الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعطوا مالقيصر لقيصر

نورالدين محمد عثمان نورالدين

2013 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أعطوا مالقيصر لقيصر وما لله لله هي مقولة تاريخية منسوبة للسيد المسيح عليه السلام ، فحينما أشتد الصراع في عصور الظلام في أوربا ، بين البابوية – القيصرية و ملوك أوربا ، والذي في نهايته إنتصر تيار التغير ، والذي بدأ بوضع قوانين دنيوية يحتكم بها الشعب فيما بينهم ، بعد أن طلب النبلاء من الملك أن يسمح لهم بوضع بعض اللوائح ، وكانت هذه اللوائح بمثابة أول دستور وضعي على وجه الأرض ، حيث كان حينها الملك يعتبر ظل الله في الأرض وكل مايقوله الملك ويفعله هو من قول الله ومن فعله ، وكانت حينها الكنيسة تقتل وتصلب وتعذب كل من يخالف تعاليمها وقراراتها ، حتى إنها كانت تقتل العلماء حينما يكتشفون علماً جديداً ، وحادثة العالم جاليلو دائماً تطفوا هنا ، فعندما إكتشف كروية الأرض طلبت منه الكنيسة التراجع عن هذه النظرية المخالفة لتعاليم الكنيسة التي تقول أن الأرض مسطحة ، وعندما رفض الإنصياع للكنيسة قام رجال الدين بإعدامه ، ولكن بعد سنين أثبت العلم كروية الأرض ( فجاليلو مات والأرض مازالت تدور !! ) ، وإعتمد حينها صراع الكنيسة واللبراليون على مقولة السيد المسيح التي تقول ( أعطوا مالقيصر لقيصر ومالله لله ) ، وهنا يكمن العدل ، فالإهتمام بالحياة الدنيوية وعمارتها وتنظيمها عبر دساتير وقوانين ولوائح وأسس علمية ، لا يمنع أن نهتم بتعاليم الشريعة الدينية التي بدورها تنظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع من خلال غرس الأخلاق الفاضلة والقيم في الإنسان ، وليس من المنطق أن تتدخل ايضاً الشريعة الدينية لتمنع حتى العلماء من إكتشاف الطبيعة وقوانينها التي بدورها تطور الحياة الدنيوية وتنظم حياة البشر وتسهلها عبر هذه الإكتشافات العلمية ، كالكهرباء وعلم الفلك والحاسبات والمحركات الخ ، كما كانت تفعل الكنيسة في عصور الظلام ، كما أنه ليس بذات المنطق والإنصاف ، أن يتم إبعاد الدين عن الحياة ورفض وجود الإله وإعتبار الإله من صنع العقل البشري كما يقول ( الملحدون ) ، فالعدل ياتي من خلال هذا التمييز المنصف بين ماهو سياسي دنيوي وبين ماهو ديني ، ويظهر هذا الإنصاف في مقولة الرسول المنزل المسيح عليه السلام ( أعطوا مالقيصر لقيصر ومالله لله ) ولم يقل لقيصر أن يأخذ مالله ولم يقل للناس أن يأخذوا مالقيصر ، ومن بعده قال رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ( أنتم أدرى بامور دنياكم ) عندما سأل الصحابة عن تلقيح النخل عندما بدأ يقل إنتاجه ..

ومن هنا نقول لكل من لا يعرف مالقيصر لقيصر أن العدل يكمن في هذه المقولة ، ولكن مايزال الصراع محتدم بين رجال الدين ورجال الدولة ، فالحركات الإسلامية أو تيار الإسلام السياسي دائماً ما يخلط عن عمد بين العلمانية والإلحاد ، فالعلمانية هي منزلة وسط بين تطرف الدين السياسي الذي يريد أن يسيطر على الحياة السياسية وقوانينها عبر زج الدين في هذا الصراع - كما كان يفعل ملوك أوربا في عصور الظلام - وبين من يرفضون وجود الدين في الحياة وهم الملحدون ، فالتميز بين ماهو سياسي وبين ماهو ديني مطلوب جداً لبناء دولة مدنية ديمقراطية يحكمها دستور يعبر عن كل توجهات وأفكار الجماعات والأحزاب و يعبر عن كل الثقافات والأديان الموجودة داخلها ، أي بمعنى أبسط هو وجود دستور محايد لايميز بين دين ودين وبين ثقافة وثقافة ، وهذا كله يتمثل في ( حياد الدولة بين الأديان ) ، ولكن سيظل الخلط موجود بين التشريعات الدينية والتشريعات الدنيوية مادام هناك تيار ديني سياسي تتقاطع مصالحه و إستغلال الدين في الصراع السياسي بعيداً عن القدسية والأخلاق ، ولا خروج من هذا الصراع إلا بوجود هذا الدستور المحايد الذي يرفض تأسيس وتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية على أساس ديني ، أياً كان هذا الدين ، فالدولة هي التي تحافظ على قدسية الأديان بعيداً عن إستغلال الجماعات والأحزاب الدينية التي تجد في دغدغة الوجدان والأحاسيس العاطفية عبر خطاب ديني ، طريقاً سهلاً للوصول للسلطة ، ولكن ستنتصر الدولة المدنية في النهاية كما إنتصرت من قبل على تسلط ملوك أوربا الذين كانوا يستغلون الدين في الحياة السياسية ..ِ

ولكم ودي ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا أمل فى الشرق التعيس
Amir_Baky ( 2013 / 4 / 16 - 05:32 )
فى أعتى عصور الظلام فى أوروبا لم نسمع مقولة المسيحية هى الحل – المسيحية دين و دولة – مملكة بريطانيا المسيحية – جمهورية كذا المسيحية. الموضوع فى الشرق الأوسط أسوء بكثير. والإسلام السياسي هو مفجر الفكر الإلحادى الآن. فعندما يرى المواطن أن الدين يسرقة و يعذبة و تنسب هذه المبيقات إلى الله عن طريق شيوخ يمثلون الدين فلا تتعجب سيدى الكاتب من رد الفعل. فعلى أفضل الأحوال يتم إنتقاد سياسة تجار الدين ولكن المجتمع يكتفى بالكلام فقط مما يعطى إنطباع بالموافقة على ذلك. تحدث الكثير عن الإسرائليات بكتب التراث فهل تم تنقية التراث؟؟؟ الأجابة لا. تحدث الكثير عن الفهم الخاطئ للدين و هو الذى يفرز الإرهابيين فهل تغير الخطاب الدينى التحريضى أو تغيرت مناهج التعليم لقبول الآخر و التعايش المحترم؟ الأجابة لا. إذن لا حل سوى البعد عن الدين الذى دمر أخلاق الشعب. فالصحوة الدينية فى أواخر سبعينات القرن الماضى هى نكبة دينية و إجتماعية على المجتمع الذى أعيش فية. وما يحدث الآن هو حصاد هذه النكبة.


2 - أرجو الإنتباه و عدم خلط الأوراق
Amir Baky ( 2013 / 4 / 16 - 09:24 )
فى عصور الظلام بأوروبا لم نسمع أحد قال طز فى بلده. فكان الدين و سيلة لحكم البلاد و تغييب العقل و ترهيب المفكرين. و أكرر كان الدين و سيلة حكم. أما فى شرقنا التعيس الدين دولة تحارب البلد. بمعنى الدين أصبح عدو للدولة و ليس وسيلة حكم. ففى عصور الظلام الأوروبية لم يكن الدين عدو الدولة. فمن قال طز فى بلدى هو الذى يحكمها الآن و نجد سرقة البلد الممنهجة لتركيع الدولة و تفكيكها بحجج دينية و هذا لم يحدث فى عصور الظلام بأوروبا


3 - السيد امير
كاترينا ( 2013 / 4 / 16 - 09:30 )
انامعك في انهم دائما يتحدثون عن الاحاديث الشائكة والغير منطقية باانها اسرائيليات او مدسوسة ودائما يتحدثون عن سوء فهم للايات فهل غيروا شيئا ؟هذه فقط حجتهم في المقارعات الدينية التي تشتغل على ودنه هالايام ولا ادري لماذا هل مانحن عليه الان نابع من معتقدات ام من تصرفات تدعمها عقليات فاسدة ؟وايضا هم غير قادرون على انتقاد مشايخهم المفسدين الذين سرا يلعنوهم والامثله كثيرة هنا حتى على صفحات الحوار المتمدن

اخر الافلام

.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم


.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا




.. 251-Al-Baqarah


.. 252-Al-Baqarah




.. 253-Al-Baqarah