الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهذيب الذكورة في مصر وأمريكا

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2013 / 4 / 14
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



لم تكن تطربنى كلمات الغزل التى يصبها الرجال فى آذان النساء، كنت أصد عيون الذكور النهمة دائما لما يسمونها الأنثى، كلمة أنثى ترن فى أذنى نابية مثل كلمة ذكر، «ذكر- أنثى» هذه أوصاف الحيوان وليس الإنسان، كانت أمى تقول لى منذ الطفولة: المهم العقل مش الشكل. كلمة جميلة ترن مهينة فى أذن أى امرأة ذكية متفوقة مبدعة فى عملها، كاتبة أو شاعرة أو طبيبة أو فلاحة أو وزيرة أو رئيسة وزراء أو رئيسة دولة.

فى مؤتمر أدبى قال أحد الرجال لامرأة: أنت جميلة يا سيدتى أجمل من أن تكونى كاتبة، ابتسمت المرأة للرجل فى سعادة دون أن تدرك الإهانة، مما أكد أنها فعلاً لا يمكن أن تكون كاتبة أو ذكية.

باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، تم اتهامه هذا الشهر بالتمييز العنصرى الجنسى لأنه قال عن وزيرة العدل فى ولاية كاليفورنيا إنها جميلة، اضطر أوباما للاعتذار عن لغته الذكورية، قال المتحدث باسم البيت الأبيض إن أوباما اتصل بالوزيرة (كامالا هاريس) واعتذر لها بسبب الضجة التى أثارتها كلماته، وما سببته من تشتيت الانتباه عن كفاءتها والتقليل من ذكائها ونجاحها فى عملها، وأنه (أوباما) يدرك تماماً الصعوبات التى لاتزال تعترض النساء الأمريكيات فى أماكن عملهن، ويؤكد أنه يجب ألا نحكم عليهن بالمظهر أو الشكل.

بعض النساء الأمريكيات نقدن لغة أوباما الذكورية، وسألته إحداهن (اليكساندرا بيترى) متى يوجه الرجل نظره إلى جسد المرأة ويصفها بالجميلة؟ وقالت (ميكا برزيزنسكى) إن أوباما أخطأ فى وصفه الوزيرة بالجميلة، لأن الواجب إبراز كفاءة المرأة فى عملها وليس شكلها أو مظهرها، سبق لأوباما أن وقع فى هذا الخطأ ووصف نساء بالجمال رغم أنهن متفوقات فى عملهن وذوات كفاءة عالية، ما أثار انتقادات المدافعين عن حقوق المرأة الأمريكية.

قالت فتاة مصرية: كلمة جميلة نوع من التحرش الذكورى بالنساء، فالتحرش يكون بعين الذكر كما يكون بيده. قالت فتاة أخرى: والعين قد تؤلم أحياناً أكثر من اليد. اعترضت امرأة وقالت: التحرش باليد انحطاط أخلاقى أما انبهار عين الرجل بجاذبية المرأة فهو نوع من تذوق الجمال أو نوع من الفن. صاحت الفتاة الأولى: لا، لا، المرأة ليست جسداً معروضاً لعين الذكور، وسألت إحدى الشابات: ألا تتحرش عين المرأة بجسد الرجل أيضاً وتقول عنه جميلاً أو جذاباً؟ طبعاً، لكن وضع المرأة يختلف، يتربى الرجل من الطفولة على التحرش بالمرأة، كلمة رجولة تعنى القدرة على التقدم والاقتحام والعنف، إنها التربية الذكورية فى مصر وأمريكا وكل العالم، ومن يقوم بهذه التربية؟

الأمهات والآباء يربون الولد ليكون رجلاً مليئاً بالرجولة، بالذكورة، علينا تغيير عقلية الأمهات والآباء إن أردنا تهذيب عيون الذكور

وأيديهم فلا تمتد وتتحرش بالنساء، علمتنى أمى وأبى أن أحترم عقلى ولا أعتبر نفسى مجرد جسد يتجمل لإرضاء الرجل، كما تعلم أخى أن يحترمنى ويعتبرنى مساوية له فى كل الحقوق والواجبات، إذا احترم الرجل أخته وأمه فسوف يحترم زوجته وزميلته فى العمل وكل النساء.

كيف نغير عقلية الآباء والأمهات؟ بتغيير عقلية البنات والأولاد منذ الطفولة، وكيف نحقق ذلك؟ بثورة فى التعليم والتربية تقوم على العدالة والحرية والكرامة والمساواة الكاملة بصرف النظر عن اختلاف الجنس أو الدين أو الطبقة أو غيرها، هذه مبادئ الثورة المصرية؟ لكنها لم تغير إلا وجه رئيس الدولة واسمه، وبقى النظام هو النظام، بل ازداد سوءاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألعينُ تزنِ أيضاً
د.عمر شبيب عمارين ( 2013 / 4 / 14 - 14:20 )
يقول السيد المسيح في وعضته على الجبل (28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. ) و هذا مفهوم قدمه السيد المسيح حول علاقة الرجل بالمرأة ولو إعتمدنا هذا المفهوم البسيط لكنا وصلنا إلى الهدف المنشود في عملية إحترام المرأةو تحقيق ما يمكن تسميتة حق المرأة الكامل. فلا يجب علينا التعامل مع المرأة فقط من خلال الجسد فهي العقل و هي الحكمة و هي تمتلك كل الإمكانات لتكون صاحبة حق . كما ان هناك رجال غير كاملين العقل هناك نساء أيضاو كما ان هناك رجال شهوانيين هناك نساء أيضاٍ. و هذا بدوره لا يشكل المعيار ألأساسي في تقيم حق المرأة . هو في حقيقة ألأمر المرأة تحتاج إلى ألإطراء و الكلمات اللطيفةو ذلك يعود للطبيعة الناعمة التي تسكن في داخل المرأة كما ان الرجل يحتاج إلى الكلمات التي تخلق فيه الرجولة و تصنع منه رجلاً و الذي يصنع الرجل ليس الرجل بل المرأة هي التي تصنع الرجل و في ألأردن هناك مقولات مثل: (أخت ارجال ) و (أم رجال ) و يقال أخو فلانة أو .خوات فلانه للتدليل على عظمة هؤلا الرجال


2 - نحن سعداء بهذا الكم الرائع من المقالات
فؤاده العراقيه ( 2013 / 4 / 14 - 15:50 )

كلماتكِ ( أنا امرأة وكاتبة وكل ما أريد أن أكون ، أنا من سلالة حواء وإيزيس وماعت ، إلهتى المعرفة والحكمة والعدل) ترن حكمكِ الكثيرة في آذاننا لتعطينا دافعا للنهوض من سبات وحصار مجتمعاتنا
فكرت بسؤال احدى الشابات والذي هو : (ألا تتحرش عين المرأة بجسد الرجل أيضاً وتقول عنه جميلاً أو جذاباً؟ طبعاً، لكن وضع المرأة يختلف،) فلا اعتقد بأن وضع المرأة يختلف فهي كذلك ستراه جسدا فقط ولأثارة الغرائز التي هي اساسها حيواني فقط , كما هو الرجل بالضبط الذي يرى من المرأة جسدا فقط عندما يوجه نظره للمرأة ويراها جميلة في لحظات فقط هو يعلمها , أما بغير هذه اللحظات فلا يراها كجسد بل كروح
تعقيب على تعليق د.عمر شبيب / حيث يقول بأن المرأة تحتاج الى الأطراء والكلمات اللطيفة وذلك يعود الى طبيعتها !! , أقول له بأن طبيعة الأنسان واحدة سواء كان رجلا او امرأة ولكن هناك تدخل في هذه الطبيعة من قبل المجتمعات وما يلحق بها من مفاهيم تشوه من هذه الطبيعة وتجعل من المرأة كيان ضعيف ولطيف وناعم وكذلك تدفع الرجل الى رغبته بأن يكون قويا وبعكسه سيكون منبوذا
لا توجد طبيعة ناعمة ومحبة للقوة تسكن داخل كل جنس وانما هي طبيعة واحد

اخر الافلام

.. الطبيب العام محمد الأيوبي: الرجال هم أكثر إصابة بمرض باركنسو


.. -تشديد العزلة على القائد عبد الله أوجلان استمرار للمؤامرة ال




.. اللبنانية ريم صايغ فراشة الغوص الحر


.. أخصائية التونسيات تعانين من نقص الوعي وغياب الثقافة الصحية




.. أقوال المرأة خالدة في ذاكرة التاريخ