الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشغيل المرأة بين المساواة ومقتضيات الحماية الخاصة (1/2)

خالد ديمال

2013 / 4 / 15
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


قضية المرأة من الإشكالات الإجتماعية الشائكة، وهي تدخل بكامل تداعياتها في صلب التغيرات السوسيو-ثقافية في مجال التكامل بين الجنسين بالخصوص، وإمكانات حدوثه، ومدى تقارب وجهات النظر السائدة في معالجة هذا الطرح الإجتماعي ذي المضمون السياسي في محتواه، وإن بتأثير نسبي. والسبب، حضور المجتمع كخصم بقيمه وتقاليده وأغلاله، من حيث يظهر النقاش جديا في اختلافه، حسب المرجعية، بين تيارات محافظة، متمسكة بالتقليد كثابت اجتماعي مقدس، وأخرى حداثية تدعو إلى تحرير المرأة من أسر قيود الماضي. ونظرا لما تعيشه المرأة في وقتنا الراهن من تهميش وإقصاء متعمدين، بالإضافة إلى تلك النظرة الدونية، والإزدراء الذكوري المستفحل، واعتبارها جنسا من الدرجة الثانية، كل هاته الحواجز كانت دافعا نحو تشديد المطالبة بتحريرها من رقة الإستعباد، والإضطهاد الممنهج.

المسألة النسائية بين التدابير القيمية الإجتماعية والتشريعية القانونية

إن الدينامية الإجتماعية كإستجابة للتطور، سواء في مستواه الداخلي، أو في علاقته بالمتغيرات الكونية، أضحى مكونا أساسيا في التلقي والإستيعاب، بفعل التثاقف بما تفرضه أساليب التعامل مع مفهوم الحرية، في حلته المعاصرة (الجديدة)، والذي يداخله بالتوازي مبدأ المساواة، في شموله، أي تلك الإوالية المزدوجة، التي تحكم إنطباق حقوق المرأة/الرجل، من حيث أوجه الإستعمال، وكيفية التعامل مع مختلف التدابير، سواء القيمية/الإجتماعية، أو تلك الأخرى، التشريعية/القانونية، فالمرأة أضحت إحدى محفزات التنمية، أي كخطاب متداول يبحث عن مكان في الطرائق الممارساتية، أي في مستوى التطبيق، بمعنى خروج النص من وعائه الرئيس الذي هو التنظير (الإجتماعي)، وتحويله بالتالي، تشكيلا في صورة انطباق بالواقع.

أ‌- التشريعات الحداثية استنهاض قوي لحقوق المرأة

إن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان أقرت، بل أجمعت على كون المرأة كما الرجل، تماما، كما لها واجبات، تتمتع أيضا بحقوق، تشعرها بالإنتماء لجنس البشر. فكل التشريعات الحداثية اليوم، أضحت مؤازرة بدينامية تفعيل النص على أرض الواقع، بحيث تحولت إلى هواجس تؤرق المهتمين بالشأنين سواء السياسي أو المدني، معتبرين أن الوقت قد حان لكي تنتصب المرأة عنصرا حيويا في كل نقلة تمس بنيات وهياكل المجتمع. فالمرأة فاعل موازي للرجل، في التوحد والتآلف (أي باعتبارهما كائنين إنسانيين)، في الحركة والعطاء، وفي القدرة على التكيف الجيو-سياسي، أو في مستوى اتخاذ القرار.
هكذا، فإن الذين حرصوا على التنظير (ولو في حدود معينة)، لم يعطوا هذه الحقوق أولوية التطبيق، ومن هنا جاء دور الجمعيات الممثلة للمجتمع المدني، لتنقل بالملموس، آراء المرأة حول نفسها، (رغم ما في ذلك من قصور، لأن التحرر هنا لا يعني سوى التميز والإستقلال، مع العلم أن التغيير، ونيل الحقوق كاملة، يبغي إشراك المجتمع بأسره)، وتشريحا دقيقا لوضعها الإجتماعي، ومكامن الخطر الذي يطالها (ما زال يعد بمثابة طابو)، والذي ينبغي تجاوزه بتلمس الإستجابة المطلبية في الترجمة الفعلية، كحقيقة واقعية، تتحقق فيها كينونة المرأة، في إطار من المساواة، وتكافؤ الفرص، ضمن مجتمع حداثي ديمقراطي.

ب‌- إدماج المرأة بين الرعاية القانونية والواقع القائم

إن خروج المرأة للعمل، تماما كما الرجل، وإن كان يدخل في خانة التجدد المواكب للغة العصر الإدماجية، كتحديد مجالي/وجنساني مضبوط، فإن عامل الشغل هذا لا يخلو من غلواء الطابو المسكوت عنه، كمؤشر حافز على تعرية الإستفزاز الذي يطال المرأة، من حيث تغييبها ككائن ثقافي بامتياز، له مداركه ومواهبه الخاصة، وتحويلها، بالتالي إلى جسد مشكوك في صفائه الباطني، مما معناه، إعادة إنتاجه على مقاس معين وفق رغبات وأهواء معينة.
فالمرأة في العمل لا يمكن –إلا استثناء، وفي أحوال معينة- أن تسلم من التحرش الجنسي والإبتزاز. فالمساواة (وإن في حدود معينة، كما قلنا) إذا كانت تفاعلا نصيا مشمولا بالرعاية القانونية، فإن التجسيد الواقعي ينافي منطق الخطاب بحد ذاته. فلابد في كل حالة، من التنازل عن حرمة الجسد، كمقابل مادي للشغيل، أضف إلى ذلك، التهويل من كون المرأة هي ذلك الغول الذي بإمكانه أن ينافس الرجل في العمل، أو في الحصول عليه. على هذا الأساس، تصبح المرأة خضوعا استهلاكيا بشعا في الديمومة والإستمرار.
فالتشغيل لساعات طويلة، وهو ما يعني البقاء الممتد بمقار العمل بمدد تفوق المعتاد أحيانا، والأجر الزهيد، وعدم احترام قاعدة العطل الأسبوعية، الخروج المبكر من البيت، والرواح المتأخر ليلا، عدم الإستفادة من رخص المرض، تجنب إعمال قواعد قانون الشغل، خصوصا فيما يتعلق بنصوص حوادث الشغل، عدم مراعاة حالات الحمل، تجنب الترسيم بمقتضى عقد محدد المدة.. إلخ. كل هاته الأشياء من شأنها خلق التوتر، وهي إنعكاس سلبي في جانبيه، النفسي والجسدي، ومؤشر على اللاإستقرار، مما يقتل فيها روح الإنسان، ويزج بها في أثون التداعي المرضي، الذي لا يسلم منه حتى الرجل.
إن كل هاته الممارسات، وفق قواعد المساواة (المحدودة)، المسطرة بنص القانون السائد، لم تنتج سوى المعاناة والحيف، الأمر الذي يفرض سن مقتضيات خاصة (قانونية) تحول هذا التعب المزدوج.
إن حديثنا عن المرأة العاملة هو على سبيل الإستئناس والمثال ليس إلا، فالمرأة حاليا موجودة في قطاعات عدة كما الرجل تماما، وبإنجازية ميدانية، وفق قوالب قانونية محددة سلفا، لكن ما يعيب هذه القوالب هو نظام الكوطا، سواء في الأحزاب، أو النقابات، وحاليا بمجلس النواب. فالذي أشرنا إليه سابقا لا يعني أن المرأة مجردة من الحقوق أو فاقدة إياها، إن الذي عنيناه، هو أن هناك قصورا في الإجتهاد، ينفي المساواة المطلقة بين الجنسين، ويذوب معه مبدأ تكافؤ الفرص، دون النظر إلى جنس بعينه، سواء كان رجلا أو إمرأة، وهو ما يعني جمود النص، وعدم خضوعه لتحرير دينامي، وبالتالي إخراجه من الدائرة التكرارية للزمن، بحيث يعيد إنتاج نفسه. بل إن التطلعات التنموية في شمولها هي التي تحتم سياقا من هذا النسق، بما هو تأليف مركب، لا يمكن فيه إقصاء جنس على حساب الآخر في الإندماج برحى التنمية، فلابد من تظافر الجهود، وتماسك القوى، وشد أزر هذا التماسك، لتحويل الأفكار إلى براكسيس إجتماعي، أي إلى واقع فعلي في المواكبة والإندماج.
ويظهر أن المساواة بين المرأة والرجل لا يمكن لها أن تكون فعلية إلا بإدماج هذه الأخيرة في التنمية، وفق مقتضيات قانونية خاصة، تقيها من كل تسيب بإمكانه أن يطالها جسدا (كالتحرش الجنسي) وروحا (كالخدش النفسي)، وذلك كما قلنا، لأن المرأة كائن ثقافي بإمتياز، وهي الصفة الوحيدة الملازمة للإنسان في تميزه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا عن الانتهاكات في الحرب في السودان خصوصا بحق النساء؟


.. بسبب أصولها الإيرانية.. ملكة جمال ألمانيا تتلقى رسائل كراهية




.. تمرين تعزيز الحجاب الحاجز | صحتك بين يديك


.. إصابة طفلة بقصف الاحتلال التركي على منبج




.. لقاء صحفي يتناول موضوع المتاجرة بالنساء المغربيات إعلامياً