملنا قبل ذلك على بناء عالم اكثر عدلاً. وباختصار شديد اذا تركت مهمة اصلاح المنظمة الدولية بيد هذه النخب السياسية التي ينتمي في غالبيتها الى حقبة العقائد الشمولية الكارثية وتتباكى على ايام القمع الخوالي التي كانت المنظمة الدولية تلعب وبامتياز غريب دور توفير الغطاء الشرعي للتغطية على عمليات القمع وجرائم التطهير وحروب الابادة الجماعية والفظائع التي كانت ترتكب بحق الانسانية والامم والاقليات المضطهدة وعلى مرأى ومسمع من المنظمة الدولية ومسؤوليها.. اذا تركت هذه المهمة الخطيرة بيد هؤلاء فيجب ان نقرأ على الدنيا السلام. من هنا اقترح عليكم وادعو الى تواصل اكثر فعالية, في البدء, يمكن ان نكتفي بإصدار بيان موجه الى زعماء العالم وكذلك الى رأس المنظمة الدولية المتمثلة بأمينها العام وكذلك مجلس الامن الدولي, نحشد له اكبر الدعم والتأييد والتواقيع من قبل جميع مثقفي العالم وبدون استثناء لدولة او شعب من الشعوب, وخصوصاً المثقفين من شعوبنا ودولنا في الشرق الاوسط, على ان يكون البيان مجرد البداية لإعلان موقف واضح مما يجري, تليه جملة اجراءات يمكن ان تعمل مجموعة عمل خاصة ومتنوعة على صياغتها في هيئة مشروع متكامل, واقترح كبداية العمل على عقد مؤتمر يضم النخب المستنيرة وصاحبة الشأن والقرار من امم منطقتنا المتنوعة لاقرار الصيغة النهائية التي نراها تليق بشعوبنا واوطاننا, فلا يجب ان نترك الآخرين يمسخون مفهوم الاصلاحات الى مجرد تغييرات شكلية تطال الهياكل, ان الاصلاح يجب ان يستند الى فلسفة انسانية عادلة تؤمن وتضمن الخروج بآليات عمل وهياكل عملية تخدم قضية الحرية والعدالة والديمقراطية والسلام على سطح كوكبنا.. وقد ينبثق عن هذا المؤتمر آليات اكثر فاعلية تعمل على ردم الهوة بين المثقفين والنخب من دول المنطقة وشعوبها المختلفة, بغية الوصول الى تحقيق الهدف الاسمى الذي هو ردم الهوة بين شعوبنا, والمساهمة في خلق جو يؤدي الى الايمان الراسخ بالتعايش السلمي والتسامح والاخوة الحقيقية.
انني ايها الاخوة, اسمح لنفسي بأن اعرض عليكم هذا الامر, تاركاً لحكمكتكم وخبرتكم وسعة افقكم التي اتشرف بأن انهل منها كل يوم مايعينني من علم ومعرفة.. اتخاذ ما ترونه مناسبا وعمليا في آن واحد, بما في ذلك صياغة البيان وكذلك الافكار العملية لعقد المؤتمر الذي طرحته عليكم , ان رأيتم ذلك ممكنا وعمليا, اتمنى ان تمنحوننا الفرصة للتعلم منكم, وان تشرفونا بأخذ المبادرة للقيام باداء هذه المهمة النبيلة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كم عدد المعتقلين في احتجاجات الجامعات الأميركية؟


.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين




.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في


.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال




.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال