الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصيبة اسمها : الجهل.

مهدي الحبشي

2013 / 4 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في وقت يحتد فيه النقاش الوطني حول سبل انقاد المغرب من أزمة مالية خانقة، و من انهيار اقتصادي بات يلوح في الأفق، و حول وسائل إصلاح التعليم و الحث على القراءة و تحصيل المعرفة قصد تكوين جيل جديد من المواطنين المثقفين الواعين و القادرين على المساهمة في رقي البلاد و المجتمع. و في ظل المسيرات و الوقفات الاحتجاجية التي تنظم كل مرة قصد المطالبة بتنزيل فعلي لمضامين الدستور الجديد، و ترسيخ قيم حقوق الإنسان و الكرامة و الحرية و ضمان العدالة الاجتماعية، و المطالبة بتفعيل و الحرص على السير السليم لقافلة الانتقال الديمقراطي ... لا يزال يعيش بيننا بعض أشباه الكتاب ممن يصطادون في الماء العكر، و الذين سوغت لهم أنفسهم و عقولهم الرجعية غض الطرف عن كل هذه المصائب السياسية و الاقتصادية و التي تكاد تتسبب في زلزال مجتمعي للبلاد، و اختاروا عوض ذلك التطرق لأمور أضحت متجاوزة و أصبح العمل بها كونياً. فمنهم من لا يزال يتساءل عن الديمقراطية أهي حلال أم حرام ؟ و عن الميثاق العالمي لحقوق الإنسان أ يتوافق مع الشريعة أم لا ؟ و آخرون همهم الأول و الأخير هو تكفير الليبرالية و الاشتراكية و العلمانية و كل ما جاد به التنظير العلمي و الاجتماعي في العصور الحديثة، و تجده قد يختلف في بعض النقاط مع مرجعيتهم الفكرية التي توقفت عن الإنتاج منذ أزيد عن 14 قرنا، إلا من شيء من الهرطقة و التخاريف الجنسية و الإرهابية التي لا تمت للدين بصلة.

هؤلاء، يساهمون بتصرفهم هذا في تخدير أفراد المجتمع و إلهاءهم عن مشاكلهم الحقيقية و عن الأخطار الفعلية التي تتربص بهم، و يشوهون سمعة الكاتب الصحفي و يعتدون على حرمة الناقد، هذه المهنة الشريفة التي قادت مجتمعات إلى الرقي و الازدهار، يبدوا أنها في طريقها لتقود مجتمعنا المغربي إلى الانهيار.

و كما تخصص العلماء و المنظرون و النقاد في العالم المتقدم، كل في مجال معين، فذاك في علم الفلك و آخر في علم السياسة و غيره في الاقتصاد... اختار " علمائنا " و " نقادنا " المحترمون هم الآخرون التخصص، فبين علماء الإرهابيات و دكاترة علم الجنس و النكاح، ظهر في مجتمعنا نقاد ذوو صيت عال في علم " تحقير المرأة "، نظرياتهم تتراوح بين من يرفض خروجها للشغل و المساهمة بدورها، باعتبارها تشكل 50 بالمائة من المؤهل البشري للمجتمع في تنمية هذا الأخير، و آخر يرفض بالأساس تعليمها و غيره يرى في الاختلاط بين الرجال و الناس في مرافق الدولة العمومية سبباً لكل مصائب و معضلات المجتمع، و ذاك ينظر إلى الصداقة بين الجنسين على أنها سبب الأزمة الاقتصادية، كما يرى عباقرة آخرون أن في مساواة الرجل بالمرأة رأساً لأفعى الفساد و الاستبداد و الدكتاتورية.

و اذا كنا على استعداد لتقبل الأمر من هؤلاء الفلاسفة، الذكور، باعتبار أن وضعية النساء في مجتمعنا، قابعات تحت الرجال هي من مصلحتهم بحكم انتماءهم للمجتمع الذكوري، فما يحز في الخاطر و يؤرق مضجع المتأمل هو ظهور " عالمات " تخصصن في علم تحقير و استعباد المرأة ذاك، كأنهن يعانين من "متلازمة ستوكهولم" لدرجة صرن يعشقن وضعهن المزري بل و يدافعن عنه و يعتبرن كل أنثى ثارت على العبودية : فاسقة و ظلامية و خارجة عن الملة و عن الصراط المستقيم. و من أوساط هؤلاء خرجت لنا عالمة زاهدة متفلسفة، أطلقت على نفسها اسم " المدافعة عن وسطية الإسلام " و هي أبعد ما يكون عن الوسطية و مقالاتها تدل على سفاهة مستفحلة أقرب ما تكون إلى الجاهلية منه إلى الإسلام. هذه الراهبة تعتبر اشتغال المرأة عاراً على المجتمع، و نسيت أنها تكسب دخلها من عملها في صحيفة الكترونية مغربية، و ترى فيلسوفتنا هذه، أن الاختلاط في المدارس بين الجنسين سبب مباشر للتخلف، بعد أن قامت بدراسة ميدانية تبين لها من خلالها تخلف كل الدول التي تسمح بالاختلاط من قبيل : اليابان و الولايات المتحدة و المجتمع الأوروبي. في حين لم تجد من الدول التي تحرم الاختلاط إلا التقدم و الرقي و الازدهار و لنا في أفغانستان و باكستان و السعودية ... خير مثال. و بما أن هذه الشخصية الثورية ترى في ضرورة استظلال المرأة بظل الرجل حلاً لكل الأزمات، فما الذي يدعوها لوضع صورتها في مقدمة كل مقالاتها ؟ الم يكن يفترض بها وضع صور زوجها أو عشيقها ؟ بل أليست المدرسة الفكرية التي تدعي الانتماء إليها تحرم وضع الصور بالأساس ؟ أليست هذه المرجعية هي التي تعتبر كل امرأة تزينت أو تعطرت و فتنت بذلك الرجال هي زانية ؟ فكيف لها أن تطل علينا في كل مرة بتلك الصورة التي تفضح استخدامها لمواد التجميل ؟ و بتلك النظرات المتوهجة التي لا يمكن إلا أن " تفتن " الذكور على حد تعبيرها و تعبير من تنتمي إليهم بفكرها ؟
بل الأغرب من ذلك أنها تنظر إلى حقوق المرأة و إلى مساواتها بالرجل نظرة دونية و تسفيه، و لا زلت للآن لا أدري لولا هذه المواثيق و الحقوق التي دعت إلى المساواة بين الجنسين، كيف كان سوف يمكن لها، هي بنفسها، أن تحصل على منبر إعلامي تعبر فيه عن آراءها بكل حرية ؟ تماماً مثل كل الرجال دون أن يتهمها احد بالفسق و الفجور و الزندقة... أو أن يوضع رأسها تحت مقصلة الإعدام كما يحصل لكل الناشطات الحقوقيات و الناقدات في دول التخلف الوهابي.

انه لمن المؤسف فعلاً أن نرى إناثاً يقفن حجر عثرة أمام الحصول على حقوقهن، و يدافعن عن العبودية تحت أقدام مجتمع إقصائي، و أن لا يؤمن نصف المجتمع بأن له دوراً لا يقل أهمية عن دور النصف الآخر في تنمية المجتمع و ذلك في إطار علاقة تكاملية ، ألم تسمع نسائنا عن " ديدون " المرأة التي أسست أول دولة-مدينة في شمال أفريقيا ؟ أو عن "زنوبيا" ملكة تدمر التي قاومت الإمبراطورية الرومانية على عظمتها و دعت في سالف العصر و الأوان إلى وضع برلمان يمثل الشعب في السلطة ؟ ألم تقرأ إناثنا عن المجتمع الأمومي ما قبل التاريخ ؟ و الذي كانت النساء الحكيمات من يتكلفن فيه بإدارة شؤون العشيرة و توزيع الثروات... مجتمع لا يزال لحد الساعة يضرب به المثل في العدالة الاجتماعية و المساواة و يضرب في نفس الوقت بعرض الحائط، كل من يحاول احتقار المرأة و اعتبارها مجرد " عورة " أو ذات عقل ناقص... نأسف جداً لوجود أمثال شبه الكاتبة هذه التي تسيء للمرأة و للمجتمع المغربي، و لكن ما عسانا نفعل ؟ الا أن ننهي الكلام بالمقولة الشهيرة و التي يبدوا أنها تنطبق عليها و على كل معاديات التحرر النسائي : " لو أمطرت السماء حرية، لأخرج العبيد المظلات ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محللون: كشف زيف مزاعم العنف الجنسي في السابع من أكتوبر سيغير


.. شاهد: -عشر ثوان من الرعب الحقيقي-.. هكذا تصف امرأة من أيوا ل




.. تحقيق لأسوشيتد برس يكشف أن روايات عن العنف الجنسي التي اتهمت


.. ندوة لدعم وتعزيز مشاركة المرأة في العملية الانتخابية




.. عتيقة الورديني وهي زائرة للمعرض