الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجل الدين منصب لم يعرفه الإسلام

زاهر نصرت

2013 / 4 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نعيش اليوم صراع معاصر ساحته المجتمعات الإسلامية ، هذا الصراع متمثل في سطوة رجال الدين في بعض هذه المجتمعات وقدرتهم الفذة على الاغتيال الفكري والمعنوي لكل من يخالفهم الرأي ومصادرتهم حق الناس في اختيارهم طريقة عيشهم . نعرف جيداً ان الدين الإسلامي لم يكن يوماً مناصراً لصور التقديس التي نراها اليوم ، فالرسالات السماوية لم تأت للبشر لكي تخلق رموزاً مقدسة ، ولم يكن الأنبياء الا بشراً مثلهم مثل غيرهم والا لما ارسلوا للناس لهدايتهم .
مع ذلك يجب الإشارة الى ان هناك الكثير من الرموز الإسلامية الإصلاحية الذين يحافظون على جوهر الدين والبعد به عن كل ما هو مشبوه وعن تلك المظاهر التي تسيء اليه وتضر به اكثر كثيراً مما تضيف اليه ، لكن هؤلاء الرموز اصبحوا قلة في عالم الفضائيات والشهرة والتكالب على النفوذ والسلطة بأي شكل وعلى حساب أي قيمة . وهؤلاء هم الذين ينبغي ان تفتح لهم أبواب التواصل الإعلامي مع الجمهور جنباً الى جنب مع البرامج التثقيفية الأخرى التي يمكنها ان تقدم خدمة حقيقية في تثقيف ذلك الجمهور والنأي به عن ان يكون مجرد تابع لا عقل له معرض في أي لحظة للنزول الى الشارع يهتف بما لا يفقه ويناصر ما يظن انها قضيته بينما لا يعدو كونه وسيلة يستخدمها غيره من أصحاب المصالح والمنافع على اختلاف مشاربهم ومآربهم ، وقامت على اكتاف هؤلاء دول وحكومات تجاوزت في تسلطها اعتى النظم والحكام الذين اسقطوا عن عروشهم باسم الدين نفسه ، لذا نرى الان أصحاب الفتاوي ورجال دين الفضائيات ممن يستثمرون الدين في الكسب وقد اكتسبوا لوناً من القداسة يتحصنون بها ويستخدمون الاعلام من اجل إضفاء هالة من النجومية عليهم وهو ما يرسخ صورتهم المقدسة كالابطال والنجوم .
ان قيم الدين تراجعت من خلال تقلبات السياسة وتداول الدول وسادت سلطة رجل الدين وهو المنصب الذي لم يعرفه الإسلام في تاريخه المُشرق ، لا في العصر النبوي ولا في عصور خلفائه ، انما أنشئ هذا المنصب ( رجل الدين ) عندما تسلط الحكام على المحكومين فأحتاجوا الى الكهنة لترويض الناس لسلطانهم وهذا ما أشار اليه الباحث الاجتماعي العراقي ( الدكتور علي الوردي ) في كتابه الرائع ( وعاظ السلاطين ) التي صدرت طبعته الأولى سنة 1954 للميلاد . واصبح رجل الدين رجلاً لا يأتيه الباطل وانه صاحب الحق والحقيقة لا تجوز مراجعته او مخالفته ، وهو لا يتسامح مع من يختلف مع رأيه ويبادر بتكفيره واذا تسامح فأن دلالات هذا التسامح لا تتجاوز بأيقاف الاذن عمن يخالفه الرأي .
ان السمو الروحي في جميع الأديان السماوية لا نجده في تاريخ استخدام الدين في السياسة والسلطة ، ولعلنا نجد في تلك المشروعات التجارية التي تأخذ من الفتاوي الفضائية والهاتفية وسيلة للربح وهو دليلاً دامغاً على ما يحاول البعض ان يحققه من ثروة او سلطة او نجومية في الفضائيات لان منطق الإفتاء الان هو موقف يبدو فقهياً بينما هو موقف سلطوي ينبني على اتجاه واحد من تاجر الدين الى الفرد ، لا يحق للفرد ان يراجع ما يفتي به رجل الدين وهذا ما يناقض روح وجوهر الدين الحقيقي . ان المراحل التي عرفت فيها الدولة الإسلامية بقوتها سياسياً واقتصادياً وابداعياً ومعرفياً اتسمت فيها السلطة الدينية بالتسامح وبمفهوم الحوار وبحق الفرد في التحاور ومراجعة الفقيه فيما يقول لو لم يكن منطقه مقنعاً لصاحب السؤال على اعتبار ان الفقيه في النهاية ليس سوى بشر ، يجتهد ، قد يصيب وقد يخطئ لكنه لا يمتلك الحقيقة الوحيدة المطلقة او الصواب وانما يفتي بما يعتقد انه الصواب .


زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال أريد الأجابة علية
Amir_Baky ( 2013 / 4 / 19 - 19:40 )
رجل الدين منصب لم يعرفه الإسلام ورغم ذلك كل الخلفاء و السلاطين كان لديهم شيوخ السلاطين اللذين يبررون لهم أعمالهم. الإسلام ليس به منصب رجل الدين ووظيفة الإفتاء ضاربة بعمق التاريخ الإسلامى حيث لابد من شخص يفتى فى الناس لتكون آراءه البشرية هى المحركة للمسلم فى حياتة الدنيوية. السؤال الذى أريد أجابة له بفرض وجود رجل الدين فى الإسلام فما هى الوظيفة المختلفة التى سيقوم بها بخلاف ما يحدث من الشيوخ؟


2 - رجال طين لا رجال دين
مرتضى رضا ( 2013 / 7 / 26 - 23:41 )
كلام سليم100% ولا غبار عليه فليس مقدس سوى الله سبحانه وكتبه الثلاث القران و(التواراة والانجيل غير المحرفين). اما هذا المصطلح(رجل الدين)فهي عند اليهود والنصارى،نعظم الانبياء ونجل العلماء بلا تقديس،فكل ابن اّدم خطاء ولا عصمة الا للانبياء والمرسلين. وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم(استفتي قلبك وان افتاك المفتون)،واخيرا ليس هناك خطرا اشد على الاسلام من الدعاة على ابواب جهنم ممن افتوا بلا علم ولا تقوى كما ورد في مقال الكاتب العزيز والصادق فما اكثر المتطاولين وهم اقزام وما اكثر المفتين المفتونون والفتانون والمتفنون في اغواء واغراء الجهلة والسفهاء وحتى البسطاء وصح لسان من قال(لا ادري)نصف العلم.تحيتي وتقديري

اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ